الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لا تصح)، الأصح: الصحة، وعليه مشى "المنهاج" و"الحاوي"(1)، ومقتضى كلام "التنبيه" أنه لا يشترط في الوصي الذكورة، وصرح به "المنهاج"، قال:(وأم الأطفال أولى من غيرها)(2)، وكذا في "الحاوي"(3)، وقال الرافعي: في قول الغزالي: (والأم أولى من ينصب قيماً) يفيد أولوية الوصاية إليها، ونصب القاضي إياها (4).
واستفدنا من ذلك مسألة حسنة، وهي جواز نصب القاضي المرأة قيمة، وبه صرح الغزالي في "البسيط"، فقال: وللقاضي أن يفوض أمر الأطفال إذا لم يكن وصي إلى امرأة فتكون قيمة، ولو كانت أم الأطفال .. فذلك أولى، وقال الروياني في "البحر": يجوز للقاضي أن يجعل المرأة أمينة في مال أولادها، ثم قال بعد ذلك: ولا يشبه القضاء؛ لأنه يعتبر فيه زيادة الكمال من شرائط الاجتهاد وغيرها.
3305 -
قول "المنهاج"[ص 359]: (وينعزل الوصي بالفسق، وكذا القاضي في الأصح، لا الإمام الأعظم) فيه أمران:
أحدهما: أن كلامه يقتضي الاتفاق على عدم انعزال الإمام الأعظم به، وليس كذلك، بل في كل منهما وجه.
ثانيهما: في معنى الوصي: قيم الحاكم، وأما الأب والجد إذا فسقا .. انتزع الحاكم مال الطفل منهما، هذه عبارة "أصل الروضة"(5)، وأجرى الإمام في انعزالهما قولين كولاية النكاح، ورد المتولي الخلاف إلى التمكين من التصرف، وينزع جزماً، وهو حسن، فإن تابا .. عادت ولايتهما.
تببيهٌ [لا ينعزل الوصي باختلال كفايته]
فهم منه أنه لا ينعزل باختلال كفايته، وهو كذلك، بل يضم القاضي إليه معيناً، بل أفتى السبكي: بأنه يجوز للقاضي أن يضم إلى الوصي غيره لمجرد الريبة من غير ثبوت خلل، وقال: لم أره منقولاً، وهذا بخلاف قيم القاضي؛ فإنه إذا اختلت كفايته .. عزله؛ لأنه الذي ولاه.
3306 -
قول "التنبيه"[ص 139]: (من جاز تصرفه في ماله .. جازت وصيته) ثم قال: (وفي
(1) الحاوي (ص 437)، المنهاج (ص 358).
(2)
المنهاج (ص 358).
(3)
الحاوي (ص 437).
(4)
انظر "الوجيز"(1/ 461)، و"فتح العزيز"(7/ 270).
(5)
الروضة (6/ 312).
الصبي المميز والمبذر قولان) الأصح: صحة وصية المبذر دون الصبي، وهو مفهوم من اعتبار "المنهاج" في الموصي الحرية والتكليف (1)، واقتصر "الحاوي" على الحرية (2)، وكأنه سكت عن ذكر التكليف؛ لوضوحه، ومقتضى كلامهم: أنا إذا صححنا وصية المبذر .. كان له تعيين شخص لتنفيذها.
قال السبكي: ولم أر فيه إلا ما اقتضاه هذا الكلام، وهو محتمل، ومنعه أيضاً محتمل فيليه الحاكم.
واعلم: أن عبارة "المنهاج" كما في كثير من نسخه [ص 359]: (ويصح الإيصاء في قضاء الدين، وتنفيذ الوصية من كل حُر مكلف)، وكذا في "المحرر"(3)، وهو موافق لتعبير "التنبيه" و"الحاوي" و"الروضة" وأصلها (4)، لكن في نسخة المصنف من "المنهاج" بعد الدين دائرة، وبعده:(وتنفُذُ الوصية) بضم الفاء بعدها ذال مضمومة، وليس بين الفاء والذال ياء، بل هو فعل مضارع، ليس مصدراً، وصار كلامه مشتملاً على مسألتين:
إحداهما: صحة الوصية في قضاء الدين، وهذه تقدمت.
والأخرى: نفوذ الوصية من كل حر مكلف، ولم يقل: في أي شيء، وقال الشيخ برهان الدين بن الفركاح: ينبغي أن يقرأ (تنفيذ) بزيادة ياء بين الفاء والذال (5)، كما تقدم عن بعض النسخ، وهذا أحسن، لكنه مخالف لنسخة المصنف.
3307 -
قول "التنبيه"[ص 139]: (وليس له أن يوصي، فإن جعل إليه أن يوصي .. ففيه قولان) الأصح: الصحة، وعليه مشى "المنهاج" و"الحاوي"(6).
3308 -
قول "المنهاج"[ص 359]: (ولو قال: "أوصيت إليك إلى بلوغ ابني أو قدوم زيد فإذا بلغ أو قدم فهو الوصي" .. جاز) كان ينبغي أن يؤخره، فيذكره عقب قوله:(ويجوز فيه التوقيت والتعليق) فإنه مثال له.
3309 -
قوله: (ولا يجوز نصب وصيٍّ والجدُّ حيٌّ بصفة الولاية)(7) محله: في الوصية في أمر الأطفال، فأما في الديون والوصايا .. فيجوز، فإن لم ينصب أحداً .. فأبوه أولى بقضاء الدين،
(1) المنهاج (ص 359).
(2)
الحاوي (ص 437).
(3)
المحرر (ص 276).
(4)
فتح العزيز (7/ 268)، الروضة (6/ 311).
(5)
انظر "بيان غرض المحتاج إلى كتاب المنهاج"(ق 15).
(6)
الحاوي (ص 437)، المنهاج (ص 359).
(7)
انظر "المنهاج"(ص 359).
والحاكم أولى بتنفيذ الوصايا، ولا يرد ذلك على "الحاوي" لذكره له عقب الوصية على الطفل مستثنياً له منه، فقال:(والولي والوصي بإذنه على الطفل، لا حياة الجد)(1)، ولم يعتبر كونه بصفة الولاية، ولا بد منه.
3310 -
قول "المنهاج"[ص 359]: (ولفظه: "أوصيت"، أو "فوضت"، أو نحوهما) قد يفهم تعيين اللفظ، وليس كذلك، فلو اعتُقل لسانه .. صحت وصيته بالإشارة، وقد ذكره "الحاوي"(2).
3311 -
قوله: (والمطلق للحفظ)(3) قد يفهم أن مراده: ما إذا اقتصر على قوله: (أوصيت إليك)، وليس كذلك؛ فهذه وصية باطلة قطعاً، وقد قال "المنهاج" [ص 359]:(ويشترط بيان ما يوصي فيه، فإن اقتصر على: "أوصيت إليك" .. لغا)، وإنما أراد "الحاوي": ما إذا قال: (أوصيت إليك في أمر أطفالي)، ولم يذكر التصرف، وما ذكره وجه، والأصح في "أصل الروضة" - وهو المذهب في "التتمة" ولم يخالفه الرافعي -: أن له في هذه الصورة الحفظ والتصرف (4).
وقال السبكي: العرف في الاقتصار على: (أوصيت إليك) شمول جميع التصرفات، ولكني لم أره لأحد.
3312 -
قول "التنبيه"[ص 139، 140]: (وله أن يقبل في الحال، وله أن يقبل في الثاني) أراد بالحال: الحياة، وبالثاني: بعد الموت، والأصح: أنه لا يصح القبول في الحياة، وقد ذكره "المنهاج"(5)، وكذا لا يصح الرد في الحياة في الأصح، فله القبول بعد الموت.
3313 -
قول "التنبيه"[ص 139]: (وله أن يوصي إلى اثنين، فإن أشرك بينهما في النظر .. لم يجز لأحدهما أن ينفرد بالتصرف)، يفهم جواز الانفراد بالتصرف حالة الإطلاق، وليس كذلك؛ ولهذا قال "المنهاج" [ص 359]:(لم ينفرد أحدهما إلا إن صرح به) و"الحاوي"[ص 437]: (وإلى اثنين ولو بالترتيب وقبلا للتعاون)، وأشار بقوله:(ولو بالترتيب وقبلا) إلى ما إذا قال: أوصيت إلى زيد، ثم قال: أوصيت إلى عمرو، وقبلا .. فليس لأحدهما الانفراد بالتصرف، كما صححه الرافعي والنووي، وقال البغوي: ينفرد، قال الرافعي: والاعتماد على الأول (6).
(1) الحاوي (ص 437).
(2)
الحاوي (ص 437).
(3)
انظر "الحاوي"(ص 437).
(4)
فتح العزيز (7/ 277، 278)، الروضة (6/ 316).
(5)
المنهاج (ص 359).
(6)
انظر "التهذيب"(5/ 109)، و"فتح العزيز"(7/ 280)، و"الروضة"(6/ 318).
وقال شيخنا الإمام البلقيني: والذي أعتقده وأذهب إليه ما جزم به البغوي، وهو الأصح. انتهى.
قال الإمام: وليس المراد تلفظهما بالعقد معاً، وإنما المعتبر صدوره عن رأيهما وإن باشره أحدهما أو غيرهما بأمرهما.
قلت: ولذلك أفتيت في وصيين على يتيمين شرط عليهما الاجتماع على التصرف: بصحة بيع عقار أحد الطفلين للآخر بشرطه بمباشرة أحد الوليين للإيجاب والآخر للقبول؛ فإن ذلك صادر عن رأيهما (1)، قال البغوي وغيره: ومحل وجوب الاجتماع أمر الأطفال وأموالهم وتفرقة الوصايا غير المعينة وقضاء دين ليس في التركة جنسه، أما رد الودائع والغصوب والعواري وتنفيذ وصية معينة وقضاء دين في التركة جنسه .. فلكل منهما الانفراد به؛ فإن لصاحبه الاستقلال بأخذه (2).
قال الرافعي ما معناه: وقوع المدفوع موقعه، وعدم نقضه ورده واضح، وأما جواز الإقدام على الانفراد .. فليس واضحاً؛ فإنهما لم يتصرفا إلا بالوصاية، فليكن بحسبها، قال: وفي كلامهم ما هو كالصريح فيما ذكرته، فلتجيء فيه الأحوال المذكورة في سائر التصرفات؛ أي: من إطلاق أو تصريح باجتماع أو انفراد (3).
3314 -
قولهما - والعبارة لـ"للمنهاج" -: (وللموصي والوصي العزل متى شاء)(4) استثنى النووي في "الروضة" من الوصي، فقال: إلا أن يتعين عليه، أو يغلب على ظنه تلف المال باستيلاء ظالم من قاض وغيره (5).
قال في "المهمات": لو لم يكن قبل .. هل يلزمه القبول؟ يحتمل أن يجب؛ لقدرته على دفع المظالم، ويحتمل خلافه. انتهى.
وفي "فتاوى ابن الصباغ": أنه لو كان عنده مال يتيم لا ولاية له عليه، وخاف ضياعه لو سلمه لوليه .. له إمساكه.
(1) قال في "حاشية الرملي"(3/ 71): (قال الأذرعي: إذا كان وصيّان كل منهما مستقل بنص الموصي .. فلكل الشراء من الآخر استقلالاً، هكذا أفتيت به، وهو ظاهر، ولم أره نصاً. اهـ قال ابن العراقي في " تحريره": ولذلك أفتيت في وصيين على يتيمين شرط عليهما الاجتماع على التصرف بصحة بيع عقار أحد الطفلين للطفل الآخر بشرط مباشرة أحد الوصيين الإيجاب والآخر القبول؛ فإن ذلك صادر عن رأيهما. اهـ
وما أفتى به الأذرعي رجحه غيره، وفي "أدب القضاء" للإصطخري: إذا كانا وصيين فباع أحدهما من الآخر .. لم يجز، قال شيخنا: ما أفتى به العراقي ممنوع).
(2)
انظر "التهذيب"(5/ 109).
(3)
انظر "فتح العزيز"(7/ 279).
(4)
انظر "التنبيه"(ص 140)، و"المنهاج"(ص 359).
(5)
الروضة (6/ 320).
ويستثنى أيضاً: ما إذا كان الوصي مستأجراً لذلك، ذكره الماوردي (1).
واستشكلت الإجارة؛ فإن شرطها: اتصال الشروع في الاستيفاء بالعقد، وهنا ليس كذلك، وصورها السبكي: بأن يستأجره على عمل لنفسه في حياته ولطفله بعد موته، أو يستأجره القاضي على الاستمرار على الوصية لمصلحة رأها بعد موت الموصي.
واعلم: أن صورة العزل من الموصي: أن يرجع عن الوصية، قال السبكي: وتسميته عزلاً ينبغي أن يكون مبنياً على الاعتبار بحال الوصية، وأن القبول لا يشترط، وإلا .. لم تصح التسمية، ومثله: عزل الوصي نفسه قبل القبول، أما بعده .. فعزل صحيح.
3315 -
قول "التنبيه"[ص 139]: (وللموصي أن يوكل فيما لا يتولى مثله بنفسه) كذا في "أصل الروضة"(2)، ومفهومه: أنه لا يجوز له التوكيل فيما جرت العادة بمباشرة مثله له.
قال شيخنا الإمام البلقيني: ومفهومه غير معمول به من جهة النقل والمعنى، أما النقل: فحكي عن الماوردي والإمام والغزالي وغيرهم ما يقتضي أنه يجوز له التوكيل مطلقاً، وأما المعنى: فهو استقلاله بالتصرف، بخلاف الوكيل.
3316 -
قول "الحاوي"[ص 437]: (وإن اختلفا في الحفظ .. تولاه القاضي) محله: ما إذا كان المال غير منقسم، فإن كان منقسماً .. قسم بينهما، فإن تنازعا في تعيين النصف المحفوظ .. أقرع بينهما على الأصح في "أصل الروضة"، وليس في كلام الرافعي ترجيح (3).
3317 -
قولهم - والعبارة لـ"المنهاج" - وهو في "التنبيه" في (الحجر) -: (وإذا بلغ الطفل ونازعه في الإنفاق .. صدق الوصي)(4) محله: ما إذا كان الذي ذكره الولي لائقاً بالحال، والمجنون بعد الإفاقة كالطفل بعد البلوغ، وقيم الحاكم كالوصي؛ ولذلك أطلق "التنبيه" الولي.
3318 -
قول "الحاوي"[ص 437]: (والقول له في الخيانة) أي: قول الوصي في عدم الخيانة، يستثنى منه: ما لو قال: (بعت لحاجتك أو لغبطتك) وأنكر الصبي بعد البلوغ .. فالأصح: أن القول قول الصبي؛ ولذلك قال "التنبيه"[ص 103]: (فإن بلغ الصبي وادعى أنه باع العقار من غير غبطة ولا ضرورة؛ فإن كان الولي أباً أو جداً .. فالقول قولهما، وإن كان غيرهما .. لم يقبل إلا ببينة) ودخل في قوله: (غيرهما) الحاكم كما قاله صاحب "الإقليد"، وقال بعضهم: الوجه: أنه إن كان في زمن قضائه .. قبل قوله بلا يمين، وبعد عزله .. فيه نظر، قال في
(1) انظر "الحاوي الكبير"(8/ 352).
(2)
الروضة (6/ 322).
(3)
فتح العزيز (7/ 281)، الروضة (6/ 319).
(4)
انظر "التنبيه"(ص 103)، و"الحاوي"(ص 437)، و"المنهاج"(ص 359).
"الروضة" في (الحجر) من زيادته: وكذا إذا بلغ وادعى أن الولي ترك الشفعة من غير غبطة كما قاله صاحب "المهذب" وغيره؛ أي: أن القول قول الصبي (1).
3319 -
قول "التنبيه"[ص 103]: (وإن ادعى أنه دفع إليه المال .. لم يقبل إلا ببينة) يشمل الأب والجد، وصرح به في "الكفاية"، وأقره في "التصحيح"، ولم يذكره الرافعي والنووي إلا في الوصي (2)، وكذا "المنهاج" و"الحاوي"(3).
(1) الروضة (4/ 189)، وانظر "المهذب"(1/ 329).
(2)
انظر "فتح العزيز"(7/ 283)، و"الروضة"(6/ 321).
(3)
الحاوي (ص 437)، المنهاج (ص 359).