الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وتمشيا مع هذا الخط أشاع الفرنسيون أن الثورة الجزائرية شيوعية وأن الإسلام بريء منها، وحثوا الشعب على أن يتبرأ منها ومن القائمين عليها، وقاموا بحملة دعاية في هذا المجال سيما بعد زيارة وفد جزائري إلى الصين، فقد سجلوا اسطوانة وجعلوا منها نسخا ووزعوها بحرية، ومما جاء فيها أن الحكومة المؤقتة خائنة لأنها تفاهمت مع الصين وجاءت منها بالطائرات وبمختلف أنواع الأسلحة، ولذلك طلبوا من الجزائريين الاتحاد مع الفرنسيين لمحاربة الحكومة المؤقتة ومقاومة الشيوعية عدوة الإسلام (1).
تطور الإذاعة الفرنسية في الجزائر
ذكرنا في التاريخ الثقافي السابق بدايات الإذاعة الفرنسية في الجزائر، وقلنا إنها ترجع إلى العشرينات من القرن العشرين، ونضيف هنا بعض التفاصيل التي كانت مفقودة، فقد بدأ الإرسال منها سنة 1926 بجهاز يبلغ 150 واط. يقع في البريد المركزي، ثم انتقل إلى ربوة الحامة (جاردن ديسي) - ولكي يرفعوا من مستواه أرسلوا بالفنيين إلى باريس للتدرب، وفي نوفمبر 1929 (عشية الاحتفال المئوي بالاحتلال) احتفلوا بجهاز إرسال قوي جديد، ثم تطورت الإذاعة فأصبحت تعم القطر الجزائري كله، بحيث نصبوا بين 1943 و 1945 أجهزة صغيرة في تلمسان وقسنطينة وعنابة، كما وضعوا شبكة مؤقتة تطورت مع الأيام، فشهدت 1947 - 1948 إقامة جهاز إرسال بـ 20 ثم 25 ك
= 1983) تقدمه على أنه إنسان عاش في فرنسا عيشة مضطربة وأنه كان من كوادر حزب الشعب، وقد غنى أغاني مجونية استوجبت توبته وطلب الغفران، وكان ماهرا في الغناء، ومن أغانيه (أخرج أيها الجراد من بلدي) التي رمز فيها إلى الاستعمار، ولكن أغانيه كانت ممنوعة في الإذاعة الجزائرية بعد الاستقلال، وقد مات في الغربة وفي قلبه حسرة، انظر الشروق اليومي، 29 يناير، 2006.
(1)
المجاهد 38، 8 رمضان، 1378، ولم تذكر الجريدة التاريخ الميلادي هذه المرة، أنظر أيضا بحث حرب الكلمات الجزائرية: الإذاعة والثورة 1954 - 1962 بقلم روبرت بوكميلر R. Boookmiller في مغرب ريفيو، 1989، 14 (3 - 4)، 196 - 213.
واط في ناحية الكاليتوس على الأمواج القصيرة، ثم تحولت إلى أمواج متوسطة بـ 50 ك واط، واستحضروا جهاز إرسال بهذه الموجة سنة 1951، كما أقيمت أجهزة إضافية في كل من قسنطينة ووهران بين 1953 - 1954، وفي عين الحمام (ميشلي) وفي بجاية سنة 1955، وفي مارس من سنة 1958 انتقل مركز الإرسال من الدار البيضاء إلى أولاد فايت.
إن هذا التطور حدث بعد مرور حوالي ثلاثين سنة على ميلاد الإذاعة الفرنسية في الجزائر، وهو تطور يعني تدشين مركز الإرسال اللاسلكي الجديد في 21 فبراير 1958، ففد أقيمت بناية تأوي أجهزة الإذاعة وحولها أعمدة الإرسال الصاعدة، وهو ما كان موجودا قرب مطار الجزائر، وكان الضيق هو الذي أدى إلى الانتقال من الدار البيضاء إلى أولاد فايت، وقد أعلن (شوصاد) المسؤول الفرنسي الذي افتتح الموقع في السنة المذكورة أمام الشيخصيات الإدارية والصناعية التي رافقته من فرنسا إلى الجزائر: إن دور الإذاعة خطير في سبيل نشر الأخوة والوئام بين سكان هذه البلاد وإظهار الحقائق الجزائرية ومحاربة الأحقاد والنعرات العصبية، وقال إن الجهاز الجديد يقوي (صوت الجزائر) في داخل البلاد وخارجها (1).
كان للإذاعة (ستوديوهات) في وهران وقسنطينة وتلمسان وبجاية على أساس أن لكل مدينة فنها وذوقها الخاص، كما يتعذر على أجواقها الانتقال منها إلى العاصمة لإحياء حفلة أو حفلتين في الأسبوع، وحتى لو حصل هذا الانتقال لحرم أهل كل بلدة من أجواقها وفنانيها ولتمركز الفن في العاصمة فقط، هكذا برر الكاتب هذه الاستراتيجية في توزيع خارطة الفن والفنانين في القطر الجزائري.
بالنسبة لأستوديو بجاية مثلا نعرف أنه تأسس سنة 1947 وكانت تذاع منه أربع حفلات أسبوعيا، بالعربية والقبائلية، وكان المشرفون على الحفلات قد
(1) هنا الجزائر 63، مارس 1958، ص 3.