المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

2 - سطوح الجزائر، وهي لوحة تمثل مجموعة من النساء - تاريخ الجزائر الثقافي - جـ ١٠

[أبو القاسم سعد الله]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء العاشر

- ‌المقدمة

- ‌الفصل الأولعشية الثورة

- ‌‌‌الحالة الاقتصاديةوالإدارية والسياسية

- ‌الحالة الاقتصادية

- ‌الحالة الإدارية والسياسية

- ‌جبهة الدفاع عن الحرية ومسألة الاتحاد

- ‌انشقاق في حزب الشعب

- ‌جمعية العلماء المسلمين الجزائريين

- ‌الحالة الاجتماعية

- ‌الكشافة الإسلامية

- ‌جمعيات رياضية وطلابية

- ‌جمعيات جزائرية في تونس

- ‌جمعيات أخرى

- ‌الشؤون الإسلامية

- ‌رجال الدين والمساجد

- ‌الزوايا والتعليم والمحافظة على السند

- ‌الأوقاف

- ‌القضاء

- ‌الحالة الثقافية

- ‌التعليم

- ‌تباشير نهضة تعليمية

- ‌التعليم العربي الرسمي

- ‌التعليم العربي الحر

- ‌معلمو جمعية العلماء

- ‌بعثات جمعية العلماء

- ‌اللغة العربية

- ‌من قضايا الثقافة والأدب

- ‌الأدب وجبهة الدفاع عن الحرية

- ‌الفصل الثانيالثقافة في نصوص الثورة

- ‌الثقافة في بيان أول نوفمبر

- ‌برنامج أول نوفمبر

- ‌لغة البيان ومضمونه

- ‌الثقافة في مؤتمر الصومام

- ‌الثقافة والحكومة المؤقتة

- ‌الثقافة في تقرير لجنة صبيح

- ‌الثقافة في اتفاقيات إيفيان

- ‌العلاقة الثقافية بين ما جاء في تقرير صبيح واتفاقيات إيفيان

- ‌الثقافة في نصوص الطلبة

- ‌للثورة إيديولوجيتها الخاصة

- ‌الثقافة في الإعلام الرسمي

- ‌الثقافة في برنامج طرابلس

- ‌الفصل الثالثالهوية الثقافية والأدباء بالفرنسية

- ‌النظام التربوي والإسلام وتعليم التاريخ

- ‌أبعاد الهوية الثقافية

- ‌تراشق المثقفين

- ‌ابن نبي عن رمضان عبان

- ‌ابن نبي عن فانون

- ‌مصطفى الأشرف

- ‌هجرس وابن زين

- ‌حالة فرانز فانون

- ‌اضطهاد المثقفين

- ‌الجرح المتعفن

- ‌أدباء اللغة الفرنسية

- ‌مقدمات

- ‌محمد ديب

- ‌كاتب ياسين

- ‌مولود معمري

- ‌مولود فرعون

- ‌مالك حداد

- ‌آسيا جبار

- ‌شعراء بغير العربية

- ‌جريدة المجاهد والقومية العربية

- ‌الفصل الرابعالإعلام في الثورة

- ‌الصحافة

- ‌صحف جمعية العلماء

- ‌صحف حزب الشعب

- ‌صحافة الحزب الشيوعي وحزب البيان

- ‌صحف أخرى

- ‌مجلة هنا الجزائر

- ‌جريدة الباتريوت (الوطني)

- ‌جريدة الجزائر العربية

- ‌الصحافة المدرسية

- ‌الصحافة أثناء الثورة

- ‌صحافة جبهة التحرير

- ‌رأي زهير إيحدادن

- ‌جريدة المجاهد

- ‌النشرات الداخلية

- ‌أصوات الجزائر

- ‌صوت الجزائر الحرة المجاهدة

- ‌صوت الجزائر من الإذاعات العربية

- ‌محتوى صوت الجزائر (صوت الجمهورية الجزائرية)

- ‌تطورات جديدة

- ‌فضل الإذاعات العربية

- ‌الإعلام الفرنسي أثناء الثورة

- ‌تطور الإذاعة الفرنسية في الجزائر

- ‌التلفزيون

- ‌التلفزيون بين لاكوست وسوستيل

- ‌التلفزيون والسينما:

- ‌تنظيم المكاتب الإعلامية للجبهة

- ‌إنشاء وكالة الأنباء الجزائرية

- ‌الندوات والمؤتمرات والمحاضرات

- ‌الفريق الوطني لكرة القدم

- ‌أعمال الوفد الخارجي للجبهة

- ‌المسؤول السياسي

- ‌الفصل الخامسالتعليم والتنظيمات الطلابية

- ‌التعليم: إحصاءات متنوعة

- ‌التعليم الحر

- ‌التعليم في إحصاءات جبهة التحرير

- ‌ملاحظات على التعليم والجبهة

- ‌التعليم والسكان

- ‌إحصاءات مجلة جون أفريك

- ‌إحصاءات أخرى

- ‌التعليم العسكري

- ‌أنشطة الطلبة في تونس والمغرب

- ‌الطلبة في المشرق العربي

- ‌من نشاط الطلبة في المشرق العربي

- ‌رابطة طلبة المغرب العربي

- ‌رابطة الطلبة الجزائريين في القاهرة

- ‌من نشاط الطلبة في القاهرة

- ‌ رابطة الطلبة الجزائريين في المشرق العربي

- ‌نشأة الاتحاد العام للطلبة المسلمين الجزائريين (لوجيما)

- ‌اضطهاد طلبة الاتحاد

- ‌ظروف إضراب الطلبة، 1956

- ‌تقرير عن طلبة المشرق العربي، 1959

- ‌المؤتمر الرابع للاتحاد

- ‌المنح والاتحاد والجبهة

- ‌دور الاتحاد في الخارج

- ‌مذكرة الاتحاد إلى هيئة الأمم

- ‌التعليم الابتدائي:

- ‌التعليم الثانوي:

- ‌التعليم العالي:

- ‌التعليم العربي:

- ‌الفصل السادسالمسرح والموسيقى والغناء

- ‌المسرح عشية الثورة

- ‌المسرح أثناء الثورة: باش تارزي

- ‌مجلة مصرية تكتب عن المسرح الجزائري

- ‌من شهرزاد إلى أبناء القصبة

- ‌من نشاط الفرقة الوطنية الفنية

- ‌استمرار النشاط المسرحي

- ‌المسرح الثوري:

- ‌الحاجز الأخير

- ‌مصرع الطغاة

- ‌الموسيقى والغناء

- ‌آراء في الموسيقى

- ‌رأي باربيس في الموسيقى

- ‌رأي عمر راسم في الموسيقى

- ‌تعليق على الموسيقى والغناء

- ‌الأخوان فخارجي

- ‌بعض الموسيقيين والمغنين

- ‌الفصل السابع‌‌السينماوالرسم والمكتبات والخطاطة والمتاحف

- ‌السينما

- ‌الرسم والمعارض الفنية

- ‌محمد راسم

- ‌عمر راسم

- ‌رسامون آخرون

- ‌فنانون أوروبيون

- ‌معارض أخرى

- ‌رسوم الطاسيلي

- ‌المكتبات

- ‌المكتبة الجامعية

- ‌مكتبات جهوية

- ‌الخطاطة

- ‌محمد سعيد شريفي

- ‌عبد الحميد اسكندر

- ‌سعدي حكار

- ‌المتاحف

- ‌المتحف الوطني للفنون الجميلة

- ‌الفصل الثامنأنواع النثر

- ‌المصادر

- ‌المقالة

- ‌مسألة الفصحى والعامية والفرنسية

- ‌بعض كتاب المقالة

- ‌الشيخ الإبراهيمي

- ‌أحمد رضا حوحو

- ‌عثمان سعدي

- ‌عبد الله شريط وآخرونه

- ‌الخطابة

- ‌الترجمة

- ‌القصة والرواية

- ‌حوحو ونماذجه البشرية

- ‌عبد الله ركيبي

- ‌ نفوس ثائرة

- ‌الركيبي عن تطور القصة

- ‌تجارب في القصة

- ‌زهور ونيسي ورصيفها النائم

- ‌الحبيب بناسي

- ‌عثمان سعدي وابن عيسى

- ‌أبو العيد دودو

- ‌الطاهر وطار

- ‌صور من البطولة في الجزائر

- ‌عبد الحميد بن هدوقة

- ‌قصاصون آخرون

- ‌اضطهاد أدباء العربية

- ‌الفصل التاسعالشعر

- ‌المصادر

- ‌حالة الشعر والشعراء عشية الثورة

- ‌الأناشيد الوطنية

- ‌ألحان الفتوة

- ‌الشبوكي ونشيد جزائرنا

- ‌أناشيد مفدي زكرياء (ابن تومرت)

- ‌الشعر الثوري

- ‌محمد الشبوكي

- ‌مفدي زكرياء (ابن تومرت)

- ‌مواضيع أخرى لمفدي زكرياء

- ‌محمد الصالح باوية

- ‌عبد السلام حبيب

- ‌أبو القاسم خمار

- ‌محمد العيد آل خليفة

- ‌صالح الخرفي

- ‌عبد الرحمن الزناقي

- ‌الربيع بوشامة

- ‌عبد الكريم العقون

- ‌عبد الرحمن العقون (بلعقون)

- ‌أحمد معاش الباتني

- ‌صالح خباشة

- ‌الشعر الرومانسي

- ‌الطاهر بوشوشي

- ‌الشعر والربيع والحزن

- ‌محمد الأخضر السائحي

- ‌الشعر المحايد

- ‌الشعر الشعبي

- ‌الشعر الإخواني والاجتماعي والإصلاحي

- ‌شعراء آخرون

- ‌الحفناوي هالي

- ‌أبو بكر بن رحمون

- ‌أحمد سحنون

- ‌جلول البدوي

- ‌محمد الأمين العمودي

- ‌محمد الهادي السنوسي

- ‌محمد الأخضر عبد القادر السائحي

- ‌الفصل العاشركتب وكتابات

- ‌الدراسات التاريخية

- ‌كتابات ابن نبي عن التاريخ

- ‌كتابات الأشرف عن التاريخ

- ‌تاريخ الجزائر

- ‌تاريخ الجزائر العام

- ‌الأمير عبد القادر رائد الكفاح الجزائري

- ‌هذه هي الجزائر

- ‌محاضرات عن تاريخ الجزائر

- ‌الرحلات

- ‌رحلة الشيخ الغسيري

- ‌رحلة الشيخ الإبراهيمي

- ‌رحلة الشيخ التبسي

- ‌رحلة الباهي فضلاء

- ‌رحلة الشيخ العباس

- ‌رحلة المختار اسكندر

- ‌رحلة محمد الصالح رمضان

- ‌الدراسات الفلسفية

- ‌مالك بن نبي

- ‌أصول الحضارة العالمية

- ‌من وحي الثورة الجزائرية

- ‌كتب فرانز فانون

- ‌السنة الخامسة للثورة

- ‌الكادحون في الأرض

- ‌الدراسات الإسلامية والاجتماعية والسياسية والفانونية

- ‌الشؤون الإسلامية

- ‌ التاريخ الإسلامي

- ‌موقف الطرق الصوفية

- ‌الأوقاف الإسلامية

- ‌عن القضاء الإسلامي

- ‌القضاء والثورة

- ‌العدل عند جبهة التحرير الوطني

- ‌الثورة الجزائرية والقانون

- ‌دراسة الصادق مزهود

- ‌مقاصد القرآن

- ‌آيات وأحاديث

- ‌تفسير الشيخ بيوض

- ‌في طريق الهجرة

- ‌رسائل من السجن

- ‌ليل الاستعمار

- ‌صحراؤنا

- ‌الجزائر: الأمة والمجتمع

- ‌الطب والصحة العامة

- ‌انظروا أسلحتنا! انظروا أطباءنا

- ‌عن تاريخ الطب

- ‌وثائق عن الطب في الأرشيف

- ‌الفهارس العامة

- ‌ فهرس الأشخاص

- ‌ فهرس الأماكن

- ‌ فهرس الكتب والمجلات والجرائد

- ‌ فهرس الجمعيات والروابط

- ‌محتوى الكتاب

الفصل: 2 - سطوح الجزائر، وهي لوحة تمثل مجموعة من النساء

2 -

سطوح الجزائر، وهي لوحة تمثل مجموعة من النساء على أحد سطوح القصبة، وتظهر في الصورة الصوامع والمرسى، بينما النسوة يشربن الشاي في حالة استرخاء وحديث هادى، ومن حولهن قناني الماء والمزهريات، وليس هناك أطفال ولكن هناك قطة تضفي الأنس والهدوء على الجلسة.

وفي المقال إشادة بلوحات أشرنا إليها وهي: سفن حربية جزائرية. ومدينة الجزائر، وفي حديقة إحدى الفيلات، وخير الدين بربروس (مؤسس الدولة الجزائرية)، وقد ضمت النسخة الفرنسية من المقال تفاصيل وعناوين لم تشملها الخلاصة العربية (1).

لا ندري ما الذي فعل أو حدث لمحمد راسم بعد 1955، وقد بلغ الستين سنة تقريبا، ولا ما إذا تركت الثورة بصماتها على لوحة من لوحاته، سواء أثناءها أو بعدها، فقد عاش إلى السبعينات على ما نعرف، ومات موتة عنيفة لا يستحقها فنان وشيخ طاعن في السن مثله، فقد قيل إن لصوصا مختصين قدموا من أوروبا واعتدوا عليه وعلى زوجته العجوز أيضا، وسرقوا مجموعة من لوحاته، وهربوا، ما الذي حدث بالضبط؟ وما مصير القضية؟ لقد اختفت آثار الجريمة، فمتى تظهر الحقيقة؟ ولم يكن محمد راسم وحده في عدم وجود آثار الثورة في إنتاجه المعروف حتى الآن، فكثير من الفناتين عاشوا في الجزائر أو في فرنسا ومع ذلك لم نجد له التزاما نحوها، رغم أن المرحلة كانت مرحلة الفن والأدب الملتزمين، ومع ذلك عاد بعضهم إلى الجزائر من الخارج وظهروا بصفة الأبطال والمناضلين.

‌عمر راسم

أما عمر راسم فقد اكتسب سمعة وطنية عالية ولكنه لم يكتسب شهرة أخيه العالمية، كان عمر وفيا أيضا لتراث الأسرة الجزائر، ولكن في مجال

(1) هنا الجزائر 34، أفريل 1955، ص 25 - 30، القسم الفرنسي.

ص: 401

مختلف عن مجال أخيه، فترك ثروة من الدراسات عن الرسم والموسيقى والخط، وله دروس في نشأة الصحافة العربية الوطنية، وترك تلاميذ وتأثيرا واسعا، وإذا كان محمد قد التصق اسمه بأوروبا وفنانيها وجوائزها ومعارضها، فإن عمر ترك بصماته على العالم الفني الجزائري بما رسم من لوحات ودبج من مقالات عن الموسيقى وخطط من كتب وعزف من ألحان، وقد كنا ترجمنا له، أو بالأحرى عرفنا به في كتابنا السابق (الجزء 5)، ونود هتا أن نضيف بعض المعلومات عنه مما أتيح لنا الإطلاع عليه بعد طبع كتابنا بما قدم بين 1954 و 1959، فقد ظل يسهم في الحياة الأدبية والفتية إلى آخر لحظة من حياته.

أبنته مجلة (هنا الجزائر) التي كان أحد كتابها فقالت إنه توفي في 13 فبراير 1959، عن 75 سنة، ودفن في مقبرة الشيخ عبد الرحمن الثعالبي، وإنه من عباقرة فن الرسم والخط العربي والخط الأندلسي والخط الكوفي، وهو وأخوه محمد يعتبران فارسي رهان في ميدان الفنون الجميلة، فحين أنشأت إدارة الفنون الجميلة بالولاية العامة، (سنة 1931) مدرسة لتعليم فن التصوير (الرسم) والزخرفة العربية الشرقية في العاصمة اختارت الأخوين الفنانين محمد راسم وعمر راسم، للتدريس فيها فن الخط العربي والزخرفة الشرقية، وقد باشرا التعليم فيها، وتخرجت على أيديهما نخبة من الشباب

لم يتخرج عمر من مدرسة فنية معينة ولكنه بالموهبة والمثابرة والتتلمذ على والده، علي بن سعيد راسم، استطاع عمر أن يشق طريقه وسط المبدعين والتابعين في الفن والزخرفة، وقد ابتكر أشياء جميلة أدت إلى إقبال دور النشر عليه لطلب زخرفة مطبوعاتها، وكان عمر أديبا ذواقة أيضا وكاتبا ناقدا، وكان من قدماء المحاضرين والمقرئين في محطة الإذاعة، وكان يلقي حديثه الأسبوعي بنفسه في الإذاعة في موضوع فن الرسم والتصوير والموسيقى، ونشرت له مجلة (هنا الجزائر) مقالات في الفنون التي اختارها، ولعمر راسم اطلاع واسع ومهارة في فن الموسيقى العربية الأندلسية، ويعتبر من المحافظين على تراثها، وقد كتب عنها مقالات نشرت في هنا الجزائر وفي دوريات أخرى.

ص: 402

لقد بدأ عمر حياته في مجال الصحافة العربية، فأصدر أوائل القرن الماضي مجلة (الجزائر) وجريدة (ذو الفقار)، وكان يقوم برسم الصور بنفسه، ومن آثاره كتابات أسماء شوارع القصبة القديمة في مدينة الجزائر على لافتات باللغة العربية إلى جانب اللغة الفرنسية، وهي كتابات بلون أبيض على أرضية زرقاء بحروف تبدو لنا اليوم معقدة ومتداخلة، كما كان يضع تحت كل اسم ما يوضح مسماه وتاريخه أو الحدث الملتصق به (1).

وقبل أن نتحدث عن رأي عمر راسم في الموسيقى، نشير إلى مقاله (التقليد والفن) الذي كتبه سنة 1957 والذي ربما كان أحد أحاديثه الإذاعية أيضا، في هذا المقال نقد لاذع للتقليد في الفن وهجوم كبير على المقلدين لأنهم بالتقليد يفقدون في نظره شخصيتهم، وفي هذا المقال كلام عام عن الفرق بين المبدع والمقلد، والموهوب في نظره هو الذي يتفرغ لفنه لأنه يحبه ويلتزم به، (أما المقلد (فهو) كالطماع والمحتكر الذي يريد أن ينال الأرباح الطائلة من دون تعب، إن ناسخ الكتب لا يعد مؤلفا، ولا الملحن شاعرا، ولا الراوي محدثا) (2).

رغم أن الأخوين محمد وعمر راسم قد أسهما في الثقافة الجزائرية إسهاما كبيرا بالموهبة والإبداع فإنهما كانا متوسطي الثقافة فيما يبدو من آثارهما، ونقصد هنا الثقافة الأكاديمية أو المنتظمة، وقد رأينا أن محمد راسم قد حيل بينه وبين مواصلة دراسته الثانوية فاكتشف الفن وظهرت موهبته فيه فتفرغ لإنتاجه يشبع رغبته في الإبدع في فن المنمنمات، ولم يكمل قاعدته الثقافية إلا بطريقة شخصية، ويبدو أن محمدا كان محافظا في ثقافته لأننا وجدنا له اطلاعا واسعا على التاريخ والآثار والحياة الاجتماعية لبلاده كما تظهرها لوحاته، ذلك أن موضوعاته جزائرية إسلامية عربية، ترجع إلى أعماق التاريخ، كما أنه كفنان كان

(1) هنا الجزائر 74، مارس 1959، أنظر أيضا ما كتبناه عنه في مجال الصحافة في التاريخ الثقافي، ج 282/ 5.

(2)

هنا الجزائر 59، نوفمبر 1957.

ص: 403

يستمد من البيئة والأسرة والقصبة التي يبدو أنه من مواليدها، وهي آخر حصن من حصون الثقافة الوطنية الباقية في العاصمة بعد أن كادت تزول جميع معالم الثقافة الأخرى على يد الاستعمار، كما عرفنا أنه زار وتأثر تأثرا عظيما بمعالم الأندلس وتراثها الحضاري، ولا نعلم أنه زار الشرق أو أدى فريضة الحج.

وقد لاحظنا أن محمد راسم كان كذلك يوقع دائما لوحاته بالحروف العربية حتى تلك التي كانت تعرض في أوربا أو تنشر في الكتب المتعلقة بالإسلام وثقافته لمؤلفين أوروبيين، ومن جهة أخرى نلاحظ أن المرأة كانت أيضا من موضوعاته الرئيسية، ولا ندري بأي إيعاز كان يفعل ذلك، والغالب أنه إيعاز ذاتي أي أنه كان يرى المرأة جزءا من حياة القصبة ورمزا للجزائر التي بقيت وراء الجدران العالية لهذا الحصن، فالمرأة في الحديقة والشرفة، وهي في المقصورات الوثيرة الأثاث والسطوح الشفافة، وهي العروس المخضبة بالحناء في ثياب الزفاف، وهي تشرب الشاي وتتحدث إلى صويحباتها، وهي طربة نشوانة، وهي تتزين بالأزياء التقليدية .. كل ذلك يتمثل في لوحاته الجميلة المليئة بالرموز التاريخية والاجتماعية.

أما أخوه عمر راسم فنعلم أنه بدأ بالاهتمام بالسياسة فأصدر الصحف بمعاناة شديدة، عندما كان الإعلام الوطني في درجة الصفر، ثم سافر إلى المشرق، وشاهد التيارات الموالية والرافضة للتبعية العثمانية والنهضة الإسلامية، وعرف الحركات الساخطة على الاستعمار والمنادية بالوطنية، واعتنق المذهب الاشتراكي في صورته المثالية الإنسانية، وكان رائدا في التحذير من التغلغل الصهيوني، وكان من المعجبين بحركة الأمير خالد، ثم خاب أمله في بعض الرموز الوطنية التي كانت تطفو ثم يغرقها الاستعمار بأدواته المعهودة، وعاد عمر إلى الرسم والخط والموسيقى، وكان يعيش عيشة ربما يجوز أن

ص: 404