الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المؤسسات كانت تعلم العلوم الإسلامية والفقه وعلوم اللغة ومختلف المواد المكملة لثقافة عربية إسلامية متينة.
وفي هذا المجال نشير إلى أن معهد عبد الحميد بن باديس الذي أسسته جمعية العلماء بقسنطينة قد أصبح فرعا من فروع جامع الزيتونة يحتذي حذوه في البرنامج والشيوخ، فكانت امتحانات المعهد تجري بحضور لجنة زيتونية هي التي تعتمد النتائج، ويحق لطلبة المعهد بعد ذلك الالتحاق بجامع الزيتونة إذا أرادوا، ونفس الإجراءات خضع لها أيضا المعهد الكتاني وطلبته في قسنطينة، وقد بلغ الذين كانوا يزاولون تعليمهم باللغة العربية في الزوايا والمعاهد نحو ثلاثة آلاف طالب، وهو عدد ضئيل بالنسبة لشعب تعداده قرابة تسعة ملايين ويعتبر اللغة العربية إحدى عناصر هويته الوطينة.
أما التعليم العالي الحر فلا وجود له، لذلك اكتفى الطلبة الراغبون في مواصلة تعليمهم العالي بلغتهم العربية بالتوجه إلى جامع الزيتونة لتعلم الدين والثقافة، وقد تجاوز عددهم فيه الألف والستمائة طالب في بعض الأوقات، وهم يتحملون المشقة الشديدة من أجل تحصيل العلم ودراسة التراث الإسلامي، كما اتجه بعضهم صوب جامعات المشرق العربي، وهذا الخلل في التعليم الوطني هو الذي جعل جمعية العلماء مثلا تسعى إلى إرسال بعثات طلابية إلى الأزهر الشريف وإلى غيره من المعاهد الإسلامية في المشرق، كما سترى (1).
معلمو جمعية العلماء
كان معلمو المدارس الحرة التابعة لجمعية العلماء يعانون مختلف المشاكل لأنهم هدف لاضطهاد الاستعمار وقمعه، فقد كانوا يتعرضون للحبس والتغريم والمحاكمة كالمجرمين، وكانوا يحبسون مع هؤلاء حتى أنه في
(1) المدني، مرجع سابق، ص 110.
مجلس واحد - حسب الشيخ الإبراهيمي - ينادي المنادي على المتهم بالسرقة وبفتح مدرسة بدون رخصة يوم الجمعة بطريقة يقصد بها الإهانة والإذلال (1).
ففي مغنية مثلا مدرسة ابتدائية حرة اسمها التقدم، تعرضت لمهاجمة الشرطة التي جاءت تبحث وتعتقل عددا من التلاميذ بحجة أن آباءهم أو مدير المدرسة قد أعطاهم مناشير يعلقونها على الجدران، وهو محمد أدراعو وأسماء التلاميذ المعتقلين وسنهم التي كانت تتراوح بين ست وعشر سنوات، كانت هذه المدرسة قد بدأت التعليم سنة 1949، وبعد ثلاث سنوات طلب من القائمين عليها رخصة فتحها، ولم تذكر الجريدة ما إذا كانت هذه المدرسة الحرة تابعة لجمعية العلماء أو لحزب الشعب.
كما أن السلطات الفرنسية في مستغانم اعتقلت الشيخ ابن الدين المعلم في المدرسة الحرة وأودعته السجن أربع سنوات بدعوى أنه قد علم التلاميذ أناشيد ثورية، وقد علقت الجريدة على ذلك بقولها إنه على كل حال لم يدع إلى حمل السلاح وإنما كان يعلمهم تعاليم الإسلام، وأن ما حدث لهذا المعلم بمثل صورة صادقة لما يجرى في الجزائر وطن العروبة والإسلام، كما اعتقل الشيخ الزروقي أحد معلمي المدرسة الحرة بمستغانم لأنه كان يعلم الأطفال الأناشيد أيضا، وحكم عليه بأربع سنوات سجنا وبغرامة مالية قدرت بـ 250، 000 فرنك (2).
ومن جهة أخرى أغلقت السلطات الفرنسية مدرسة بلفور الحرة الواقعة بضاحية الحراش في العاصمة بعد عامين من فتحها، وكانت هذه المدرسة تحت إشراف جمعية تهذيبية شعبية، وكان إغلاقها قد تم بناء على أمر صادر من الوالي العام نفسه، وحجته في ذلك هي أن المدرسة لا تمتلك رخصة قانونية (3).
(1) المنار، 24 أكتوبر 1952.
(2)
المنار، 28 نوفمبر 1952، و 12 ديسمبر، 1952، و 23 يناير 1953.
(3)
المنار، 28 مارس، 1952.