الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفي تحقيق حول إنجازات الاتحاد العمالي في تونس تحدث المحقق عن زيارة قاموا بها لمركز تعليم الأطفال، وقد جاء في التحقيق أن الأطفال وقفوا ينشدون نشيد (أرض الجزائر يا أمنا)، وكان لهذا النشيد معنى خاص لأن معظم الأطفال المشار إليهم فقدوا أمهاتهم في حرب التحرير، ومن إنجازات الاتحاد نشر التعليم المهني كالنجارة وتربية النحل والكهرباء، ولم تذكر المجاهد التي أوردت الخبر نص النشيد، ربما لأن المناسبة هي نقل معلومات عن المركز المهني أكثر من الحديث عن الأناشيد (1).
وفي العدد الثالث من جريدة المقاومة الجزائرية نجد كلمة بعنوان (المرأة الجزائرية عبر التاريخ)، وقد جاء فيها الكاتب على ذكر الكاهنة وكيف أوصت أبناءها بدخول الإسلام مما أهلهم لتولي قيادة جيوش الفتح، ثم جاء على ذكر نساء قبيلة رياح ومقاومتهن ضد الأتراك، حسب قوله، ونساء منطقة غريس في عهد الأمير عبد القادر ضد الفرنسيين، ثم الأميرة عائشة (كذا) التي تصدت للفرنسيين سنة 1857 (ولعل الكاتب يقصد فاطمة نسومر؟) والتي ابتكرت - كما قال - نظام المسبلين.
والظاهر من المعلومات المذكورة أن الكاتب إما جاهل بالتاريخ أو أنه أراد توظيف أحداثه لخدمة الثورة في ذلك الوقت العصيب، أما الحقائق التاريخية المتعلقة بالأشخاص المذكورين فهي معروفة ولا تحتمل كل هذا التمحل ولي العنق والذراع.
الأناشيد الوطنية
الأناشيد من فنون النظم التي انتشرت عشية الثورة وهي على أنواع، منها التعليمي الذي شاع في المدارس والذي يعتمد التوجيه والتأثير في الفتيان والشباب، بنفخ فيهم الروح الوطنية والإسلامية والأخلاق الفاضلة، ومنها
(1) المجاهد 44، 14 يونيو 1959.
الأناشيد الكشفية التي تربي الاعتماد على النفس والشجاعة والإيثار والصحة البدنية، وبعد قيام الثورة أصبحت الأناشيد سياسية - وطتية تنمي الاعتزاز بالوطن وأهله وتحث على الالتفاف حول الثورة وخدمة الأهداف البعيدة التي تعمل الثورة على تحقيقها مثل الاستقلال والحرية وإقامة الدولة الحديثة.
وقصيدة إلى المعلم ثم قصيدة إلى التلميذ للشاعر أحمد سحنون اللتان سقناهما منذ حين تدخلان في الأناشيد التربوية التي قيلت قبل الثورة، وقد عرف الطاهر التليلي بنظم لأناشيد تربوية كثيرة ضمها إلى ديوانه الدموع السوداء، ومنها الأبيات التالية:
قد رأينا ما رأينا
…
لعبة فيها عجب
قطة فوق حمار
…
قد تولاها الطرب
رقصت وهي تموء
…
وتصيح وتخب (1)
وهناك غير هذين الشاعرين، لأن المفترض أن كل معلم يحسن نظم أناشيد ينشط بها أذهان تلاميذه ويقوي الملكة اللغوية والأدبية عندهم، أو يحسن اختيار أناشيد نظمها شعراء آخرون سواء كانوا من الجزائر أو من المشرق العربي، وأذكر أنني عندما كنت أعلم في مدرسة التهذيب بالعاصمة، كنت أحضر لتلاميذي الصغار أناشيد من بينها: عليك مني السلام يا أرض أجدادي ..
ومن الأناشيد الكشفية مجموعة محمد الصالح رمضان (ألحان الفتوة). وهي أناشيد تمجد البطولة والإقدام والتضحية في سبيل الوطن وحب الطبيعة وخدمة المجتمع، وهي تشبه شعر أحمد سحنون الذي سقناه منذ قليل. أما الأناشيد السياسية والوحدوية فقد ظهرت مع الثورة، وهناك أناشيد ثورية لم تدون في وقتها وربما لن تدون أبدا لأنها قيلت في أول الثورة حين لم يكن هناك إلا الذاكرة، وربما يكون (جزائرنا) لمحمد الشبوكي أول نشيد مسجل
(1) عادل محلو، الشيخ الطاهر التليلي شاعر الأطفال، دراسة في كتاب العلامة المصلح محمد الطاهر التليلي، 1910 - 2003، ص 143 - 153.