الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأتراك وأنهما عنده أحسن بكثير من الغناء المصري، هذه هي خلاصة رواية عمر راسم.
وكانت هناك - حسب عمر راسم - مغتيات محترفات يتقن الموسيقى الأندلسية الصحيحة، وخاتمتهن في نظره، هي المعلمة أمينة بنت الحاج المهدي، وما يزال من بنات العائلات الكبيرة من يعزفن بالقيثارة والرباب والقانون
…
وتأسف الشيخ راسم على أن من يرى ذلك العهد الذي يشبه عهد إسحاق النديم وإبراهيم بن المهدي، ثم يرى الحالة الحاضرة وضياع تلك الآثار الجليلة واستبدالها بتقاليد المنحطين خلقا وخلقا للأغاني الأجنبية الفظيعة ونغمات النواح، فمن حقه أن يتأسف بشدة على ما آلت إليه الأحوال، بهذا الأسف والأسى ختم عمر راسم مقاله عن الموسيقى الذي هو ربما آخر صيحة له في هذه الدنيا (1).
تعليق على الموسيقى والغناء
هناك جيل من الموسيقيين الجزائريين ومن المغنين نشأ بعد الحرب العالمية الأولى وأعطى ثماره قبل الثورة، ثم لما حلت سنة 1954 كان هذا الجيل يرحل عن الدنيا تاركا وراءه ثروة من التقاليد والأشرطة والتلاميذ الذين واصلوا المهمة، ولم نستطع أن نجمع سير كل هؤلاء فهي متفرقة في الصحف وبعض الكتب والمذكرات والكنانيش، وهي موجودة لدى العائلات والأقارب، وقد نجح السيد محمد الحبيب حشلاف في تسجيل نبذة عن بعض الفنانين مع صور لمعظمهم، ونعم ما فعل.
ومما يلاحظ أن معظم الموسيقيين والمطربين كانوا قليلي الثقافة أو أميين، لم يدرسوا الموسيقى في معاهد متخصصة، ولم يتقنوا لغة الأداء بقراءة
(1) هنا الجزائر 29 نوفمبر 1954 + صورته، وهو يسجل حصة فنية في الإذاعة، في مجلة المناظر وصف لحفلة طرب أقامها جوق الفنانة فضيلة التي قال عنها الكاتب إنها وارثة الفنانة أمينة، أنظر المناظر، السنة الثانية، فبراير 1961، ص 40.
القرآن الكريم وترتيله، ولم يخضعوا لمدرسة نقدية صارمة تقيم أعمالهم وتضعهم على المحك والطريق الذي يستحقونه، وإنما هي الموهبة والهواية، وبعضهم انضم إلى المغنين والملحنين بالصدفة ولم يخضع لتدريب ولا لمعاناة، حقا لقد كان بعضهم موهوبا فاعتمد على نفسه ولم يخضع للدربة والمران. وبدأوا هواة مغامرين حتى وصلوا إلى مستوى اعتقدوا أنه يؤهلهم للجلوس على عرش الفن، ومعظمهم اعتمد على الموسيقى الأندلسية والشعبية يدندن أو يرطن بهما، وكلاهما نوع من الموسيقى التي تستر عيوبهم عن عيون النقاد والمتذوقين، فهذه الموسيقى أصبحت - رغم رأي عمر راسم فيها - هي حمار الموسيقيين على غرار حمار الشعراء (بحر الرجز) يتسلقها كل غاو وكل طاو وكل عاو، ولكن لا بد من استثناء من لا يستحقون هذا الحكم وهم الذين درسوا وتعلموا وعانوا حتى وصلوا إلى مرحلة الجودة والإتقان والإبداع مثل محمد إيقربوشن.
عشت فترة في العاصمة في مرحلة الثورة، قادما إليها من تونس بعد التخرج من الزيتونة، وسكنت غرفة على سطح حمام شعبي بضاحية الحراش، وفي كل صباح كنت وصاحبي ننزل من السطح إلى بهو الحمام حيث نسمع ونحن نعبره الحاج محمد العنقاء وزملاءه يدندنون بكلام غير مفهوم لنا وبموسيقي ليس فيها - في نظرنا - سوى نقر العود وبعض الأنغام الرتيبة، نتوقف وننصت محاولين جهدنا فهم ما يغنى وموضوع الأغنية فلا نفهم شيئا، فنواصل سيرنا إلى هدفنا وهو المدرسة، وقد تكرر ذلك منا إلى أن صرنا نسمع فتقبل آذاننا وذوقنا ذلك النغم الرتيب والدندنة المملة، وكنا نكتفي بالقول لبعضنا إنه فن العاصمة ونحن فيها وعلينا أن نتأقلم ونقبل ما يقدم لنا على أنه فن وموسيقى وشعر جزائري.
وبعد حوالي عام كنت في القاهرة حيث أسمع - كما في تونس - الموسيقى والطرب الشرقي والشعر الفصيح والشعر الملحون (الزجل)، ومختلف الألحان الشرقية دون دندنة ولا كلام مغموم، وذات يوم كنا في نادي