الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لذلك كان قطاع الأروبيين يتج 9، 74 قنطارا، أما قطاع المسلمين فلا ينتج سوى 4، 65 قنطارا.
وكانت 73% من الأرض التي يملكها المسلمون مقسمة إلى أقل من عشرة هكتارات، أما الأراضي التي يملكها الكولون فكان 80% منها مقسما إلى أكثر من 100 هكتار، وكانت ملكية الأرض تلفت الانتباه وتحدث عن نفسها. فالأوروبيون يملكون 7، 2 مليون هكتار، بينما يملك المسلمون 3، 7 مليون هكتار، غير أن الأوروبيين يملكون أكثر الأراضي خصوبة وغنى (1).
الحالة الإدارية والسياسية
بالنسبة للوضع القانوني والإداري للجزائريين عشية الثورة نلاحظ أيضا مجموعة من الاستثناءات، فهذا المستشرق الفرنسي لويس ماسينيون يقول إن الجزائريين المسلمين كانوا من الناحية القانونية رعايا فرنسيين منذ 1834، 1865 وليسوا مواطنين.
ولم يعطهم القانون حق إرسال نواب عنهم إلى البرلمان الفرنسي إلا سنة 1944، أما دستور سبتمبر 1947 المعروف بقانون الجزائر فقد منحهم المواطنة الفرنسية الكاملة، حسب قوله، اعتمادا على التصور الإسلامي لحكم أهل الذمة (!) ولكن مع إبقائهم على أحوالهم الشخصية الإسلامية، ونتيجة للقانون الأخير (الدستور) ألغيت القيود على الهجرة العمالية إلى فرنسا، وتم منح العلاوات والتقاعد لقدماء المحاربين الجزائريين بالمساواة مع الفرنسيين، وفرضت الخدمة العسكرية الإجبارية على جميع الاحتياطيين (2).
أما من الناحية الإدارية فقد كانت الجزائر مقسمة إلى ثلاثة أقاليم على رأس كل إقليم وال، وله نواب، وكل ولاية مقسمة إلى دوائر، وكل دائرة إلى
(1) ديفد غوردن، نهاية الجزائر الفرنسية، لندن 1966، ص 51 - 52.
(2)
لويس ماسينيون، حولية العالم الإسلامي، 1954، باريس، 1955، ص 230.
بلديات إما كاملة الصلاحيات وإما مختلطة، هذا في شمال البلاد، أما في جنوبها، فهناك أربع مقاطعات عشية الثورة، وهي: عين الصفراء، والواحات الصحراوية، وغرداية، وتقرت، بالإضافة إلى عشر بلديات مختلطة، وتسع ملحقات، إضافة إلى تيديكلت وجانت والهقار، وهي مناطق تابعة للملحقات، وهناك قانونان مهمان في هذا المجال أولهما قارن أول أغسطس 1918 الذي استرجع العمل بنظام (الجماعة) الريفية المنتخبة أو المعينة محليا في البلديات كاملة الصلاحيات، وثانيهما قانون 6 فبراير 1919 الذي عممها ونظمها (أي الجماعة) في كل الدواوير (البلديات)، فقد كانت هذه الجماعات موجودة في الماضي واسترجعت الآن صلاحياتها، وهي تتداول في تسيير شؤون القرية مثل ملكية الأرض العروشية (التابة للعشيرة أو العرش) والتصرف في المال العام (1).
فإذا انتقلنا إلى الجانب السياسي وجدنا الحكم في يد الوالي العام الممثل للحكومة الفرنسية في الجزائر والمعين من قبلها، وهو يتبع رسميا وزارة الداخلية باعتبار أن الحكم في الجزائر مدني، وكان اسم الحاكم عند اندلاع الثورة هو (روجي ليونار)، والحاكم يبقى عادة في ولايته بين ثلاث وأربع سنوات، وهو يسير شؤون الجزائر إداريا وسياسيا وعسكريا واقتصاديا، وتحته مجموعة من المصالح والإدارات والقطاعات العسكرية والمؤسسات الاقتصادية، وقد جرب الجزائريون عددا كبيرا من هؤلاء الولاة فوجدوهم غالبا خاضعين لضغط أصحاب المصالح الاقتصادية والسياسية من الكولون، وقد تدعم موقف هؤلاء منذ أصبحت الميزانية تناقش في الجزائر ثم ترفع إلى الحكومة والبرلمان الفرنسي للموافقة عليها، ولم يكن للجزائريين أدنى سلطة ضغط لأنهم لم يكونوا يتمتعون بالحقوق السياسية والحريات المدنية من جهة، ولأنهم لم يكونوا ممثلين في البرلمان الفرنسي حيث تناقش الميزانية من قبل ممثلي الكولون ثم
(1) ماسينيون، مرجع سابق، ص 234.
تتم الموافقة عليها في غياب كامل للجزائريين.
وهذا هو ما يجرنا إلى الحديث عن مسألة التمثيل النيابي، بناء على قانون 1947 أصبح للجزائر مجلس محلي (برلمان) يسمى المجلس الجزائري، صلاحياته تنتهي عند مناقشة ما يعرضه عليه الوالي من مسائل، فهو مجلس استشاري وحسب، ولكن تركيبته هي الأهم، فهو يتألف من 120 عضوا، نصفهم جزائريون ونصفهم فرنسيون (رغم فارق عدد السكان)، ومدته ست سنوات، لكن نصفه ينتخب كل ثلاث سنوات، والغريب في أمر هذا المجلس أن له هيئتين انتخابيتين وليس هيئة واحدة (مسلمون وأوروبيون) فالقسم الأوروبي (الفرنسي) يتمتع أعضاؤه بكامل حقوق المواطنة القانونية حسب القانون المدني الفرنسي، وأما القسم الثاني [الثاني ليس في الترتيب فقط ولكن في الاعتبار أيضا] فهو القسم الأهلي الذي يتكون أعضاؤه من مواطني الحالة الإسلامية.
عند اقتراب الثورة كان أغلب أعضاء القسم الأول في المجلس من الراديكاليين المستقلين (بالتعريف الفرنسي)، أما أعضاء القسم الثاني فأغلبهم (51 منهم) من المستقلين، وكل هيئة في المجلس يمثلها ستون عضوا، وعبارة (مستقلين)، بالنسبة للجزائريين تعني أن الإدارة هي التي أوعزت لهم بالترشح وضمنت لهم النجاح حتى تقطع الطريق أمام مرشحي الأحزاب الوطنية واليسارية، مثل حزب الشعب (حركة الانتصار) وحزب البيان، والحزب الشيوعي، أما جمعية العلماء فرغم أنها تعتبر قائدة لتيار إصلاحي قوي فإن رجالها لا يترشحون في الانتخابات لأنها جمعية دينية ثقافية وليست حزبا سياسيا (1).
(1) ماسينيون، مرجع سابق، ص 233، والملفت للنظر أن ماسينيون ذكر (الأحزاب السياسية الإسلامية الكبيرة): حركة الانتصار وحزب الشعب، وحزب البيان، وحزب العلماء المصلحين (كذا) وأهمل ذكر الحزب الشيوعي، ربما لأن من بين أعضائه فرنسيين.