الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأثناء مظاهرات جرت في سورية لدعم نضال الجزائر ألقى الزناقي قصيدة مجد فيها الثورة وقال:
في كل يوم ثررة للثار
…
في أرضنا كالرعد كالإعصار
في كل يوم ثورة وقادة
…
ترمي الطغاة بأسهم من نار
وقد تحدث فيها عن بطولة الثوار وأبدى إعجابه بالثورة وبمعقلها الأول، الأوراس، وتناول فيها أحداث المغرب العربي ومساندة المشرق للثورة:
أوراس قد أرغى وأزبد ثائرا شدوا على القيثار للثوار
ومن شعره الهادى قصيدة في الحنين إلى الذكريات، وهي قصيدة ناعمة ترجع بالذاكرة إلى الماضي بكل ما فيه (1).
الربيع بوشامة
عرفت الربيع بوشامة أثناء الثورة عندما بدأت التعليم في مدرسة الثبات في الحراش، إحدى ضواحي عاصمة الجزائر، وكان عندئذ هو مدير المدرسة التابعة لجمعية العلماء، كان ذلك في نهاية شهر نوفمبر 1954، عرفت فيه الحزم والإخلاص، وقد حدثني عن رحلته إلى باريس لتنشيط حركة جمعية العلماء وسط العمال الجزائريين في غربتهم حتى يظلوا مرتبطين بوطنهم ولغتهم وإسلامهم، كما كان يحدثني عن أستاذه ابن باديس وعن شخصيات الجيل السابق له من المعلمين والمصلحين وما جرى له معهم ومع الإدارة المدرسية والسلطات الفرنسية، وكيف تحمل الصعوبات والمضايقات التي كانت تضعها هذه السلطات في طريقهم، ومع ذلك كانوا مصرين على النجاح وبلوغ الهدف، وكان ينتقد بعض قادة جمعية العلماة في الجزائر نفسها وسلوك بعض معلميها، وكنت عندئذ معلما مبتدئا وصغير السن نسبيا وقليل التجربة، فلم أكن أشاركه
(1) مراسلة الزناقي وصلتني مكتوبة على ست أوراق زرقاء غير مرقمة، وقد أرسلها إلي من دار المعلمين الابتدائية في حلب بتاريخ 13 سبتمبر، 1957.
في أحكامه وإنما كنت أستمع إليه باهتمام.
أما عن شعره فقد عرفته على صفحات البصائر قبل سنوات من لقائي بالشاعر، فقد كان الربيع بوشامة ينظم الشعر في مواضيع وطنية وعربية وأخرى تتعلق بالطبيعة والعلاقات الإنسانية، شعره نظم وقلما يحلق به في أجواء المعاني والصور البيانية أو يبحث فيه عن جمال التعبير وفن القول، ولا شك أنه كان يتذوق الشعر بما حفظ من دواوينه وقرأ لفطاحله، ويبدو أنه كان يميل إلى المدرسة الرومانسية الاجتماعية ولكن بيئة الجزائر الثقافية الخالية عندئذ من النقد الأدبي جعلت توجيه وتقويم الشعراء أمرا غير وارد، وكنت أتبادل معه الرأي في الشعر العمودي الذي يلازمه والشعر الحر الذي بدأت أحاوله وأميل إليه.
ولد الربيع بوشامة في ديسمبر عام 1916 في قنزات في بني يعلى ولاية سطيف، ومنذ العام السابع من عمره دخل المدرسة القرآنية (الكتاب) والمدرسة الفرنسية، فحفظ القرآن الكريم واحتفل به والده كما جرت عادة أهل المنطقة تيمنا بأن يكون شيخ فقه وعلم، أما في المدرسة الفرنسية فقد أكمل دراسته إلى السنة الأخيرة من المرحلة الابتدائية، ثم تفرغ لدراسة العلوم العربية والإسلامية فدرسها على شيوخ بني يعلى الذين منهم الشيخ سعيد صالحي أحد أعضاء جمعية العلماء البارزين، في هذه الأثناء درس بوشامة النحو والقراءات والتجويد والفقه والتوحيد ..
وخلال الثلاثينات من القرن العشرين وصل إلى بني يعلى إشعاع الحركة الإصلاحية من رافد آخر وهو الفضيل الورثلاني كما وصلتهم مجلة الشهاب وتأثير حركة ابن باديس، وقد بدأ الربيع بوشامة نشاطه بمساعدة شيخه صالحي على التدريس في جامع البلدة، ثم انضم إلى جمعية العلماء واعتنق مبدأها الإصلاحي، وفي سنة 1938 أوفدته الجمعية إلى باريس رفقة سعيد صالحي لبث أفكارها في أوساط العمال الجزائريين بعد التحاق الورتلاني بالقاهرة، وقبل
أن يتم سنة في فرنسا استدعي للخدمة العسكرية ولكنه أعفي منها لضعف بصره، فالتحق بالشيخ ابن باديس في قسنطينة وتتلمذ عليه.
بقي في قسنطينة بضعة أشهر فقط لأن ابن باديس نصحه بالدراسة في الزيتونة، ولكن حالته المادية حالت دون ذلك، تأثر الربيع بوشامة بابن باديس فسار على هداه في حياته وبعد وفاته، وفي سنة 1942 التحق بخراطة لينشر فيها التعليم العربي الحر على الطريقة الباديسية، ولكن خراطة تعرضت إلى ما تعرضت له قالمة وسطيف أثناء حوادث الثامن مايو فاعتقل بوشامة ورمي به في السجن، ووجهت له تهمة التحريض على الجهاد، وصدر الحكم بإعدامه ولكن الحكم لم ينفذ، ولما خرج من السجن في فبراير 1946 على إثر العفو العام توجه إلى العاصمة وتعاطى التعليم في مدرسة (الهداية) بحي العناصر، وهناك اتصل بإدارة جمعية العلماء واتفق مع الشيخ الإبراهيمي على العمل في نطاق مدرسة الهداية، ثم تحول إلى مدرسة الثبات بالحراش ابتداء من سنة 1948، وبعد عدة سنوات انتدبته الجمعية لتمثيلها في باريس (أغسطس، 1952) حيث أصبح معتمدها ورئيس شعبتها، والمعروف أن الإبراهيمي قد زار باريس في طريقه إلى المشرق في يناير من السنة المذكورة.
رجع الشاعر إلى مدرسة الثبات بالجزائر حيث تعرفت عليه، وبقي يديرها ويدرس فيها إلى يناير 1959 حين أوقفته السلطات الفرنسية، كان الشاعر يحب مهنته وخدمة اللغة العربية والإسلام في الجزائر وهذا هو شعار الحركة الإصلاحية، وطالما أشاد بوشامة بالعروبة والإسلام في شعره وأحاديثه، وبالإضافة إلى ذلك هناك موضوع الحرية والوطنية وأحداث الثامن مايو وقضايا فلسطين وليبيا ومصر، ولم ينضم بوشامة إلى أي حزب سياسي حسب علمنا وإنما كان قريبا من اتجاه حزب الشعب مثل العديد من معلمي الجمعية.
له ديوان مطبوع الآن بعد أن جمع شعره وقدم له قريبه جمال قنان، ويبدو أن الديوان لا يضم كل شعره، وهو الشعر الذي نظمه قبل وأثناء الثورة، وقد