الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
للأحداث التاريخية والعلاقات الاجتماعية فهو التفسير الماركسي - الوطني.
وهذه عناوين البحوث الرئيسية (ولا نرى داعيا لذكر تواريخ نشرها): بين الاستعمار والإقطاعية، والوطنية في البوادي والأرياف، والجوانب النفسية في الغزو الاستعماري، ومسيرة الجزائر إلى الحرية، ومسيرة القومية التحريرية إلى الوحدة، والاتجاه الثوري في المدن، وتنظيم المقاومة والكفاح، والخط الثابت في سلوك الاستعمار سياسيا وعسكريا، 1830 - 1960، والجوانب المجهولة من الثورة الجزائرية، والجزائر المستقلة من النكسة إلى الوحدة، ووقائع وآفاق ثورية، ونظرات اجتماعية حول الحركة القومية والثقافة في الجزائر، ومعظم البحوث منشورة في الأزمنة الحديثة التي يصدرها جان بول سارتر، وهناك بحث منشور في مجلة الحضور الإفريقي.
الطب والصحة العامة
لم تظهر كتب في علمنا عن الصحة العامة والنشاط الطبي خلال الثورة. حقيقة أن هناك دراسات طبية وصحية سواء في الأرشيف أو المجلات، وهناك أطباء جزائريون انضموا للثورة وساهموا فيها وهم أصحاب اختصاص أو هم طلاب، ومنهم الدكتور ابن زرجب والدكتور دباغين والدكتور فرنسيس والدكتور هدام وأحمد طالب والأمين خان والعقيد حسن، وعشرات غيرهم كانوا في الميدان السياسي أو في ميدان المعركة نفسها، ولا نعرف أن هؤلاء أو بعضهم كتبوا تجاربهم بعد الثورة أيضا ما عدا جمال الدين بن سالم.
انظروا أسلحتنا! انظروا أطباءنا
!
هذا كتاب جمع فيه مؤلفه تجربته كطبيب مناضل في جيش التحرير في الولاية الثالثة خلال الثورة، نشأ جمال بن سالم في بوسعادة وسطيف حيث تلقى التعليم الابتدائي والثانوي، ثم واصل دراسته في الطب بجامعة مونبلييه في فرنسا، وكانت له ثقافة سياسية قبل التحاقه بفرنسا لأن والده الدكتور عيسى بن
سالم، كان عضوا في حزب البيان ونائبا في المجلس الجزائري، وكان من النواب الواحد والستين الذين استقالوا دفعة واحدة من المجلس بعد أن لم يعودوا يمثلون إلا أنفسهم، وقد التحق الوالد بعد ذلك بتونس حيث مارس الطب في مستشفى الحبيب تامر إلى انتهاء الثورة.
في الصيف كان جمال يأتي إلى الجزائر لزيارة الأهل فيخوض فيما يخوضون ويتبادل الرأي معهم فيما يجري في الجزائر وفرنسا، كان الطلبة في الواجهة، وخصوصا بعد 1955، وعليهم أن يقرروا موقفهم من الثورة، فقد أسسوا الاتحاد العام، ثم قرروا الإضراب عن الدراسة والامتحانات في مايو 1956، ماذا يفعلون بعد ذلك؟ التحق بعضهم بالثورة مباشرة، وآخرون بتونس أو المغرب أو البلدان الأوروبية لمواصلة الدراسة، ولكن آخرين كان عليهم أن يلتحقوا بجيش التحرير ويصبحوا من الكوادر الطبية.
كان جمال عندئذ في السنة الثانية رفقة محمد خميستي رئيس فرع الاتحاد العام للطلبة في مونبلييه ورئيس الاتحاد قبل اعتقاله، تعلم جمال مبادى الجراحة في البرج صيف 1955 عند زيارته العائلية، وبنصيحة من والده سمح له الطبيب الجراح (قرانج) بممارسة مبادى الجراحة، وفي هذا الصيف أيضا حدثت أحداث شهر أغسطس (أوت) المعروفة في سكيكدة فكانت موضع الحديث بينه وبين زملائه، وقد انضم إليهم المسؤول السياسي في البرج، وكانت الشائعات تروج حول أعمال الجبهة وحاجتها إلى الممرضين والأطباء، وعن الحركة المصالية، وجماعة مكافحي الحرية الشيوعية، جاء جمال إلى تونس على ظهر سفينة من مرسيليا، كان ذلك في نهاية شهر ديسمبر 1956 بعد أن تبين أن دورة أكتوبر قد انتهت بدون امتحانات، التحق بأبويه اللذين سكنا في سيدي بوسعيد، وانضم إلى جبهة وجيش التحرير، كان أحمد محاس هو ممثل الجبهة في تونس، أما ما يتعلق بالطب فقد كان تحت إشراف الدكتور محمد نقاش، في تونس عوضت الكوادر الطبية الجزائرية عندئذ الكوادر الفرنسية، وقد وجد الجزائريون ترحيبا خاصا من أهل تونس.
وأثناء وجوده في تونس كان جمال يمارس الطب مع الدكتور العقبي في مستشفى سوسة، بعض الوقت، وفي تونس العاصمة التقى بالعقيد عميروش، ووقع تعيينه في الولاية الثالثة، فدخلها في سيارة مغطاة، مع ستة من الطلبة خمسة منهم في الطب وسادسهم في الرياضيات، فمروا بساقية سيدي يوسف ثم سوق أهراس ومنها إلى قلعة بني عباس.
في الولاية الثالثة اشتغل جمال بن سالم في المنطقة الأولى مع الضابط سي حميمي، كان ذلك بطلب من القائد عميروش نفسه، استعان ابن سالم لاستحضار ذكرياته بعناصر من جيش التحرير الأحياء خصوصا سي حميمي (حامد دهيل)، وهو يعتبر كتابه هذا من نوع (الكرونيك) أو ثبتا بالأحداث التي عاشها بين 1954 - 1962، وأهداه إلى زملائه المكافحين، تلاميذ الثانويات، وطلاب الجامعات الذين التحقوا - رغم أنهم لم يكملوا دراستهم وكانوا يجهلون الأمكنة وظروف العيش في الجبال - ليكافحوا إلى جانب أهل الريف ضد عدو يفوقهم عددا وعدة، وبعض هؤلاء الطلاب - مثل ابن سالم نفسه - كانوا قبل ذلك منعمين يعيشون عيشة راضية، وكان أبوه متزوجا من عائلة تامزالي الغنية.
لا شك أنه لم يكن وحده عندما شعر وهو في الميدان أنه خير وريث للحضارة العربية الإسلامية وخير معبر عن صوت الأجداد، وأنه هو وزملاؤه قد رفعوا التحدي في وجه الاستعمار باسم: المفاوضات هي الحرب، وقد ذكر أنه عندما كان في مونبلييه كان يعرف أنه في كلية أنشئت أصلا من أجل الطب العربي حيث كان يتردد عدد من طلاب العالم، واعتبر ذلك تكريما للإسلام، وكان عدد الطلبة الجزائريين في جامعة مونبلييه كبيرا نسبيا حتى أن اثنين منهم أصبحا عضوين في مكتب الجمعية العامة للطلبة.
أما محتوى الكتاب فهو مقسم إلى قسمين: الأول فيه هذه أسلحتنا وهؤلاء أطباؤنا، والثاني قمة سي حميمي، والواقع أن القسم الأول هو الأكبر حجما (ص 7 - 247)، أما القسم الثاني فيضم من (ص 249 - 289)، ومن