الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإعلام الفرنسي أثناء الثورة
كان للفرنسيين إعلامهم الموجه خلال الثورة، فقد كانت لهم صحفهم ونشراتهم ومجلاتهم وكتبهم بشكل أوسع وأكثر إتقانا وتقدما من الإعلام الجزائري، وقد حاولوا توظيف هذه الإمكانات للتأثير على الثورة وفصل الشعب عنها واستعملوا لذلك شتى الوسائل، ونحن لا نريد أن نتعرض إلى كل تلك الوسائل هنا، ولكن يكفي الإشارة إلى بعض ما هو موجه خاصة للجزائريين، مثل مجلة (هنا الجزائر) التي كانت لسان الإذاعة والتلفزة الفرنسية بالجزائر خلال مرحلة طويلة من عهد الثورة (1).
أثناء حرب الإعلام التي دارت بين الجهة والفرنسيين حاول هؤلاء أن يشوشوا على صوت الجزائر كما حاولوا تزييف المجاهد، فقد أنشأوا مركزا بإحدى مقاطعات فرنسا أسموه مركز كليبر أو دار سوستيل، وأطلقوا على الإذاعة التي تنطلق منه (إذاعة صوت العرب من القاهرة) حسبما ذكرت جريدة المجاهد، وكان المركز تحت إدارة أشخاص متخصصين في الشؤون الأهلية أو ممن سبق لهم العمل في تونس والمغرب، وكان يساعدهم بعض العرب القادمين من المشرق.
أما الأعمال التي قام بها المركز فتتمثل في بث حصص بالعربية على قناة باريس الثانية مساء كل يوم، وبتوجيه من الشرطة والمخابرات الفرنسية كان المركز يبث حصصا أخرى باسم (صوت الجزائر) للدعاية للحركة المحالية ولتضليل الجزائريين المقيمين في فرنسا، كما خصص برامج مزيفة تذاع تحت اسم (صوت العرب من القاهرة) على نفس موجات صوت العرب الأصلية
(1) عن الصراع الإعلامي بين الجزائر وفرنسا أيام الثورة أنظر بحث (حرب الكلمات الجزائرية: البث الإذاعي والثورة، 1954 - 1962)، بقلم: روبرت، بوكميلر في مغرب روفيو
Robert J. Bookmiller، The Algerian War of words، Broadcasting and Révolution، 1954 - 1962، In Maghreb Review، vol. 14، 3 - 4، 1989، pp. 197 - 213.
وبنفس الأسلوب الذي اعتاد عليه مستمعو برامجه ولكن بلهجة أهل المغرب العربي، ومن مهمة مركز كليبر أيضا التشويش على (صوت الجزائر) الذي كان يذيع من إذاعة تونس.
وبالإضافة إلى تزييف البرامج الإذاعية قام المركز بتزوير وتزيف البلاغات العسكرية المنسوبة إلى قيادة جيش التحرير، وهي بلاغات كانت ترسل إلى قيادة الجيش الفرنسي في الجزائر فيلتقطها ضابط تاح لـ (المكتب الخامس) المختص في شؤون الدعاية النفسية والذي يقوم بإذاعتها بجهاز إرسال خاص متنقل على كامل خط موريس.
كما كان المركز يتولى تحرير عدة نشرات بالعربية ومنها النشرات التالية: (المجلة العربية) التي كانت تصدر من باريس، وجريدة (البرق) التي كان يتولاها عقيد تساعده عناصر مختصة في الشؤون الأهلية، و (الجزائر) وهي مجلة كان يشرف عليها ضابط برتبة رائد من ضباط الشؤون الأهلية في المغرب.
أما ميزانية المركز فقد قدرت سنة 1958 بخمسين مليون فرنك، وتساهم فيها أطراف عديدة منها وزارة الخارجية الفرنسية، وإدارة الشؤون الجزائرية بخمسة عشر مليونا، وفي نفس السنة افتتح قرض قدره مائة وعشرون مليونا لمقاومة الجاسوسية (1).
ولم يتورع مركز كليبر حتى من استخدام بعض المغنين الجزائريين لتحقيق مآربه، ففي شهر أغسطس 1959 قدم إلى المركز سليمان عازم الذي وصفته المجاهد بالمطرب الفاشل، وسجل نشيدا لحنه بنفسه وسماه (نشيد الحركي)، وقد تساءلت الجريدة عن سخرية الاستعمار من الحركى وبلاهة رجال الدعاية الفرنسية الذين لا يتورعون عن استخدام كل الأساليب لتحقيق أغراضهم الدعائية (2).
(1) المجاهد 60، 25 يناير 1960.
(2)
المجاهد، نفس المرجع، كتب محمد أرزقي فراد مقالة عن سليمان عازم (1919 - =