الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نكاح أمة الولد، ونكاح أمة الولد أخص من نكاح مطلق الأمة، وعبارة المتولي، في "التتمة" صريحة فيما حملت عليه؛ فإنه قال: إذا تزوج الأب بجارية فاشتراها ابنه، وقلنا: إن الأب لا يتزوج بجارية ابنه .. هل يبطل النكاح؟ فيه وجهان، وأصرح منه عبارة "التهذيب" فإنه قال: إذا ملكَها ابنه؛ فإن كان الأب رقيقاً .. لا ينفسخ النكاح وإن كان حراَّ، وقلنا بظاهر المذهب: أنه لا يجوز أن ينكح جارية الابن .. ففي انفساخه وجهان، أصحهما: لا؛ لأن حكم الدوام أقوى. انتهى (1).
فصلٌ [في نكاح الرقيق]
3712 -
قول "المنهاج"[ص 393] و"الحاوي"[ص 475]: (السيد بإذنه في نكاح عبده لا يضمن مهراً ونفقة)، قال السبكي لو قالوا:(لا يضمن بإذنه في نكاح عبده) .. لكان أحسن؛ لتسلط النفي على الضمان بالإذن، فهو نفي لكون الإذن سببا للضمان، وهو المقصود، وتلك محتملة لهذا، ومحتملة أيضاً لكون الإذن سبباً لنفي الضمان، وليس بمقصود، وقول "المنهاج" [ص 393]:(في الجديد) يقتضي أن القديم أنه ضامن لهما، وهو الذي صححه أبو الفرج الزاز، قال: فيطالبان، ويصح إبراء العبد فيبرأ به السيد؛ لكن قطع البغوي بأنه على السيد ابتداءً، فلا يطالب به سواه (2)، ولو أبرأت العبد .. فهو لغو، وأنكر الإمام الأول؛ لأنه ضمان ما لم يجب، فطريقه طريق تعلق العهدة كتعلقها بالسيد في بيع المأذون (3)، واستحسنه الرافعي (4)، فإن استدرك بأن الأصح: تعلق العهدة، وهنا المصحح الجديد .. فرق بأن بيع المأذون لسيده ونكاحه لنفسه، وضمان ما لم يجب صحيح في القديم.
3713 -
قوله: (وهما في كسبه بعد النكاح المعتاد والنادر. فإن كان مأذوناً له في تجارة .. ففيما بيده من ربح وكذا رأس مال في الأصح)(5) فيه أمران:
أحدهما: قيد الكسب بكونه بعد النكاح، ولم يقيد الربح بذلك، فدل على تعلقه بالربح الحاصل قبل النكاح أيضاً، وهو كذلك على الأصح، ولا بد في الكسب أيضاً من كونه بعد الحلول
(1) السراج على نكت المنهاج (6/ 116: 118)، وانظر "التهذيب"(5/ 332).
(2)
انظر "التهذيب"(5/ 269، 270).
(3)
انظر "نهاية المطلب"(12/ 65).
(4)
انظر "فتح العزيز"(8/ 204، 205).
(5)
انظر "المنهاج"(ص 393).
إن كان مؤجلاً، فينظر في كسب كل يوم فيؤدى منه النفقة، فإن فضل شيء .. صرف إلى المهر، وما فضل للسيد، ولا يدخر للنفقة، كذا رتب الرافعي تبعاً للإمام (1)، وفي "الوسيط": يكتسب للمهر أولاً ثم للنفقة (2).
ثانيهما: ظاهر عبارته أنهما في الكسب مطلقاً وفي مال التجارة أيضاً إن كان مأذوناً له، فلو كان مكتسباً مأذوناً .. تعلق بهما، وهو الذي يقتضيه قول "الحاوي" في العبد المأذون [ص 286]: (ويؤدي من كسبه قبل الحجر، ومال التجارة
…
) إلى أن قال: (والمهر والنفقة)، قال السبكي: وهو ظاهر؛ فإذا لم يكف من أحدهما .. كمل من الآخر، وعبارة "التنبيه" [ص 166]:(ومهر امرأته في كسبه إن كان مكتسباً، وفيما في يده إن كان مأذوناً له في التجارة).
3714 -
قول "التنبيه"[ص 166]: (وإن لم يكن مكتسباً ولا مأذوناً له في التجارة .. ففي ذمته إلى أن يعتق في أحد القولين أو يفسخ النكاح، وفي ذمة السيد في الآخر) الأظهر: الأول كما في "المنهاج"(3)، وتردد الرافعي في أن هذا الخلاف قولان أو وجهان (4)، وذلك يقتضي أنهما غير القولين المتقدمين الجديد والقديم، ويؤيده اختصاص هذين القولين بما إذا لم يكن مكتسباً ولا مأذوناً له، واطراد القولين الأولين.
3715 -
قول "المنهاج"[ص 393] و"الحاوي"[ص 475]: (وله المسافرة به)، زاد "المنهاج" [ص 393]:(ويفوت الاستمتاع) ولو عبر عنه بقوله: (ولو فات الاستمتاع) .. لكان أحسن، وهذا هو مراده، ولا يلزم من سفره به فوات الاستمتاع؛ فقد يستصحبها العبد معه؛ فإن له ذلك والكراء في كسبه؛ فإن لم تخرج معه .. فلا نفقة، وإن لم يطالبها بالخروج معه .. فالنفقة بحالها.
3716 -
قوله: (وإذا لم يسافر .. لزمه تخليته ليلاً للاستمتاع)(5) يأتي فيه ما سنذكره في قوله: (وسلمها للزوج ليلاً)(6).
3717 -
قول "التنبيه"[ص 166]: (وإن تزوج بغير إذنه ووطئ .. ففي المهر ثلاثة أقوال، أحدها: يجب حيث يجب المهر في النكاح الصحيح، والثاني: أنه يتعلق بذمته، والثالث: أنه يتعلق برقبته يباع فيها) فيه أمران:
(1) انظر "نهاية المطلب"(12/ 65)، و"فتح العزيز"(8/ 202).
(2)
الوسيط (5/ 202).
(3)
المنهاج (ص 393).
(4)
انظر "فتح العزيز"(8/ 202).
(5)
انظر "المنهاج"(ص 393).
(6)
انظر "المنهاج"(ص 393).
أحدهما: أن صورة المسألة: أن يأذن له في النكاح مطلقاً، فينكح فاسداً، فإن لم يأذن له في النكاح أصلاً .. لم يجيء في المهر القول الأول، قال ابن يونس: ولم يحك الأول في ذلك فيما بلغنا غير الشيخ، إلا فيما إذا أذن له الولي في النكاح فنكح نكاحاً فاسداً، قال صاحب "المطلب": قد صرح به الماوردي وغيره.
ثانيهما: الأظهر: القول الثاني، وعليه مشى "المنهاج" [ص 393] و"الحاوي" [ص 475] فقالا:(ولو نكح فاسداً ووطئ .. فمهر مثل في ذمته) وهو يتناول صوراً: منها: ما لو نكح فاسداً بتصريح السيد بالإذن له في الفاسد، وقد قال الرافعي في هذه الصورة: قياس هذه المسائل: تعلقه بالكسب أيضاً كما لو نكح بالإذن نكاحاً صحيحاً بمسمى فاسد (1).
3718 -
قول "الحاوي"[ص 475]: (ولا حدَّ) لا يحتاج إلى ذكره هنا لمعرفته من بابه للشبهة.
3719 -
قول "المنهاج"[ص 393] و"الحاوي"[ص 474]: (وإذا زوج أمته .. استخدمها نهاراً)، قد يفهم تعين ذلك بنفسه، وليس كذلك، بل له إجارتها، واستشكل في "المهمات" استخدامها: بأنه يحرم عليه النظر لها والخلوة بها، قال: وسبق في (العارية) تحريم إعارة جارية للخدمة على الأصح؛ لأنه مظنة الخلوة، والمدرك في الموضعين واحد.
قلت: لا يلزم من استخدامها النظر والخلوة (2).
ويجوز استئجار أمة غيره وحرة للخدمة، ويحترز عن النظر والخلوة، والله أعلم.
3720 -
قوله: (وسلمها للزوج ليلاً)(3) قد يفهم أنه من الغروب، ونص الشافعي في رواية "البويطي" على أن وقته مضي الثلث الأول من الليل، وقال ابن الصباغ: يسلمها إذا فرغت من الخدمة بحكم العادة، ويوافقه قولهم في الإجارة فيما إذا استأجر رجلاً للخدمة: أنه يمكث عنده من الليل ما جرت به العادة، واستحسن السبكي تحكيم العادة في ذلك، وقال: ليحمل عليه الكلامان.
3721 -
قوله: (ولو أخلا في داره بيتاً وقال للزوج: "تخلو بها فيه" .. لم يلزمه في الأصح)(4) تبع "المحرر" في حكاية الخلاف وجهين (5)، وحكاه في "الروضة" و"الشرحين"
(1) انظر "فتح العزيز"(8/ 206).
(2)
في (ج): (فائدة: ذكر في "الروضة" في أول (كتاب النكاح)[7/ 23]: أنه يجوز النظر إلى الأمة المزوجة إلا ما بين السيرة والركبة على الأصح، فتأمل ذلك؛ فإن هذه العبارة تدفع الاستشكال من أصله).
(3)
انظر "المنهاج"(ص 393).
(4)
انظر "المنهاج"(ص 393).
(5)
المحرر (ص 308).
قولين (1)، وعلى الأصح: لو كانت محترفة فقال الزوج: تحترف للسيد في بيتي - أي: وسلموها ليلاً ونهاراً - .. فليس له ذلك في الأصح، كذا فرعه في "الروضة" وأصلها على الأصح في مسألة "المنهاج"(2)، ولم يفرعه في "الشرح الصغير" عليه، بل جعلها مسألة مستقلة فيما يظهر من عبارته.
3722 -
قوله "التنبيه"[ص 166]: (وإن قتلت نفسها .. فقد قيل: فيه قولان، أحدهما: يسقط مهرها، والثاني: لا يسقط، وقيل: إن كانت حرة .. لم يسقط، وإن كانت أمة .. سقط) الأشهر كما ذكره الرافعي: طريقة القولين (3)، ومع ذلك فالأصح في الأمة: السقوط، وفي الحرة: عدم السقوط، وعلى ذلك مشى "الحاوي" [ص 474] و"المنهاج" [ص 394] فقال:(والمذهب: أن السيد لو قتلها أو قتلت نفسها قبل دخول .. سقط مهرها، وأن الحرة لو قتلت نفسها، أو قتل الأمة أجنبي أو ماتت .. فلا) وهذا مما يستشكل؛ لأن التفصيل بين الحرة والأمة هو تقرير النصين بعينه، فكيف يستقيم مع تصحيحه أن يكون الصحيح طريقة الترجيح؟ فإن مقتضى الترجيح: أن يكون الصحيح: السقوط فيهما أو عدمه فيهما؛ وذلك لأنه إن ظهر بين الصورتين فرق .. فلا وجه إلا التقرير، وإن لم يظهر بينهما فرق .. فلا وجه إلا التخريج، ويكون الراجح في الصورتين متحداً.
وصورة ما إذا قتلت الأمة نفسها من زيادة "المنهاج" على "المحرر"، وهل يختص قتل السيد بالعمد أو يعم الخطأ حتى وقوعها في بئر حفرها عدواناً؟ قال شيخنا الإمام البلقيني: لم أر من تعرض لذلك، والظاهر من كلامهم أنه لا فرق.
3723 -
قول "الحاوي"[ص 474]: (كبوطء الأب أمته المزوجة من ابنه قبل الدخول) حكاه الرافعي عن البغوي (4)، وأن سقوط المهر في هذه الصورة مفرع على قولنا: إن قتل السيد أمته يسقط المهر، وهو يفهم أن التفريع على القول الآخر يخالفه، وليس كذلك؛ لأن عدم السقوط إنما جاء في قتل السيد أمته؛ لأنها فرقه حصلت بانتهاء العمر .. فقررت المهر، وهذا المعنى مفقود في هذه الصورة، ونظيرها ما لو كان مالك الأمة امرأة وتزوجها ابن المالكة وهو عبد فأرضعت المالكة أمتها .. فإنه يسقط المهر؛ لحصول الفرقة من مستحق المهر، ذكره شيخنا الإمام البلقيني.
3724 -
قول "المنهاج"[ص 394]: (ولو باع مزوجة .. فالمهر للبائع) أي: وإن لم يدخل بها
(1) فتح العزيز (8/ 194، 195)، الروضة (7/ 218).
(2)
فتح العزيز (8/ 195)، الروضة (7/ 218).
(3)
انظر "فتح العزيز"(8/ 196).
(4)
انظر "فتح العزيز"(8/ 197).
إلا بعد البيع، وهذا في النكاح الصحيح، أما الفاسد: فإن وطئت بعد البيع .. فمهر المثل للمشتري، أو قبله .. فللبائع، وقد ذكره "الحاوي"(1).
3725 -
قول "المنهاج"[ص 394]: (ولو زوج أمته بعبده .. لم يجب مهر) ظاهره أنه لم يجب شيء أصلاً، وهو الأصح، وعليه مشى "الحاوي"(2)، وقيل: وجب ثم سقط، وتقدم ذكر بقية المسائل التي لا مهر فيها ولا حد عند ذكر نكاح السفيه بلا إذن، والله أعلم.
(1) الحاوي (ص 475).
(2)
الحاوي (ص 458، 459).