الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بابُ الحَجْر
2206 -
قول "المنهاج"[ص 256]: (منه: حجر المفلس لحق الغرماء، والرهن للمرتهن، والمريض للورثة، والعبد لسيده، والمرتد للمسلمين) ليس في عبارته ما يدل على حصر الحجر لمصلحة الغير في هذه الأنواع الخمسة، وعبارة "الروضة" وأصلها تقتضي حصره فيها (1).
وزاد ابن الرفعة في "الكفاية" عليها: الحجر على السيد في المكاتب، وفي الجاني، وعلى الورثة في التركة.
وزاد في "المطلب": الحجر الغريب على المشتري في جميع ماله حتى يوفي الثمن، وعلى الأب إذا أعفّه ابنه بجارية حتى لا يبيعها، قاله القاضي حسين والمتولي.
وزاد السبكي: الحجر على الممتنع من وفاء دينه وماله زائد إذا التمسه الغرماء في الأصح.
وزاد شيخنا الإسنوي: إذا رد بعيب .. فله حبس السلعة، ويحجر على البائع في بيعها حتى يؤدي الثمن، قاله المتولي.
وعلى من غنم مال حربي مديون قد استرق حتى يوفي، وعلى المشتري في المبيع قبل القبض، قاله الجرجاني.
وعلى العبد المأذون للغرماء، وعلى السيد في نفقة الزوجة حتى يعطيها بدلها، وعلى مالك دار قد استحقت العدة فيها بالحمل أو الأقراء، بخلاف الأشهر، وعلى من اشتري عبدًا بشرط العتق، وفي المستولدة، وفيما إذا أعتق شريكه الموسر نصيبه في الأصح إذا قلنا: لا يسري إلا بدفع القيمة، وفيما استؤجر على العمل فيه حتى يفرغ ويُعطي أجرته، وفيما إذا قال شريكان لعبد بينهما:(إذا متنا .. فأنت حر) فمات أحدهما .. فليس لوارثه التصرف فيه بالبيع ونحوه، ونصيب اللآخر مدبر حتى يموت، فيعتق جميعه.
وفيما إذا نعل المشتري الدابة ثم اطلع على عيبها وقلْعه يُعَيِّبُهَا، فردها، وترك له النعل .. جُبر على قبوله، وهو إعراض عنه في الأصح، فيكون للمشتري لو سقط، ويمتنع عليه بيعه؛ كدار المعتدة.
وفيما إذا أعار أرضًا للدفن .. فيمتنع بيعها قبل بلاء الميت، وفيما إذا خلط المغصوب بما لا يتميز .. فعليه بدله، ويحجر عليه فيه إلى رد البدل، وفيما إذا أوصي بعين تخرج من الثلث وباقي ماله غائب .. فيحجر على الموصي له في الثلثين؛ لاحتمال التلف، وفي الثلث على الأصح؛ لعدم تمكن الوارث من الثلثين.
(1) فتح العزيز (5/ 66)، الروضة (4/ 177).
وفيما إذا أقام شاهدين على ملك ولم يعدلا .. فيمتنع على صاحب اليد البيع ونحوه بعد حيلولة الحاكم وقبلها على أحد الوجهين، وفيما إذا اشترى عبدًا بثوب وشرطا الخيار لمالك العبد .. فالملك لا فيه، ويبقي الثوب على ملك الآخر؛ لئلا يجتمعا في ملك واحد، ولا يجوز لمالكه التصرف فيه.
وفيما إذا أحبل الراهن المرهونة وهو معسر .. فلا ينفذ الاستيلاد، ومع ذلك لا يجوز بيعها في الأصح؛ لأنها حامل بحرّ، ولا بعهد الولادة حتى تسقيه اللبأ ويجد مرضعة خوفًا من سفر المشتري بها، فيهلك الولد.
وفيما إذا أعطى الغاصب القيمة للحيلولة ثم ظهر المغصوب .. فله حبسه إلى استرداد القيمة، كما في الرافعي في (الغصب) عن النص، ثم مال إلى خلافه (1)، ويلزم من حبسه امتناع تصرف مالكه فيه بطريق الأولى.
وفي بدل العين الموصى بمنفعتها إذا تلفت .. فيمتنع على الوارث التصرف فيه؛ لأنه يستحق عَليه أن يشتري به ما يفوم مقامه، وفيما إذا أعطي لعبده قوته ثم أراد عند الأكل إبداله .. لم يكن لي ذلك، كما قال الروياني، وقيده الماوردي بما إذا تضمن الإبدال تأخير الأكل (2).
وفيما إذا نذر إعتاق عبده، فليس له التصرف فيه وإن لم يخرج عن ملكه إلا بالإعتاق، وفيما إذا دخل وقت صلاة وعنده ما يتطهر به
…
لم يصح بيعه ولا هبته.
وفيما إذا وجبت عليه كفارة على الفور وفي ملكه ما يكفر به .. فقياس ما سبق امتناع تصرفه فيه، قاله الإسنوي؛ قال: ومن عليه دين لا يرجو وفائه، أو وجبت عليه كفارة .. لا يحل له التصدق بما معه ولا هبته، ولكن لو فعل .. ففي صحته نظر. انتهى.
فهذه خمس وثلاثون مسألة، وبقيت مسائل أخر؛ منها: الحجر على المالك قبل إخراج الزكاة؛ وعلى الوارث في العين الموصي بها قبل القبول، وعلى السيد فيما بيد العبد المأذون إذا ركبته ديون بغير إذن الغرماء، وكذا بغير إذن العبد في الأصح، وإذا اشترى شيئًا شراء فاسدًا وأقبض الثمن .. فله الحبس إلى استرداد الثمن على قول أو وجه، حكاه الرافعي في البيوع المنهي عنها عن الإططخري (3)، واقتضى كلامه في موضعين من الضمان ترجيحه (4)، واختار السبكي فيما حكاه عنه ابنه: التفصيل بين أن يكون فاسدًا بشرط .. فله الحبس، أو لكونه ملك الغير .. فلا حبس. انتهى.
(1) انظر "فتح العزيز"(5/ 431).
(2)
انظر "الحاوي الكبير"(11/ 526).
(3)
انظر "فتح العزيز"(4/ 123).
(4)
انظر "فتح العزيز"(5/ 152، 153).
ويلزم من الحبس امتناع التصرف كما تقدم، وحجر القاضي على من ادعي عليه بدين في جميع ماله إذا اتهم بحيلة، وقد أقام المدعي شاهدين ولم يزكيا، كما قاله القاضي الحسين، والأصح: خلافه، والحجر على النائم، قاله القاضي الحسين، وعلى المشتري إذا خرس في مجلس البيع .. فإن الحاكم ينصب عنه قيمًا، قاله الرافعي (1)، وعلى الواقف في الموقوف وإن قلنا: إنه ملكه، فهذه ثماني صور، والله أعلم.
2207 -
قول "التنبيه"[ص 102]: (لا يجوز تصرف الصبي والمجنون في مالهما) قد يخرج به إسلام المميز، وجوابه السلام على جمع هو فيهم، وإخباره وهو مشكل بميله إلى الرجال أو النساء، وأمانُهُ كافرًا، ووقوع الطلاق المعلق بمشيئته، بقوله:(شئت)، وإخباره بنجاسة أحد الإناءين، وشهادته بهلال رمضان، وشهادة الصبيان بأن فلانًا قتل فلانًا .. هل يكون لوثًا؟ وقوله للشاهد يجهل عين المشهود عليها: هي هذه، والأصح في الكل: المنع؛ ولذلك قال في "الحاوي"[ص 312]: (المجنون محجور إلى الإفاقة، والطفل إلى البلوغ من الإيمان وغيره).
لكن يستثنى من ذلك: أنه يصح من المميز إحرامه وعبادته، ويعتبر قوله في إذن الدخول، وإيصال الهدية، وله إزالة المنكر، ويثاب عليه كالبالغ كما في "الروضة" من زيادته في (الغصب)(2)، وفي "المنهاج" [ص 256]:(فبالجنون تنسلب الولايات واعتبار الأقوال)، وسكت عما يحجر على الصبي فيه؛ كأنه للاكتفاء بما ذكره في المجنون، وهو كذلك إلا ما يستثني، واقتضي كلامه اعتبار فعله، وهو كذلك في الإتلاف، ومنه إحباله، بخلاف غيره؛ كالهدية والصدقة.
2208 -
قول "الحاوي"[ص 312]: (والمميز يُبعد به عن أهله) أي: استحبابًا، كما رجحه الرافعي في (اللقيط)(3)، أو وجوبًا، كما هو ظاهر كلامه في (الحضانة)(4).
2209 -
قول "التنبيه"[ص 103]: (وإذا بلغ الصبي، وعقل المجنون، وأونس منهما الرشد .. انفك الحجر عنهما) فيه أمران:
أحدهما: أنه لا يتوقف انفكاك الحجر عن المجنون على إيناس الرشد، بل ينفك عنه بمجرد الإفاقة؛ ولذلك قال "الحاوي" [ص 312]:(إلى الإفاقة) و"المنهاج"[ص 256]: (ويرتفع بالإفاقة)، لكن يستثنى منه: ولاية القضاء ونحوها، فلا تعود إلا بولاية جديدة؛ فلعل المراد:
(1) انظر "فتح العزيز"(4/ 181).
(2)
الروضة (5/ 18).
(3)
انظر "فتح العزيز"(6/ 396).
(4)
انظر "فتح العزيز"(10/ 88).
عود الأهلية، وحمل ابن الرفعة كلام "التنبيه" على المجنون الذي جُن في صباه، أو بعد بلوغه وقبل إيناس الرشد، وقد قال بعد ذلك:(وإيناس الرشد: أن يبلغ مصلحًا لدينه وماله)(1)، ولم يذكر الإفاقة.
ورده السبكي: بأن الباقي فيما إذا لم يؤنس منه الرشد حجر السفه لا حجر الجنون.
ثانيهما: أن ما ذكره في الصبي موافق لقول "المنهاج"[ص 256]: (وحجر الصبي يرتفع ببلوغه رشيدًا)، لكن في "الحاوي" [ص 312]:(والطفل إلى البلوغ) ولم يذكر الرشد، قال الرافعي: وليس خلافًا محققًا، ومراد الأول: الإطلاق الكلي، والثاني: المخصوص بالصبي، وهذا أولي؛ لأن كلًا من الصِّبَا والتبذير سبب مستقلٌ. انتهى (2).
وعلى هذا .. فالرشد غير محتاج إليه في ارتفاع حجر الصبي؛ فإن حجر الصبي يرتفع بالبلوغ مطلقًا، ويخلفه حجر السفه، وله أحكام تخصه، فهذا يرتفع بالرشد، قال السبكي: وللبحث مجال في أن حجر الصبي للسفه الذي هو مظنته فاتحدا وإن اختص الصبي بإلغاء أقواله جملة، وحكي في "التوشيح" عن والده: أنه أفتي في يتيم غائب علم وليّه أنه بلغ، ولم يعلم هل بلغ رشيدًا؟ بأنه لا يجوز له التصرف في ماله، ولا إخراج زكاته استصحابًا لحكم الحجر، واحتج بقول الأصحاب: إذا أجر الولي الصبي مدة يبلغ فيها بالسن .. لم يصح فيما زاد على البلوغ، قال: فهذا يدل على أنهم لا يكتفون في العقود بالأصل.
2210 -
قول "الحاوي"[ص 312]: (بخمس عشرة سنة) قد يوهم حصول البلوغ بالطعن فيها، وهو وجه، والأصح: اعتبار استكمالها، وصرح به "التنبيه" و"المنهاج"(3)، وابتداؤها من خروج جميع الولد، وهي تحديد، كما ذكره النووي في "الأصول والضوابط"، فقال: الأصح: القطع به (4).
2211 -
قول "التنبيه"[ص 103]: (بالاحتلام) و"الحاوي"[ص 312]: (والحلم) أراد به: خروج المني في نوم أو جماع أو غيرهما، فلو عبرا بـ (خروج المني) كما في "المنهاج" (5) .. لكان أوضح؛ ولذلك قال النووي في "تحرير التنبيه":(لو قال: بالإنزال .. لكان أصوب)(6).
(1) التنبيه (ص 103).
(2)
انظر "فتح العزيز"(5/ 68)، وفي حاشية (أ): أول كلام الر افعي: وقوله - أي: في "الوجيز": "وحجر الصبي ينقطع بالبلوغ مع الرشد"، هكذا يطلقه بعض الأصحاب، ومنهم من يقول: حجر الصبي ينقطع بمجرد البلوغ، وليس ذلك خلافًا محققًا).
(3)
التنبيه (ص 103)، المنهاج (ص 256).
(4)
الأصول والضوابط (ص 36).
(5)
المنهاج (ص 256).
(6)
تحرير ألفاظ التنبيه (ص 199).
وجوابه: أن هذا هو المراد؛ وقد قال الماوردي: إن الاحتلام: إنزال المني في نوم أو جماع أو غيرهما (1).
2212 -
قول "التنبيه"[ص 103]: (أو بإنبات الشعر الخشن في العانة في أظهر القولين) فيه أمران: أحدهما: أن ذلك إنما هو في حق ولد الكافر دون المسلم في الأظهر، وعلى ذلك مشي "المنهاج" و"الحاوي"(2).
ثانيهما: أنه ليس نفس البلوغ، وإنما هو علامة عليه في الأظهر؛ ولذلك قال "المنهاج" [ص 256]:(ونبات العانة يقتضي الحكم ببلوغ ولد الكافر)، وهذا وارد على قول "الحاوي" [ص 312]:(وإنبات العانة لطفل الكفار) فإن ظاهره أنه بلوغ أيضًا، وتظهر فائدة الوجهين فيما لو شهد عدلان بأنه لم يستكمل خمس عشرة سنة مع نبات العانة، فإن قلنا: حقيقة .. فبالغ، وإن قلنا: دلالة .. فلا، ذكره الماوردي (3).
واعلم: أن عبارتهم تقتضي تعميم هذه العلامة في الذكر والأنثى، وهو المشهور، فهو أحسن من تعبير "المحرر" بـ (صبيان الكفار)(4)، ونقل السبكي عن الجوري: أنه ليس علامة في حق النساء؛ لأنهن لا يقتلن، وإنما يكون علامة في حق الخنثى إذا كان على فرجيه، كما صرح به الماوردي (5)، وفيه شيء، كما قال شيخنا الإمام البلقيني.
ويرد على "المنهاج" و "الحاوي": أنهما لم يقيدا الشعر بكونه خشنًا، ولا بد منه.
2213 -
قول "الحاوي"[ص 312]: (وحُلّف إن قال: استعجلته بالدواء) محله: في ولد الحربي إذا سُبي، فإن كان ولد ذمي، وطولب بالجزية، فادعي مثل ذلك .. ففي "الكفاية" عن العبادي: أنه لا يسمع منه.
2214 -
قولهم في بلوغ المرأة: (والحبل)(6) أي: يتبين بالولادة البلوغ قبلها بستة أشهر ولحظة، فإن كانت مطلقة وأتت بولد يلحق الزوج .. حكم ببلوغها قبل الطلاق بلحظة، والمشهور: أنه ليس ببلوغ، ولكنه علامة، قاله في "الكفاية"، وهو مفهوم من قول الرافعي: لأنه مسبوق بالإنزال (7).
(1) انظر "الحاوي الكبير"(6/ 343).
(2)
الحاوي (ص 312)، المنهاج (ص 256).
(3)
انظر "الحاوي الكبير"(6/ 344).
(4)
المحرر (ص 179).
(5)
انظر "الحاوي الكبير"(6/ 347).
(6)
انظر "التنبيه"(ص 103)، و"الحاوي"(ص 312)، و"المنهاج"(ص 256).
(7)
انظر "فتح العزيز"(5/ 71).