الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بالحق يا جبهة التحرير نعتصم
…
وبالجنود التي غصت بها القمم
سيري إلى النصر واجتاحي عواقبه
…
فقد رنا لك كالعشاق يبتسم
كما أرسل إلي بعض القطع المكتوبة بقلم مغاير، وتاريخها جميعا هو جوان / يونيو، 1957 (1).
عمل خمار خلال دراسته في سورية في مصالح الثورة، كما كان نشيطا في الحركة الطلابية.
وبعد الاستقلال رجع إلى الجزائر وعمل في وزارة الشبيبة، كما عمل في مجلة (ألوان) التي كانت تصدرها وزارة الثقافة، وترأس اتحاد الكتاب الجزائريين، وشارك في عدة مؤتمرات أدبية وثقافية، وطنية وعربية، وقد نشر عدة دواوين منها ربيعي الجريح، وألوان من الجزائر، وظلال وأصداء، وأوراق، والحرف الضوء، وله غير هذه الأعمال، وهو ينظم الشعر العمودي والشعر الحر، ويتميز شعره بالطابع الرومانسي، وهو متمكن من اللغة والقدرة على تصريف إبداعاته الشعرية الأصيلة (2).
وقد كتب خمار رسالة ذات فائدة خاصة إلى صاحب كتاب الثورة في الأدب الجزائري صالح مؤيد سنة 1963، كما مكنه من بعض قصائده في الثورة، منها من وحي الذكرى وهي عن جميلة بوحيرد وأخواتها، والموتورة، ونهاية الصنم، وقد تطور شعره مع الأيام، وفيه نظرات عميقة في الناس والحياة، ولا غرابة في ذلك فقد ذكرنا أن خمار قد درس الفلسفة وعلم النفس.
محمد العيد آل خليفة
ترجمنا لحياة محمد العيد في كتابنا عنه (انظر سابقا) ثم كتبنا عما وصلنا من أخباره وأشعاره أثناء الثورة، فقد اختفت أخباره عن الساحة الأدبية منذ
(1) المراسلة في أوراقي، دمشق، 1957.
(2)
محمد ناصر، الشعر الجزائري الحديث، ص 674، والسائحي، روحي لكم
…
1955 لأنه أصبح تحت الإقامة الجبرية في بسكرة بعد أن ألقي عليه القبض وسيق إلى حيث يعدم، لولا تدخل من جهة ما زلنا نجهلها، وربما هي الزاوية التجانية (1)، ومع ذلك وجدنا له قصيدة في تهنئة السودان باستقلاله منشورة في البصائر سنة 1956، فهل كان ينظم الشعر رغم الإقامة الجبرية؟
ويبدو أن محمد العيد لم يكتب شعرا كثيرا أثناء إقامته الجبرية، وعلى كل حال فهو لم ينشر شعرا أثناء هذه الإقامة التي نجهل حتى الآن متى بدأت، ولم يهرب قصائده الثورية إلى الخارج، كما فعل مثلا مفدي زكرياء، وهناك من يقول إنه قد نظم (ملحمة الثورة) أثناء اعتقاله ولكنه لم ينشرها إلا بعد الاستقلال، وهي الملحمة التي نشرتها مجلة (المعرفة) في سنواتها الأولى على حلقات.
نشرت جريدة البصائر في العاشر من يونيو (جوان) 1955، خبرا مفاده أن (أمير شعراء الجزائر التقي الورع الشيخ محمد العيد) قد قبض عليه في عين مليلة، ومع هذا الخبر صورة تذكارية للشاعر وهو يلقي إحدى قصائده وخلفه صورة لابن باديس، ولكن الصورة نشرت بعيدة عن الخبر.
وحسب البصائر فإن هناك تهمة ملفقة وجهت إلى الشاعر (سداها النذالة ولحمتها الخسة)، وزج به في السجن رهن التحقيق، و (قد ضجت البلاد الجزائرية كلها من هذا الحادث المؤلم .. وقام مكتب جمعية العلماء فورا بواجبه حيال هذا العدوان الصارخ .. واحتج .. وطالب بالإفراج على الشاعر الإسلامي العظيم
…
) وأشارت إلى أن عددا من النواب والشيوخ (لعلها تقصد شيخ النواب) والشخصيات الإسلامية وبعض العقلاء من رجال الإدارة العليا طالبوا بغاية الإلحاح بسراح الشاعر.
تعرضنا إلى حياة محمد العيد في أكثر من مكان من كتبنا، فمن أراد أن يرجع إليها فليفعل، أما هنا فيهمنا شعره روما طرأ على حياته خلال الثورة. هنأ
(1) انظر سابقا.
محمد العيد المغرب بعودة السلطان ظافرا وبالوعد بالاستقلال، ونشر قصيدته الجميلة في البصائر سنة 1955، وهي التي مطلعها:
أطل البدر وضاح الجبين
…
فعم الأفق بالنور المبين
وعاد إلى مطالعه مشعا
…
كأن لم ينأ عتها منذ حين
فقل لقوافل الأحزاب سيري
…
على إشعاعه وبه استعيني
وقل للمغرب الأقصى هنيئا
…
لقد شرفت بالعلق الثمين
بدا استقلالك الموعود فاحمل
…
وظائفه وخذها باليمين
كما عرفنا أنه نشر قصيدة نجهل موضوعها في يناير 1955 أي بعد شهرين فقط من انطلاق الثورة دون أن نعرف موضوعها (1).
وأثناء إقامته الجبرية في بسكرة نظم قصيدتين غير منشورتين إلا في ديوانه بعد الاستقلال، وفيهما قليل من السياسة وكثير من المناجاة الحزينة والشكوى من حاله، مع الأمل الذي لا يفارقه في حصول بلاده على حريتها، الأولى مناجاة الطائر أبي بشير والثانية مناجاة جبل أبي منقوش، وقد نظم هذه في سنة 1959، أما الأولى التي لا نعرف لها تاريخا فقد توقع فيها قرب إطلاق سراحه وتحرير الشعب رغم الضحايا والشهداء:
جزمت بقرب إطلاق الأسير
…
غداة سمعت صوت (أبي بشير)
أناجيه بآمالي وحالي
…
وأستفتيه عن شعبي الكسير
كما ناجى الأمير أبو فراس
…
حمامته بشعر مستثير
فقال لقد أتيتك من بعيد
…
فاصغ إلي وأرو عن خبير
كما أصغى سليمان قديما
…
إلى أنباء هدهده الصغير
سيحمد شعبك العقبى قريبا
…
ويحرز نصره بيد القدير
ويشهد بعث دولته فيرض
…
ويحظى بالهلالي المنير
(1) الجابري، النشاط العلمي
…
يقول الجابري إن القصيدة منشورة في مجلة الندوة التونسية.
فليس لأمة بالحق ثارت
…
مصير غير تقرير المصير
والقصيدة بدون تاريخ ولكن يبدو أنها نظمت في الأيام الأخيرة للثورة، وهي منشورة في الديوان.
ومهما كان الأمر فإنه أثناء الإقامة الجبرية سمع الشاعر صوت طائر يدعى (أبا البشير) فناجاه الشاعر وطارحه أحواله على غرار ما فعل أبو فراس الحمداني مع حمامته، وتوقع الشاعر قرب إطلاق سراحه تفاؤلا بصوت هذا الطائر الذي يتفاءل به المتفائلون كما تفاءل بقرب انتصار الثورة وتحرير الشعب الجزائري كله، رغم الضحايا والشهداء، وقد قارن الشاعر أبا البشير بالهدهد وتخيل نفسه سليمان، ورغم ما فيها من مقارنات وإشارات تاريخية وتفاؤل ورقة في التعبير فإنها دون شعر محمد العيد الإصلاحي، فما بالك بالشعر الثوري، فقد اكتفى فيها بالرموز والكنايات واللغة البسيطة (1).
ولكن هل نشر محمد العيد بعض القصائد السياسية وهو في الإقامة الجبرية؟ يبدو ذلك، فإذا كان قد دخل الإقامة الجبرية في سنة 1955 فإن قصيدته في تهنئة السودان بالاستقلال تكون قد نظمت وهو في بسكرة سنة 1956، ولم يفته التبشير فيها بحرية الجزائر واستقلالها، ومما جاء فيها بالخصوص:
فوز سرت بحديثه الركبان
…
فالشرق مغتبط به جذلان
ما أسعد السودان باستقلاله
…
فاليوم يرفع رأسه السودان
من مبلغ السودان عنا أننا
…
شيع له بشعورنا خلان
نتبادل القبلات باستقلاله
…
فرحا وإن طافت بها الأحزان
متسائلين عن الجزائر هل دنا
…
تحريرها أم حظها الحرمان
(1) القصيدة في الديوان، وفي صلاح مؤيد، الثورة في الأدب الجزائري، مرجع سابق، وقد خصها عبد الملك مرتاض بفصل من كتابه، أدب المقاومة في الحركة الوطنية، 2004، انظر أيضا محمد ناصر، الشعر الجزائري الحديث، ص 666.