المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌بعض الموسيقيين والمغنين - تاريخ الجزائر الثقافي - جـ ١٠

[أبو القاسم سعد الله]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء العاشر

- ‌المقدمة

- ‌الفصل الأولعشية الثورة

- ‌‌‌الحالة الاقتصاديةوالإدارية والسياسية

- ‌الحالة الاقتصادية

- ‌الحالة الإدارية والسياسية

- ‌جبهة الدفاع عن الحرية ومسألة الاتحاد

- ‌انشقاق في حزب الشعب

- ‌جمعية العلماء المسلمين الجزائريين

- ‌الحالة الاجتماعية

- ‌الكشافة الإسلامية

- ‌جمعيات رياضية وطلابية

- ‌جمعيات جزائرية في تونس

- ‌جمعيات أخرى

- ‌الشؤون الإسلامية

- ‌رجال الدين والمساجد

- ‌الزوايا والتعليم والمحافظة على السند

- ‌الأوقاف

- ‌القضاء

- ‌الحالة الثقافية

- ‌التعليم

- ‌تباشير نهضة تعليمية

- ‌التعليم العربي الرسمي

- ‌التعليم العربي الحر

- ‌معلمو جمعية العلماء

- ‌بعثات جمعية العلماء

- ‌اللغة العربية

- ‌من قضايا الثقافة والأدب

- ‌الأدب وجبهة الدفاع عن الحرية

- ‌الفصل الثانيالثقافة في نصوص الثورة

- ‌الثقافة في بيان أول نوفمبر

- ‌برنامج أول نوفمبر

- ‌لغة البيان ومضمونه

- ‌الثقافة في مؤتمر الصومام

- ‌الثقافة والحكومة المؤقتة

- ‌الثقافة في تقرير لجنة صبيح

- ‌الثقافة في اتفاقيات إيفيان

- ‌العلاقة الثقافية بين ما جاء في تقرير صبيح واتفاقيات إيفيان

- ‌الثقافة في نصوص الطلبة

- ‌للثورة إيديولوجيتها الخاصة

- ‌الثقافة في الإعلام الرسمي

- ‌الثقافة في برنامج طرابلس

- ‌الفصل الثالثالهوية الثقافية والأدباء بالفرنسية

- ‌النظام التربوي والإسلام وتعليم التاريخ

- ‌أبعاد الهوية الثقافية

- ‌تراشق المثقفين

- ‌ابن نبي عن رمضان عبان

- ‌ابن نبي عن فانون

- ‌مصطفى الأشرف

- ‌هجرس وابن زين

- ‌حالة فرانز فانون

- ‌اضطهاد المثقفين

- ‌الجرح المتعفن

- ‌أدباء اللغة الفرنسية

- ‌مقدمات

- ‌محمد ديب

- ‌كاتب ياسين

- ‌مولود معمري

- ‌مولود فرعون

- ‌مالك حداد

- ‌آسيا جبار

- ‌شعراء بغير العربية

- ‌جريدة المجاهد والقومية العربية

- ‌الفصل الرابعالإعلام في الثورة

- ‌الصحافة

- ‌صحف جمعية العلماء

- ‌صحف حزب الشعب

- ‌صحافة الحزب الشيوعي وحزب البيان

- ‌صحف أخرى

- ‌مجلة هنا الجزائر

- ‌جريدة الباتريوت (الوطني)

- ‌جريدة الجزائر العربية

- ‌الصحافة المدرسية

- ‌الصحافة أثناء الثورة

- ‌صحافة جبهة التحرير

- ‌رأي زهير إيحدادن

- ‌جريدة المجاهد

- ‌النشرات الداخلية

- ‌أصوات الجزائر

- ‌صوت الجزائر الحرة المجاهدة

- ‌صوت الجزائر من الإذاعات العربية

- ‌محتوى صوت الجزائر (صوت الجمهورية الجزائرية)

- ‌تطورات جديدة

- ‌فضل الإذاعات العربية

- ‌الإعلام الفرنسي أثناء الثورة

- ‌تطور الإذاعة الفرنسية في الجزائر

- ‌التلفزيون

- ‌التلفزيون بين لاكوست وسوستيل

- ‌التلفزيون والسينما:

- ‌تنظيم المكاتب الإعلامية للجبهة

- ‌إنشاء وكالة الأنباء الجزائرية

- ‌الندوات والمؤتمرات والمحاضرات

- ‌الفريق الوطني لكرة القدم

- ‌أعمال الوفد الخارجي للجبهة

- ‌المسؤول السياسي

- ‌الفصل الخامسالتعليم والتنظيمات الطلابية

- ‌التعليم: إحصاءات متنوعة

- ‌التعليم الحر

- ‌التعليم في إحصاءات جبهة التحرير

- ‌ملاحظات على التعليم والجبهة

- ‌التعليم والسكان

- ‌إحصاءات مجلة جون أفريك

- ‌إحصاءات أخرى

- ‌التعليم العسكري

- ‌أنشطة الطلبة في تونس والمغرب

- ‌الطلبة في المشرق العربي

- ‌من نشاط الطلبة في المشرق العربي

- ‌رابطة طلبة المغرب العربي

- ‌رابطة الطلبة الجزائريين في القاهرة

- ‌من نشاط الطلبة في القاهرة

- ‌ رابطة الطلبة الجزائريين في المشرق العربي

- ‌نشأة الاتحاد العام للطلبة المسلمين الجزائريين (لوجيما)

- ‌اضطهاد طلبة الاتحاد

- ‌ظروف إضراب الطلبة، 1956

- ‌تقرير عن طلبة المشرق العربي، 1959

- ‌المؤتمر الرابع للاتحاد

- ‌المنح والاتحاد والجبهة

- ‌دور الاتحاد في الخارج

- ‌مذكرة الاتحاد إلى هيئة الأمم

- ‌التعليم الابتدائي:

- ‌التعليم الثانوي:

- ‌التعليم العالي:

- ‌التعليم العربي:

- ‌الفصل السادسالمسرح والموسيقى والغناء

- ‌المسرح عشية الثورة

- ‌المسرح أثناء الثورة: باش تارزي

- ‌مجلة مصرية تكتب عن المسرح الجزائري

- ‌من شهرزاد إلى أبناء القصبة

- ‌من نشاط الفرقة الوطنية الفنية

- ‌استمرار النشاط المسرحي

- ‌المسرح الثوري:

- ‌الحاجز الأخير

- ‌مصرع الطغاة

- ‌الموسيقى والغناء

- ‌آراء في الموسيقى

- ‌رأي باربيس في الموسيقى

- ‌رأي عمر راسم في الموسيقى

- ‌تعليق على الموسيقى والغناء

- ‌الأخوان فخارجي

- ‌بعض الموسيقيين والمغنين

- ‌الفصل السابع‌‌السينماوالرسم والمكتبات والخطاطة والمتاحف

- ‌السينما

- ‌الرسم والمعارض الفنية

- ‌محمد راسم

- ‌عمر راسم

- ‌رسامون آخرون

- ‌فنانون أوروبيون

- ‌معارض أخرى

- ‌رسوم الطاسيلي

- ‌المكتبات

- ‌المكتبة الجامعية

- ‌مكتبات جهوية

- ‌الخطاطة

- ‌محمد سعيد شريفي

- ‌عبد الحميد اسكندر

- ‌سعدي حكار

- ‌المتاحف

- ‌المتحف الوطني للفنون الجميلة

- ‌الفصل الثامنأنواع النثر

- ‌المصادر

- ‌المقالة

- ‌مسألة الفصحى والعامية والفرنسية

- ‌بعض كتاب المقالة

- ‌الشيخ الإبراهيمي

- ‌أحمد رضا حوحو

- ‌عثمان سعدي

- ‌عبد الله شريط وآخرونه

- ‌الخطابة

- ‌الترجمة

- ‌القصة والرواية

- ‌حوحو ونماذجه البشرية

- ‌عبد الله ركيبي

- ‌ نفوس ثائرة

- ‌الركيبي عن تطور القصة

- ‌تجارب في القصة

- ‌زهور ونيسي ورصيفها النائم

- ‌الحبيب بناسي

- ‌عثمان سعدي وابن عيسى

- ‌أبو العيد دودو

- ‌الطاهر وطار

- ‌صور من البطولة في الجزائر

- ‌عبد الحميد بن هدوقة

- ‌قصاصون آخرون

- ‌اضطهاد أدباء العربية

- ‌الفصل التاسعالشعر

- ‌المصادر

- ‌حالة الشعر والشعراء عشية الثورة

- ‌الأناشيد الوطنية

- ‌ألحان الفتوة

- ‌الشبوكي ونشيد جزائرنا

- ‌أناشيد مفدي زكرياء (ابن تومرت)

- ‌الشعر الثوري

- ‌محمد الشبوكي

- ‌مفدي زكرياء (ابن تومرت)

- ‌مواضيع أخرى لمفدي زكرياء

- ‌محمد الصالح باوية

- ‌عبد السلام حبيب

- ‌أبو القاسم خمار

- ‌محمد العيد آل خليفة

- ‌صالح الخرفي

- ‌عبد الرحمن الزناقي

- ‌الربيع بوشامة

- ‌عبد الكريم العقون

- ‌عبد الرحمن العقون (بلعقون)

- ‌أحمد معاش الباتني

- ‌صالح خباشة

- ‌الشعر الرومانسي

- ‌الطاهر بوشوشي

- ‌الشعر والربيع والحزن

- ‌محمد الأخضر السائحي

- ‌الشعر المحايد

- ‌الشعر الشعبي

- ‌الشعر الإخواني والاجتماعي والإصلاحي

- ‌شعراء آخرون

- ‌الحفناوي هالي

- ‌أبو بكر بن رحمون

- ‌أحمد سحنون

- ‌جلول البدوي

- ‌محمد الأمين العمودي

- ‌محمد الهادي السنوسي

- ‌محمد الأخضر عبد القادر السائحي

- ‌الفصل العاشركتب وكتابات

- ‌الدراسات التاريخية

- ‌كتابات ابن نبي عن التاريخ

- ‌كتابات الأشرف عن التاريخ

- ‌تاريخ الجزائر

- ‌تاريخ الجزائر العام

- ‌الأمير عبد القادر رائد الكفاح الجزائري

- ‌هذه هي الجزائر

- ‌محاضرات عن تاريخ الجزائر

- ‌الرحلات

- ‌رحلة الشيخ الغسيري

- ‌رحلة الشيخ الإبراهيمي

- ‌رحلة الشيخ التبسي

- ‌رحلة الباهي فضلاء

- ‌رحلة الشيخ العباس

- ‌رحلة المختار اسكندر

- ‌رحلة محمد الصالح رمضان

- ‌الدراسات الفلسفية

- ‌مالك بن نبي

- ‌أصول الحضارة العالمية

- ‌من وحي الثورة الجزائرية

- ‌كتب فرانز فانون

- ‌السنة الخامسة للثورة

- ‌الكادحون في الأرض

- ‌الدراسات الإسلامية والاجتماعية والسياسية والفانونية

- ‌الشؤون الإسلامية

- ‌ التاريخ الإسلامي

- ‌موقف الطرق الصوفية

- ‌الأوقاف الإسلامية

- ‌عن القضاء الإسلامي

- ‌القضاء والثورة

- ‌العدل عند جبهة التحرير الوطني

- ‌الثورة الجزائرية والقانون

- ‌دراسة الصادق مزهود

- ‌مقاصد القرآن

- ‌آيات وأحاديث

- ‌تفسير الشيخ بيوض

- ‌في طريق الهجرة

- ‌رسائل من السجن

- ‌ليل الاستعمار

- ‌صحراؤنا

- ‌الجزائر: الأمة والمجتمع

- ‌الطب والصحة العامة

- ‌انظروا أسلحتنا! انظروا أطباءنا

- ‌عن تاريخ الطب

- ‌وثائق عن الطب في الأرشيف

- ‌الفهارس العامة

- ‌ فهرس الأشخاص

- ‌ فهرس الأماكن

- ‌ فهرس الكتب والمجلات والجرائد

- ‌ فهرس الجمعيات والروابط

- ‌محتوى الكتاب

الفصل: ‌بعض الموسيقيين والمغنين

وأخرى في سينما دنيازاد، كما كانت تقيم حفلات في المسارح (1).

‌بعض الموسيقيين والمغنين

كنا درسنا حياة ونشاط محمد إيقربوشن في كتابنا التاريخ الثقافي، ج 8. وهو من الذين درسوا الفن ونالوا جوائز وشهرة عالمية، ومع ذلك لم تغره هذه الأمور ورجع إلى الجزائر في وقت صعب وفضل الإقامة بها إلى وفاته سنة 1966، قيل عنه إنه كان رجلا متواضعا حييا، بدأ حياته الفنية عازفا على الجواق (الناي) شأنه في ذلك شأن الفتيان الجبليين والصحراويين الذين يندمجون في الطبيعة ويبتهلون إلى الأرض والسماء في لحظات من التجلي، وبالصدفة زار المنطقة زائر من اسكتلندا يعشق الفن ويدرس البيئة فأعجب بقدرة محمد إيقربوشن على العزف فأخذه معه إلى لندن فتعلم فيها وفي العواصم الأوروبية الأخرى الموسيقى حسب أصولها، حتى وصل إلى أعلى السلم.

كان راديو وتلفزيون الجزائر يذيع مسرحياته ونشاطه الموسيقي، وقد فاز أحد الأفلام التي وضع لها الموسيقى بالجائزة الثانية في مهرجان بروكسل الدولي سنة 1949.

استوحي محمد إيقربوشن فنه من الفولكلور، كما أنه الوحيد تقريبا من الموسيقيين المسلمين الذين درسوا الموسيقى الكلاسيكية (الأوروبية) دراسة عميقة، وقد أصبح عضوا شرفيا في عدة جمعيات، وطلبته عدة شركات دولية صانعة للأفلام لوضع موسيقى أفلامها الشرقية، ومع ذلك فضل الرجوع إلى الجزائر والإقامة بها حيث كان يكتب قصة تارة ويعزف لحنا تارة أخرى، ويتعاون مع راديو وتلفزيون الجزائر إلى أن وافاه أجله (2).

(1) هنا الجزائر 71، ص 10.

(2)

هنا الجزائر 54، مارس - أبريل، 1957، مع صورته، وتاريخ الجزائر الثقافي، ج 8، فصل 3، ص 473، وحشلاف: المجموعة الموسيقية، ص 222.

ص: 374

هناك فريق من الموسيقيين والمغنيين شاركوا في الحياة العامة كأصحاب مواهب وهواية فنية وعملوا في وسائل الإعلام المتاحة في ذلك الوقت، بما فيها العمل داخل الإذاعة والتلفزيون الفرنسية (بالجزائر أساسا)، ثم كان لهم نشاط لفائدة الثورة أيضا سواء داخل الجزائر أو خارجها.

ومن هؤلاء أحمد وهبي الذي قضى حوالي عشر سنوات (1947 - 1957) في فرنسا، وهو التاريخ الذي انتقل فيه إلى تونس، وبادر بإنشاء فرقة المسرح الوطني لجبهة التحرير باقتراح من بعض القادة، ولكنه لم يستطع أن يبدأ جولاته خارج تونس إلا بنهاية 1958، لأنه كان في حاجة إلى ممثلين آخرين من الجزائر وفرنسا، وقد شارك حتى سنة 1962 في جولات فنية للدعاية لقضية الجزائر، وخلال هذه الفترة ألف وغنى عدة أغاني، ثورية، ومنذ الاستقلال اختار الإقامة في وهران، ولم يغادرها إلا لزيارة المغرب أو فرنسا حيث كان مولده سنة 1921، وفي سنة 1971 تولى الإشراف على المسرح الجهوي لوهران، ونال الجائزة الأولى في مهرجان أبي ظبي على تلحين أغنية دينية بكلمات الشاعر السوري علي صالح، كان أحمد وهبي معجبا بمحمد عبد الوهاب، ولكنه لم يتلق الفن دراسة، وشارك في فرق محلية ووطنية وفي الكشافة، وله صوت بدوي عميق، وشخصية فنية متميزة (1).

ولد عبد الحميد عبابسة في بريكة سنة 1918، وتلقى تعليمه الابتدائي في المدرسة القرآنية، ثم درس على الشاعر محمد العيد آل خليفة في مدرسة الشبيبة الإسلامية بالحزائر العاصمة، وقد لحن في هذه الفترة للكشافة الإسلامية نشيدا جميلا هو (عليك مني سلام يا أرض أجدادي) وهو نشيد وطني ربما كان يتردد المشرق (؟)، كان عبابسة مهتما بالأغنية والشعر والموسيقى، وقيل إنه كان من الشعراء المتصلين بحزب الشعب الذي أوعز إليه بالاتصال بالجماهير وتوعيتها وطنيا وسياسيا وحثها على جمع التبرعات،

(1) حشلاف، مرجع سابق 229 - 230.

ص: 375

وله أشعار في مذبحة 8 مايو قادته إلى السجن، حسب رواية حشلاف، وقد خرج منه سنة 1946 بعد العفو العام.

ذهب عبابسة إلى باريس وغنى هناك للجالية العربية، وسجن من جديد مع المغني الحسناوي الذي اتهم بالتعاون مع (راديو مونديال) خلال احتلال باريس، وعندما اندلعت الثورة كان عبابسة مع فرقته في خراطة فتفرقت الفرقة وألغيت حفلاتها، ثم رجع إلى فرنسا سنة 1956، وفيها تعاون مع محمد بوضياف، وواصل حثه لأعضاء الجالية على الرجوع للوطن والانضمام للثورة، ومن أبرز أعماله بعد الاستقلال قصة (حيزية) التي وضعها في شكل أوبريت للتلفزيون الجزائري، وله أكثر من 350 قصيدة وأغنية، ويعتبر من شعراء الملحون التقليديين (1).

ومن هذا الفريق علي معاشي الذي كان واعدا بتقدم كبير في ميدان الفن ولكن حياته اقتطفت قبل الأوان.

ولد علي معاشي في تيارت، وشارك في الكشافة الإسلامية، وأنشأ سنة 1952 فرقة موسيقية داخل الكشافة سماها (سفير الطرب)، وكانت الكشافة هي المدخل للحركة الوطنية لعدد كبير من الشباب، كان معاشي يعزف الناي ويغني اللحن الوهراني العصري، وكان من المعجبين بفريد الأطرش وبأغتيته (بساط الريح)، فقلدها بأغنيته (أنغام الجزائر) التي وضع فيها ألحانا من مختلف أنحاء الوطن، كما كان معجبا بعلي الرياحي التونسي، وفي 1953 أدى الخدمة العسكرية في البحرية، وتخصص في اللاسلكي، فتعلم مبادى الإرسال الإذاعي، وعين بعد ذلك مساعدا لمهندس البث الإذاعي الصوتي وعمل في الحصص العربية، وسجل عدة أغاني في هذه الفترة (1954)، منها (وصية القومري) التي عبر فيها عن مشاعره الوطنية، وربما ألف ذلك الشعر واللحن حين كان بحارا بعيدا عن الوطن.

(1) حشلاف، مرجع سابق، ص 234 - 235.

ص: 376

كان معاشي على اتصال بجبهة التحرير التي كلفته بعدة مهام، ومنها - كما قيل - تسجيل نشيد (قسما) لأول مرة، وقد بقيت هذه المسألة - حسب السيد حشلاف - غامضة ودفينة أرشيف الثورة، ورغم أنها كانت مهمة محفوفة بالأخطار فقد نالت حظا من الشهرة والنجاح، فقد قررت الجبهة تسجيل النشيد من نسخة وردت إليها من تونس، وكان الهدف هو توزيعها عبر الوطن، ولم يكن من السهل القيام بتسجيل من هذا النوع دون آلات متقدمة، ولذلك قرر علي معاشي القيام بالنسخ مع السرية داخل الإذاعة نفسها مع جماعة كانوا يعملون معه، وكانت الإدارة الاستعمارية تراقبه بدقة، وفي سنة 1958 رجع معاشي إلى تيارت فاعتقلوه وأخذ الجيش الفرنسي أقواله، وعذبوه في غابة مع زميلين له، ثم شنقوهم وسط المدينة في الثامن يونيو 1958، وهذا العمل الفظيع ينسب إلى الضابط (ماركان) وجنوده السكارى (1).

عاش ميسوم العمراوي في الجزائر وفرنسا، ومنذ 1957 أصبح من أبرز الملحنين المحدثين، وهو من مواليد القصبة سنة 1921، وقد عرف اليتم منذ صغره، ومارس مختلف المهن، منها ماسح أحذية ليدفع ثمن دراسته، ثم أنشأ في العاصمة أول (أوركسترا) للفن الشعبي، متخصصة في الحفلات العائلية، وقام بجولات ناجحة عبر القطر، ومنها حفلات لصالح حزب الشعب وحركة الانتصار، وفي 1947 سافر إلى فرنسا بهدف بث نشاط هذه الحركة داخل الجالية الجزائرية، وفي فرنسا لحن أغنية (القصبة) و (يا فلاح) بالتعاون مع أخيه غير الشقيق: الحاج عمر الذي كان مخرجا وممثلا في المسرح الجزائري، وغنى العمراوي أغنيته (أنا العربي) بنفس اللحن الذي غنى به اليهودي راؤول جورنو (أنا التارقي)، فنالت نجاحا كبيرا.

وتعلم العمراوي في باريس أنواعا جديدة من الآلات، وواصل نشاطه السياسي أيضا وسط المهاجرين إلى 1958، ودخل السجن خلال هذه الفترة

(1) حشلاف، مرجع سابق، ص 213 - 232.

ص: 377

في غرونوبل لأنه غنى نشيد (فداء الجزائر) إضافة إلى (أنا العربي)، وفداء الجزائر هو النشيد الوطني الذي غنته معه القاعة، وقيل إنه سبب له مشكلا مع جبهة التحرير أيضا فاتهمته بأنه ذو نزعة مصالية، كما غنى نشيد (من جبالنا) الذي أعطاه إياه حشلاف بصفته كشافا، وكذلك نقل إليه نشيد (شعب الجزائر مسلم): كل ذلك قبل أن يمكنه حشلاف من نشيد (قسما) الذي وصلت نسخة منه عن طريق إذاعة المغرب سنة 1958.

عادت الأمور إلى مجراها بين جبهة التحرير والعمراوي، ولكنه لم يجد الكلمات المناسبة للغناء والإنشاد رغم كونه ملحنا، فدخل مع محمد الجاموسي وغيره في عمل مشترك، وفي سنة 1960 دخل أحمد حشلاف إلى الجزائر وعاد له منها بعدد من القصائد التي نظمها أخوه محمد الحبيب حشلاف المعروف بأنه (قوال) وصاحب قصائد على طريقة مصطفى بن إبراهيم وعبد الله بن كريو وابن سماية وابن سهلة، وقد استمر العمراوي في عمله الفني إلى وفاته سنة 1969 في باريس إثر عملية جراحية، ويذهب حشلاف إلى أن كل أعمال ميسوم العمراوي مسجلة ما عدا تلك التي سجلها وهو على فراش الموت، وله تلاميذ غنوا ألحانه (1).

وشبيهة بسيرة العمراوي سيرة حسن العربي المعروف (حسيسن)، فقد غنى الشعبي الذي يأتي إسهامه فيه بعد إسهام العنقاء والحاج مريزق وخليفة بلقاسم، وحسن العربي من مواليد العاصمة أيضا سنة 1920، عاش طفولة غير مستقرة مثل جيله من أبناء القصبة، وكان ظهوره قد تمثل في العزف المنفرد على آلة القيثارة لكي يطرب شباب الحي، ثم شارك في الفرق التي أنشأها من هم أكبر منه سنا، فأظهر موهبة فائقة وأصبح يؤلف وحده بعد أن جمع الأشعار، وكان حسيسن يمزج الفن بالسياسة، فكان - كما قيل - مغني حركة الانتصار، وقد واصل مسيرته على ذلك النحو إلى أن وقعت معركة الجزائر

(1) حشلاف، المجموعة الموسيقية العربية، ص 222 - 223.

ص: 378

(1957)

فشعر بالخطر فذهب إلى فرنسا حيث بقي مدة يغني للمهاجرين، وأدى هو ورفيقه ميسوم العمراوي بعض الأغاني، وغنى بالقبائلية أشعارا أخلاقية ودينية، وكانت حصته تعرف بـ (ليالي حسيسن) في مقصف (المروك)، ثم التحق بتونس وانضم إلى الفرقة المسرحية التابعة للجبهة وشارك في عدة حفلات لصالح قضية الجزائر، لكن صحته تدهورت بسرعة وتوفي بتونس سنة 1959 ولما يبلغ الأربعين من عمره (1).

أما محمد التوري فقد ولد في البليدة سنة 1918، ودرس في المدارس القرآنية ودخل مدرسة جمعية العلماء في البليدة، ثم أصبح بدوره مدرسا في المدارس الحرة، وتحول إلى دهان، وبدأ خلال ذلك يهتم بالغناء وتطوير الكشافة الإسلامية، وكانت حياته مع إخوته ضنكة، فاختار الأغاني الساخرة، وكان اسمه الحقيقي محمد بسناسي، وقد تولى عدة بعض الوظائف، ثم ترك ذلك وتفرغ للمسرح والغناء وأنشأ أول فرقة سنة 1936، ولا نجد من تحدث عن مشاركته في الثورة في الجزائر أو في فرنسا، ولكن أدواره المسرحية والسينمائية كانت تجسد نقدا للاستعمار والمجتمع وتعبر عن أحوال الثورة التي كان الشعب مندمجا فيها، فقد كان التوري قريبا جدا من الجمهور المضطهد، وله تفكير عميق يعبر عن ثورته ضد الظلم والاضطهاد، ولعل حالة الفقر التي عاشها هو وإخوته وقسوة الحياة لها دخل في اختياره هذا الاتجاه الذي يسميه كتاب ذلك الوقت بالواقعي (2).

غنت فضيلة لمنكوبي زلزال الأصنام في باريس (أنظر سابقا) سنة 1954، وشاركت بفنها في الإذاعة والتلفزة الفرنسية بالجزائر أيام الاستعمار، ورغم نشاطها الفني فقد قيل إنها شاركت في الثورة بجمع التبرعات مع أختها، فاعتقلت وسجنت في سجن سركاجي دون أن يذكر المصدر متى كان

(1) حشلاف، مرجع سابق، ص 209.

(2)

حشلاف، مرجع سابق، ص 273 - 274.

ص: 379

ذلك، وبعد خروجها من السجن شكلت فرقة موسيقية خاصة مع أختها ووالدتها وعدد آخر من النسوة، وأعدت لكل واحدة منهن آلة تعزف عليها، وهو عمل يثير الدهشة من فرقة لم يتعلم أعضاؤها الموسيقى في مدرسة أو معهد، وقد تحدثت (المناظر) عن فرقتها، واعتبرت فضيلة مجددة في الفن الأندلسي العصري (كذا)، وقالت إن باش تارزي قد ساعدها على شق طريقها في التمثيل وعلى نيل الشهرة في باريس، وأنها كانت معجبة بالطرب التونسي الشعبي والغناء العصري، واعتبرتها هذه المجلة، مع أحمد سري، باعثي النهضة الموسيقية الجزائرية العتيقة بين الشباب العصري (1).

من الفنانين الذين اشتهروا وكان له جمهوره الخاص وتعبير مفهوم وحكم مأثورة، عبد الرحمن العمراني المعروف بدحمان الحراشي، فقد كان والده (العمراني) مؤذنا بالجامع الكبير بالعاصمة، ففضل ابنه عبد الرحمن ألا يسى إلى اسم العائلة بذكرها مقرونة بالغناء الذي لا يرضاه كل الناس، ولد عبد الرحمن سنة 1926 في الأبيار، ثم انتقل أهله إلى الحراش وهو صغير فأطال الإقامة في هذه الضاحية الشعبية فنسب نفسه إليها (الحراشي)، فهو من عائلة محافظة متدينة، درس في المدرسة القرآنية وكذلك في المدرسة الفرنسية، ونال الشهادة الابتدائية، ثم مارس مختلف المهن، فهو إسكافي ومستخلص (التراموي) لمدة سبع سنوات بين الحراش وباب الواد، بدأ حياته الفنية مع فرقة الحاج المنور وغيره وقام بجولات فنية بدأها ببسكرة التي يقال إن أصله منها، وعنابة سنة 1949، ثم سافر إلى فرنسا لينشط حياة المهاجرين، وقد حقق نجاحا وأصبح مؤلفا وملحنا، وغنى أغنية أكسبته شهرة بعنوان (بلاد الخير)، يمتاز دحمان الحراشي بصوت فريد، وفنه يأتي بين الشعبي والعصري، فهو لا يشبه الآخرين في مجال الغناء، ومن الصعب تصنيفه، وركز في أغانيه على الحنين إلى الوطن وإسداء النصح وسوق الحكمة وتنبيه الغافلين.

(1) مجلة المناظر، السنة الثانية، فبراير 1961، ص 40، وحشلاف، مرجع سابق، ص 189.

ص: 380

وهو الذي شبه في أغانيه المرأة بالحجلة والحمامة، وقيل عنه إنه كان مسلما ملتزما، وتوفي في حادث سيارة سنة 1980 (1).

المطربة وردة من مواليد 1940 بفرنسا، وبدأت تاريخها الفني وعمرها أحد عشر سنة إذ كانت تقدم أسبوعيا حصة أطفال يشرف عليها حشلاف في الإذاعة والتلفزة الفرنسية سنة 1951، وكانت تغني أغنية لمشاهديها الصغار، فنالت نجاحا كبيرا واهتم بها المؤلفون وأعطوها أغاني تلائم سنها، فوضع لها زكي خريف (يا مروح لبلادي)، والجاموسي (بلادي يا بلادي)، ورضا القلعي (يا حبيب القلب)، وهكذا، كان والدها من أقدم المهاجرين الجزائريين إلى فرنسا، وكان يدير مقصفا (فواييه) للعمال، وكان المقصف منذ 1936 مكانا لنشاط نجم شمال إفريقيا، ثم أصبح والدها مالكا لمقصف (تام، تام) حيث بدأ نجم وردة في الظهور، ثم أصبح نفس المكان موئلا لنشاط جبهة التحرير إلى أن تم غلقه سنة 1958، وهو تاريخ نفي العائلة كلها، أم وردة لبنانية مسلمة فعلمتها الأغاني اللبنانية، وبذلك تكون وردة قد تعلمت الفن الشرقي الأصيل، كانت وردة منذ صغرها تقلد أم كلثوم وعبد الوهاب وفريد الأطرش، أما غناؤها في طفولتها في الإذاعة والتلفزة الفرنسية فقد ربطها بالأغنية المغاربية، ولاسيما التونسية.

سنة 1954 كان عمر وردة أربع عشرة سنة، بدأت تغني للثورة، فغنت (يا حبيبي يا مجاهد) و (يا عمي يا مناضل) و (بلادي يا بلادي) و (يا مروح لبلادي) السابقتين، وفي 1958، اتفقت عائلتها كلها على الهجرة إلى بيروت حيث ظلت وردة تواصل غناءها للثورة، فغنت (جميلة) و (أنا من الجزائر أنا عربية)، وقد لحن لها رياض السنباطي أغنية (نداء الضمير) لصالح خرفي بعد أن سمع السنباطي صوتها من إذاعة معرض دمشق، ووصلت القاهرة سنة 1960 فوجدت السنباطي مستعدا لمساعدتها، فلحن لها كلمات من شاعر

(1) حشلاف، مرجع سابق، ص 226 - 227.

ص: 381

مصري (يا حرية أنا بندهلك)، كما غنت لفلسطين، وفي 1961 شاركت في لحنين وضعهما محمد عبد الوهاب وهما (الوطن الأكبر) و (الجيل الصاعد)، وقد عرفت في المشرق باسم وردة الجزائرية (1).

كان يمكننا أن نواصل الحديث عن الفنانين وألحانهم وتقلبات الحياة معهم، ولكننا رأينا أن نكتفي بهذا القدر لأن الهدف هو معرفة مدى علاقة الفن بالثورة، ولا شك أن هناك مغنين وموسيقيين وشعراء شعبيين، كما كان هناك رسامون ونحاتون، لم ينضموا للثورة أو ناضلوا في صفوفها سرا، ونظن أن النماذج التي أتينا عليها تلقي الضوء على الموضوع بشقيه.

(1) حشلاف، مرجع سابق، ص 43 - 45، أول مرة أشارت هنا الجزائر إلى اسم وصورة وردة كانت في العدد 31، يناير، 1955، ص 14.

ص: 382