الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهناك طالب آخر يدعى (م، م) طلبت الخارجية الجزائرية من وزارة الثقافة اتخاذ إجراءات ضده لارتكابه أعمالا غير منسجمة مع سمعة الجزائر ومهمته العلمية، وقد أمر الطالب فعلا بالخروج من العراق والرجوع إلى القاهرة (1).
وضمن الملف السابق توجد حالة الطالب (ع، ب) الذي كان يدرس في بغداد والذي قيل إنه كان يجمع التبرعات باسم الرابطة، فقد كتب السيد سامي شعار إلى السيد أحمد (؟) عن هذه الحالة وطلب منه توضيحا للموقف والاهتمام بالموضوع مع كل من عبد الحمد مهري ومحمد الغسيري، وليس في هذه الرسالة مكان ولا تاريخ، ولكن مهري كتب ردا بشأنها إلى ممثل جبهة التحرير في سوريا عليها الختم الرسمي للجبهة، وهي موجهة إلى رئيس رابطة
الطلاب الجزائريين بالقاهرة ومؤرخة من دمشق في 25 سبتمبر 1957، وتتناول موضوع الطالب المذكور على أنه كان يجمع التبرعات في لبنان ويقدم للمتبرعين وصولات، وتطلب من رئيس الرابطة العمل فورا لاتخاذ اللازم (2).
نشأة الاتحاد العام للطلبة المسلمين الجزائريين (لوجيما)
سبق القول أن الطلبة الجزائريين في جامعة الجزائر والجامعات الفرنسية كانوا قد توحدوا في تنظيم خاص بهم منذ العشرينات من القرن العشرين، وكان فرحات، عباس رئيسا لهذا التنظيم فترة من الوقت، وكانت له نشرة تسمى (التلميذ) ثم تكونت جمعية لطلبة المغرب العربي (شمال افريقيا) فيها تونسيون
= رفضها قبول أي طالب بعد نهاية شهر نوفمبر، كما رفضت جامعة بغداد والوزارة قبول طالبين هما العمراوي ومحمد الحبيب الموجودان آنذاك في دمشق، وهذا القرار جاء من غير تبرير، لكن يبدو أن الأمر يتعلق بالتوقيت، لأن الرسالة مؤرخة في 9 ديسمبر 1959، (الأرشيف الوطني، العلبة 21 - 50، تاريخ 14 أكتوبر، 1959 و 17 أكتوبر 1959.
(1)
الأرشيف الوطني، علبة 21 - 50، 20 أبريل، 1959 و 8 أغسطس، 1959.
(2)
الأرشيف الوطني، علبة 21 - 50، وتوجد نسخة لأحد الوصولات ضمن الرسالة.
ومراكشيون من أمثال الحبيب ثامر والمنجي سليم (تونس) وأحمد بلافريج ومحمد الفاسي وعلال الفاسي (مراكش)، وكانت الجمعية الأخيرة تضم الطلبة المغاربة في الجامعات الفرنسية بما فيها جامعة الجزائر التي كانت تعتبر جامعة فرنسية بحيث يسجل فيها طلبة المغرب وتونس أيضا في الطب والقانون والأدب
…
وقد اختارت الجمعية أن تجتمع في حاضرة من حواضر الأقطار الثلاثة كل سنة تقريبا، كالجزائر وتلمسان والرباط وتونس، وحين اجتمعت في تلمسان كانت جلساتها برعاية الشيخ الإبراهيمي، ولهذه الجمعية نشرة تعرضنا إليها في أحد كتبنا (1).
إلى أي حد كانت الثورة تشكل دافعا للطلبة الجزائريين في الجامعات الفرنسية إلى إنشاء الاتحاد؟ هل كان وراء ذلك فكرة قديمة طالما راودت طلائع الطلبة وهي ضرورة إنشاء تجمع طلابي جزائري خارج اتحاد الطلبة الفرنسيين؟ هل كان الدافع هو التميز عن الطلبة الفرنسيين كما فعل - الكشافة والرياضيون والعمال؟ إلى أي مدى أيضا ساهمت الأحزاب وجمعية العلماء في بعث الوعي الوطني لدى الطلاب لكي ينفصلوا عن التنظيمات الفرنسية؟ فنحن إذا عدنا، مثلا - إلى جريدة (الشاب المسلم) نجدها تتميز بخطاب مختلف عن خطاب المنظمات والجرائد الأخرى، فهي جريدة تدعو إلى الوطنية والإصلاح وإلى العروبة والإسلام على غرار ما كانت تدعو إليه البصائر والمنار والجزائر الحرة
…
وكان الشيوعيون الجزائريون قد حاولوا إنشاء تنظيم طلابي ولكنه لم يكن فعالا، وأثناء ذلك كان في تونس أكثر من جمعية للطلبة الجزائريين كما كان طلبة المشرق يتململون ويحاولون تكوين تنظيم يمثلهم. لا شك أن مرور ثمانية أشهر على الثورة قد جعل الشباب الواعي في
(1) الحركة الوطنية ج 3، أنظر أيضا محمد بلقاسم: التجربة الوحدوية في المغرب العربي، جامعة الجزائر، رسالة ماجستير.
الجزائر وخارجها يفكر في إنشاء تنظيم طلابي يساير الروح الجديدة ويعطي للثورة صوتا إضافيا في المحافل الطلابية ويكون صوتا تجتمع من حوله الشبيبة المثقفة المؤهلة لخدمة الثورة، وقد بدأت الأمور تسير سيرا طبيعيا فأنشئت لجنة تحضيرية ثم انعقد مؤتمر انبثق عنه (الاتحاد العام للطلبة المسلمين الجزائريين)، وعشية انعقاد هذا المؤتمر كتبت جريدة (البصائر) عن أهداف الاتحاد ما يلي:
أولا: تقريب الطلبة من بعضهم (في المشرق، في المغرب، في الجزائر. في فرنسا) لأن هناك تباعدا بينهم بسبب اللغة، بحيث هناك طلبة يدرسون بالعربية، وطلبة يدرسون بالفرنسية، والهدف من ذلك هو الوصول إلى توحيد مناهج التعليم مستقبلا في الجزائر.
ثانيا: وضع توجيه عام تسير عليه الجمعيات الطلابية الجزائرية في أي مكان، ومساندة بعضهم بعضا، وبذلك يتحاور الطلبة مع بعضهم سواء كانوا في السوربون أو في القرويين أو في الزيتونة أو في أي معهد أو جامعة أخرى.
ثالثا خلق جو يقرب الطلبة من مطالب الأمة (السياسية؟) والهيئة المثقفة من الشعب، فالاتحاد سيفتح أبوابه لجميع الطلبة بشرط إيمان الطالب:(بفكرة الجزائر كوطن إسلامي العقيدة، عربي الثقافة، شرقي الاتجاه،) وقد أعلنت البصائر أن الاجتماع الأول للاتحاد سينعقد في النصف الأول من شهر يوليو 1955، أما من يرغب في مساندة المؤتمر ماديا فعليه الاتصال بجمعية الطلبة المسلمين الجزائريين بالجزائر (1).
وهكذا انعقد الاجتماع (سرا) كما تقول بعض الروايات في باريس بين 8 و 14 يوليو 1955، ومن بين أهداف الاتحاد غير المعلنة خدمة الثورة وخدمة اللغة العربية أساس الثقافة العربية، وإشراك الاتحاد في الحياة السياسية وعدم البقاء على الحياد في القضايا المصيرية، وأول رئيس للاتحاد هو أحمد طالب بن
(1) البصائر، 326، 8 يوليو 1955.
الشيخ الإبراهيمي (1).
ويتحدث كل من حضر أو شارك في إنشاء الاتحاد عن (المعركة) الحامية التي دارت من أجل كلمة (المسلمين) في عنوان الاتحاد، فقد اعترض عليها، - كما قيل - الشيوعيون والعلمانيون وتمسك بها الوطنيون والإصلاحيون، ولكن ما الفرق؟ يرى الوطنيون أن كلمة المسلمين تمثل الإيديولوجية الوطنية القائمة على الثلاثي (الجزائر - الإسلام - اللغة العربية)، ولولا ذلك لما كان الطلبة في حاجة إلى اتحاد خاص بهم إذ يمكنهم أن يكونوا ضمن الاتحاد العام للطلبة الفرسيين، فالجنسية الفرنسية محفوظة ومعترف بها للطلبة، سواء كانوا فرنسيين أو مسلمين، أما كلمة الجزائريين فهي التي لا يعترف بها الفرنسيون لهم وكان الشيوعيون يرون أن كلمة (المسلمين) تميز الطلبة الجزائريين عن بقية المجتمع بينما الأوروبيون هم جزء من نسيج الأمة الجزائرية التي هي بصدد الميلاد، في نظرهم.
ركز الاتحاد في أول نشرة على المسألة الثقافية قائلا (لقد جرد الطالب الجزائري من ثقافته العربية الإسلامية، ومن لغته التي هي اللغة العربية، وعليه أولا وقبل كل شيء أن يفرض شخصيته الجزائرية، وأن يطالب ويدافع عن تراثه الثقافي الذي ورثه عن الحضارة العربية)(2).
ولقائل أن يقول لماذا لم ترد كلمة العرب في عنوان الاتحاد، وقد كان الفرنسيون أنفسهم يعترفون بهذا الاستعمال ويقرونه إذ أن الكلمة الشائعة عندهم للجزائري هي العربي والمسلم، ونرى أن ذلك السكوت عن كلمة العرب جاء لخدمة الوحدة الوطنية لأن المسألة البربرية كانت حية على مستوى حزب الشعب، وإلى حد ما على مستوى جمعية العلماء، وكان الحزب الشيوعي يستعملها ويغذيها قصدا للدلالة على أن هوية الجزائر لم تكتمل وأنها تتألف من
(1) هلال، نشاط الطلبة الجزائريين، 1989، ص 30.
(2)
هلال مرجع سابق، ص 27.