الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نفحات الشرق، وأصدرت البصائر عددا خاصا (ممتازا) عن مصر أثناء صدامها مع الأنجليز، كما اهتمت بتطور السعودية وتحدثت عن الملك عبد العزيز بإعجاب ورثته بعد وفاته، وكذلك اهتمت بأحداث المغرب ونفي سلطانه، ثم عودته ظافرا إلى وطنه، ونقلت أخبار وصور وفد جمعية العلماء الذي توجه إلى المغرب لتحية وتهنئة السلطان.
من ذلك رثاء محمد العيد للملك عبد العزيز آل سعود وقد نشرها في المنار في أول يناير 1954، ومطلع القصيدة:
لك الويل من نعي به هتف البرق
…
فريع له الإسلام واضطرب الشرق (1).
حاول محمد منيع إنشاء رابطة باسم (الرابطة القلمية)، ولكنه لم يوفق، وكان قد وعد بوضع قانونها الأساسي بنصيحة من أحمد توفيق المدني، ولكن الأدباء كما قيل، تقاعسوا عن المساندة، وقد كتب منيع كلمة بعنوان (صرخة في واد) وأهداها إلى أبي القاسم سعد الله تحسر فيها على مشروعه الذي لم ير النور (2).
الأدب وجبهة الدفاع عن الحرية
نشرت المنار شعرا للصادق نساخ في تحية جبهة الدفاع عن الحرية، وكان نساخ من تلاميذ محمد العيد، وكان متفائلا بالجبهة التي رأى أنها ستوحد الشعب من حولها فجعل عنوان شعره (اجمعوا الشعب حولكم)، كما نظم قطعة (يا نجم) التي تذكرنا بقصيدة شيخه محمد العيد (يا ليل) معنى ووزنا.
أما محمد العيد فقد نظم في نفس المناسبة قصيدته السياسية المبشرة بالثورة والتي عنوانها (يا قوم هبوا)، وقد جاء فيها:
(1) نعلم أن الشاعر نفسه نشر قصيدة في جريدة الأسبوع التونسية في أكتوبر 1953، ولكننا لا نعرف عنوانها ولا غرضها، أنظر الجابري، النشاط العلمي
…
(2)
البصائر، 23 ديسمبر، 1955.
يا قوم هبوا لاغتنام حياتكم
…
فالعمر ساعات تمر عجالى
الأسر طال بكم فطال عناؤكم
…
فكوا القيود وحطموا الأغلالا
لا أمن إلا في ظلال مرفرف
…
حر لنا عال ينير هلالا كما نظم محمد العيد قطعة جميلة وهادفة دعا فيها أهل وهران إلى الثقافة، بدأها بقوله:
العصر عصر ثقافة الأذهان
…
فإلى الثقافة يا بني وهران (1)
كما توجد في المنار قطع شعرية وطنية وصفية صاغها شعراء متحمسون للنضال السياسي والتحرر الوطني رأوا في اجتماع جبهة الدفاع عن الحرية أملا في الوحدة والخلاص من الاستعمار، وقد شارك في هذه (الحملة) الشعرية أيضا أحمد بوعدو وأبو بكر بن رحمون الذي علق أملا عريضا على الجبهة فقال:
ارفع لواء الفاتحين
…
واهتف بعزم المؤمنين (2)
ومن الكتب التي ظهرت في هذه الأثناء (فارس العقيدة) للشريف ساحلي. وهو كتاب يتناول حياة الأمير عبد القادر الذي اعتبره المؤلف مغمورا رغم ما كتبه عنه الأجانب، سيما في الجزائر التي دافع عنها ولأن قوة الحديد والنار هي التي وضعت حدا لعمله العظيم، ولاحظ الساحلي أن قليلا من الجزائريين فقط كتبوا عن الأمير والأقل منهم من درس حياته وفهمها حق الفهم، فجاء كتابه في وقت تحتاج البلاد إلى معرفة هذا البطل المغوار، ينقسم فارس العقيدة إلى قسمين الأول يدرس الأمير مفكرا والثاني يدرسه إنسانا، ولا يحاول المؤلف أن يقدم ترجمة كاملة للأمير وإنما قدمه في مختلف ألوانه وظلاله ومختلف جوانبه، كما درس بعض الأحداث فحللها بدقة، وتمنى المراجع أن يترجم الكتاب إلى
(1) المنار 9، 5 أكتوبر 1951، في هذه الأثناء نشر عمر البكري أيضا قصيدة في المنار عن تلمسان.
(2)
المنار 8 مايو، 1952.
العربية (1).
ومن الأمثلة على مشاركة الشعر في الحياة الجديدة عشية الثورة افتتاح مدرسة باتنة سنة 1953، وتدشين دار الطلبة بقسنطينة في نفس السنة، فعندما نشرت البصائر الخبر جعلته تحت عنوان (باتنة تشيد معقلا للعروبة والإسلام)، وقد ظهر في المقال المصور زعماء الحركة الإصلاحية عندئذ: خير الدين وأحمد توفيق المدني وأحمد السرحاني ومحمد العيد والشيخ نعيم النعيمي والطاهر الحركاتي، كما ظهر عدد من أنصار الإصلاح من السياسيين والمحسنين والنواب، وأذكر أن الشيخ الإبراهيمي قد أرسل تسجيلا صوتيا خاطب فيه جمهور باتنة وهنأه بالمدرسة وطلب منه المزيد من البذل والسخاء في سبيل الإسلام واللغة العربية والجزائر، وبهذه المناسبة ألقى محمد العيد رائعته التي جاء فيها بإرهاصات ثورية ساخنة:
وما التسجيل للآثار إلا
…
ببذل المال أو بذل الضحايا
حذار من الشقاق فإن أقمتم
…
عليه عصاكم انفلقت شظايا (2)
كما نشير إلى تدشين دار الطلبة بقسنطينة، وهي الدار التي بنيت تحت إشراف جمعية العلماء لتكون إقامة لطلبة معهد عبد الحميد بن باديس بعد أن تكاثر عددهم، حضر حفل الافتتاح رجال الجمعية ووفد من علماء جامع الزيتونة وأنصار الإصلاح، وقد ألقيت قصائد معبرة عن الفكر الإصلاحي والمشاعر الوطنية والدعوة إلى الاتحاد بين الأحزاب والنهضة الإسلامية.
من شعراء هذا الحفل مفدي زكرياء الذي ظهر بعد غياب طويل وألقى قصيدته المؤثرة التي عبر فيها عن خيبة أمله في الأحزاب والسياسة وأعلن فيها دعمه لمنهج جمعية العلماء، وقد جاء فيها:
(1) المنار 20، 27 مارس 1953، والكتاب من مطبوعات مكتبة النهضة بالجزائر.
(2)
البصائر، عدد 285.
وما الزعامة أقوال وشقشقة
…
إن الزعامة إصلاح وتشييد
وما النضال احتجاجات على ورق
…
إن النضال كفاءات ومجهود
وما الجهاد (جدار أنت تكتبه).
.. إن الجدار كبعض الناس جلمود
هذي المدارس كالأعلام قائمة
…
للعلم يحرسها قوم مناجيد
وهذه بعثات العلم شاخصة
…
للشرق يكلأها في الشرق تأييد
جاء (البشير) فزكاها وأرسلها
…
فصائلا كلها عزم وتأكيد
جمعية العلماء المسلمين ومن
…
للمسلمين سواك اليوم منشود؟
خاب الرجآ في سواك اليوم فاضطلعي
…
بالعبء مذ فر دجال ورعديد
سيروا ولا تهنوا فالشعب يرقبكم
…
وجاهدوا فلواء النصر معقود
أمانة الشعب قد شدت بعاتقكم
…
فما لغيركم تلقى المقاليد
فابنوا المدارس في عرض البلاد فما
…
غير المدارس للتحرير تمهيد
أما زميله الشاعر محمد العيد فهذا الميدان ليس غريبا عنه فطالما خب فيه وأوضع كما يقولون، ولكن قصيدته كانت من أنجح شعره الإصلاحي خصوصا وقد جاءت بعد سكوت دام أيضا طويلا وبعد ابتعاد عن الحفلات والأضواء والتوجه بدلا منها نحو المحراب الصوفي والحياة الروحية، وهذه طالعة القصيدة. هات البشائر للجزائر هاتها
…
إن الجزائر أبصرت غاياتها
سنذكر نموذجا للشاعر الديني والإصلاحي أحمد سحنون من قصيدتيه إلى المعلم ثم إلى التلميذ، ولكن هذا النمط من الشعر أخذ يختفي بعد قيام الثورة ودخول الشعر السياسي ساحة المعركة.