الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أما عن طلبة تونس بالذات، فإلى جانب مسألة الفقر هناك الناجحون الذين لا يحصلون إلا على درجة (القريب من الحسن)، وبعض الطلبة لا ينالون الباكلوريا، وليس للطالب في تونس سكن يسمح له بالدراسة والتفوق، وتمنى الوزير لطلبة تونس التوجه أيضا نحو الشعب العصرية الخاصة حتى يمكنهم دخول الجامعات فيما بعد.
وحول سؤال عن توجيه الطلبة إلى الصين للدراسة العلمية والتجربة الثورية أجاب الشيخ بأنه تناول ذلك مع سفير الصين بالقاهرة، وأن للحكومة الآن وفد في الصين سيتذاكر مع حكومتها حول الموضوع، وقال إنه يجب الاستفادة من تجربة الصين الاقتصادية والصناعية والعلمية (وكذلك غير الصين)، ولاحظ أنه يتمنى أن يرى خريجي الجزائر في مختلف جامعات العالم لأن ذلك أكثر فائدة للبلاد، ولكنه لاحظ أن الأولوية لتوفير السلاح للثورة، وأنه تمكن من حل مشاكل الطلبة في تونس (المطعم والسكن، وسد الضرورات)(1).
ملاحظات على التعليم والجبهة
كان على الثورة أن تعمل على جبهتين جبهة التحرير وجبهة التعليم، وكان الطلبة قد خرجوا من الجزائر، بعد أن جف فيها معين العلم، إلى مختلف الاتجاهات، فمنهم من قصد تونس والمغرب، ومنهم من قصد المشرق العربي، ومنهم من قصد أوروبا وأمريكا، وهناك التحاق فردي بالمؤسسات التعليمية وبعثات منظمة أشرفت عليها مثلا جمعية العلماء قبيل الثورة وفي عهدها الأول، وهناك منح كانت تمنح من قبل بعض الدول أو المنظمات الدولية للطلبة الجزائريين إما لأنهم في حالة تشرذم بعد إضرابهم الشهير عن التعليم سنة 1956، وإما لأسباب ايديولوجية، وإما لأن بعض الدول شعرت أن الجزائر في طريقها إلى الاستقلال وعليها أن تأخذ مكانا لها في هذا البلد الواعد بكل خير.
(1) المجاهد، 33، 8 ديسمبر 1958.
لذلك تكاثر عدد الطلبة الجزائريين في الخارج بالتدرج أثناء الثورة وتعددت تخصصاتهم، فكان المشرق العربي مثلا لتكوين المدرسين في اللغة العربية والثقافة الإسلامية في معظم الحالات، وكانت أوروبا لإعداد إطارات في مختلف العلوم والتكنولوجيا.
وهناك ملاحظات نريد أن نبديها هنا قبل الدخول في التفاصيل وهي أن تشتت الطلبة الجزائريين جعلهم يلتحقون بالمعاهد العلمية في المشرق وفي أوروبا على أساس العطف والاستثناء وليس على أساس الكفاءة والدراسة المنتظمة، ولولا ذكاء الطالب الجزائري الفطري وحماسه للعلم المفقود في بلاده ولولا روح الثورة والطموح الوطني والشخصي لما نجح منهم إلا عدد ضئيل في الجامعات والمعاهد التي التحقوا بها.
وتثبت الأرقام التي سنوردها أن عدد البلدان المستقبلة للطلبة الجزائريين كان يزداد مع الأيام وكذلك عدد الطلبة الدارسين، وهناك إحصاءات نعتبرها رسمية لأنها صادرة عن مؤسسة عامة للثورة هي وزارة الثقافة عندئذ، وهناك إحصاءات صادرة عن جهات أخرى كالجرائد والمجلات والأفراد نستعين بها أو نذكرها للتأكيد وتقديم وجهة نظر مخالفة أو مصححة، وليس لدينا إحصاء شمل كل سنوات الثورة لنستدل به على عنايتها بهذا الموضوع، فقد يكون هناك إحصاء من سنة كذا إلى سنة كذا وإحصاء آخر لا يشمل إلا المرحلة النهائية للثورة (1).
رسم وزير التربية الجديد بعد الاستقلال صورة متشائمة لحالة التربية والتعليم في فاتح سنة 1962 - 1963، وهي السنة التي بدأت فيها الجزائر تمارس سيادتها على مؤسساتها التعليمية، فمن ناحية هناك تعليم كان في خدمة الاستعمار سواء في شكله العام أو في شكله التقني، فهو تعليم لا يخرج من
(1) انظر فقرة التعليم في إحصاءات جبهة التحرير، وحديث وزير الثقافة أحمد توفيق المدني، سابقا.