الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتب محمد الصالح الصديق بعض القصص من المجموعة منها امرأة من آيت خلفون، وهي امرأة تنتزع الحب والعطف لبطولتها، فهي أم فدائية التحقت بزوجها في الجبل وأما قصة الساعة الخامسة فتجعلك تؤمن بأن للثورة إرادة لا تهزم أبدا وأن الاستعمار لا يمكنه أن يحمي الخونة إذا قررت الثورة تصفيتهم في ساعة محددة (الساعة الخامسة) ولو اختبأ الخائن منهم وراء قضبان السجن الفرنسي.
أما المسعودي فقد استعمل طريقة المونولوج الداخلي في قصة مليكة ورسم له أدق الظلال، وفي بعض القصص تبدو المشاهد قاسية حيث تقتل الأخت أخاها الخائن لأنها تفضل الشعب والوطن عليه، وتضم المجموعة إحدى عشرة قصة، سبعة منها كتبها الصديق وأربعة كتبها المسعودي (1).
عبد الحميد بن هدوقة
عبد الحميد بن هدوقة أحد أبرز كتاب القصة والرواية في عهد الثورة وما بعده، بدأ نشاطه في مسقط رأسه (المنصورة) حيث ولد سنة 1929 ثم انتقل إلى قسنطينة فدرس في معهد الكتانية التابع للطريقة الحملاوية (الرحمانية)، وبذلك يكون قد نشأ نشأة ريفية صافية، وهو ابن الهضاب العليا الطيبة بهوائها وجمالها واتساعها، وقد سجل أحداث تلك المنطقة في أدبه فكان أدبه أدبا أصيلا .. سافر إلى فرنسا وأقام في مرسيليا فترة عندما كان عمره سبع عشر سنة. فتأثر بالبيئة الفرنسية عن قرب وعاشر المهاجرين الجزائريين وشاركهم معاناتهم قبل الثورة، وقد بقي في مرسيليا إلى سنة 1949 بحيث قضى سنوات الحرب هناك، ولعله اختزن من تلك الفترة آثار سقوط النظام الفرنسي وحكم فيشي
(1) ط، طرابلس، المطبعة الحكومية، 1957، وجدت على غلاف النسخة التي عندي أن الشيخ م، ص، الصديق قد أهداني إياها في 21 أوت 1960، ولكن المكان غير مذكور، وهو قد يكون تونس حيث حضرت انعقاد المؤتمر الرابع لاتحاد الطلبة، أو طرابلس حيث كان الشيخ الصديق يعمل في مكتب الجبهة.
واحتلال الألمان لباريس، وقارن ذلك بما كان يجري في بلاده على يد الاستعماريين .. وبعد رجوعه إلى الجزائر التحق بالكتانية حيث بقي عاما، قبل أن يلتحق بجامع الزيتونة بتونس، هذه التحركات التي قام بها بين البلدان الثلاثة ما زلنا لا نعرف دوافعها، فهل هي دوافع مادية أو تعليمية أو هي مجرد صدفة ومغامرة؟
بقي ابن هدوقة أربع سنوات في تونس حيث درس الأدب والفنون الدرامية في المعهد الخاص بذلك، وربما كان في هذه الأثناء عضوا في حزب الشعب. وعلى كل حال فقد ترأس جمعية الطلبة الجزائريين في تونس، ثم رجع إلى الجزائر عام الثورة وفي قسنطينة قام بتدريس الأدب في المعهد الكتاني، ولما كان عضوا في الحركة النضالية فقد أحس بيد الاستعمار تتبعه، فسافر إلى فرنسا من جديد في نوفمبر 1954، واهتم فيها بالأدب والإنتاج الدرامي، فأخذ يكتب المسرحيات التي كانت تذاع في المحطات المتوفرة التي ربما منها الإذاعة الفرنسية بالعربية، ويقال إنه عمل مخرجا في هذه الإذاعة أيضا، وفي سنة 1958 التحق بتونس من جديد وتفرغ للأدب وكتب تمثيليات عديدة وعمل في الإذاعة التونسية.
ومن نتائج عمله في هذه الأثناء كتابة المجموعة القصصية (الكاتب وقصص أخرى) التي عبر فيها عن معاناته، وبعد الاستقلال رجع إلى الجزائر واشتغل في الإذاعة الوطنية، وتابع العمل الأدبي فصدرت له المجموعات القصصية التالية: ظلال جزائرية، والأشعة السبعة، وأهم أعماله الروائية: ريح الجنوب، ونهاية الأمس، وبان الصبح، وظهر له في الشعر (الأرواح الشاغرة) التي تذكرنا بكتابات جبران والتي تحتوي على الشعر المنثور.
وله في النثر (الجزائر بين الأمس واليوم)، ومن الملاحظ أن ما صدر له في عهد الثورة هو مجموعاته القصصية، أما رواياته فقد صدرت بعد الاستقلال، ولذلك فهي خارج موضوعنا هنا (1).
(1) أحمد دوغان، شخصيات من الأدب الجزائري .. م، و، ك، الجزائر، 1989، ص 118 =
ويذكر الجابري أن ابن هدوقة نشر في تونس بعض المقالات والقصص. فمن قصصه: هبهاب الكذاب في أربع حلقات في مجلة الإذاعة التونسية ابتداء من مايو 1959، كما نشر في نفس المجلة: بائع التذاكر، وزيتونه الحب، والضفدع والثعبان، ولن أبني للخراب، من 30 مايو، 1959 إلى 2 أكتوبر 1961 - كما نشر مقالات في جريدة الصباح (1).
إن حياة عبد الحميد بن هدوقة حياة أديب قضى عمره في البحث عن وسيلة يثبت بها هوية الجزائر، وقد وجدها في الأدب عامة والقصة والرواية خاصة، ولا ننسى أن ابن هدوقة شارك في الحياة الثقافية بتوجيه الإنتاج الأدبي، بما فيه الإذاعي، وتولى عدة مسؤوليات، منها مدير الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، وربما كان مسؤولا على فرز الإنتاج الإذاعي والتلفزيوني بعض الوقت، ويبدو أنه كان يعاني من أمراض عديدة، ولكنه كان مثل أبو العيد دودو، يعمل في صمت إلى أن رحل كل منهما في صمت أيضا، وأشهد أنني تعرفت عليه في تونس أيام الطلب وكنا ننتمي إلى جمعية الطلبة، ولكننا لم نحتلط كثيرا، ثم عرفته عن كثب بعد الاستقلال مسؤولا وكاتبا، فكان نعم الإنسان والأديب.
بقي أن نقول عن القصة والقصاصين إن تونس كانت المشتلة التي أنبتت شجيرات هذا النوع الأدبي الجميل، وهو القصة .. بدأ بعض الأدباء الجزائريين حياتهم فيها وواصلوها حتى بلغوا شأوا عظيما في القصة والرواية مثل وطار وابن هدوقة ورشيد بوجدرة، وبعضهم بدأ هذه الحرفة النبيلة ثم مال عنها إلى
= - 120، بعض المعلومات عن حياة ابن هدوقة ما تزال غير دقيقة: ففي مصدر آخر أنه ولد 1925، ودرس العربية على والده والفرنسية في المدرسة الابتدائية الفرنسية وأنه درس في الكتانية أولا، ثم في سنة 1949 سافر إلى مرسيليا ونال شهادة الإخراج الإذاعي هناك، وأن أول عمل أدبي له هو (حامل الأزهار) - وهو عمل شعري صدر سنة 1952، أين؟ وقد توفي 12 أكتوبر 1996، راجع الشروق اليومي، 22 نوفمبر 2004.
(1)
الجابري: النشاط العلمي ص 369 - 370.