الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما قصيدته الهامة (نداء الدم)، فهي التي أهداها إلى أرواح الشهداء الأبرار .. إلى (ابطالنا .. الرابضين على قمم أوراس ومعاقل قسنطينة ومشارف وهران وعلى كل بقعة من أرضنا العربية الطاهرة: الجزائر)، وقد أهدى إلي بقلمه هذه القصيدة قائلا بأسلوب أهل الشام:(أخي أبا القاسم، ولدت بعيدا عنها، عن الجزائر الحبيبة، ولم تكتحل عيناي بمرآها، ولكني باسمها أهزج وأشدو، وباسمها عربية حرة مستقلة أقدم لك نداء دمي)، (1)
وأضاف عن القصيدة نفسها بأنها ألقيت على مدرج الجامعة السورية في حفل افتتاح أسبوع الجزائر في 25 آب/ أوت 1956 وبدايتها:
إلى ساح الكرامة يا جزائر
…
مضوا فمناضل في إثر ثائر (2)
وهناك مراسلة أخرى منه بتاريخ 4 سبتمبر، 1957 وصف فيها حضور الجزائر في معرض دمشق، وقد جاء فيها: (تحية طيبة .. وبعد، فإني اكتب إليك وقلبي مفعم بالغبطة والفخر .. فلقد نجح الجناح الجزائري في معرض دمشق نجاحا منقطع النظير .. ليتك كنت بينيا لترى ألوف الزوار من عرب وأجانب من مختلف البلدان يتزاحمون على مدخل الجناح للدخول ..
(3)
.
أبو القاسم خمار
عندما راسلت أبا القاسم خمار ليرسل إلي نبذة من حياته وبعض شعره لأستعين بها على دراستي عن الشعر الجزائري الحديث، كاتبني من شمال سوريا وهو في طريقه - كما قال - للتدريس، وقال إن قصائده طويلة ومملة وليس له القدرة الآن على كتابتها من جديد وأن بعضها مهمل في الأوراق.
كان عمر خمار اثني عشر عاما عندما نطق بالشعر (ولد سنة 1931 في
(1) المراسلة بتاريخ 23 مايو 1957.
(2)
يقع المطبوع من القصيدة في كراس من 16 صفحة، مطبعة الوعد، بدمشق.
(3)
أوراقي - مراسلات الشاعر عبد السلام حبيب، 1957.
بسكرة) على حد تعبيره، دون معرفة ما إذا كان ما نطق به شعرا، كان قد مل الدراسة في المساجد (دخل الجامع وعمره ست سنوات) وأراد الدخول إلى المدرسة بدل المسجد، التقى بأحد أبناء المدارس وكان ينشد نشيدا وطنيا فسأله فعرف منه أنه تلميذ في مدرسة لجمعية العلماء، وأخبره عن حياة المدرسة وما فيها من علم وجلوس على الكراسي والكتابة على الدفاتر، فتاقت نفسه إلى الدخول إلى المدرسة أيضا ليكون كصاحبه، وكان سكان بسكرة - حسب قول خمار - لا يتجاوزون الأربعين ألف نسمة، فاتح أباه في دخول المدرسة ولكن والده، وكان شيخا يحفظ القرآن الكريم ومبادى الدين، لم يأذن له في دخول المدرسة عندئذ، وكان عليه أن ينتظر ثلاث سنوات.
بدأ خمار بنظم القصائد النبوية على غرار البردة والهمزية للإمام البوصيري، وبعد نيله الشهادة الابتدائية في بسكرة في مدرسة تابعة لجمعية العلماء توجه إلى معهد ابن باديس، وكان طلاب المعهد يتدربون على النشاط الأدبي بالانتماء إلى لجان محددة حسب ميول كل طالب، فدخل خمار اللجنة الخطابية، فكان ينظم القصيدة ويلقيها أمام الطلاب، فاجتمع له من ذلك حوالي عشرين قصيدة، وهذه القصائد بقيت كلها في قسنطينة، كما قال، وبعد أربع سنوات في المعهد توجه إلى جامع الزيتونة بتونس ودرس فيه سنة واحدا، وفي تونس نظم الشعر في الغزل والرثاء، ومن ذلك رثاؤه للزعيم العمالي التونسي فرحات حشاد
…
سافر خمار إلى سورية ضمن البعثة الثانية لجمعية العلماء، ودخل دار المعلمين الابتدائية بحلب، وتخرج منها بعد ثلاث سنوات، ثم دخل كلية التربية بالجامعة السورية وحصل على الإجازة في الفلسفة وعلم النفس، وعلم لدى الحكومة السورية في المدارس الابتدائية.
عاصر خمار عدة ثورات وانقلابات في المغرب والمشرق، ففي تونس عاش الثورة على الاستعمار الفرسي، وفي سورية حضر الانقلاب ضد أديب
الشيشكلي، وفي مراكش عاش الثورة من أجل الاستقلال واسترجاع العرش، ثم كانت ثورة الجزائر، شعر خمار صورة لهذه الأحداث وليس شعرا ممحصا كما يريده هو، حسب قوله، فهو يعبر به عن حالة العرب القومية بسرعة دون تنضيج، وهو لا يقول الشعر إلا في المناسبات العنيفة، ولذلك قال إنه إذا لم يكتب يصاب بالصداع، وقد ذكر نماذج من شعره في تونس وسوريا (1).
كما أرسل إلي الشاعر خمار مجموعة من قصائده الحرة والمقيدة، منها قصيدة (نداء الاتحاد) التي نشرتها له جريدة المنار والتي كان قد أرسلها إليها من تونس، 4 أبريل، 1953 ولعلها من أوائل قصائده المنشورة، ومنها قصيدة (الجريمة)، وهي عن اغتيال فرحات حشاد الزعيم التونسي المشار إليه، وأخريات من تونس أيضا نظمها في حدود 1953، وهناك قصيدة (أصداء من الثالوث العربي) طالعها:
صاح مهلا لقد تهلهل زادي
…
ولقد أنهك المسير جوادي
افتخر فيها بأنه من المغرب العربي وبأمجاد المنطقة وطبيعتها، وهي قصيدة طويلة تقع في عدة صفحات، وقد ربط فيها بين أحداث المغرب العربي والمشرق، وتاريخها أول يناير، 1957، ومنها قصيدة (الانفجار) وهي من مطولاته وتقع في ثلاث صفحات من الشعر الحر، وقد بدأها بهذه الفاتحة الحائرة:
أين ربي .. قد صبرنا .. يا فرنسا ..
إن شعبي لا يهاب
…
لا يخاف الموت، لا يخشى العذاب
سوف يبقى كالسعير، ثائرا كالنمهرير
وغدا يجني الأمل، زهرة النصر الكبير
…
ومن قصائده العمودية الوطنية التي أرسلها إلي قصيدة (حق ودماء):
(1) مراسلته إلي من دمشق، يتاريخ 8 أوت 1957.