الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأعرف أن خالي الحفناوي هالي والشيخ الطاهر التليلي حاولا إشراك ابنيهما في البعثات باعتبارهما من معلمي الجمعية ولكنهما لم ينجحا لقيام الثورة وتوقف البعثات إلى المشرق من جهة ولوقوع مشاكل بين الطلبة والمشرفين عليهم في المشرق أدت إلى فصل بعض الطلبة من جهة أخرى، وقد أحدث فصل بعض الطلبة من البعثة ضجة في أوساط الجمعية والعائلات بالجزائر بينما كان الشيخ الإبراهيمي في المشرق وقد حالت ظروف الثورة دون التواصل الواضح بهذا الشأن، ومهما كان الأمر فإن الطلبة الذين فصلوا قد نشرت أسماؤهم في جريدة البصائر وعددهم عشرة، من مصر والكويت والعراق (1).
ومهما يكن من أمر فإننا إذا عدنا إلى أوليات النشاط الطلابي نجده يتمثل في طلبة سوريا والكويت، ثم تأتي القاهرة، والعراق والسعودية، والمعروف أن جمعية العلماء أخذت في إرسال البعثات إلى المشرق العربي منذ فاتح الخمسينات، وقد التحق الشيخ الإبراهيمي نفسه بالمشرق في فاتح 1952، وكانت البعثات بين عشرة طلاب وأكثر أو أقل إلى كل العواصم العربية (بغداد، دمشق، القاهرة، الكويت
…
) (2)
اللغة العربية
رغم أن قانون (دستور) الجزائر سنة 1947 قد نص على ترسيم اللغة العربية فإن تطبيقه ظل حبرا على ورق، وكانت الأحزاب والجمعيات تطالب بتطبيقه واحترام اللغة العربية في المدارس الحرة والاعتراف بشهادات الخريجين من جامع الزيتونة والقرويين والأزهر الشريف وغيرها من المعاهد
(1) انظر أزمة جمعية العلماء في كتابنا أبحاث وآراء في تاريخ الجزائر، ج 2، وكذلك البصائر، عدد سبتمبر أو أول أكتوبر 1954، وهو العدد الذي كتب فيه الشيخ الإبراهيمي تبريرا لفصل المجموعة، والعدد الذي اطلعنا عليه مبتور.
(2)
رابح تركي، البصائر 262، 12 مارس 1954، والأصالة 8، 5 يونيو، 1972.
الإسلامية، وقد ذكر فرحات عباس أن البيان الذي صاغه سنة 1943 جعل الاعتراف باللغة (العربية لغة رسمية كالفرنسية من المطالب الأساسية، كما طالب البيان بالتعليم المجاني والإجباري لجميع الأطفال (1).
واتهم بعض الكتاب فرنسا بالتناقض في موقفها من العربية، فقال إن فرنسا تدافع عن التعليم والثقافة في منظمة اليونسكو ولكنها تضطهد اللغة العربية ومدارسها وثقافتها في الجزائر، كما اتهمها بمحاربة الدين الإسلامي واللغة العربية (اللغة القومية) مع أن المدارس الحرة لا تطلب من فرنسا سوى رفع يدها وترك الشعب يتعلم لغته كما يريد، ومن الإجحاف في نظره أن يطالب الجزائري بالاستظهار بالرخصة حسب قانون 1938 ولكنه عندما يتقدم لطلبها يؤجل الجواب إلى ما بعد تقارير الشرطة، كما أن فرنسا لا تعترف بالشهادات العلمية الصادرة من المعاهد الإسلامية (2).
وتحت عنوان (واجبنا نحو لغة الضاد) تحدث نفس الكاتب (المطالع) عن الجهود التي تبذلها باكستان نحو اللغة العربية بينما هي مضطهدة في الجزائر، كما لاحظ أن التعلم باللغة العربية يتراجع في الأوساط الموسرة التي تقبل بدلا منها على تعلم اللغة الفرنسية، أما الطبقات الفقيرة فلها عذرها في عدم إرسال أبنائها إلى المدارس العربية التي لا مجانية فيها، في الوقت الحاضر، وقد عزا الكاتب ذلك إلى كون السلطة الفرنسية قد وضعت يدها على شؤون البلاد (يقصد الأوقاف التي كانت تمول التعليم).
وقد استمر الكاتب في التعليق على موقف الطبقة الغنية والطبقة الفقيرة من التعليم بالعربية، فاتهم الطبقة الأولى التي سماها المستنيرة بالاعتزاز باللغة الفرنسية على حساب العربية رغم أن أبرز ما يتميز به الفرنسيون هو الاعتزاز بلغتهم القومية، ومن رأيه أن نشر اللغة العربية يتوقف على عاملين: الأول
(1) فرحات عباس، ليل الاستعمار، ص 170.
(2)
المنار 1، 11 أبريل، 1952.
الإكثار من المدارس الحرة، والثاني الإكثار من الصحافة العربية وتنشيط حركة التأليف وتهذيب لغة المسرح وتعريب لغة المجالس والمسامرات في النوادي الأدبية والسياسية وبث روح الاعتزاز باللغة العربية وتنظيم حملة واسعة لمكافحة الأمية بها، وهي اقتراحات في جوهرها بناءة وواقعية وتدل على أن (المطالع) رجل ذو خبرة واسعة بأوضاع الجزائر (1).
وقد كتب الشيخ علي مرحوم عما أسماه (محنة العربية) في الجزائر، والمقالة كتبها في البصائر وتعرض فيها لحال معلمي ومتعلمي اللغة العربية أمام محاولات الفرنسيين منع تدريسها وتعلمها، ودور المعلمين في المدارس الفرنسية الذين اتهمهم بالعمل على منع التلاميذ من تعلم العربية في مدارس جمعية العلماء ناقلا عن بعضهم قوله:(يجب ألا يوجد في الجزائر سوى لغة واحدة وشريعة واحدة،) وفسر الشيخ مرحوم ذلك بأنه يعني القضاء نهائيا على العربية والإسلام، واتهم أولئك المعلمين بالمكر والتعصب واعتبر موقفهم حربا معلنة، ودليله في ذلك اضطهاد مدارس جمعية العلماء (2).
وفي هذا النطاق أعلنت جريدة المنار من أول عدد شعارها الوطني والقومي، وهو الشعار الذي يذكرنا بشعار الحركة الإصلاحية:(الإسلام ديننا، العربية لغتنا، الجزائر وطننا)، لم تذكر المنار من هو صاحب الأبيات الثلاثة التي ازينت بها، وعنوان الأبيات هو (لمن تعيش؟) والجواب:
عش للجزائر كوكبا
…
يجلي الدياجي نيرا
عش للعروبة صارما
…
يحمي حماها مشهرا
ولتغد للإسلام
…
حجته إذا اشتد المرا (3).
والغريب في هذا المجال هو أن أحد أعمدة المسرح منذ العشرينات من
(1) المنار، 25 أبريل، 1952.
(2)
البصائر، عدد 306.
(3)
المنار، 29 مارس، 1951.