الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الطلبة، منهم الناقد الدكتور عبد القادر القط الذي أشرف على ندوة لشعراء الطلبة الجزائريين، والشاعر أحمد عبد المعطي حجازي الذي ألقى قصيدته الشهيرة (أوراس)، وغير ذلك من الضيوف والأنشطة التي كانت تخدم الثورة في أبعادها الثقافية والفكرية والإعلامية (1)، ومن الأنشطة دعوة قادة الثورة وأعضاء الحكومة المؤقتة لزيارة النادي، وأذكر أن من بين الزائرين كريم بلقاسم وأحمد توفيق المدني والرائد رابح نوار وعبد السلام بلعيد، وللطلبة صور جماعية مشتركة معهم.
وفي نفس الوقت كانت هناك لجنة تضم الطلبة الجزائريين في دمشق، ومعلوماتنا عنها قليلة رغم أنها واردة في عدة مصادر، منها كتابة محمد مهري - الذي شارك في تكوينها وقيادتها، وقد أورد الحديث عنها وهو بصدد الحديث عن تكوين
رابطة الطلبة الجزائريين في المشرق العربي
، فقد كان رئيسا لهذه اللجنة عندما دعوا لعقد اجتماع لتأسيس الرابطة العامة، ونحن نفهم من كلامه أنه كانت هناك روابط في القاهرة والكويت والعراق أيضا، بخلاف دمشق التي كان التنظيم فيها يسمى لجنة.
رابطة الطلبة الجزائريين في المشرق العربي
أما رابطة الطلبة الجزائريين في المشرق العربي فقد تأسست في دمشق وحضر اجتماعها التأسيسي ممثلون عن مختلف الروابط الطلابية في مصر وسورية والعراق والكويت، ولماذا الاجتماع في سورية؟ يجيب الطلبة الذين حضروا الاجتماع بأن سورية واقعة في الوسط بالنسبة للعواصم العربية المذكورة، ويفسر بعضهم ذلك بالأسباب المادية، وبعضهم يفسره بأسباب سياسية لأن قوانين مصر أكثر تعقيدا في إنشاء الجمعيات من قوانين سورية، كما أن هذه كانت مفتوحة فكريا وقوميا أكثر من مصر، ولسورية استعداد خاص لتبني المبادرات الجزائرية لأسباب تاريخية معروفة، ولكن الذي يجب أن يذكر
(1) هلال: نشاط
…
ص 88.
هنا هو أن سورية ومصر في وقت تكوين الرابطة (سبتمبر 1958) كانتا في وحدة تتشكل منها الجمهورية العربية المتحدة.
ومهما كان الأمر فإن ممثلي الروابط شعروا بضرورة إنشاء تنظيم يوحدهم ويمدهم بالمعلومات عن الثورة وينسق نشاطهم إزاء جبهة التحرير الوطني، فاتفقوا على أن يحمل التنظيم الجديد اسم (رابطة الطلبة الجزائريين في المشرق العربي)، ويبدو أن العلاقة مع الاتحاد لم تكن في أجندة المجتمعين عندئذ، وقد وضع المجتمعون خطة عمل تتضمن المراحل والأهداف، كما وضعوا مشروع القانون الأساسي للرابطة وهو ينص على أن يكون للرابطة مجلس إداري من اثني عشر عضوا بمعدل ثلاثة عن كل رابطة، ولجنة تنفيذية من ثلاثة أعضاء هم مندوبو رابطة القاهرة وينتخبهم المجلس الإداري، وهم الرئيس والأمين العام وأمين المال، كما كتبوا إلى مكاتب الفروع لتعين ثلاثة يمثلونها في المجلس الإداري.
وجهت لجنة دمشق الدعوة للروابط في مصر والعراق والكويت لحضور الاجتماع التأسيسي للرابطة التي هدفها توحيد الطلبة في المنطقة العربية ووضع حد لسياسة التهميش التي سلكها اتحاد الطلبة الجزائريين وبعض الجهات الأخرى نحو طلبة المشرق، دام الاجتماع ثلاثة أيام في مقر رابطة طلبة المغرب العربي، وقد أعلنوا بعده عن ميلاد الرابطة، على أن يكون مقرها القاهرة، ويذكر محمد مهري أنهم اتفقوا على أن يتولى علي مفتاحي رئاسة الرابطة، ولكن مهري لم يتحدث عن أعضاء مكتب الرابطة (1).
وبناء على ما تم في دمشق اجتمع أعضاء رابطة القاهرة (التي أصبحت فرعا) يوم 31 أكتوبر 1958 في القاهرة وانتخبوا منهم ثلاثة هم: علي مفتاحي، وسعد الدين نويوات ومحمد الأخضر بلعيد بصفتهم ممثلين في المجلس الإداري للرابطة الجديدة، كما انتخبوا هيئة فرع القاهرة فكانت كالتالي: بشير
(1) مهري، ومضات، مرجع سابق ص 88.
كعسيس رئيسا، وأرزقي صالحي نائبا له، ونور عبد القادر كاتبا، ومحمد بن عقيلة أمينا للمال، وأحمد فرجاج للشؤون الاجتماعية، وقد حصل مثل ذلك في مختلف الفروع، فقد تحولت كلها من روابط إلى فروع للرابطة الأم، وانتخب كل فرع هيئته المسيرة من جهة ومندوبيه الثلاثة في المجلس الإداري للرابطة من جهة أخرى.
وطبقا لما كان مقررا فقد اجتمع المجلس الإداري للرابطة في دمشق في شهر مارس 1959، وحضره المنتخبون الثلاثة من القاهرة (مفتاحي ونويوات وبلعيد)، وحضره ثلاثة من سورية (الهاشمي قدوري، وعبد العزيز سعد، وعبد الرحمن شطيطح)، كما حضره ثلاثة من الكويت (محمد عرباجي، وعبد العزيز يعقوبي، ومهدي الغوثي)، أما عن بغداد فقد حضر محمد الصالح شيروف فقط، وقد أقروا القانون الأساسي، ودرسوا وسائل التلاحم بين الطلبة وتبادل المعلومات وتحسين ظروف الطلبة الاجتماعية وطرق المشاركة في دعم الثورة، كما قرروا المشاركة في مؤتمر الطلبة العرب الذي كان يحضر له في القاهرة في نفس الشهر (مارس)، وفعلا انعقد المؤتمر في القاعة الكبرى بجامعة القاهرة وكلف علي مفتاحي بإلقاء كلمة الرابطة في الجلسة الافتتاحية، فكانت هذه المشاركة أول ظهور للرابطة على المستوى الإقليمي، ومن بين الجزائريين الذين حضروا في القاعة عبد السلام بلعيد وبوزيان التلمساني ورابح التركي، وكان عبد السلام بلعيد هو مدير مكتب وزير الثقافة عندئذ، وبعد الخروج من القاعة انتقد عبد السلام بلعيد مستوى وعي الطلبة العرب مما جعل النقاش يحتد بينه وبين رابح التركي إلى درجة العنف.
ويبدو أن وزارة الثقافة المسؤولة على الطلبة لن تسكت عن وجود تنظيمين طلابيين في وقت تتوحد فيه الجهود لتوحيد الصفوف دفاعا عن الوطن، لذلك استدعى الوزير أحمد توفيق المدني مسؤولي الرابطة وطلب منهم حلها لأنها جلبت الكثير من ردود الفعل غير الحسنة، فطلبوا منه عقد مؤتمر يجمع جميع الطلبة فوعدهم بتحقيق ذلك في القريب وبدعم علاقاتهم باللجنة التنفيذية
للاتحاد العام، كما وعدهم بحظ أوفر من المشاركة في كل أنشطة الاتحاد، ولكنهم لم يعطوه وعدا صريحا بشأن مستقبل الرابطة متذرعين بمسألة قانونية وهي أن عليهم الرجوع في أي قرار إلى الجمعيات العامة في كل فرع من فروع الرابطة، ومع ذلك ظل يلح عليهم بضرورة حل الرابطة.
ولعل هذه النهاية التي انتهت إليها مقابلة الوزير هي التي تفسر محتوى التقرير الذي كتبته اللجنة التنفيذية للاتحاد عن الرابطة وعن طلبة القاهرة خصوصا وطلبة المشرق العربي عموما، فهو تقرير لو نفذت توصياته لكانت له عواقب وخيمة، ولكن من حسن الحظ أنه وضع على الرف حال وصوله إلى مكتب وزيري الداخلية والثقافة، وسنعود إلى هذا التقرير بالعرض والتحليل، (انظر لاحقا)، والشيء المؤكد هو أن انعقاد المؤتمر الرابع للاتحاد في تونس بعد سنة وانتقال اللجنة التنفيذية من لوزان إلى تونس كان نتيجة هذه (الأزمة) بين الرابطة واللجنة التنفيذية للاتحاد، ويغلب على الظن أن مصالح بوصوف لها دور في التعجيل بعقد المؤتمر الرابع.
لقد تضافرت الجهود لتحقيق وحدة الطلبة، وكان منها لقاء عبد الحفيظ بوصوف في القاهرة برئيس الرابطة وكاتبها العام وكلامه المبطن بالوعد والوعيد، كما ضغط عليهم وزير الثقافة، وانهالت عليه ضغوطات أخرى من مختلف الجهات لكي تقرر الرابطة حل نفسها وتنضم إلى الاتحاد مع الوعد الرسمي بعقد المؤتمر الجامع، وهكذا اجتمعت الرابطة في القاهرة يوم 15 يونيو 1959، أي بعد حوالي ثلاثة أشهر ونصف فقط من تأسيسها وقررت دعوة الجمعية العامة يوم 20 منه للانعقاد، وبعد شرح وتوضيح تقرر حل الرابطة وتحويل فرعها في القاهرة إلى فرع للاتحاد، وكذلك فعلت الفروع الأخرى في سورية والعراق والكويت، وبذلك انتصرت الإرادة الثورية وتأجلت القضايا التي كانت محل شكوى إلى المؤتمر الرابع أو بعد تحرير الجزائر نفسها، وبعد سنة انعقد المؤتمر الرابع في تونس وحضرته فروع الاتحاد في عواصم العالم ومنها فروع القاهرة ودمشق والعراق والكويت، وكان عددها ينوف على
العشرين فرعا، (انظر لاحقا).
علق محمد مهري على المفاوضات التي أدت إلى حل الرابطة بقوله: كان هناك عدم ثقة بين طلبة المشرق والاتحاد ترتب عليه نشوء توتر بين الطرفين، بل إن مسؤولي الثورة لم يتخلصوا من هذه النظرة الاستعلائية والمتحيزة نحو طلبة المشرق، وكانوا يجهلون دور هؤلاء، ويعتقد أعضاء الاتحاد أن الرابطة هي صدى للأحزاب المشرقية، أما الحكومة المؤقتة فقد مالت إلى الاتحاد لأنها تحمل ذات ميول الاتحاد، لذلك ضغطت على وزير الثقافة أحمد توفيق المدني من أجل حل الرابطة وانضمام طلبتها للاتحاد، وقد طمأن الطلبة في القاهرة فوافقوا على حلها بشرط قبول طلبة دمشق، فأرسل إليهم الوزير ممثله بوزيان التلمساني الذي اتفق معهم على عقد مؤتمر يضم كافة الطلبة سنة 1960 وعلى أن يصلهم التعهد الرسمي قبل حل الرابطة، وفعلا وصلتهم البرقية بذلك، وعندئذ أصبحوا فرعا للاتحاد (وكذلك فعل زملاؤهم في الروابط الأخرى (1).
كان طلبة الرابطة يرون أنفسهم أحق بالقيادة لأنهم سباقون إلى الثورة ولأنهم يمثلون الوجه الحضاري للجزائر العربية المسلمة، فهم الذين اتخذوا المبادرات الثورية وضحوا براحتهم حين تطوعوا للثورة وهاجروا من أجل تعلم لغة وثقافة الوطن، وأنهم هم الأعداء الحقيقيون للاستعمار، وأنهم كانوا يعانون البؤس والشقاء في المشرق حيث يعيشون على موارد ضئيلة شهد الجميع على أنها أقرب إلى الصدقات والإحسان منها إلى المنح والتكفل.
أما زملاؤهم الذين أنشأوا الاتحاد (أنظر لاحقا) فكانوا ينظرون إلى أنفسهم على أنهم ربما الأحق بانضمام زملائهم في المشرق إليهم، لأنهم هم
(1) مهري، ومضات، مرجع سابق، ص 89 - 90، وفي رأي هذا المرجع أن عدد الطلبة الذين تطوعوا في الثورة سنة 1955 بلغ خمسة وثلاثين طالبا، دخلوا فعلا إلى الجزائر كمقاتلين لا كسياسيين، كما التحق عدد آخر بالكليات العسكرية وبعد تخرجهم التحقوا بوحدات الجيش، وقدر محمد مهري عدد الطلبة في دمشق بحوالي سبعين طالبا.
الذين يعيشون تحت رعب الشرطة الفرنسية وينشطون في السرية بعد حل الاتحاد، وهم الذين أضربوا عن الدروس تضحية منهم من أجل الثورة، وأنهم منذ مؤتمر الصومام أخذوا مكانهم في صفوف الثورة سواء في داخل الجزائر أو خارجها، كما أنهم هم الذين يمثلون الطلبة الجزائريين على المستوى الدولي، وأنهم يعيشون كالمشردين في عواصم العالم، ولاسيما باريس ولوزان.
إننا لا نعتقد أن هناك خلفيات أخرى للتوتر الذي حدث بين طلبة الجزائر شرقا وغربا، حقا لقد كان هناك خلفية مؤتمر الصومام التي وجهت دفة الثورة نحو الداخل وليس نحو الخارج، وربما نحو الغرب وليس نحو الشرق، ولكن تأثير تلك الخلفية لم يكن واضحا إلا ربما في تونس والقاهرة، وإلى حد ما في باريس ولوزان، وهناك خلفية التيار العروبي والإسلامي الذي يريد أن يحتفظ بالطلبة الجزائريين كورقة ضغط، فمصر تعرف أن قيادة الشباب لها المستقبل وأن التيار الموالي لابن بلة قد ضرب بقوة بتغييبه عن مؤتمر الصومام ثم باعتقاله مع زملائه، وكانت القاهرة، ولا سيما بعد تحقيق الوحدة مع سوريا (فبراير 1958) قد أصبحت محجة للشباب العربي النشيط أو المنشط، ممثلا في اتحادات الطلبة غير المعترف بها حتى في بلدانها، كاتحاد طلاب الأردن واتحاد طلاب فلسطين، ثم اتحاد الطلبة العرب وغيره من التنظيمات الطلابية الغاضبة على نظمها، كالتنظيم الطلابي التونسي الموالي لصالح بن يوسف، والاتحاد الطلابي المغربي الموالي للأمير الخطابي.
أخذ هؤلاء الطلبة (في سوريا والعراق) ينسقون مع طلبة الكويت الذين أنشأوا رابطة لهم في سنة 1955، أما طلبة سوريا فقد أنشأوا في نفس السنة لجنة الطلبة الجزائريين وهي اللجنة التي استمرت نظريا إلى قيام الرابطة في 22 سبتمبر 1958، وقد أثبتت اللجنة وجودها حين أرسلت برقية احتجاج إلى السلطات الفرنسية تعلن فيها تضامنها مع إخوانهم الطلاب في فرنسا والجزائر الذين كانوا يواجهون الاضطهاد والتعسف لإعلانهم الإضراب عن الطعام احتجاجا على سوء المعاملة، ونددت اللجنة بتدخل الطلبة الفرنسيين الحاقدين
ضد الطلبة المضربين، وطلبت تدخل الرأي العام العربي والإسلامي والدولي لإطلاق سراح الطلبة والمعتقلين السياسيين، كما طالبت الحكومة الفرنسية بوقف خرافة (الجزائر فرنسية)، والتفاهم مع الممثلين الحقيقيين للجزائر على أساس الاستقلال (1) إن هذا بلا شك موقف ناضج أبدته لجنة الطلبة في سوريا بقطع النظر عن خلفية التوتر مع الاتحاد، فقد انتهت اللجنة بتكوين الرابطة التي أصبح مقرها الدائم في القاهرة بينما بقيت دمشق هي المقر الدائم للاجتماع (2).
والواقع أن طلبة سوريا كانوا مبكرين في اتخاذ المواقف السياسية، ففي يونيو 1955 وجدنا أحدهم، وهو علي عمار الذي كان يدرس في اللاذقية، يكتب رسالة إلى محمد خيضر طالبا معلومات وافية عن الجزائر لكي يقدمها إلى السوريين ليعرفهم بالثورة وبالجزائر المجهولة في المشرق عموما، وقال علي عمار إنه يعرف أحمد بن بلة منذ مروره بالقاهرة، أما خيضر فلم يره ولكنه سمع عن نضاله ووطنيته، وفي إجابته شكره خيضر وأحاله على عبد الحميد مهري في دمشق ليزوده بما يريد (3).
وقبل أن نتحدث عن طلبة القاهرة والتقرير الخاص عن الرابطة نقول إن أخبار طلبة العراق ليست كثيرة في الوثائق التي اطلعنا عليها، وقد لاحظنا أنهم كانوا مشاركين في نشاط لجنة طلبة سوريا، ومن أخبارهم أنه كان في العراق قبل سنة 1959 ثمانية وثلاثون طالبا، وقد طلب ممثل الجبهة في بغداد من الخارجية الجزائرية اتخاذ الإجراءات اللازمة لكي يمنح الأمن العراقي التأشيرة للطلبة لأنه لا بد من تحديد الجنسية على الجوازات، كما طلب ممثل الجبهة إعطاءه اسمي الطالبين الحاملين لورقة مرور مغربية (4).
(1) انظر البصائر، 355، 24 فبراير، 1956.
(2)
هلال، نشاط
…
1986، ص 96، انظر سابقا.
(3)
أنظر الأرشيف الوطني، علبة 2، وهناك في الواقع أكثر من رسالة بالفرنسية واثنتان بالعربية، أما رد خيضر فتاريخه 27 يونيو 1955.
(4)
من أخبار الطلبة في العراق أن هناك برقية تقول إن وزارة التربية العراقية قد أعلنت =