الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تلك هي النماذج التي دونها المؤلفان، فحفظاها من الضياع، ولا شك أن ثورة التحرير قد أنطقت شعراء شعبيين كثيرين، معروفين ومجهولين، ولكن التدوين خانهم كما قلنا، ولم يمجدوا من يجمع آثارهم ويحفظها، ونحن نتوقع أن بعض مراكز البحث والمتلقيات والندوات التاريخية قد سجلت لبعض هؤلاء الشعراء إنتاجهم (1).
لم يكن الشعر الشعبي كله شعر جد وحرب بل كان هناك شعر شعبي إخواني أو غزلي أيضا، فقد نشرت مجلة هنا الجزائر مساجلة غرامية بالشعر الملحون بعثها الشاعر محمد حقي السائح من تماسين، وهي مساجلة دارت بين فتى وفتاة جرت في فزان (ليبيا) حسب النص، وللمساجلة مقدمة نثرية (2).
وتضمنت المجلة نفسها قصيدة عنوانها (قمر الليل) لابن كريو، وقصيدة (مخدع مغنية) التي لم يذكر معها اسم قائلها في الفهرس، وقد نشرت هذه المجلة أشعارا تراثية لشعراء الملحون من أمثال ابن التريكي وابن الشاهد وابن اسماعيل، وغير التراثية كأشعار الدحاوي ورحاب الطاهر، ويكاد كل عدد من المجلة يتضمن بعض هذا الشعر، وفي باب الدراسات عن الشعر الملحون كتب بالسائح بوعلام دراسة في حلقتين عنوانها: الشعر الجزائري الملحون: اتجاهاته وضروبه (3).
الشعر الإخواني والاجتماعي والإصلاحي
نقصد بالشعر الإخواني ما يدور بين شاعرين أو أكثر أو بين شاعر وكاتب من مناجاة أو مساجلات أو تظرف ونحو ذلك، وفي الفترة التي نعالجها وجدنا شعرا غير كثير دار بين الأخضر السائحي وزميل له في هنا الجزائر، ونعتقد أن
(1) المكتبة الوطنية، الجزائر، 1975.
(2)
هنا الجزائر 57، أوت 1957.
(3)
هنا الجزائر 20، يناير 1954، ونفس المصدر 48، يوليو 1956.
هذا اللون لا يخلو منه زمان ولا مكان، رغم أن الثورة قد شغلت الشعراء عنه، كما قلنا، ويدخل في الشعر الإخواني التقاريظ أو تصدير الكتب الجديدة من قبل بعض الشعراء.
بمناسبة حفل التكريم الذي أقامه بعض الأدباء للشيخ أحمد توفيق المدني في شهر يونيو 1955 ألقى عدد من الشعراء قصائد بالمناسبة شارك فيها الشعراء: مفدي زكرياء الذي ألقى (قصيدة عصماء) حسب تعبير حمزة بوكوشة الذي نشر وصفا للحفل، وعبد الكريم العقون الذي ألقى (قصيدة بليغة)، بينما شارك أبو القاسم سعد الله الذي كان متغيبا عن الحفل، بقصبدة (بديعة
…
أخذت بمجامع القلوب)، (ألقاها نيابة عنه عبد السلام مرجان)، ثم ألقى الشيخ أحمد سحنون (قطعة شعرية رائعة)(1).
وفي حصة (نادي القريض) التي كان ينشطها الأخضر السائحي في الإذاعة الجزائرية خصص حصة عن محمد العيد وشارك فيها الشاعر أحمد الأكحل بقصيدة يبدو أنه أهداها إلى شيخه محمد العيد، فقام السائحي بإرسال قصيدة الأكحل إلى محمد العيد بعين مليلة فأجابه عنها بقصيدة على وزنها وقافيتها، قال الأكحل:
ذكرى ملاك الشعر حم العيد
…
ملكت شعوري مثل ذكرى العيد
وهي من أربعة عشر بيتا، فأجابه محمد العيد:
يا شعر أنت رسالتي وبريدي
…
أبلغ لأحمد أبلغ التمجيد
وهي من خمسة عشر بيتا (2).
هذا النوع من الشعر كان سائدا بين الحربين واستمر إلى أوائل الثورة. وكان فرسانه هم أحمد سحنون ومحمد العيد والربيع بوشامة
…
وكانت
(1) انظر البصائر، عدد 331، كلمة وصف الحفل كتبها الشيخ حمزة بوكوشة.
(2)
هنا الجزائر 21، فبراير 1954.