الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأخلاق متأنقا في لباسه، ولكننا لم نجلس للتحدث، كان أبيض البشرة، ويلبس نظارة طبية، ولا أدري متى بدأ العقون نضاله في صفوف جبهة التحرير. قبض عليه العدو في مسجد المرادية حيث كان يلقي درسه يوم 15 يناير، 1959، وهو تقريبا نفس التاريخ الذي قبض فيه على الشيخ الربيع بوشامة، ولعل العقون كان من سكان حي المرادية، وقد ذهب محمد ناصر إلى أن منظمة الجيش السري الإرهابية هي التي اختطفته واغتالته في نفس السنة، وسواء اغتالته هذه المنظمة أو منظمة اليد الحمراء، فإن الاسعمار كالأخطبوط له أكثر من ذراع يبطش بها، فقد قتلوه بعد التعذيب في الثالث عشر من مايو في الدويرة (من ضواحي العاصمة).
الشاعر عبد الكريم العقون مقل في شعره ويتميز بالعاطفية والوطنية والإصلاح، وهو في شعره أقرب إلى التيار الرومانسي، وأسلوبه تجديدي ويميل إلى الرقة في العبارة والنغم في الألفاط، وهو أقرب جيله إلى التيار الرومانسي الذي كان يمثله الطاهر بوشوشي، وقد نشر معظم شعره على حد علمنا، في جريدة البصائر من السلسلة الثانية، وربما نشر أيضا في صحف أخرى، وله ديوان يبدو أنه ما يزال مخطوطا (1).
عبد الرحمن العقون (بلعقون)
يبدو أنه لا صلة عائلية بين الشاعرين العقونين، أما من حيث الأدب والمهنة والفكر فالقرابة ثابتة، فكلاهما تعاطى التعليم وخدم الثورة، وكلاهما انتمى إلى التيار الوطني غير أن عبد الرحمن قد انتمى إلى حزب الشعب/ حركة الانتصار بينما انتمى زميله إلى الحركة الباديسية الإصلاحية، وإذا كان عبد الكريم قد عرف بالشعر فإن عبد الرحمن عرف بالنثر والشعر معا، وكان نثره أفضل من شعره، ومع ذلك فإن لعبد الرحمن ديوان شعر مطبوع بينما ما يزال
(1) محمد ناصر، الشعر الجزائري الحديث، مرجع سابق، ص 681، ويقول ناصر إنه استقى معلوماته عن العقون من الشيخ حمزة بوكوشة الذي كان صديقا للشاعر.
شعر عبد الكريم مخطوطا، كما أن عبد الكريم لم يخرج من الجزائر أيام الثورة أما عبد الرحمن فقد هرب وخدم الثورة في الوفد الخارجي في سورية والأردن، وقد أطال المكث في البلد الأخير (1958 - 1964).
ولد عبد الرحمن في وادي الزناتي سنة 1908، ودرس الابتدائي في مسقط رأسه على يد شيخه عمار مهري والد المناضل عبد الحميد مهري، واستغرق ذلك، حوالي سبع سنوات (1926 - 1933)، وانضم إلى حزب الشعب مبكرا، فكان عضوا في لجنة المدارس الحرة التي أنشأها الحزب، واشتغل بالتعليم ولكنه لم يقتصر عليه بل مارس أيضا التجارة والفلاحة من أجل العيش، وقد اعتقل وسجن إبان الثورة، وبعد الإفراج عنه رحل إلى المشرق وعمل في مكاتب جبهة التحرير كما ذكرنا.
له عدة تآليف صدرت بعد الاستقلال، منها: من وراء القضبان وهو كتاب في شكل قصة، وديوان شعر بعنوان (أطوار)، والكفاح السياسي والقومي، وهو نوع من المذكرات في الحياة السياسية والحزبية في الجزائر، ويقع في ثلاثة أجزاء (1).
عندما عزمت على كتابة بحثي عن الشعر الجزائري سنة 1957 سمع عبد الرحمن العقون بالمشروع فراسلني بمجموعة من شعره ونبذة من حياته، مثل كل الزملاء الذين راسلتهم، وكان عندئذ في دمشق، ولما صدر بحثي في مجلة الآداب بدا أن العقون قد خاب ظنه ربما لأني لم أكتب عنه كما كان يتوقع، فراسلني بغضب واستعاد مني إنتاجه فأعدته إليه، وقد ندمت على ذلك لأنه لو كان معي ذلك الإنتاج الآن لاستفدت منه في هذا البحث، وعلى كل حال فشعره على ما أذكر شعر سياسي تعليمي هادى العاطفة، وقد قلت إن نثره أفضل من شعره.
أما علاقة العقون بالثورة فهو من الرعيل الأول الذي انضم إليها وكان
(1) محمد ناصر، الشعر الجزائري الحديث، مرجع سابق، ص 668.