الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتابُ الشّركة
2361 -
قول " التنبيه "[ص 107]: (وأما شركة الأبدان، وهي شركة ما يكتسبان بأبدانهما، فهي باطلة) يقتضي حصرها في الكسب بالبدن دون المال، وأكّده بقوله بعده في شركة المفاوضة:(وهو أن يشتركا على ما يكتسبان بأموالهما وأبدانهما)(1)، وقول " المنهاج " [ص 270]:(ليكون بينهما كسبهما) قد يقتضي دخول المال في ذلك، لكنه قال أولًا:(كشركة الحمَّالين وسائر المحترفة)، وقال ثانيًا:(مع اتفاق الصنعة أو اختلافها)(2)، وذلك يفهم أن الكلام في كسب البدن، وعبارة " المحرر ":(ما يكسبان ويربحان)(3)، وذلك يقتضي دخول كسب المال؛ فلذلك حمل شيخنا ابن النقيب قول " المنهاج ":(كسبهما) على كسب البدن والمال من غير خلط، قال: وإليه أشار في " المحرر " بقوله: (ما يكسبان ويربحان)، وفي " الروضة " نحوه. انتهى (4).
وفيه نظر؛ فعبارة " الروضة " في ذلك كعبارة " المنهاج "، لا كعبارة " المحرر "(5).
2362 -
قولهما - والعبارة لـ" المنهاج " -: (وشركة الوجوه؛ بأن يشترك الوجيهان ليبتاع كلٌّ منهما بمؤجل لهما، فإذا باعا .. كان الفاضل عن الأثمان بينهما)(6)، قال في " الروضة ": لها صور، هذه أشهرها، والثانية: أن يبتاع وجيه في الذمة ويفوض بيعه إلى خامل ليكون الربح بينهما، والثالثة - وبها فسر ابن كج والإمام -: أن يشترك وجيه فقير وخامل له مال ليكون العمل من الوجيه والمال من الخامل، والمال بيده لا يسلمه إلى الوجيه، والربح بينهما، وهي في الحقيقة قراض فاسد، وفي الصورتين لكل منهما ربح ما اشتراه، وعليه خسرانه، ولا يشاركه فيه الآخر إلا إذا أذن كل منهما للآخر في شراء شيء معلوم بينهما بشرط التوكيل، وقصد المشتري بالشراء أنه بينهما .. كان بينهما، وربحه لهما (7)، واقتصر " الحاوي " على الصورة الثالثة، فقال [ص 326]:(ولبائع مال غيرٍ لبعض ربحه أجر المثل)، وقد عرفت أن الأولى أشهر صورها.
(1) التنبيه (ص 107).
(2)
المنهاج (ص 270).
(3)
المحرر (ص 193).
(4)
انظر " السراج على نكت المنهاج "(4/ 6).
(5)
الروضة (4/ 279).
(6)
انظر " التنبيه "(ص 108)، و " المنهاج "(ص 270).
(7)
الروضة (4/ 280)، وانظر " نهاية المطلب "(7/ 23).
2363 -
قول " المنهاج "[ص 270]- والعبارة له - و" الحاوي "[ص 325]: (ويشترط فيها: لفظ يدل على الإذن في التصرف) عبارة " الروضة ": (لفظ يدل على التجارة)، قال شيخنا ابن النقيب: وهذا أحسن، فإن زاد في " المنهاج ":(فيها وفي أعواضها) .. استقام، وإلا .. كان إذنًا فيها فقط وليس بشركة، إلا إن احتفّتْ به قرينة تعيّنها. انتهى (1).
ثم اعلم: أن المراد: إذن كل منهما للآخر في نصيب نفسه، فإن أذن أحدهما فقط .. تصرف الآخر في الكل والآذن في نصيبه فقط، ولا يتجر إلا فيما أذن له فيه، فإن قال:(اتجر فيما شئت) .. صح في الأصح، وكذا لو أطلق وقال:(اتجر) كما صححه النووي (2)، وعبارة " التنبيه " [ص 107]:(وهو أن يعقدا على ما تجوز الشركة عليه)، قال في " الكفاية ": ففيه الاكتفاء بقولهما: (اشتركنا في هذا المال)، والأصح: اعتبار الإذن في التصرف.
2364 -
قولهما أيضًا: (وفيهما: أهلية التوكيل والتوكل)(3) أي: إذا أذن كل منهما للآخر في التصرف، كما قاله في " المطلب "، فإن كان المتصرف أحدهما فقط .. اشترط فيه: أهلية التوكل، وفي الآذن: أهلية التوكيل حتى يصح أن يكون الثاني أعمى دون الأول (4).
2365 -
قول " التنبيه "[ص 107]: (ولا تصح إلا على الأثمان على ظاهر النص، وقيل: تصح على كل ما له مثل، وهو الأظهر)، وكذا رجحه " المنهاج "(5)، وإليه أشار " الحاوي " بقوله [ص 325]:(في مالٍ مشتركٍ أبى التمييز).
لكن قول " المنهاج "[ص 270]: (وقيل: تختص بالنقد المضروب) يقتضي أنه وجه، ورجح في " الروضة ": أن الخلاف قولان (6)، وقوله:(المضروب) قد يفهم أن غير المضروب يسمى نقدًا، وليس كذلك، واحترز به عن التبر والسبائك والحلي؛ فإنهم أطلقوا المنع فيها، قال الرافعي: ويجوز تخريجه على أنه مثليٌّ أو متقوم، وما بحثه صرح به في " التتمة "(7)، وصحح النووي: الصحة في الدراهم المغشوشة الرائجة (8).
ولا يرد ذلك عليهما؛ لأنهما من الأثمان ومن المثليات، وفي (الدعوى والبينات) من الرافعي
(1) الروضة (4/ 275)، وانظر " السراج على نكت المنهاج "(4/ 7).
(2)
انظر " الروضة "(4/ 276).
(3)
انظر " الحاوي "(ص 325)، و" المنهاج "(ص 270).
(4)
انظر " السراج على نكت المنهاج "(4/ 8).
(5)
المنهاج (ص 207).
(6)
الروضة (4/ 276).
(7)
انظر " فتح العزيز "(5/ 188).
(8)
انظر " الروضة "(4/ 276).
في الدعوى بالمغشوشة ما يقتضي خلافًا في أنها مثلية أو متقومة (1)، وخرجه المتولي على التعامل بها (2).
وقال ابن الرفعة: إذا أتلف المغشوشة .. لا يضمن بمثلها، بل بقيمة الدراهم ذهبًا، والذهب دراهم بلا خلاف.
قال في " التوشيح ": وهو غير مُسلّم، بل الخلاف موجود في كلامهم تصريحًا وتلويحًا، وقضية كونها مثلية على الأصح: أن يكون الأصح: ضمانها بالمثل، وهو الوجه.
2366 -
قولهما: (ويشترط خلط المالين)(3) أي: قبل العقد، وذلك مفهوم من قول " الحاوي " [ص 325]:(في مالٍ مشتركٍ أبى التمييز) فإنه يفهم أن إباءه التمييز متقدم على العقد.
2367 -
قول " المنهاج "[ص 271]: (والحيلة في الشركة في العروض - أي: باقيها؛ فإن المثليات عروض -: أن يبيع كل واحد بعض عرضه ببعض عرض الآخر ويأذن له في التصرف)، ينبغي أن يقول:(ثم يأذن له في التصرف) كما في " التنبيه "(4) فإنه يجب تأخير الإذن عن البيع.
ويرد عليهما معا: أنه لا يحتاج إلى لفظة (كل)، فلو باع أحدهما بعض عرضه ببعض عرض الآخر .. حصل الغرض، وتعبيرهما أحسن من قول " المحرر ":(نصف بنصف)(5) فإنه يجوز بيع أحدهما ربع عرضه بثلاثة أرباع عرض الآخر، فيصير مشتركًا بينهما كذلك (6).
2368 -
قول " الحاوي "[ص 325]: (وإن اختلف القدر أو جُهل) يقتضي الصحة مع الجهل بالقدر مطلقًا، وإنما يُغتفر الجهل به حال العقد مع إمكان معرفته بعده؛ ولذلك قال " المنهاج " [ص 271]:(والأصح: أنه لا يشترط العلم بقدرهما عند العقد) أما إذا جهلا القدر وعلما النسبة؛ بأن وضع أحدهما الدراهم في كفة الميزان والآخر مقابلها مثلًا .. فيصح جزمًا، قاله الماوردي وغيره (7).
2369 -
قول " المنهاج "[ص 271]: (ويتسلط كل منهما على التصرف بلا ضرر) يقتضي جواز البيع بثمن المثل مع راكب بزيادة، وذلك تقصير في حق الشريك، وعبر في " المحرر " بـ (الغبطة)(8)،
(1) انظر " فتح العزيز "(13/ 156).
(2)
انظر " فتح العزيز "(5/ 188).
(3)
انظر " التنبيه "(ص 107)، و" المنهاج "(ص 270).
(4)
التنبيه (ص 107).
(5)
المحرر (ص 194).
(6)
انظر " السراج على نكت المنهاج "(4/ 9).
(7)
انظر " الحاوي الكبير "(6/ 474، 475).
(8)
المحرر (ص 194).
وهو: شراء ما فيه ربح عاجل له بال (1)، وفي تكليف الشريك مثل ذلك مشقة وعسر، والأحسن: التوسط بينهما، واعتبار المصلحة خاصة كشراء ما يتوقع ربحه، فلا نكتفي بعدم الضرر، ولا نُكَلِّفُه الغبطة، وفي " الروضة " وأصلها: أن تصرف الشريك كالوكيل (2)، وذلك يقتضي ما ذكرناه، والله أعلم.
2370 -
قوله: (فلا يبيع نسيئة ولا بغير نقد البلد ولا بغبنٍ فاحشٍ ولا يسافر به ولا يُبضعه بغير إذنٍ)(3) يعود إلى الجميع، فإن فعل .. لم يصح في نصيب شريكه، وفي نصيبه قولا تفريق الصفقة، إلا السفر؛ فإنه لا يمنع الصحة وإن ضمن.
2371 -
قول " التنبيه "[ص 108]: (وإن مات أحدهما أو جن .. انفسخت الشركة) لم يذكر الإغماء، وذكره " المنهاج " وغيره، وفي " البحر ": أنّ يَسِيرَهُ الذي لا يسقط فيه فرض صلاة واحدة لمرور وقتها .. لا يضر (4).
2372 -
قولهم - والعبارة لـ " المنهاج " -: (والربح والخسران على قدر المالين، فإن شرطا خلافه .. فسد العقد، فيرجع كل على الآخر بأجرة عمله في ماله)(5) أي: في مال الآخر، أورد عليه: ما إذا تساويا في المال وتفاوتا في العمل، وشرط الأقل للأكثر عملًا .. فإن الأصح: أنه لا يرجع بالزائد؛ لأنه عمل متبرعًا.
2373 -
قول " التنبيه "[ص 108]: (والشريك أمين فيما يدعيه من الهلاك) يرد عليه: أنه لو ادعاه بسبب ظاهر .. طولب ببينة بالسبب، ثم يُصدَّق في التلف به، وقد ذكره " المنهاج "(6).
(1) انظر " شرح المنهج "(3/ 397).
(2)
فتح العزيز (5/ 195)، الروضة (4/ 283).
(3)
انظر " المنهاج "(ص 271).
(4)
بحر المذهب (8/ 137).
(5)
انظر " التنبيه "(ص 107)، و " الحاوي "(ص 325)، و" المنهاج "(ص 271).
(6)
المنهاج (ص 271).