الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في مراسلة بوقادوم المذكورة، ولا ندري ماذا كانت تقول أو تطلب بالضبط، وقد تكون ذات فائدة كبيرة في هذا المجال، لو عثر عليها الباحثون (1).
استمرار النشاط المسرحي
وفي داخل الجزائر استمر المسرح الاجتماعي والغنائي يعمل عمله رغم اختفاء عدد من عناصره البارزة، ففي سنة 1956 توجهت فرقة الجزائر للرقص والغناء إلى إيطاليا وشاركت في مهرجان فولكلوري في إيطاليا، كان ضمن الفرقة عدد من الفنانين والفنانات، منهم رحاب الطاهر ونجاة وهاجر بالي وأحمد سري، وقد روى هذه الرحلة الفنية رحاب الطاهر بالشعر الملحون، واستوحى فيها جزيرة صقلية التي زارها واستعاد منها تاريخ أمجاده العرب والمسلمين، وقد استغرقت رحلة الفرقة اثني عشر يوما، وشاركت في المؤتمر ثماني دول، منها الجزائر كما قيل، رغم أنها لم تكن عندئذ دولة (2).
وفي سنة 1960 تحدثت وسائل الإعلام عن فرقة مستغانم للمسرح، وهي التي قامت بتمثيل مسرحية (الخيمة) فأحسنت تمثيلها، وأشاد بها النقاد ونالت حظا من الشهرة والرواج عندما مثلت في قاعة (بيير بورد) بالعاصمة، حتى أن أحد النقال قال إنها قد أثرت على الجمهور وشدت أنفاسه إذ اجتمع فيها حسن التمثيل مع جمال الزخرفة المناظر والموسيقى التصويرية، كما مثلت نفس الفرقة مسرحية قصيرة باسم (المصور)، ولكننا لا نعرف من هذه الفرقة إلا اسمها، فليس هناك أسماء لمخرج ولا لمؤلف ولا للممثلين، وفي عدد لاحق من مجلة (هنا الجزائر) نوه الممثل والناقد محمد الطاهر فضلاء بفرقة مسرح مستغانم قائلا إنها (درة في جبين الجزائر،) كما أشادت بها مجلة (المناظر) التي كانت تصدر بفرنسا وجاءت بصورة فرقتها ولخصت بعض نشاطها، وهكذا تعددت الفرق
(1) الأرشيف الوطني، علبة 21 - 50.
(2)
هنا الجزائر، 44، مارس 1956.
الفنية رغم أن الثورة كانت على أشدها (1).
وغداة الاستقلال صرح مصطفى كاتب الذي عاصر المسرح قبل وأثناء الثورة بأن الفرنسيين كانوا قد أوقفوا (مسرح الظل) ومسرح (التريتو) سنة 1943، فلم يبق للجزائر سوى الحكواتية والمنشدين (المداحين؟) والشعراء الشعبيين لمواصلة التقاليد المسرحية، أما الفن المسرحي بالمعنى الدقيق فلم يعد إلى الظهور إلا مع الجمعيات ذات التوجه السياسي، مثل جمعية الطلبة المسلمين الجزائريين، فقد جلب الفن المسرحي الشباب إليه، ولكن الإدارة الاستعمارية ضاعفت من المثبطات والعراقيل فأرجعت العمل بقانون الرقابة الصادر سنة 1934، ولجأت إلى نقل المعلمين من أماكنهم وأجبرتهم على طلب الرخصة من رؤساء الدوائر ونوابهم وحتى من الشرطة، إضافة إلى ضرورة الحصول على رخصة خاصة في المناطق الجنوبية، ولا شك أن مصطفى كاتب يعني معلمي جمعية العلماء بالخصوص الذين طالهم قانون (ميشيل) ثم قانون (رينييه) في فترة الثلاثينات، ومن الممكن أن نتصور كم كانت حياة الممثلين ضنكة بين 1927 - 1954، وهم يتخذون المسرح هواية وليس حرفة.
ومع ذلك فقد كان للمسرح نقاط ضعف أيضا، حسب رأي كاتب، فقد كانت تسود البعض روح (مركانتية) أو تجارية ربحية، وهي روح لا تقود إلا إلى الهبوط الفني، ومع ذلك فإن المسرح قد استمر محافظا على (لغتنا وهويتنا وثقافتنا،) وخلال حرب التحرير كان المسرح سلاحا في المعركة، فقد ساهم في كشف الغامضين والمؤثرين سلبا على الشعب، كما أنه حمل إلى الأشقاء والأصدقاء رسالة الشعب الجزائري المحب للسلام والحرية، وبعد الاستقلال أصبح المسرح، بناء على رأيه، في خدمة الجزائر الاشتراكية، وقد أممت
(1) هنا الجزائر، مايو 1960 ويوليو 1960، ومجلة المناظر عدد 3، السنة الثانية، فبراير 1961.
الحكومة المسرح وجعلته في خدمة الشعب وتابعا لوزارة التربية (1).
وللتذكير فإن السيد كاتب أصبح من أعمدة الحياة الثفافية بعد الاستقلال، فقد تولى على ما نعتقد إدارة المسرح بعد تأميمه، وكانت له ميول اشتراكية واضحة مسايرة للموجة الضاربة في ذلك الوقت، ولا ندري هل هي اشتراكية عقائدية (ماركسية) راسخة أو اشتراكية يسارية معادية للاستعمار كان التيار الوطني عموما يتغطى بها، وهو التيار الذي سيطر على توجه الجزائر بعد الاستقلال.
ومن (نجوم) المسرح خلال الثورة وما بعدها حسن الحسني المعروف بوبقرة، وهو حسن بن الشيخ المولود، ولد في 25 سبتمبر 1916، ببلدة بوغار جنوب المدية، وكان أول اتصال له بالمسرح سنة 1936، بفضل والده الذي كان معلما، وفي سنة 1945 التقى بمحيي الدين باش تارزي عندما نزل بفرفته مدينة البرواقية القريبة من مسقط رأسه، ودخل بوبقرة فرقة باش تارزي وأدى أدوارا هامة قبل أن يستقل بعرض مسرحي خاص به عنوانه (أحلام حسان)، وهو العض الذي قيل إنه أغضب السلطات الاستعمارية، وقد انضم بوبقرة إلى حزب الشعب ثم حركة الانتصار المنبثقة عن هذا الحزب، ودخل السجن من أجل نشاطه في هذه الحركة، وبعد خروجه منه سنة 1950 مثل مسرحية بعنوان (المؤامرة) وأسس فرقة (الفن الجزائري) مع الطيب أبو الحسن، ثم التحق بالتلفزة وأدى دورا في مسرحية (المطاردة) لمصطفى بديع، وبعد الاستقلال تفرغ حسن الحسني للمسرح في فرقة المسرح الوطني، ثم تخلى عنه وأسس فرقة خاصة به أسماها (مسرح الفصول الأربعة)، كما دخل ميدان السينما وشارك في حوالي خمسة وثلاثين فيلما (2).
(1) تصريح لمصطفى كاتب حول المسرح الجزائري في - الثورة الثقافية في عامها الأول - وزارة التربية الوطنية، 1962 - 1963، الجزائر، ص 37، والتاريخ الذي ذكره كاتب على أنه سنة 1943 ربما يقصد به سنة 1843.
(2)
جريدة الشروق اليومي، 20 سبتمبر 2004.