الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ [نكاح الكتابية والمشركة]
3614 -
قول "المنهاج"[ص 385]: (يحرم نكاح من لا كتاب لها كوثنية) ظاهر إطلاقه تحريمها على الكتابي أيضاً، وكذا يقتضيه إطلاق "الحاوي" و"الروضة" وأصلها (1)، وقيد "التنبيه" ذلك بالمسلم فقال [ص 160]:(ويحرم على المسلم نكاح المجوسية والوثنية) ومقتضاه: حلها للكتابي، وفي ذلك وجهان في "الكفاية".
وهل تحرم الوثنية على الوثني؟ قال السبكي: ينبغي إن قلنا: إنهم مخاطبون بالفروع .. حرمت، وإلا .. فلا حل ولا حرمة، فعلى التحريم يأثم بوطئها.
3615 -
قول "المنهاج"[ص 385]: (ومجوسية) يقتضي أن المجوس لا كتاب لهم، وفيه قولان، رجح في "الروضة" وأصلها (2) أنه كان لهم كتاب فرفع، قال السبكي: وهو المختار، وقد رأيته، ورأيته في كتاب "اختلاف الحديث" صريحاً. انتهى (3).
وحكى ابن الرفعة أن المنصوص في "الأم" و"المختصر": أنه لا كتاب لهم (4)، فيحمل لفظ "المنهاج" على أنه لا كتاب لهم الآن، ومقابله على أنه كان لهم فرفع كما هو صريح لفظه، ولم يتعرض "التنبيه": و"المحرر" و"الحاوي" لذلك، بل اقتصروا على أنه لا يحل نكاحها، وظاهر مفهوم "التنبيه": حل الكتابية مطلقاً (5)، وفصل "المنهاج" فقال [ص 386]:(فإن لم تكن الكتابية إسرائلية .. فالأظهر: حلها إن عُلم دخول قومها في ذلك الدين قبل نسخه وتحريفه) وفيه أمران:
أحدهما: أن مقتضاه: حل الإسرائلية ولو علم دخول قومها بعد النسخ والتحريف، وليس كذلك، فمتى لم يدخل قومها إلا بعد النسخ .. لم تحل؛ ولذلك قال "الحاوي" [ص 464]:(أو إسرائلية قبل النسخ) وعبارة "الروضة": وأما الدخول بعد بعثة نبينا صلى الله عليه وسلم .. فلا تفارق فيه الإسرائلية غيرها (6).
ثانيهما: أن مقتضاه: أنه متى علم دخول قومها في ذلك الدين قبل نسخه لكن بعد تحريفه ..
(1) فتح العزيز (8/ 72)، الحاوي (ص 464)، الروضة (7/ 135).
(2)
فتح العزيز (8/ 75)، الروضة (7/ 135).
(3)
اختلاف الحديث (4/ 173، 174).
(4)
الأم (4/ 173، 174)، مختصر المزني (1/ 277).
(5)
التنبيه (ص 160).
(6)
الروضة (7/ 138).
لا تحل مطلقاً، وليس كذلك، بل محله: ما إذا دخلوا في المحرف، فإن تمسكوا بالحق منه وتجنبوا المحرف .. حل نكاحها؛ وهذا وارد أيضاً على قول "الحاوي" [ص 464]:(عُلم آمن أول آبائها قبل التحريف) ومقتضى عبارتهما: التحريم إذا شك هل دخلوا قبل التحريف أو بعده، وهو كذلك، وكذا تحرم ذبائحهم لكن يقرون بالجزية، وقال "السبكي": ينبغي الحل فيمن علم أصل دخولهم وجهل وقته، وإلا .. فما من كتابي اليوم لا يعلم أنه إسرائلي إلا ويحتمل فيه ذلك، فيؤدي إلى ألَاّ تحل ذبائح أحد منهم اليوم ولا مناكحته، بل ولا في زمن الصحابة؛ كبني قريظة والنضير وقينقاع، قال: وطلب مني بالشام منعهم من الذبح فأبيت، ومنعهم قبلي محتسب بفتوى بعضهم، ولا بأس بالمنع إن رآه مصلحة، وأما الفتوى به .. فجهل (1). انتهى.
3616 -
قول "المنهاج"[ص 386]: (ويجبر على غسل حيض ونفاس) يفهم اختصاص ذلك بالكتابية، لا سيما وقد قال بعده:(وتجبر هي ومسلمة على غسل ما نجس من أعضائها) مع أن ذلك لا يختص بها، فالمسلمة كذلك؛ ولذلك قال "التنبيه" في مطلق الزوجة [ص 159، 160]: (وله أن يجبرها على ما يقف عليه الاستمتاع، كالغسل من الحيض وترك السكر) بل لا يختص ذلك بالزوجة؛ فإن الأمة كذلك.
نعم؛ تختص الكتابية بنيابة الزوج عنها في النية بخلاف المسلمة العاقلة.
قال القاضي أبو الطيب: ولا أعلم من فرق بين الشافعي والحنفي، فللحنفي إجبارها وإن جاز عنده وطء الحائض قبل الغسل؛ لأنه قد يحتاط للوطء.
قال شيخنا الإمام البلقيني: وفيه نظر.
قلت: وجهه: أن هذا يتوقف عليه كمال الاستمتاع لا أصله على عقيدته، فهو محل الخلاف، والله أعلم.
3617 -
قول "التنبيه"[ص 160]: (وأما ما يكمل به الاستمتاع؛ كالغسل من الجنابة واجتناب النجاسة وإزالة الوسخ والاستحداد .. ففيه قولان) فيه أمور:
أحدها: الأظهر: إجبارها عليه؛ ولذلك قال "المنهاج"[ص 386]: (وكذا جنابة وترك أكل خنزير في الأظهر) لكن أفهم كلامه اختصاص ذلك بالكتابية كما تقدم، وكذا فرض الرافعي الخلاف في غسل الجنابة في الكتابية، وقال: أما المسلمة: فهي مجبرة على الغسل من الجنابة، كذا أطلقه البغوي (2).
قال النووي: ليس هو على إطلاقه، بل هو فيما إذا طال بحيث حضر وقت صلاة، فأما إذا لم
(1) في النسخ: (فمحتمل)، والتصويب من "تحفة المحتاج"(7/ 324)، و"نهاية المحتاج"(6/ 291).
(2)
فتح العزيز (8/ 74)، وانظر "التهذيب"(5/ 379).
تحضر صلاة .. ففي إجبارها القولان، وهما مشهوران، حتى في "التنبيه"، والأظهر من القولين: الإجبار. انتهى (1).
وقد عرفت أن "التنبيه" لم يخص المسألة بالمسلمة، بل أطلق القولين، فتناول المسلمة والذمية، لكن عرفنا بذلك أن محل القولين في المسلمة: إذا لم تحضر صلاة، فإن حضرت .. وجب قطعاً، وليس ذلك لحقه، بل لحق الله تعالى.
ثانيها: أطلق الخلاف في اجتناب النجاسة، وقد قال "المنهاج" [ص 386]:(وتجبر هي ومسلمة على غسل ما نجس من أعضائها) فلم يجعل ذلك موضع خلاف، وصرح في "الروضة" وأصلها بنفي الخلاف في ذلك، وعبارة "الروضة": ومتى تنجس فمها أو عضو آخر .. فله إجبارها على غسله بلا خلاف، ليمكنه الاستمتاع به؛ وله منعها من لبس جلد الميتة قبل دباغه ولبس ما له رائحة كريهة. انتهى (2).
لكن اعترض ذلك في "المهمات" وقال: فيه قولان حكاهما في "التنبيه". انتهى.
وقد يقال: هما مسألتان، فالخلاف الذي في "التنبيه" في إجبارها على اجتنابه، والجزم الذي في "الروضة" في إجبارها على غسله بعد مخامرته، وهذا مقتضى اللفظ، وفقهه واضح.
ثالثها: محل الخلاف في الأوساخ: إذا لم تفحش، فإذا فحشت بحيث أدت إلى النفرة .. أجبرت على إزالتها قطعاً، وعبر عنه شيخنا الإسنوي في "تصحيحه" بالصواب (3)، وأجاب عنه في "التوشيح": بأن ذلك يقف عليه الاستمتاع، فقد دخل في عبارة "التنبيه" أولاً، وكلامه هنا فيما يتوقف عليه كمال الاستمتاع.
3618 -
قول "التنبيه"[ص 160]: (وهل تحرم المولودة بين الكتابي والمجوسية؟ فيه قولان) الأظهر: التحريم، كما ذكره "المنهاج" وعليه مشى "الحاوي"(4)، وسوى في "المحرر" بين هذه الصورة وعكسها في إجراء الخلاف (5)، والمعروف في عكسها الجزم بالتحريم كما هو في "التنبيه" و"المنهاج"(6).
3619 -
قول "المنهاج"[ص 160]- والعبارة له - و"الحاوي"[ص 464]: (وإن خالفت السامرة اليهود، والصابئون النصارى في أصل دينهم .. حَرُمْنَ، وإلا .. فلا) ليس فيه بيان ما إذا شككنا
(1) انظر "الروضة"(7/ 136).
(2)
فتح العزيز (8/ 74)، الروضة (7/ 137).
(3)
تذكرة النبيه (3/ 273).
(4)
الحاوي (ص 464)، المنهاج (ص 386).
(5)
المحرر (ص 300).
(6)
التنبيه (ص 160)، المنهاج (ص 386).
أيخالفونهم في الأصول أم الفروع؟ والمجزوم به في "الروضة" وأصلها أنهم لا يناكحون (1).
وقال شيخنا الإمام البلقيني: ظاهر كلام الشافعي في "المختصر" الحل؛ حيث قال: والصابئون والسامرة من اليهود والنصارى إلا أن يعلم أنهم يخالفونهم في أصل ما يحلون من الكتاب ويحرمون .. فيحرموا كالمجوس (2).
3620 -
قول "التنبيه"[ص 165]: (وإن انتقل المشرك من دين إلى دين يقر أهله عليه .. ففيه قولان، أحدهما: يقر عليه، والثاني: لا يقر) فيه أمران:
أحدهما: أنه لا بد في تصوير المسألة من أن يكون الدين المنتقل عنه يقر أهله عليه، وتعبيره بالمشرك قد ينافي ذلك، لكن يساعده قوله في التفريع عليه:(والثاني: الإسلام أو الدين الذي كان عليه)(3) فدل على أن كلامه في الانتقال عن دين يقر أهله عليه، وقد صرح بهذه الصورة "المنهاج" فقال [ص 386]:(ولو تهود وثني أو تنصر .. لم يُقَرَّ، ويتعين الإسلام كمسلم ارتد).
ثانيهما: الأظهر: أنه لا يقر، كذا في "المحرر" و"المنهاج" و"الحاوي"(4)، لكن صحح في "الشرح الصغير" مقابله، وهو أنه يقر بالجزية، ونقل تصحيحه في "الكبير" عن القاضي أبى حامد والبغوي ونص "المختصر" ولم ينقل فيه تصحيح الآخر عن أحد، وبناهما المتولي وغيره على أن الكفر ملة أو ملل، ورده الرافعي (5).
قال ابن الرفعة: والشافعي في (كتاب الجزية) من "الأم" منع الانتقال مع تصريحه بأن الكفر ملة واحدة، وهو يضعف البناء (6).
3621 -
قول "التنبيه"[ص 165]: (وما الذي يقبل منه؟ فيه قولان، أحدهما: الإسلام، والثانى: الإسلام أو الدين الذي كان عليه) الأظهر: الأول، كذا في "الشرح الصغير" وحكاه في "الكبير" عن الإمام (7)، وعليه مشى "المحرر" و"المنهاج" و"الحاوي"(8)، وعبارة "الروضة" في أصل المسألة: هل يقر بالجزية أم لا يقبل منه إلا الإسلام أو الدين الذي انتقل منه؟ فيه أقوال:
(1) فتح العزيز (8/ 77)، الروضة (7/ 139).
(2)
مختصر المزني (ص 169).
(3)
انظر"التنبيه"(ص 165).
(4)
المحرر (ص 300)، الحاوي (ص 464)، المنهاج (ص 386).
(5)
انظر "مختصر المزني"(ص 169)، و"التهذيب"(5/ 381)، و"فتح العزيز"(8/ 81).
(6)
الأم (4/ 184).
(7)
فتح العزيز (8/ 81)، وانظر "نهاية المطلب"(12/ 251، 252).
(8)
المحرر (ص 300)، الحاوي (ص 464)، المنهاج (ص 386).
أظهرها: الأول، ثم الثاني، ثم قال: قلت: الأصح: لا يقبل منه إلا الإسلام. انتهى (1).
فقوله: (أظهرها: الأول) هو ما صححه في "الشرح الصغير"، ونقل تصحيحه في "الكبير" عن القاضي أبي حامد والبغوي كما تقدم (2)، وقوله:(ثم الثاني) هو ما صححه في "الصغير" تفريعاً على عدم التقرير، وحكاه في "الكبير" عن الإمام (3)، ففي إطلاقه هذا التصحيح عن "الشرح الكبير"، نظر فإن أبى الإسلام على الأول، أو الإسلام وما كان عليه على الثاني .. فالأشبه في "الروضة" وأصلها - وصرح بتصحيحه في "الشرح الصغير" -: أنه يلحق بالمأمن (4)، وعليه مشى "الحاوي" في (الجزية) فقال بعد ذكر الاغتيال:(لا إن توثن)(5)، وقيل: يقتل في الحال، وصححه في "الوجيز"(6) و"الذخائر"، وجزم به الماوردي في (السرقة)، وعليه مشى "الحاوي" هنا فقال بعد ذكر المنتقلة من التهود إلى التنصر وعكسه:(والصابئة السامرة إن خالفت الأصول، وتهدر)(7)، وقوله بعده:(ولا تقرر)(8) غير محتاج إليه، وقواه السبكي، واستشكل الأول: بأنا إن قلنا: يقر .. فَلِمَ نخرجه من بلادنا؟ وإن قلنا: لا يقر .. فَلِمَ يبقى؟ فتبليغه المأمن مع عدم تقريره على ما انتقل إليه وعنه لا أدري كيف هو؟ ! فإنه إذا طلب عقد الذمة إن أجبناه .. لزم التقرير، وإلا .. فهو مقتول لا محالة. انتهى.
قلت: وهذا الثاني هو الموافق للمصحح فيمن فعل ما ينتقض به عهده: أنه لا يبلغ المأمن، بل يقتل في الحال.
3622 -
قول "المنهاج"[ص 386]: (ولا تحل مرتدة لأحد) كذا المرتد، وقد صرح به "التنبيه"[ص 160]، فقال:(لا يصح نكاح المحرم والمرتد والخنثى المشكل).
3623 -
قوله: (وهو الذي له فرج الرجل وفرج المرأة، ويبول منهما دفعة واحدة، ويميل إلى الرجال والنساء ميلاً واحداً)(9) فيه أمور:
أحدها: أنه لا ينحصر في ذلك؛ فالذي له مجرد ثقبة مشكل أيضاً.
(1) الروضة (7/ 140).
(2)
فتح العزيز (8/ 81)، وانظر "التهذيب"(5/ 382).
(3)
فتح العزيز (8/ 81)، وانظر "نهاية المطلب"(12/ 251، 252).
(4)
فتح العزيز (8/ 81)، الروضة (7/ 140، 141).
(5)
الحاوي (ص 615).
(6)
الوجيز (2/ 197، 198).
(7)
الحاوي (ص 464).
(8)
انظر "الحاوي"(ص 464).
(9)
انظر "التنبيه"(ص 160).
ثانيها: لو بال منهما دفعة واحدة، لكن انقطع من أحدهما قبل الآخر .. فالأصح: أن الاعتبار بالمتاخر انقطاعاً، فلو كان أحدهما أسبق خروجاً والآخر أبطأ انقطاعاً .. فالحكم للأسبق خروجاً على الأصح.
ثالثها: كلامه يقتضي الحصر في البول منهما دفعة واحدة، وليس كذلك، فلو بال من هذا مرة ومن الآخر أخرى .. فهو مشكل إن استويا، فإن بال من أحدهما أكثر .. فالعبرة به، وكذا لو كان سبق أحدهما تارة والآخر أخرى .. اعتبر الأكثر، فإن استويا .. فمشكل.
* * *