الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شارك أحد الجزائريين، وهو الشيخ أحمد بن حمودة في مؤتمر عن ابن سينا بطهران سنة 1955، وقدم هذا الجزائري (وهو مدرس سابق بمعهد الدراسات الإسلامية بالجزائر) بحثا عنوانه (مختصر علم الهيئة) لابن سينا، وقد شارك ابن حمودة (باسم الجزائر) رغم أن الجزائر ليست دولة، وكان عدد الدول المشاركة في المؤتمر 26 دولة، بيتما تحدث آخرون عن ابن سينا الفيلسوف والطبيب والأديب بمناسبة ذكراه الألفية، وقد أخبر ابن حمودة أن لمختصر علم الهيئة نسختين إحداهما في الجزائر والأخرى في المتحف البريطاني، وتحصل على نسخة من كل منهما، ثم حلل الكتاب بناء على الرسوم الثمانية التي رسمها ابن سينا للعالم بناء على أن الأفلاك تسعة، وأكد ابن حمودة أن الكتاب رغم عنوانه، غير مختص بعلم الهيئة بل يشمل أخبار الفلسفة والطب والهندمة والجغرافيا الطبيعية، وكان ابن سينا قد اعتمد فيه على كتاب المجسطي (بطليموس)، وجاء ابن حمودة بخلاصة كتاب بطليموس وهي تقول بنظرية مركزية الشمس وبرأي كوبرنيك التي تقول إن للشمس حركات عديدة منها الحركة الدورانية الدائمة واليومين والحركة الانتقالية السنوية، ومهما كان الأمر فإن هذا النشاط العلمي كان خارج نطاق الثورة عندئذ (1).
وثائق عن الطب في الأرشيف
عثرنا في الأرشيف عن دراسة موثقة عن الصحة العامة بناء على مصادر مختلفة، منها تقارير الأمم المتحدة، ونعني بذلك الوضع الصحي في الجزائر سنة 1957: المستشفيات وأنواع المرض الشائعة، وأدويتها، والصيدليات، وتناولت الدراسة وضع خطة وطنية للصحة، وإعداد قاعدة مبادئها وتنظيمها ووسائلها وموظفيها، ولكن التقرير لا يتحدث عن الثورة والأطباء فيها إلا قليلا، من ذلك قوله: نظمت الأمور الصحية بالتدرج من قبل مصالح جيش التحرير بالتنسيق مع وضع شبكة سياسية وعسكرية وإدارية في كل الولايات، وفي سنة
(1) هنا الجزائر 32، فبراير 1955.
1956 كانت مصلحة الصحة للثورة تستطيع معالجة المناضلين في المستشفيات، ومن بين ما أشارت إليه الدراسة هو التقرير الطبي للمؤتمر الذي انعقد في مدينة تيارت سنة 1959، ويبدو أن هناك لبسا في التاريخيين المذكورين (1).
بمناسبة إحياء الذكرى 32 لميلاد العالم الفرنسي (باستور) قامت مجلة هنا الجزائر بتلخيص ما قام به المعهد من أعمال في الجزائر، ولهذه الخلاصة جانب تاريخي نتركه الآن، وأما الجانب العملي فإنه تمثل فيما يلي:
1 -
اكتشاف نقل القمل للأمراض ولا سيما الحمى المزمنة، وإن التيفوس موجود في القملة نفسها، وبداية استعمال غبار د، د، ت لقتل القمل.
2 -
النجاح في علاج مرض السل عن طريق ب. س. ج.
3 -
عرف مرض (القرع) وأسبابه.
4 -
أمراض العين.
5 -
اختراع مصل لعلاج سم العقرب.
6 -
أمراض الإبل من الذباب والماشية، وكذلك مرض بيوض النخلة وتأثير الحشرات والبعوض على النباتات، وعلاج ذلك. وقام معهد باستور بمحاضرات عن حمى المستنقعات (2).
وحول النشاط الطبي أيضا انعقد المؤتمر السابع والعشرون للأطباء العرب في دمشق سنة 1959 وشارك فيه وفد جزائري برئاسة الدكتور علي مرداسي، وقدم الوفد تقريرا عن وضع اللاجئين الجزائريين في المحتشدات وحرمانهم من وسائل الصحة، وفي النهاية أصدر المؤتمر لائحة حول الجزائر طالبت منظمات الصليب الأحمر والهلال الأحمر في العالم بالسعي لوضع حد لمعسكرات الاحتشاد والعمل على احترام ميثاق جنيف لإطلاق سراح الأطباء والصيادلة
(1) الأرشيف الوطني، علبة 31، ص 23 من التقرير العام.
(2)
المقالة موجودة بنصيها العربي والفرنسي في مجلة هنا الجزائر، 32، فبراير 1955، وهما بقلم مدير المعهد إدوارد سيرجان E.Sergent
والممرضين الجزائريين الموقوفين، وإبداء تضامن الأطباء المجتمعين مع الشعب الجزائري، وقد أشادت المجاهد بدور سوريا في مساندة الجزائر ودور الروح العربية والعروبة وسخاء سوريا نحو الجزائر سيما عند انعقاد أسبوع التضامن مع الجزائر (1).
اقترح برنامج الصومام خطة لتنظيم المصالح الصحية تشمل:
- جراحين وأطباء وصيادلة ليكونوا على اتصال بعمال المستشفيات.
- تنظيم العلاج والحصول على الأدوية والضمادات.
- إقامة عيادات في الأرياف للإشراف على معالجة المرضى أو من كانوا في دور النقاهة (2).
في تقرير طويل كتب عن الوضع الصحي في الجزائر خلال الثورة جاء وصف لحالة المستشفيات الريفية التي أقامتها الثورة والحاجة إلى الممرضات والنواحي الإيجابية والسلبية في المنظومة الصحية للثورة، فعندما بدأت الثورة عملية فصل السكان عن الإدارة الاستعمارية في مختلف المجالات بدأ طلب السكان للممرضات والممرضين لأنهم أصبحوا نادرين، كانت الممرضات يعملن في المستشفيات الريفية، وكن يمثلن الاحتياطات في التطبيب، فضاعفن من عملهن بالوسائل المتوفرة مع السكان المدنيين الذين رحبوا بهن كنساء لأن التطبب سابقا كان يقوم به الرجال، لقد لعب ممرضات جيش التحرير دورا حاسما في العمل الصحي، ولا سيما في الأرياف، ونتيجة ذلك النشاط ظهر في مختلف الولايات مشكل إقامة المستشفيات في الأرياف للمدنيين، سيما في الولايتين الثالثة والرابعة.
وهكذا وضعت ميزانية خاصة لدى الجيش للمساعدات الطبية الاجتماعية تخص السكان المدنيين، وبدأت تنظيمات الثورة تدفع أثمان الدواء والإجلاء
(1) المجاهد 45، 29 يونيو 1959.
(2)
النصوص الأساسية لجبهة التحرير الوطني، وزارة الإعلام واليقافة، الجزائر، 1979.
عن المدن أو عن المستشفيات الفرنسية المدنية، وكان على المصلحة الطبية للجيش أن تعيد تنظيم نفسها من جميع الوجوه، فتأتي بالمتطوعين في التمريض والممرضات السابقات والمعاونات التقنيات، والفتيات، والطلبة الذين أضربوا عن الدروس، فكان هؤلاء جميعا يمثلون الإطارات الجديدة في ميدان الطب والتمريض، وهكذا جاء طلبة الطب والأسنان والصيدلة فكانوا هم المؤطرين والمعلمين في نفس الوقت، وتسهيلا لمهمتهم أنشى منصب (مسؤول الصحة في المنطقة)، وأصبح هناك لا مركزية ومواصلات سريعة في حالة الطوارى من نقطة إلى أخرى بعينها، وكان من مهمة مسؤول الصحة نشر وتقديم النصائح الصحية على مستوى جيش التحرير، وفي المجتمع المدني كان كل مسؤول على الدوار أو المجموعة الريفية من السكان أن يطبق النصائح الطبية لجيش التحرير، وكان أكبر نقص عاناه هذا القطاع هو النقص في المواد الطبية نظرا لحالة الحرب، مثلا هناك فقر في سيارات الإسعاف أو المروحيات لإجلاء مستشفيات تقع في عمق الريف حيث من الصعب ممارسة العمليات الجراحية المستعجلة، بحيث لا توجد إلا الوسائل البدائية (1).
وتشير بعض المصادر إلى وجود مستشفيات ودور نقاهة لجيش التحرير خارج الحدود الجزائرية أيضا، فقد روى الشيخ أحمد توفيق المدني أنه كان للجبهة مستشفى في العرائش (المغرب)، وأنه زار المستشفى شخصيا عندما كان وزيرا للثقافة، كما زار دار النقاهة المخصصة لمرضى جيش التحرير بطنجة، وقال إنه كان حول الدار سبعة عشر هكتارا من الأشجار الباسقة (2).
وقد تطوع بعض الطلبة الذين كانوا يدرسون الطب وجعلوا أنفسهم تحت تصرف النظام، فهناك رسالة بعث بها علي بسطة الذي كان طالبا في الطب في
(1) الأرشيف الوطني علبة 31، ص 24.
(2)
المدني، حياة كفاح، ج 3، ص 417، حدثت زيارته في مارس 1959.
جامعة باريس أعلن فيها وضع نفسه تحت تصرف جبهة التحرير (1).
وقد انعقد مؤتمر طبي في المغرب المستقل سنة 1959، ولعله هو الأول من نوعه، حضره أطباء من مختلف أقطار المغرب العربي وافتتحه الملك محمد الخامس، ولا ندري من مثل الجزائر فيه، ولكن يبدو أن الأطباء الجزائريين أخذوا منه درسا في التعامل مستقبلا، وهذه الفكرة طرحتها جريدة المجاهد التي نقلت أخبار المؤتمر.
كما انعقد في تونس قريبا من ذلك التاريخ مؤتمر مغاربي خاص بأطباء العيون حضره الدكتور شوقي مصطفاي الذي خطب في جلسة الاختتام، وقال إنه يحمل إلى الأطباء تحيات زملائهم أطباء الجزائر عامة وأطباء العيون خاصة. ولا ندري أيضا هل كان في الوفد الجزائري أعضاء آخرون ومن هم.
وهكذا كانت الجزائر حاضرة في الميدان الصحي في داخل الولايات وحاضرة في المؤتمرات والندوات التي تتعلق بالطب على المستوى الخارجي (2).
(1) الأرشيف الوطني، 1 - 20 - رمز 2، والرسالة بتاريخ 1956 ولكن دون ذكر الشهر.
(2)
المجاهد - بالفرنسية - 42، 25 مايو 1959.