الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بأنها تمتاز بالوضوح والتفاصيل والجمع والتنسيق وهو يعتقد بأنه لم يسبق إليه فيما ألف الباحثون في تاريخ الجزائر (1).
والخلاصة أن الجيلالي كتب فعلا تاريخا للجزائر، وأن منهجه فيه وصفي تاريخي، وقد سار فيه حسب الدول، وأسلوبه فيه واضح وحكيم، ولكن مبرراته غير مقنعة أحيانا، وقد سبقه غيره مثل الميلي والمدني ومحمد بن الأمير عبد القادر، والأخير غطى تاريخ الجزائر في (تحفة الزائر) ولكن باختصار، والمدني كذلك في (كتاب الجزائر)، ووصل الميلي في (تاريخ الجزائر) أيضا إلى العهد العثماني، فما الذي يميز كتاب الجيلالي عن هؤلاء؟ ولماذا لم يبدأ من حيث انتهى بعضهم؟ والحق أن كتاب الجيلالي بعد أن انتهى من أجزائه وتوسع فيه قد تفوق على ما سبقه، ولكنه تضخم في عهد الاستعمار بينما بقي نحيفا بالنسبة للعهود الأخرى، فاختل توازنه بعض الشيء لأنه كتب على مراحل وحسب ظروف سياسية ووطنية متقلبة وليس بناء على مخطط علمي دقيق وصارم منذ البداية.
الأمير عبد القادر رائد الكفاح الجزائري
ظهرت الطبعة الأولى لكتاب الأمير عبد القادر ليحيى بوعزيز في تونس سنة 1957، وكان بوعزيز آنذاك طالبا بها، وقد ظهر ميله إلى التاريخ وانتماؤه الوطني بهذا العمل المبكر، الذي جاء وسط المعمعة ليسد فراغا كانت الثورة في حاجة إلى ملئه من باب الدعاية لها والتعريف بشخصية وبطولة الأمير التي كانت عنوانا لبطولة الجزائر، وبالفعل أدى الكتاب دوره المتوقع منه رغم خطابيته وعدم إحاطته بالموضوع، وعند طبعه للمرة الثانية غداة الاستقلال عدل فيه مؤلفه بما رآه صالحا بعد حوالي سبع سنوات من صدوره، أهدى بوعزيز كتابه إلى روح الأمير الذي كافح الفرنسيين سبع عشرة سنة، وإلى الشعب الجزائري
(1) المنار 45، 10 يوليو 1953.
حفيد الأمير عبد القادر المكافح في سبيل العزة والحرية والإخاء والمساواة والسلام
…
وفي مقدمة الطبعة الثانية أيضا ذكر بوعزيز أن الكتاب يمثل دراسة مبسطة لحياة هذا البطل وكفاحه وأحداثه التاريخية
…
قائلا إنه أدخل عليه بعض التعديل وحذف منه ما رآه غير لازم، ولم يسعه الوقت حتى في الطبعة الثانية للتوسع والمزيد (1).
لقد كتب بوعزيز الكتاب بمناسبة الذكرى السادسة والسبعين لوفاة الأمير وذكرى ميلاده السادسة والخمسين بعد المائة، وذكرى مبايعته بالإمارة، ووصف الكتاب بأنه جهد متواضع وعرض موجز لتاريخ الأمير الحربي وسيرته القلمية، كما أنه محاولة لعرض حياته في مختلف مراحلها وأطوارها، وقد شبهه في القيادة والقدرة السياسية بشخصية جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده، لكنه اختلف عئهما في أنه قام بالكفاح المسلح، وهو ما لم يفعله الشيخان، واعتبر الأمير من أبطال التاريخ وعظماء الرجال وقادة الفكر، واعترف أن دراسته عنه لم يتوفر لها الوقت الكافي لكي تنضج إذ أنه أعدها في حوالي عشرين يوما فقط! وكان دافعه إلى التأليف في هذا المجال هو إهمال الدارسين لشخصية الأمير (أبو الثورات التحريرية الجزائرية) ومنها ثورة أول نوفمبر 1954 التي تعتبر امتدادا لثورته المسلحة، لأن الشعب هو الذي واصلها، وهو عاقد العزم على التخلص من الاستعمار (ص 11)، ويعود الفضل للأمير في وضع أول دستور لدولة حديثة دامت سبعة عشر عاما، وهي دولة لم يعرف التاريخ العربي الحديث مثلها.
قلنا إن إعداد الدراسة قد تصادف مع إحياء ذكرى وفاة الأمير، كان ذلك على يد جمعية الطلبة الجزائريين التي أحيت الذكرى بالمسرح البلدي في تونس، في مارس 1957 وقد حضرت هذه المناسبة شخصيات من جبهة التحرير والعالم العربي، والأمير هو صاحب المقولة (وغايتي القصرى اتحاد الملة المحمدية)
(1) ط، الجزائر الثانية، 1964، ص 9.