الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دعا التاريخ ليلك فاستجابا
…
(نوفمبر)، هل وفيت لنا النصابا
ويقول خرفي في ديوانه أطلس المعجزات:
بايعت من بين الشهور نوفمبرا
…
ورفعت منه لصوت شعبي منبرا
ومن الشعراء الذين التزموا بالثورة منذ انطلاقتها وأشادوا بالمجاهدين عبد السلام حبيب وصالح باوية وأحمد معاش وبلقاسم خمار وسعد الله الذي قال في استقبال نوفمبر:
كان حلما واختمار
كان لحنا في السنين
أن نرى الأرض تثور
وقد نشر سعد الله أيضا نشيد (بربروس) في مجموعته (النصر للجزائر) الصادرة سنة 1957 بالقاهرة، وتوقع له نفس مصير الباستيل.
ولمعاش قصيدة في معركة (تارشوين) جاء فيها:
خلدي المجد واحفظي الشهداء
…
واذكري النار والردى والدماء (1)
محمد الصالح باوية
ولد في بلدة المغير، ولاية الوادي، سنة 1930، وبعد حفظ القرآن والدراسة الابتدائية في مسقط رأسه توجه إلى معهد عبد الحميد بن باديس بقسنطينة حيث حصل على الشهادة الأهلية 1952، ومنه انتقل للدراسة في جامع الزيتونة بعض الوقت، ثم توجه في بعثة جمعية العلماء إلى الدراسة في الكويت حيث قضى أربع سنوات وتحصل على الثانوية سنة 1957 في العلوم، وفي السنة الموالية التحق بكلية العلوم في سورية. وبعد حصوله على الليسانس ذهب
(1) أنيسة بركات، محاضرات ودراسات
…
ص 69 - 70، انظر كذلك سعد الله، النصر للجزائر، القاهرة، 1957.
للدراسة في يوغسلافيا حيث التحق بجامعة بلغراد ودرس الطب وحصل على الدكتوراه 1968، وارتبط بسيدة يوغسلافية، وكان باوية ينشط ضمن اتحاد الطلبة وجبهة التحرير طيلة مرحلة الدراسة في الكويت وسورية ويوغلافيا، وفي الجزائر درس الجراحة ودخل عضوا في اتحاد الكتاب، وقد مارس طب العظام في مستشفى الدويرة ثم البليدة وانفصل عن السيدة اليوغسلافية التي أنجب منها بنتين، وتزوج من جزائرية، وقد عاش محنة الجزائر في التسعينات من القرن الماضي فاختطف ولم يعرف مصيره، وله ديوان بعنوان (أغنيات نضالية) قدمه له صديقنا الدكتور محمود الربيعي، 1971، ومنه قصائد ثورية.
في سنة 1957 كنت في القاهرة أعد مادة بحثي عن الشعر الجزائري الحديث فاستكتبت عددا من الشعراء ومنهم الشباب الذين عرفت أو سمعت أنهم كتبوا شعرا عن الثورة، وكان باوية من الذين راسلتهم، فأرسل إلي الرد من سورية بتاريخ 8 أوت 1957، وقد تضمنت أسئلتي الموجهة له ولغيره هذه النقاط:
متى بدأ قول الشعر، ما منابع شعره، رأيه في الشعر الحديث، موضوعات شعره، إحساسه نحو الجزائر.
وفي رده على هذه النقاط أورد باوية سيرته ونماذج من شعره الثوري. ومن هذا الشعر ما هو قومي عربي مثل قصيدته (أتحدى
…
) التي قالها في معركة قناة السويس، وقد شجب فيها مواقف بعض القادة العرب مثل نوري السعيد وكميل شمعون، وهي قصيدة طويلة متنوعة القافية، كما أن له قصيدة قومية أخرى وهي عن فلسطين والقضية العربية عامة وهي من الشعر الحر وعنوانها (الصدى - إلى طفلة
…
).
أما قصيدته (الثائر) فقد ألقاها في سورية في يوم إضراب لنصرة الجزائر. يوم 28 أكتوبر 1956، وتقول:
دمدم الرعد وهزتنا الرياح
…
حطموا الأغلال وامضوا للسلاح
وفي المراسلة قال لي باوية إنه بدأ نظم الشعر سنة 1950 في مسقط رأسه (المغير)، وإنه مقل في قول الشعر حتى أنه لم ينظم سوى اثنتي عشرة قصيدة خلال ست سنوات، نصفها غير صالح للنشر، حسب قوله.
لباوية ديوان شعر كما قلنا، وأذكر أنه قصدني مع الأستاذ عبد الرزاق قسوم، لكتابة المقدمة لديوانه (أغنيات نضالية) فاعتذرت له لأسباب، فكان من حسن حظه أن قدمه له الدكتور محمود الربيعي الناقد المصري المعروف، وهو زميل لي وصديق عريق تخرجنا معا من كلية دار العلوم بالقاهرة، وقد تضمن ديوان باوية شعرا عموديا وشعرا حرا، ويبدو أنه توقف عن قرض الشعر كما توقفت، وتفرغ لمهنة الطب والعائلة، وكان باوية دمث الأخلاق متواضعا أديبا بالطبع إنساني المشاعر جميل الدعابة، وكان الدكتور أبو العيد دودو من أصدقائه فإذا اجتمعا فالسمر معهما يتشعب ويحلو.
حلل عبد الملك مرتاض قصيدة (ساعة الصفر) لباوية تحليلا لغويا وجماليا ونفسيا، وأبدى إعجابه بالقصيدة لأنها في نظره موفقة كل التوفيق في وصف انفجار الثورة التحريرية حتى كأن صاحبها كان شاهد عيان لما حدث وكان متفاعلا معها ومنفعلا بها رغم أنه كتبها بعد مرور أربع سنوات عليها، لقد خصص لها مرتاض الفصل الثامن كله من الجزء الأول، وهي من الشعر الحر:
الصمت والمدى والريح
…
تذري رهبة الأجيال في تلك الدقيقه
قطرات العرق الباني: نداء
وسلال مثقلات بالحقيقه
الأسارير أخاديد مطيره
ثورة خرساء، أهوال مغيره