الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4013 -
قوله: (وإن قال: " أنت طالق ثلاثاً " واستثنى بعضها بالنية .. لم يقبل في الحكم)(1) يقتضي أنه يدين، والأصح: خلافه.
فَصْل [في الشك في الطلاق أو العدد]
4014 -
قول " المنهاج "[ص 420]: (شك في طلاق .. فلا، أو فى عددٍ .. فالأقل، ولا يخفى الورع) قال في " التنبيه " فيما إذا شك في طلاق [ص 181]: (والورع أن يراجع)، وقال فيما إذا شك في عدد:(الورع إن كانت عادته أن يطلق ثلاثاً .. أن يبتدئ إيقاع الثلاث) واعترض عليه في كلا الصورتين، أما الأولى: فإنما يكون الورع الرجعة فيما إذا أمكنت وكانت له رغبة في نكاحها، فإن لم تمكن؛ بأن كان قبل الدخول .. فالورع: تجديد نكاحها إن كانت له رغبهَ ووافقت عليه، وحيث لا رغبة أو لم توافق عليه .. فالورع تنجيز طلاقها، وقد قال الشافعي في " الأم ": إذا قال الرجل: أنا أشك أطلقت امرأتي أم لا؟ قيل له: الورع أن تطلقها. انتهى (2).
وهو محمول على ما ذكرناه، وقال ابن الرفعة: وما ذكره الأصحاب من أن الورع الرجعة تفريع على الصحيح: أن الرجعة تصح حيث يجهل شرطها، وتوقف على البيان كما هو مذكور في العدد عند الكلام في اجتماع عدتين على حامل بحمل يجهل حال من هو منه، أما إذا قلنا: لا يصح مع الجهل .. فلا يجعل الاحتياط لأجل الشك في الشرط، وإنما يحصل؛ بأن يطلقها طلقة معلقة على عدم التطليق فيما مضى، ثم يراجعها، وإذا جرى الوجهان في الرجعة .. فتجديد النكاح مرتب عليها وأولى بعدم الحصول، ثم قال: وعلى الجملة فالصحيح ما قالوه، ونص الشافعي يشهد له.
قال في " التوشيح ": وقد يمنع دعوى أن الصحيح ما قالوه؛ فإنه إذا ثبت تخريج خلاف في صحة الرجعة .. عاد ذلك بورع ثانٍ، فيقال: الورع: التوقي من مظان الخلاف .. فكيف يأتي بما هو مختلف فيه في حصول الرجعة به؟ انتهى.
وأما الصورة الثانية: فقال النووي في " تصحيحه ": (الصواب: أن الورع أن يبتدئ إيقاع طلقتين لا ثلاثاً)(3)، وحمل ابن الرفعة كلام " التنبيه " على الشاك في أصل الطلاق دون من تحقق بعضه وشك في زيادته.
(1) انظر " التنبيه "(ص 177).
(2)
الأم (5/ 262).
(3)
تصحيح التنبيه (2/ 73).
قال النشائي وصاحب " التوشيح ": والحمل على هذا أولى من إلزام الشيخ الخطأ (1).
قلت: كيف يستقيم هذا الحمل مع قوله: شك هل طلق طلقة أو أكثر؟ ! .
وقال شيخنا ابن النقيب: في الحالين نظر، وينبغي أن يكفيه في الورع في الصورة الأولى - أي: وهي ما إذا شك هل طلق ثلاثاً أم لم يطلق شيئاً - أن ينجز طلقة فقط؛ لتحل بها لغيره بيقين ويترك نكاحها، فإن رغب فيها .. فالورع ألَاّ ينكحها إلا بعد زوج، وفي الصورة الثانية - أي: وهي ما إذا شك هل طلق طلقة أو أكثر؟ - يكفيه في الورع أن يترك نكاحها، فإن رغب فيها .. فبعد زوج. انتهى (2).
4015 -
قول " الحاوي "[ص 508]: (وفي عبدٍ واشترى ثالثٌ .. عتق النصف) أي: إذا علق شريكان في عبد عتق نصيبهما بنقيضين كما لو قال أحدهما: إن كان هذا الطائر غراباً .. فنصيبى منه حر، وقال الآخر: إن لم يكن غراباً .. فنصيبى منه حر، ولم يتبين الحال فاشترى ثالث نصيبهما .. عتق عليه النصف، وفيه أمور:
أحدها: أنه محمول على ما إذا كانت الشركة في العبد مناصفة، فلو كانت مثالثة أو مرابعة أو غير ذلك .. كان المحكوم بعتقه أقل النصيبين.
ثانيها: مفهومه أنه إذا لم يشتره ثالث واستمر على ملكهما .. لم يعتق منه شيء، ومحله: ما إذا كانا معسرين، فإن كانا موسرين وقلنا: بتعجيل السراية .. عتق العبد؛ لتحقق حنث أحدهما، فيعتق نصيبه ويسري ويوقف الولاء، وإن كان أحدهما موسراً والآخر معسراً وقلنا: بتعجيل السراية .. عتق نصيب المعسر قطعاً؛ إذ لا يخلو الحال عن حنثه أو حنث صاحبه وسراية العتق إلى نصيبه.
ثالثها: ومفهومه أنه إذا لم يشتره ثالث بل أحدهما .. لا يعتق شيء، وليس كذلك، فلو اشترى أحدهما نصيب صاحبه .. عتق أحد النصيبين.
رابعها: ولا ينحصر الأمر في الشراء؛ فالهبة والإرث كذلك، وقال الأصحاب فيما حكاه ابن الرفعة فيما إذا كانا معسرين: أنهما لو تبادلا إحدى الحصتين بالأخرى وصححناه .. تصرف كل منهما فيما انتقل إليه كما كان يتصرف فيما نقله عنه، واستشكل ابن الرفعة جواز هذا التبادل؛ للقطع بفساد أحد العوضين.
4016 -
قوله: (وفي عبدين واشترى أحدهما .. يمتنع عنهما)(3) أي: إذا اجتمعا في ملكه،
(1) انظر " نكت النبيه على أحكام التنبيه "(ق 151).
(2)
انظر " السراج على نكت المنهاج "(6/ 357).
(3)
انظر " الحاوي "(ص 508).
وقيل: إنما يمتنع التصرف في المشترى دون الأول، قال النووي: كذا نقلهما الإمام وآخرون، ورجحوا الأول، وهو أفقه، وقطع أبو حامد وسائر العراقيين أو جماهيرهم بتعين العتق في المشترى، أما لو باع أحدهما عبده ثم اشترى الآخر .. ففي " البسيط ": لم أره مسطوراً، والقياس: نفوذ تصرفه فيه، قال النووي: أما على طريقة العراقيين: فيعتق الثاني بلا شك، وعلى الأخرى: يحتمل ما قاله (1) ويحتمل إبقاء الحجر في الثاني إلى التبيين، وهو أقيس؛ احتياطا للعتق، وقد ذكر في " الوسيط " احتمالين، أحدهما: ما ذكره في " البسيط "، والثاني: عدم النفوذ فيه. انتهى (2).
وما حكاه عن " البسيط " جزم به الماوردي فقال: لو ابتاع كل منهما عبد الآخر ولم يتكاذبا .. جاز لكل منهما أن يتصرف في الذي اشتراه وجهاً واحداً، ذكره في " المهمات "(3).
4017 -
قول " المنهاج "[ص 420]: (ولو طلق إحداهما بعينها ثم جهلها .. وُقِفَ حتى يتذكر) لو عبر بـ (النسيان) كـ " المحرر " و" الحاوي "(4) .. لكان أحسن؛ فإنه المراد، وأما الجهل: فإنه مقارن؛ كطلاقها في ظلمة أو من وراء حجاب .. فلا يعبر فيه بـ (ثم) وإن كان حكم النسيان والجهل في ذلك واحداً، وعبارة " التنبيه " [ص 181]:(ثم أشكل عليه).
4018 -
قول " المنهاج "[ص 420]: (ولا يطالب ببيانٍ إن صدقناه في الجهل) أي: فلو كذبناه وبادرت واحدة فقالت: أنا المطلقة .. لم يقنع منه بقوله: نسيت، أو لا أدري، بل يطالب بيمين جازمة أنه لم يطلقها، فإن نكل .. حلفت، وقضى لها.
واعترض شيخنا الإمام البلقيني على قولهم: (لم يقنع) بقوله: (نسيت المعينة): بأنه أخبر بما عنده، والتهور في التبيين من غير تحقيق ممتنع.
4019 -
قولهما: (وإن قال لها ولأجنبية: " إحداكما طالق "، وقال: " قصدت الأجنبية " .. قُبل)(5) زاد " المنهاج ": (في الأصح) عبر في " الروضة ": بالصحيح المنصوص في " الإملاء "، وبه قطع الجمهور، فلو لم ينو بقلبه واحدة .. ففي " فتاوى البغوي ": تطلق زوجته (6)، وفي " المهمات ": يتجه أن محله: إذا لم يقع على الأجنبية طلاق منه ولا من غيره، وإلا .. فلا يحمل على زوجته؛ لصدق كلامه عليهما صدقاً واحداً، والأصل بقاء الزوجية؛ ويؤيده
(1) أي: في " البسيط ".
(2)
الروضة (8/ 100، 101)، وانظر " نهاية المطلب "(14/ 273، 274) و" الوسيط "(5/ 420).
(3)
انظر " الحاوي الكبير "(10/ 278).
(4)
المحرر (ص 334)، الحاوي (ص 508).
(5)
انظر " التنبيه "(ص 181)، و" المنهاج "(ص 421).
(6)
الروضة (8/ 102).
ما في الرافعي في (العتق): أنه إذا أعتق عبداً ثم قال له ولعبد آخر له: أحدكما حر .. لم يقتض ذلك عتق الآخر (1).
4020 -
قول " المنهاج "[ص 421]: (وعليه البدار بهما) أي: بالبيان والتعيين و" الحاوي "[ص 508]: (وعصى بالتأخير) محله: في الطلاق البائن، أما الرجعي: فلا يلزمه فيه في الحال بيان ولا تعيين على الأصح في " أصل الروضة " و" الشرح الصغير " تبعاً للإمام (2)، وفي " المهمات ": ينبغي أن محله: إذا كانت العدة قائمة، فإن انقضت .. طولب؛ لحصول البينونة.
قلت: لا يحتاج للتنبيه على هذا؛ فهو مرادهم بلا شك، وقد صرحوا به في قولهم: لا يلزمه في الحال، ثم قال ابن الرفعة في الطلاق البائن: لو استمهل .. أمهل؛ فإن الروياني قال في المسلم على أكثر من أربع: يمهل إذا استمهل ثلاثة أيام، وقال في " المهمات ": ينبغي أن محله: إذا نسي أو أبهم، فإن عين ولم يدع النسيان .. فلا وجه للإمهال، وقال شيخنا الإمام البلقيني: لا نسلم اللزوم ولا العصيان بالتأخير ما دامت العدة قائمة، ثم حكى عن أبي الفرج الزاز: أنه حكى عن عامة الأصحاب أنه لا يجبر على البيان، بل يُكتفى بأن يوقف عنهما جميعاً، خلافاً للقفال.
4021 -
قولهم: (وعليه نفقتهما)(3) زاد " المنهاج " تبعاً لـ" المحرر ": (في الحال)(4)، قال شيخنا ابن النقيب: لم أفهم ما أراد بالحال (5).
قلت: كأنه أراد: تلك الحال، وهي حال الإبهام إلى أن يبين أو يعين كما صرح به " التنبيه " و" الحاوي "، فتعبيرهما أظهر.
4022 -
قول " الحاوي "[ص 508]: (وبه يتبين وقوعه باللفظ) يتناول الطلاق المعين والمبهم، وفي الثاني خلاف بيّنه " المنهاج " فقال [ص 421]:(ويقع الطلاق باللفظ، وقيل: إن لم يعين .. فعند التعيين)، وقال الرافعي: رجح الثاني مرجحون منهم الشيخ أبو على، وقال: إنه ظاهر المذهب، وذهب الشيخ أبو حامد والقاضي أبو الطيب والروياني وغيرهم إلى ترجيح الأول، والنفس إلى قبوله أسرع (6)، وفي " المحرر ": إنه أقرب (7)، وقال النووي: إنه الصواب (8).
(1) انظر " فتح العزيز "(13/ 377).
(2)
الروضة (8/ 103)، وانظر " نهاية المطلب "(14/ 273).
(3)
انظر " التنبيه "(ص 181)، و" الحاوي "(ص 508)، و" المنهاج "(ص 421).
(4)
المحرر (ص 335).
(5)
انظر " السراج على نكت المنهاج "(6/ 360).
(6)
انظر " فتح العزيز "(9/ 45)، و" بحر المذهب "(10/ 169).
(7)
المحرر (ص 335).
(8)
انظر " الروضة "(8/ 104).
4023 -
قول " التنبيه " في الطلاق المبهم [ص 181]: (وإذا عين .. وجبت العدة من حين الطلاق، وقيل: من حين التعيين، والأول أصح) لكن صحح في " أصل الروضة " في هذه الصورة: أنه من حين التعيين (1)، وفرع عليه شيخنا الإمام البلقيني أن له الرجعة في هذه العدة التي من حين التعيين، ولا نظر إلى تقصيره بترك التعيين.
4024 -
قوله في الطلاق المبهم: (فإن وطئ إحداهما .. تعين الطلاق في الأخرى على ظاهر المذهب، وقيل: لا يتعين)(2) الأصح: الثاني، وعليه مشى " المنهاج " و" الحاوي "(3)، وحكاه صاحب " الشامل " عن النص، لكن نقل الماوردي الأول عن الأكثرين (4)، وحكاه المحاملي عن سائر الأصحاب.
4025 -
قول " المنهاج "[ص 421]: (ولو قال مشيراً إلى واحدة: " هذه المطلقة " .. فبيان) كذا لو قال: (هذه الزوجة) .. كان بياناً للطلاق في الأخرى كما جزم به في " الروضة " وأصلها (5)، وقال شيخنا الإمام البلقيني: إنما يحكم بذلك إذا كان بائناً؛ فإن الرجعية زوجة، إلا إذا ظهر من لفظه ما يقتضي أن تلك هي المطلقة.
4026 -
قوله: (أو " أردت هذه وهذه "، أو " هذه بل هذه " .. حكم بطلاقهما)(6) فيه أمور:
أحدها: كذلك لو قال: (هذه هذه) من غير حرف عطف، أو (هذه مع هذه)، واقتصر " التنبيه " و" الحاوي " على ذكر صورة (بل)(7)، فلو عطف بـ (الفاء) أو بـ (ثم) .. فقال القاضي حسين والبغوي والمتولي: تطلق الأولى فقط؛ لأنهما للترتيب (8).
واعترض الإمام: بأنه اعترف بطلاقهما كـ (الواو)(9).
وقال الرافعي: والحق الاعتراض (10)، وقال النووي: قول القاضي أظهر (11)، ومال في
(1) الروضة (8/ 104).
(2)
انظر " التنبيه "(ص 181).
(3)
الحاوي (ص 508)، المنهاج (ص 421).
(4)
انظر " الحاوي الكبير "(10/ 281).
(5)
الروضة (8/ 105).
(6)
انظر " المنهاج "(ص 421).
(7)
التنبيه (ص 181)، الحاوي (ص 509).
(8)
انظر " التهذيب "(6/ 110).
(9)
انظر " نهاية المطلب "(14/ 250).
(10)
انظر " فتح العزيز "(9/ 48).
(11)
انظر " الروضة "(8/ 106).
" المطلب " إلى ترجيحه، وقال في " المهمات ": إنه المتجه من جهة البحث.
ولو قال: (أردت هذه بعد هذه) .. فقياس الأول: أن تطلق المشار إليها أولاً وحدها، وقياس الاعتراض: الحكم بطلاقهما في الصورتين، أما لو قال:(هذه أو هذه) .. استمر الإبهام وطولب بالبيان.
ثانيها: في قوله: (حكم بطلاقهما) إشارة إلى أن هذا في ظاهر الحكم وتطلق في الباطن المنوية، وبه صرح الإمام (1).
ثالثها: هذا في الطلاق المعين؛ ويدل عليه قوله: (فبيانٌ)(2) فأما في الطلاق المبهم .. فالمطلقة هي الأولى سواء عطف بالواو أو الفاء أو ثم أو بل؛ لأنه إنشاء اختيارٍ وليس بإخبار، وليس له إلا اختيار واحدة، وقد صرح بذلك " التنبيه " و" الحاوي "(3).
4027 -
قول " المنهاج "[ص 421]: (ولو ماتتا أو إحداهما قبل بيانٍ وتعيينٍ .. بقيت مطالبته لبيان الإرث) يقتضي بظاهره: أنه له في موت إحداهما تعيين الحية والميتة، وأنه لا فرق في ذلك بين الطلاق المنجز والمعلق، وهو في المنجز والمعلق الذي تقدم فيه وجود صفة التعليق على موت إحداهما واضح، أما المعلق الذي تقدم فيه موت إحداهما على الحنث؛ كقوله:(إن جاء زيد .. فإحداكما طالق)، أو (الطلاق يلزمني لا يدخل فلان الدار) وله زوجتان؛ فإذا وجدت الصفة .. لا تطلق إلا إحداهما كما في " فتاوى النووي "، فهل تتعين الحية نظراً إلى حالة وقوع الطلاق، أو له تعيين الميتة نظراً لحالة التعليق؟
قال شيخنا الإمام البلقيني: لم أقف فيه على نقل، والأصح في نظائره: أن العبرة بحالة التعليق، فقضيته: أن يصح تعيين الميتة وإن وجد الحنث بعد موتها.
4028 -
قول " التنبيه "[ص 181]: (فإن ماتت المرأتان قبل التعيين .. وُقِف من كل واحدة منهما نصيب الزوج، وإن مات الزوج .. وقف لهما من ماله نصيب زوجة) محله: ما إذا كانتا ممن يرثان منه، فلو كانت إحداهما كتابية والأخرى والزوج مسلمان .. فالأصح في نظيره من نكاح المشركات: أنه لا يوقف شيء، وهذا مثله، لكن نقل فى " الكفاية " عن اختيار صاحب " الشامل " في هذه المسألة: الوقف، ولم ينقل ترجيحاً بخلافه.
4029 -
قوله: (فإن قال الوارث: " أنا أعرف الزوجة " .. فهل يرجع إليه؟ فيه قولان،
(1) انظر " نهاية المطلب "(14/ 251).
(2)
انظر " المنهاج "(ص 421).
(3)
التنبيه (ص 181)، الحاوي (ص 509).
وقيل: يرجع إليه في الطلاق المعين ولا يرجع في المبهم) (1) صحح في " تصحيح التنبيه ": الرجوع إليه في المعين دون المبهم (2)، وعليه مشى " المنهاج " فقال [ص 421]:(ولو مات .. فالأظهر: قبول بيان وارثه لا تعيينه) وعبارة " المحرر ": (وقيامه مقامه في البيان أظهر منه في التعيين) انتهى (3).
وليس فيه تصريح بترجيح، وعبارة " أصل الروضة ": فيه قولان، وقيل: يقوم في البيان قطعاً والقولان في التعيين، وقيل: لا يقوم في التعيين والقولان في البيان؛ لأنه إخبار يمكن الاطلاع عليه، بخلاف التعيين؛ فإنه اختيار شهوة، فلا يخلفه الوارث كما لو أسلم على أكثر من أربع نسوة ومات، وقال القفال: إن مات والزوجتان حيتان .. لم يقم الوارث قطعاً لا في البيان ولا في التعيين؛ إذ لا غرض له في ذلك؛ فإن الإرث لا يختلف بزوجة وزوجتين.
وإن ماتت إحداهما ثم الزوج ثم الأخرى وعين الوارث الأولى للطلاق .. قُبل قوله قطعاً؛ لأنه يضر نفسه، وإن عين الأولى للنكاح أو مات الزوج وقد ماتتا .. فيه القولان، ثم يعود الترتيب المذكور في البيان والتعيين، والأظهر حيث يثبت قولان: أنه يقوم، وحيث اختلف في إثبات القولين: المنع. انتهى (4).
وإثبات القولين على الطريقين هو فيما إذا مات الزوج بعدهما أو بينهما وعين الأولى للنكاح، والاختلاف في إثبات القولين فيما إذا مات وهما حيتان أو مات بين موتيهما وعين الأولى للطلاق؛ فإن القفال لا يوافق على الخلاف فيهما، بل يقطع في الثانية بالقيام، وفي الأولى بعدمه.
ومقتضى تعبير " الروضة " وأصلها: ترجيح منع قيام الوارث مقامه فيما إذا مات بين موتهما وعين الأولى للطلاق؛ لأنه رجح المنع حيث اختلف في إثبات القولين، وقد اختلف هنا في إثبات القولين لكن المنع هنا بعيد؛ لإضراره بنفسه كما تقدم، وكأن المراد: الاختلاف في إثباتهما بالقطع بعدم قيام الوارث مقامه، لا الاختلاف في ذلك بالقطع بقيامه مقامه؛ فقيامه هنا مقامه أظهر منه في صورة الاتفاق على إثبات الخلاف، فأهمل ذلك لوضوحه.
ومشى " الحاوي " على طريقة القفال لترجيح الغزالي لها فقال: (أو إحداكما طالق أو حُرٌّ .. عَيَّنَ، والوارث، لا إن مات أولاً)(5)، ويجوز في إطلاقه التعيين في الطلاق المعين، أو سكت عن مسألة الطلاق المعين؛ لفهمهما من طريق الأولى، وعطف الوارث على الضمير المستتر في
(1) انظر " التنبيه "(ص 181).
(2)
تصحيح " التنبيه "(2/ 74).
(3)
المحرر (ص 335).
(4)
الروضة (8/ 109، 110).
(5)
الحاوي (ص 508).
قوله: (عَيَّنَ) من غير تأكيد ولا فصل، وهو ضعيف في العربية، ومقتضى كلامه: أن الوارث لا يقوم مقامه في تعيين العتق عند موته أولاً كالطلاق، وصرح به في " العجاب "، وأقره عليه القونوي والبارزي، وهو خلاف ما في " التعليقة " فإن فيها قيامه مقامه، وهو الموافق لإطلاق الرافعي في (باب العتق)(1)؛ لأن للوارث غرضاً في رق عبد وحرية آخر .. ففارق الزوجين.
4030 -
قول " التنبيه "[ص 181]: (فإن ماتت إحداهما ثم مات الزوج ثم ماتت الأخرى .. رجع إلى وارث الزوج؛ فإن قال: الأولة مطلقة والثانية زوجة .. قبل منه، وإن قال: الأولة زوجة والثانية مطلقة .. فهل يقبل منه؟ قولان) صحح النووي في " تصحيحه ": الرجوع إليه في المعين دون المبهم (2)، وقوله:(الأولة) لغة ضعيفة، والأفصح: الأولى، وقوله:(ثم ماتت الأخرى) لا يتقيد الحكم به، فلو لم تمت .. كان الحكم كذلك.
نعم؛ يظهر أثره في العدة؛ فإنها إذا كانت حرة .. تعتد بأبعد الأجلين من الأشهر والأقراء.
4031 -
قولهما - والعبارة لـ" المنهاج " -: (ولو قال: " إن كان غراباً .. فامرأتي طالق، وإلا .. فعبدي حر " وجهل .. مُنع منهما إلى البيان، فإن مات .. لم يُقبل بيان الوارث على المذهب)(3) قال السرخسي: محل الخلاف: ما إذا قال الوارث: حنث في الزوجة؛ فإن عكس .. قُبل قطعاً؛ لإضراره بنفسه، قال الرافعي: وهو حسن (4)، وقال النووي: قد قال به أيضاً غير السرخسي وهو متعين (5).
ورده في " المهمات " من جهة النقل؛ بأن مقتضى كلام الأصحاب خلافه؛ ولهذا نقله ابن يونس عن بعض المتأخرين، وقال في " الكفاية ": إنه يلائم كلاماً ذكره الشيخ أبو حامد في نظير المسألة، وطريق الإطلاق يلائم كلام أبي الطيب، ومن جهة المعنى؛ بأنه قد لا يكون في تعيين الحنث في الزوجة تهمة؛ فقد ترثه هي بأن يكون الطلاق رجعياً ويتأخر موتها، وقد لا يكون بينهما توارث لرق أو اختلاف دين، وقد يكون الطلاق بائناً أو رجعياً ولكن مات الزوج بعد انقضاء العدة، وقد يزيد الإرث على قيمة العبد، وقد يكون في تعيين الحنث في العبد تهمة فيما إذا قتله قاتل وهو وارثه وكانت ديته زائدة على قيمته وعلى حصتها من الإرث، وقد لا ترث المرأة من الزوج؛ بأن يطلقها بعد ذلك طلاقاً بائناً، قال: ويبقى النظر في أنا نقبله مطلقاً كما أطلقه الأصحاب أو نرده مع
(1) انظر " فتح العزيز "(13/ 313).
(2)
تصحيح التنبيه (2/ 74).
(3)
انظر " التنبيه "(ص 181)، و" المنهاج "(ص 421).
(4)
انظر " فتح العزيز "(9/ 55).
(5)
انظر " الروضة "(8/ 112).