الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نشرت مجلة هنا الجزائر قصائد في أغراض متنوعة ولكن لا علاقة لها بالثورة، منهم شعراء الحركة الرومانسية كالطاهر البوشوشي والأخضر السائحي.
الطاهر بوشوشي
كان بوشوشي من الشعراء الرومانسيين البارزين في هذه الفترة، وكان يوقع أغلب قصائده باسم (ابن جلا)، وكان أيضا يكتب النثر ويترجم من الأدب الفرنسي، فهو من الأدباء المزدوجي اللغة المتميزين، ولد في بجاية سنة 1916، ودرس بها الفرنسية وتابع أيضا دروس اللغة العربية في مدرسة الشبيبة بالعاصمة، فكان فيها من تلاميذ محمد العيد آل خليفة، وقيل إنه درس أيضا في جامعة الجزائر وحصل منها على الليسانس سنة 1939، كما جند في الحرب العالمية الثانية، عمل في الإذاعة الفرنسية بالجزائر وترأس تحرير مجلة (هنا الجزائر) المزدوجة اللغة (عربية - فرنسية)، وجمع من حوله كوكبة من الأدباء ذوي الأقلام العربية أمثال نور الدين عبد القادر وأحمد الأكحل والأخضر السائحي والهادي السنوسي وأحمد بن ذياب والمولود الطياب، وقد استمرت المجلة في الصدور إلى سنة ستين، ولا نتوقع أن المجلة المذكورة ستتناول الشعر الثوري، ويكفي أنها ركزت على الشعر الديني والتراثي والرومانسي سواء المنقول أو المبدع، وكان بوشوشي من الذين أبدعوا القصائد الجميلة وترجموا عن شعراء فرنسا أمثال فيكتور هوغو ولامرتين وبودلير.
سافر بوشوشي إلى فرنسا في نهاية الخمسينات واستقر بها ولم يرجع إلى الجزائر إلا ربما أوائل السبعينات، وقد رأيناه في الجامعة حيث كان قليل الظهور وكان يعمل في الترجمة، كما رأيناه في ملتقى الفكر الإسلامي بالعاصمة سنة 1972 عندما كان ملازما لمولود قاسم ومفدي زكرياء وعثمان الكعاك أثناء ترجمته إلياذة الجزائر للشاعر الثوري (مفدي زكرياء) ربما بإيعاز وإلحاح من مولود قاسم.
كنت قد عرفت بوشوشي قبل ذلك التاريخ، أي سنة 1955 عندما كنت أعلم في مدرسة التهذيب التابعة لجمعية العلماء في الأبيار، وكان القسم (الفصل) الذي ألتقي فيه بالأطفال عبارة عن مرأب (قراج) ملتصق بمنزل بوشوشي، وربما هو جزء منه والمتبرع به، وكان منزله في أعالي الربوة المطلة على البحر وجبل بوزريعة وباب الواد على يمين الصاعد في شارع (ريشار ماغي) بالعين الباردة، وقد تعارفنا ولكننا لم نتخالط، وشعرت أنه كان لطيف المعشر متواضعا، وكان يعرف أنني أكتب الشعر أيضا، وكان إذاك رئيسا لتحرير مجلة هنا الجزائر، ولكنه لم يفاتحني في موضوع الكتابة، فكنا نتبادل السلام والمصافحة وبعض كلمات المجاملة إذا تصادف ذلك مع استراحة الأطفال، ويقول محمد ناصر إن بوشوشي نشر شعره أيضا في البصائر والشهاب والثقافة، ولكن شعره يظل قليلا بالنسبة لموهبته، ولعله لم ينشره كله، توفي في فرنسا في يونيو 1978، عن 77 سنة (1).
نشر الطاهر بوشوشي (ابن جلا) قصيدة تحدث فيها على لسان المذيع:
أنا المذيع ناء لا تراني
…
وتسمع ما يفوه به لساني
وهي قصيدة تأملية طويلة استوعبت صفحتين من المجلة (2).
وقد نشر ابن جلا نفسه قصيدة أخرى حزينة ربما من وحي الواقع الجزائري عنوانها يدل عليها وهي (قدوم المساء) رغم أنها نشرت في فصل الربيع الزاهي، ولبوشوشي قصيدة أخرى بعنوان السماء، وهي من الشعر الحر طويلة ومتعددة الفقرات (3)، وله أيضا قصيدة صادقة في رثاء شيخه أحمد بن
(1) محمد ناصر، الشعر الجزائري الحديث، حسب معلومات قدمها له الشاعر نفسه، ص 672، انظر أيضا جريدة (ليبرتي) عدد 17، يونيو 1978، وكذلك مجموعة هنا الجزائر.
(2)
هنا الجزائر 61، يناير 1958.
(3)
هنا الجزائر 52، يناير 1957، ص 23.