الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أحسن فيها وصف المشاهدات وعبر فيها عن مشاعره الدينية والتاريخية والسياسية في المشرق، وآخر عدد غطى فيه الرحلة هو 276 (1)، وسنعود إليها في باب الرحلات.
مسألة الفصحى والعامية والفرنسية
في افتتاحية من (هنا الجزائر) طرح الكاتب موضوع الفصحى والعامية وملاءمة اللغة للعصر وحاجات الناس، قال الكاتب المجهول الذي قد يكون هو رئيس التحرير نفسه (الطاهر بوشوشي)، إن موضوع اللغة قد أثير في الإذاعة عندئذ وهي العربية والقبائلية والفرنسية، مضيفا أن اللغة الأولى يفهمها أهل القطر الجزائري كله، وتستعمل الدارجة (العامية) ليسرها وفائدتها، بينما القبائلية المنطوقة فقط تستعمل بمنطقة القبائل الكبرى والصغرى، أما اللغة الفرنسية فهي موجهة إلى الأوربيين والأهالي الذين يفهمونها.
ودافع الكاتب على العامية لأنها مستعملة في مختلف البرامج الإذاعية. أما الفصحى فهي لغة (السبح في الأجواء الرفيعة) حب تعبيره، وهي ذات ثروة فنية، وهي أم اللغات، ولغة القرآن، ولغة المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، ولكل من اللغتين (الفصحى والعامية) أنصار، فماذا اختارت الإذاعة الجزائرية الفرنسية؟ لقد اختارت حلا وسطا أملته التجربة والحكمة في نظر الكاتب، فهي تخاطب أهل الاختصاص بالفصحى (وذكر البرامج التي تستعمل فيها وهي العلم، والفن، والأدب، والأخبار) بينما العامية لها أيضا برامجها (وهي الأحاديث الطبية والأخبار المحلية والزراعة
…
)، والأسلوب الذي كتبت به المقالة سهل مرسل ليس فيه تزويق ولا تكلف (2).
في المقالة التي كتبها بوشوشي عن افتتاح مدرسة بن عكنون سنة 1954
(1) انظر فصل كتب وكتابات - الرحلات.
(2)
هنا الجزائر 65، مايو 1958.
نجد أسلوبا جيدا ووصفا حيا، ونعني بذلك تدشين المدرسة المزدوجة التي خلفت الثعالبية التي خصصت للبنات المسلمات بينما خصصت المدرسة الجديدة للفتيات (عمارة رشيد حاليا) وقد افتتحت بحوالي أربعمائة طالب، وبناء على بوشوشي فقد افتتح المدرسة الوالي العام (روجي ليونار) بحضور المدير الجديد وهو أحمد بن زكري وحضور عبد الرحمن فارس رئيس المجلس الجزائري (البرلمان المحلي) والمفتي محمد بابا عمر، وهي مدرسة تجمع بين الذوق الشرقي والعصري (الأوروبي).
وقد تداول الخطباء بالفرنسية على المنصة فأشادوا بحضارة الشرق الإسلامية وحضارة الغرب الفرنسية - المسيحية والتقائهما في طراز وأداء رسالة هذه المدرسة، ومن الخطباء المترجم والباحث محمد الحاج صادق، فقد نوه بالثقافة المزدوجة العربية - الفرنسية لأنها في نظره وسيلة لمسايرة ركب الحضارة في العصر الحديث، قائلا إن المسلمين مع ذلك يتمسكون أيضا بحضارتهم الإسلامية ويعتزون بها لأنها إحدى مقومات حياتهم الفكرية والروحية، كما خطب الشيخ أحمد بن زكري وعميد الأكاديمية السيد (قو Gau) الذي ذكر المسلمين بإصلاح التعليم الإسلامي الذي انطلق سنة 1950، وهو الإصلاح الذي جمع بين الدروس العربية والمواد العصرية في برنامج الثانويات الفرنسية، ونادى عبد الرحمن فارس بضرورة تعلم البنات المسلمات والجمع بين الثقافتين، ولم يفت الوالي العام الإشادة بكتابات طه حسين ومصطفى عبد الرازق اللذين تخرجا من فرنسا وأثار كل منهما ضجة في مصر في موضوع معين الأول حول الشعر الجاهلي ومستقبل الثقافة في مصر، والثاني حول أصول الحكم ومسألة الخلافة والسلطة في الإسلام (1).
ومن الطبيعي أن تهتم جريدة (المجاهد) بالمقالة السياسية التحليلية والافتتاحيات التي تعالج وضع الثورة واتجاهاتها وبعض مواقف الأشقاء
(1) هنا الجزائر، مايو 1954 + صورة للمدرسة الجديدة وصورة أخرى للثعالبية القديمة.