الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رابعها: ذكر الرافعي والنووي بعد هذا: أنه لو علق بدخول طفل أو بهيمة أو سنور، وحصل خوله كرهًا .. لم تطلق. انتهى (1).
وهو مخالف لما تقرر هنا؛ لأن هذه لا شعور عندها ولا مبالاة.
فصل [في التعليق بالأكل والعدد ونحو ذلك]
4088 -
قول "المنهاج"[ص 427]: (ولو علَّق بأكل رمانةٍ وعلَّق بنصفٍ فأكلت رمانةً .. فطلقتان) صورته: أن يكون التعليق بـ (إن) كما في "المحرر"(2)، وكذا نحوها مما لا يقتضي تكرارًا، أما لو علق بـ (كلما) .. طلقت ثلاثًا؛ لأنها أكلت رمانة ونصف رمانة مرتين.
4089 -
قول "الحاوي"[ص 509]: (وبالفعل بـ "إن" و"إذا" لا بالطلوع .. حَلِف) أي: التعليق بالفعل وعدمه.
محله: ما إذا قُصِد به حث أو منع أو تحقيق خبر، فكان ينبغي التعبير بذلك كما في "المنهاج"(3)، وعبارة "التنبيه" [ص 178]:(وإن قال: "إذا حلفت بطلاقك .. فأنت طالق" ثم قال لها: "إن خرجت من الدار، أو إن لم تخرجي، أو إن لم يكن هذا كما قلت .. فأنت طالق" .. طلقت) فالأول مثال للمنع، والثاني للحث، والثالث لتحقيق الخبر، وقد يقع التعليق بالفعل ولا يقصد به الحث ولا المنع ولا تحقيق الخبر؛ كقوله: إذا قدم السلطان أو جاء الحاج، وقد يقع التعليق بطلوع الشمس مثلًا ويكون حلفًا؛ لتضمنه تحقيق خبر كما إذا تنازعا في طلوعها، فقال:(إن طلعت الشمس .. فأنت طالق)، وبنى "الحاوي" كلامه على أن الغالب من التعليق بالفعل الحلف وبالطلوع ونحوه خلافه، فجرى على الغالب، ولو عبر كـ "المنهاج" .. لطابق ولم يرد عليه شيء كما قدمته، والله أعلم.
4090 -
قول "التنبيه"[ص 175]: (وإن قال له رجل: "طلقت امرأتك" فقال: "نعم" .. طلقت) محله: ما إذا قصد السائل بذلك التماس الإنشاء، وقد قيده به "الحاوي"(4).
واستشكل: بأن هذا اللفظ غير صالح لالتماس الإنشاء.
وجوابه: أن الصيغة وإن كان وضعها الخبر .. فقد تستعمل في الإنشاء كسائر صيغ العقود
(1) انظر "فتح العزيز"(9/ 147)، و"الروضة"(8/ 193).
(2)
المحرر (ص 341).
(3)
المنهاج (ص 427).
(4)
الحاوي (ص 498).
والفسوخ؛ فإنها من حيث اللفظ خبر ومن حيث الاستعمال إنشاء، أما لو قصد السائل استخباره .. فهو إقرار بالطلاق، فإن قال: أردت ماضيًا وراجعت .. صدق بيمينه، ذكره في "المنهاج"(1)، أما إذا قال: وجددت .. فهو كما إذا قال: أنت طالق في الشهر الماضي وفسر بذلك، وقول "المنهاج" فيما إذا قيل ذلك التماسًا [ص 427]:(وقيل: كناية) يقتضي أنه وجه، وكذا في "المحرر"(2)، لكن حكاه في "الروضة" وأصلها قولًا (3).
4091 -
قول "التنبيه"[ص 175]: (وإن قال: "ألك زوجة" فقال: "لا" .. لم يكن شيئًا) أي: فلا يقع به الطلاق وإن نواه، كذا حكاه الرافعي عن نصه في "الإملاء" وعن كثير من الأصحاب، لكن صحح النووي في "تصحيحه": أنه كناية، ثم قال الرافعي: ولا بأس لو فرق بين أن يكون السائل مستخبرًا أو ملتمسًا إنشاء الطلاق كما في (نعم)(4).
4092 -
قوله في (الأيمان): (وإن حلف لا أكلت رغيفين، فأكلهما إلا لقمة .. لم يحنث)(5) يقتضي الحنث بما هو أقل من لقمة، لكن عبارة "المنهاج" [ص 427]:(فبَقِيَ لُبَابةٌ .. لم يقع)، وعبارة "الحاوي" [ص 510]:(بترك شيء) أي: يحصل البر بذلك، وفي "الروضة" هنا: فأكلته إلا فتاتًا، قال القاضي حسين: لا يحنث، وقال الإمام: إن بقي قطعة تحس ولها موقع .. لم يحنث، وربما ضُبط بأن تسمى قطعة خبز، فإن دق مُدركه .. لم يظهر له أثر في بر ولا حنث، قال: وهذا مقطوع به عندي عرفًا، فالوجه: تنزيل إطلاق القاضي عليه (6)، وعبارته في (الأيمان): فبقي ما يمكن التقاطه وأكله .. لم يحنث (7).
4093 -
قول "الحاوي"[ص 510]: (وبتمييز نوىً من نوى فبدَّدَتْ) أي: علق الطلاق بعدم تمييز نواه من نواها، فقال:(إن لم تميزي نوايَ من نواكِ .. فأنت طالق) فبدَّدَت: النوى وفرَّقته .. لم تطلق.
محله: ما إذا لم يقصد تعيينًا كما صرح به "المنهاج"(8) أي: التمييز الذي يحصل به تعيين نواه من نواها.
(1) المنهاج (ص 427).
(2)
المحرر (ص 341).
(3)
الروضة (8/ 179، 180).
(4)
فتح العزيز (9/ 132)، تصحيح التنبيه (2/ 60).
(5)
انظر "التنبيه"(ص 198).
(6)
الروضة (8/ 182)، وانظر "نهاية المطلب"(14/ 322).
(7)
الروضة (11/ 37).
(8)
المنهاج (ص 427).
4094 -
قول "المنهاج"[ص 427]: (ولو كان بفمها تمرةٌ فعلَّق ببلعها ثم برميها ثم بإمساكها فبادرت مع فراغه بأكل بعضٍ ورمي بعضٍ .. لم يقع) إتيانه بـ (ثم) في قوله: (ثم برميها) يوهم أنه يشترط تأخير يمين الرمي عن يمين البلع، وليس كذلك، وإنما يشترط تأخير يمين الإمساك عنهما، فلو علق به أولًا أو ثانيًا ولم تبادر بأكل البعض حتى فرغ من الأيمان .. حنث في يمين الإمساك؛ ولذلك عبر "الحاوي" بقوله [ص 510]:(وابتلاع تمرة في فيها وقذفها ثم إمساكها).
واعلم: أن كلامهما يفهم الحنث بأكل جميعها، وهو يقتضي أن الأكل ابتلاع.
قال شيخنا ابن النقيب: وهو واضح، لكني لم أر من ذكره، وقد يُنازع فيه إذا ذكر التمرة في يمينه، فإن الأكل فيه مضغ يزيل اسم التمرة، فلم يبتلع تمرة؛ فليحرر، وأما عكسه وهو قوله:(إن أكلت .. فأنت طالق) فابتعلت .. فإنه لا يحنث في الأصح؛ لأنه يقال: ابتلعت ولم تأكل، قاله المتولي، كذا في "الروضة" هنا، وقال في (الأيمان): لو حلف لا يأكل السكر فبلعه بلا مضغ .. فقد أكله؛ كما لو ابتلع الخبز على هيئته (1).
4095 -
قول "الحاوي"[ص 510، 511]: (وإن لم تَصْدُقيني في حال سرقة بسرقتُ وما سرقتُ .. بَرَّ) محله: ما إذا لم يقصد تعريفًا كما صرح به "المنهاج"(2).
4096 -
قوله: (ولو قال: "إن لم تخبريني بعدد حبِّ هذه الرمانة قبل كسرها" .. فالخلاص .. أن تذكر عددًا يُعلم أنها لا ينقص عنه، ثم تزيد واحدًا واحدًا حتى تبلغ ما يُعلم أنها لا تزيد عليه)(3) استشكله في "المهمات"، وقال: ينبغي أن يبر بأيّ عدد ذكرته له؛ لأن الخبر يقع على الصدق والكذب كما تقرر في الأصول والفقه.
قال شيخنا الإمام البلقيني: وإنما خرج عن هذه القاعدة؛ لوجهين:
أحدهما: أن القرينة ترشد إلى أن المراد: الذكر، لا مطلق الخبر.
الثاني: أن الإخبار إن كان لِمَا وقع معدودًا أو مفعولً؛ كرمي الحجر .. فلا بد فيه من الإخبار بما وقع، وإن كان يحتمل الوقوع وعدمه؛ كقدوم زيد .. كفى فيه الإخبار المطلق. انتهى.
فلو قال: (إن لم تَعُدِّيه) .. ففيه وجهان:
أحدهما: أنه كقوله: إن لم تخبريني بعدده.
والثاني: يجب أن تبتدئ من الواحد وتزيد إلى أن تنتهي إلى اليقين.
(1) السراج على نكت المنهاج (6/ 424)، وانظر "الروضة"(8/ 182)، (11/ 42).
(2)
المنهاج (ص 428).
(3)
انظر "المنهاج"(ص 428).
قال الإمام: واكتفوا على الوجهين باللسان، ولم يعتبروا توالي العدد فعلًا، قال: ولست أراه كذلك.
نعم؛ لو كان يرمق الواحد بعد الواحد ويضبط .. فهذا يقام مقام النقل باليد (1).
4097 -
قوله: (ولو قال لثلاث: "من لم تخبرني بعدد ركعات فرائض اليوم والليلة" .. لم يقع)(2) كذا جزم به، وعبارة "المحرر":(وقيل: لا تطلق)(3)، وحكاه في "الروضة" وأصلها عن القاضي حسين والمتولي، ولم يحك ما يخالفه (4).
4098 -
قول "الحاوي"[ص 510]: (وبالنزول من سُلَّم والصعود والوقوف بالطفرة والحمل)(5) قُيد ذلك بما إذا لم يكن ذلك بأمرها.
وجوابه: أنه ليس المراد بذلك: أن تحمل وينزل بها من السلم، بل يحملها واقف على الأرض ويضعها بالأرض.
4099 -
قوله: "لا حُقْبٍ وعصرٍ) (6) أي: إذا قال: أنت طالق بعد حُقْبٍ أو عصرٍ .. لم تطلق بعد لحظة، تبع فيه بحث الرافعي، وهو خلاف المنقول؛ فإن الرافعي حكى عن الأصحاب: أنه يقع بمضي لحظة، ثم قال: وهو بعيد لا وجه له، ومشى "التنبيه" في ذلك على المنقول، فقال في (الأيمان) فيمن حلف لا يكلم فلانًا حقبًا:(بر بأدنى زمان)(7)، ولم يبين الرافعي - على استبعاده - ما يحصل به الحنث، وقد ذكر أهل اللغة: أن الحقب: ثمانون سنة، وذكر بعضهم: أن العصر: ثلاثون سنة (8).
4100 -
قول "المنهاج"[ص 428] فيما لو خاطبته بمكروه فقال: "إن كنت كذلك .. فأنت طالق" وأراد التعليق: (اعتبرت الصفة، وكذا إن لم يقصد في الأصح) محل الوجهين في "الروضة" وأصلها: ما إذا عم العرف بالمكأفاة، وهو الخلاف في أنه يراعي اللفظ أو العرف، والأصح: مراعاة اللفظ، أما إذا لم يعم العرف بذلك .. اعتبرت الصفة جزمًا (9).
(1) انظر "نهاية المطلب"(14/ 320).
(2)
انظر "المنهاج"(ص 428).
(3)
المحرر (ص 324).
(4)
الروضة (8/ 184).
(5)
الطفرة: الوثبة. انظر "مختار الصحاح"(ص 165).
(6)
انظر "الحاوي"(ص 502).
(7)
التنبيه (ص 197).
(8)
انظر "فتح العزيز"(9/ 142)
(9)
الروضة (8/ 185).
4101 -
قوله: (والسفه: منافي إطلاق التصرف)(1) تبع فيه "المحرر"(2)، وعبارة "الروضة" وأصلها: ويمكن أن يحمل السفه على ما يوجب الحجر (3).
4102 -
قوله: (والخسيس: قبل: من باع دينه بدنياه)(4) قاله أبو الحسن العبادي، وقال: أخس الأخساء: من باع آخرته بدنيا غيره (5).
4103 -
قول "التنبيه"[ص 179]: (فإن قال: "إن رأيت الهلال .. فأنت طالق" فرآه غيرها .. طلقت) كذا لو لم يره أحد، ولكن تم العدد، والمقصود: ثبوت دخول الشهر؛ ولهذا قال "الحاوي"[ص 511]: (ورؤية غيره الهلال وتمام العدد) ويستثنى من كلامهما: ما إذا قال: أردت بالرؤية المعاينة .. فإنه يقبل باطنًا، وكذا في الظاهر على الأصح، إلا أن تكون عمياء .. فلا يقبل ظاهرًا على الأصح، وسواء علق بالعربية أو بالعجمية عند الإمام (6)، وقال القفال: إن علق بالعجمية .. حمل على المعاينة دون العلم سواء أكان بصيرًا أم أعمى؛ لأن العرف المذكور لم يثبت إلا في العربية، وهو المذكور في "التتمة"، وإيراد البغوي يقتضي ترجيحه (7).
4104 -
قول "التنبيه"[ص 180]: (وإن قال: "إن كلمت فلانًا .. فأنت طالق" فكلمته مجنونًا أو نائمًا .. لم تطلق) الأصح فيما إذا كلمته مجنونًا: الطلاق، وقد جزم به في "الروضة" وأصلها (8).
4105 -
قوله: (وإن كلمته بحيث يسمع إلا أنه تشاغل بشيء فلم يسمع .. طلقت)(9) كذا لو لم يتشاغل لكن كان هناك لغط مانع من السماع أو ذهول لشغل قلب؛ ولهذا قال "الحاوي"[ص 511]: (والكلام بالذهول واللغط المانع من السماع).
4106 -
قول "التنبيه"[ص 180]: (وإن كلمته أصم فلم يسمع للصمم .. فقد قيل: تطلق، وقيل: لا تطلق) صحح النووي في "تصحيحه": أنها لا تطلق، وصحح الرافعي في "الشرح الصغير": أنها تطلق (10)، وجزم به في "الروضة" وأصلها في (كتاب الجمعة)(11).
(1) انظر "المنهاج"(ص 428).
(2)
المحرر (ص 342).
(3)
الروضة (8/ 186).
(4)
انظر "المنهاج"(ص 428).
(5)
انظر "الروضة"(8/ 185)، و "السراج على نكت المنهاج"(6/ 427).
(6)
انظر "نهاية المطلب"(14/ 113).
(7)
انظر "التهذيب"(6/ 49).
(8)
فتح العزيز (9/ 145)، الروضة (8/ 191).
(9)
انظر "التنبيه"(ص 180).
(10)
تصحيح التنبيه (2/ 70).
(11)
الروضة (2/ 28).
قال شيخنا الإسنوي: ورأيته في "التتمة" هناك منقولًا عن النص.
4107 -
قوله: (وإن قال: "أنت طالق لرضا فلان" .. طلقت في الحال، وإن قال: أردت إن رضي فلان .. قبل منه، وقيل: لا يقبل)(1) الأصح: عدم القبول؛ ولهذا أطلق "الحاوي" الوقوع في الحال في قوله [ص 503]: (لرضا زيد).
4108 -
قول "التنبيه"[ص 180]: (وإن قال: "من بشرني بكذا .. فهي طالق" فأخبرته امرأته بذلك وهي كاذبة .. لم تطلق) لم تعتبر في البشارة سوى كونها صدقًا، ويعتبر مع ذلك كونها هي الخبر الأول في الأصح، فلو أخبره قبلها بذلك غيرها أو شاهدَ الحال قبل إخبارها .. لم تطلق؛ ولذلك قال "الحاوي" [ص 511]:(والبشارة: الخبر الأول الصدق)، وزاد في "الكفاية": أن يكون سارًا، قال: لأن العرف يقتضي ذلك، وإن كانت البشارة من تغير البشرة ولو بشر، وحكى الماوردي في اشتراطه وجهين، ثم صحح في قوله:(من بشرني بخبر زيد): أن المكروه ليس ببشارة إن كان الحالف صديقًا له، وإن كان عدوًا .. فبشارة (2).
قال في "المهمات": وسكت عن انتفائهما، ويتجه فيه: عدم الوقوع.
4109 -
قول "الحاوي"[ص 502]: (وإن كَلَّمتِ إن دَخَلْت .. إن دخلت ثم كلمت) هو قول الجمهور المصحح هنا والموافق للعربية، لكن في الرافعي في (التدبير): عن الأكثرين في قوله: (أنت حر إذا متُّ إن شئت) فأخر المشيئة عن الموت، ثم قال: وليجر هذا الخلاف في سائر التعليقات؛ كقوله: إذا دخلت الدار .. فأنت طالق إن كلمت فلانًا (3).
* * *
(1) انظر "التنبيه"(ص 180).
(2)
انظر "الحاوي الكبير"(15/ 407).
(3)
فتح العزيز (13/ 413).