الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2565 -
قولهم: (وإن استعار للغراس)(1) قال النووي في "التحرير": لو عبر بالغرس .. لكان أحسن وأخصر (2).
2566 -
قول "المنهاج" عطفًا على ما عبر فيه بالصحيح [ص 288]: (وأنه لا تصح إعارة الأرض مُطْلَقَةً، بل يُشترط تعيين نوع المنفعة) يقتضي ضعف الخلاف، وليس كذلك؛ فإن الرافعي في "شرحيه" لم يرجح شيئًا (3)، وعبارة "الروضة": أصحهما عند الإِمام والغزالي
…
ثم نقل من زيادته تصحيحه عن "المحرر"(4)، وصححه في "أصل الروضة" في باب الإجارة (5)، ومشى عليه "الحاوي" بقوله [ص 347]:(معلومة الجنس؛ كالزراعة) وصحح آخرون الصحة، واختاره السبكي، وعلى هذا: فله أن ينتفع كيف شاء، وقال الروياني: ينتفع بما هو العادة فيه، قال الرافعي: وهو أحسن، ثم قال: الوجه: القطع بأن إطلاق الإعارة لا يسلط على دفن الموتى؛ لما فيه من ضرر اللزوم. انتهى (6).
واعلم: أن ذكر الأرض مثال، فيجري الوجهان في كل ما ينتفع به بجهتين فصاعدًا؛ كالدابة تصلح للركوب وللحمل، أما ما لا ينتفع به إلا بجهة واحدة؛ كالبساط المتعين للفرش .. فلا يحتاج إلى بيان، وقد يفهم من عبارة "المنهاج" عدم الصحة فيما لو قال:(انتفع ما شئت)، وفي "الروضة" وأصلها وجهان في ذلك بلا ترجيح (7)، لكنهما صححا في نظيرها من الإجارة الصحة (8)، فالعارية أولى؛ ولذلك مشى "الحاوي" على الصحة (9).
فصل [جواز العارية وما للمعير وما عليه بعد الرد]
2567 -
قول "المنهاج"[ص 288]: (لكل منهما رد العارية متى شاء إلا إذا أعار لدفنٍ .. فلا يرجع حتى يندرس أثر المدفون) فيه أمور:
(1) انظر "التنبيه"(ص 112)، و"الحاوي"(ص 349)، و"المنهاج"(ص 288).
(2)
تحرير ألفاظ التنبيه (ص 209).
(3)
فتح العزيز (5/ 381).
(4)
الروضة (4/ 436)، وانظر المحرر (ص 209).
(5)
فتح العزيز (6/ 114)، الروضة (5/ 198).
(6)
انظر "فتح العزيز"(5/ 382، 383).
(7)
فتح العزيز (5/ 382)، الروضة (4/ 436).
(8)
فتح العزيز (6/ 115)، الروضة (5/ 199، 200).
(9)
الحاوي (ص 347).
أحدها: أورد عليه: أنه لا بد أن يقول: (ودفن)، وعبارة "المحرر" تشعر به؛ حيث عبر بالنبش (1).
قلت: وكذا يشعر به قول "المنهاج": (حتى يندرس أثر المدفون)، وعبارة "الحاوي" في ذلك مثل عبارة "المنهاج"(2)، ومثلهما قول "التنبيه" [ص 113]:(حتى يُبلى الميت) فإن وضع، ولم يوار .. فالمرجح في "الشرح الصغير": عدم الرجوع، والذي في "الروضة": له الرجوع ما لم يوضع فيه الميت (3)، قال المتولي: وكذا بعد الوضع ما لم يواره التراب، وإذا رجع قبل الدفن .. لا يلزم المستعير الطمُّ، ويغرم المعير لولي الميت مؤنة الحفر؛ لأنه الذي ورطه فيه، قاله المتولي، ووهم الرافعي، فنقل عن المتولي: أن مؤنة الحفر على ولي الميت (4)، وتبعه في "المطلب"، واستدركه النووي (5).
ثانيهما: منع القاضي حسين الرجوع بعد الاندراس أيضًا، وهذان الأمران ينكت بهما على عبارة "التنبيه" و"الحاوي" أيضًا.
ثالثها: يرد على حصره مسائل:
أحدها: إذا إعاره جدارًا لوضع الجذوع، فوضعها .. فليس له الرجوع على وجه، جزم به "التنبيه"، واستثنى هذه الصورة مع التي قبلها، فقال بعد ذكرهما:(وفيما سواه يرجع إذا شاء)(6)، لكن الأصح: جواز الرجوع، وفائدته: التخيير بين التبقية بأجرة، والقلع مع ضمان أرش النقص، وصرح به "الحاوي" هنا (7)، وذكره "المنهاج" في (الصلح)، لكن في الجدار المشترك، فقال:(فلو رضي بلا عوض .. فهو إعارة له الرجوع قبل البناء عليه، وكذا بعده في الأصح)(8)، ونظير ذلك: الإعارة للرهن لا يُرجع فيها على وجه.
الثانية: إذا كفنه أجنبي، وقلنا: إنه باق على ملك الأجنبي، كما صححه النووي (9) .. فهو عارية لازمة، قاله الغزالي (10)، وفي الرافعي في (السرقة): أنه كالعارية (11).
(1) المحرر (ص 209).
(2)
الحاوي (ص 349).
(3)
الروضة (4/ 436).
(4)
انظر "فتح العزيز"(5/ 382).
(5)
انظر "الروضة"(4/ 436).
(6)
التنبيه (ص 113).
(7)
الحاوي (ص 349).
(8)
المنهاج (ص 262).
(9)
انظر "الروضة"(10/ 131).
(10)
انظر "الوجيز"(2/ 173).
(11)
فتح العزيز (11/ 207).
الثالثة: الدار المستعارة لسكنى المعتدة لازمة من جهة المستعير فقط، كما ذكروه في العدد.
الرابعة: قال: (أعيروا داري بعد موتي لزيد شهرًا) .. لم يكن للمالك - وهو الوارث - الرجوع، ذكره الرافعي في (التدبير)(1).
الخامسة: لو أراد الصلاة المفروضة، فأعاره ثوبًا ليستر به عورته أو ليفرشه في مكان نجس، ففعل، وأحرم، وكان الرجوع مؤديًا إلى بطلان الصلاة .. قال في "المهمات": يتجه منعه منه، ويحتمل الجواز، وتكون فائدته: طلب الأجرة.
السادسة: لو أعاره سفينة، فطرح فيها مالًا .. لم يكن له الرجوع، قاله في "البحر"(2)، وهذه الصور الخمسة واردة على "التنبيه" و"الحاوي" أيضًا (3).
2568 -
قول "المنهاج"[ص 288] فيما إذا أعار للبناء أو الغراس ثم رجع: (إن كان شرط القلع مجانًا .. لزم) تقييد القلع بكونه مجانًا هو كذلك في كتب الرافعي والنووي (4)، والصواب - كما قال في "المهمات" -: حذفه، كما في "المهذب" وغيره (5)، وكذا لم يذكره "التنبيه" و"الحاوي" فإن مقتضاه: أنه لا يؤمر بالقلع مجانًا إلا عند التنصيص عليه، ولم يعتبر الشافعي ذلك، وعبارته في "المختصر" و"الأم": ولكن لو قال - أي: المعير -: (فإذا انقضى الوقت .. كان عليك أن تنقض بناءك) .. كان ذلك عليه؛ لأنه لم يغره، إنما غر نفسه. انتهى (6).
وحذفه الرافعي في نظيره من الإجارة (7)، وذكر السبكي أن حذفه هو المعتمد.
2569 -
قول "التنبيه"[ص 112]: (فإن لم يشترط، فاختار المستعير القلع، فقلع .. لم يكلف تسوية الأرض، وقيل: يكلف ذلك) رجح الأول الرافعي في "المحرر"(8)، فاستدرك عليه النووي في "المنهاج" وقال [ص 288]:(الأصح: يلزمه)، وكذا صححه في "الروضة" تبعًا "للشرحين"(9)، ومشى عليه "الحاوي"(10)، وكان ينبغي التعبير عنه في "المنهاج" بالصحيح؛
(1) انظر "فتح العزيز"(13/ 411).
(2)
بحر المذهب (9/ 10).
(3)
في حاشية (ج): (بقي من الصور: ما إذا نذر المعير ألَّا يرجع، أو نذر أن يرجع، قاله المتولي عجالة).
(4)
انظر "فتح العزيز"(5/ 385)، و"الروضة"(4/ 437).
(5)
المهذب (1/ 364).
(6)
المختصر (ص 116)، الأم (7/ 138).
(7)
انظر "فتح العزيز"(6/ 133).
(8)
المحرر (ص 209).
(9)
فتح العزيز (5/ 385)، الروضة (4/ 438).
(10)
الحاوي (ص 349).
فإنه في "الروضة" حكاه عن الجمهور، وقال: ولا يغتر بتصحيح "المحرر" فإنه ضعيف (1).
وأيده في "المهمات": بأن الإِمام ادعى في الإجارة اتفاق الأصحاب عليه، قال: والظاهر: أنه في "المحرر" انعكس عليه المراد، قال في "المهمات": ويتجه أن محل إيجاب التسوية في الحفر الحاصلة من القلع دون الحاصلة بالبناء أو الغرس في مدة العارية؛ لحدوثها بالاستعمال، وإذا لم يوجبوا ضمانًا عند انمحاق الثوب أو انسحاقه لهذه العلة .. فالحَفْرُ أولى. انتهى.
وسبقه إليه السبكي.
2570 -
قول "التنبيه"[ص 112]: (وإن لم يختر القلع .. فالمعير بالخيار بين أن يبقي ذلك، وبين أن يقلع ويضمن له أرش ما نقص بالقلع) فيه أمور:
أحدها: ظاهره التبقية بغير أجرة؛ فإنه لم يتعرض لها، وهو رأي العراقيين، وقال السبكي: إنه الذي ينبغي أن يكون مراده، ولكن حمله ابن يونس شارحه على التبقية بأجرة، وهو الذي في "المنهاج" و"الحاوي"(2).
ثانيها: قال الشيخ برهان الدين بن الفركاح: هذا التخيير محله: إذا كان في القلع تنقيص، وإلا .. فليس له إلا القلع، فإن صح ذلك .. فهو وارد على "المنهاج" و"الحاوي" أيضًا.
ثالثها: التخيير بين هاتين الخصلتين هو المرجح في "المنهاج" هنا، وهو نظير ما تقدم في "المنهاج" تصحيحه في (الصلح) في الرجوع عن إعارة الجدار لوضع الجذوع، وتوافقت "الروضة" و"المنهاج" عليه هناك (3)، ثم قال في "المنهاج" هنا [ص 288]:(قيل: أو يتملكه بقيمته) وهذا الوجه الذي ضعفه من التخيير بين ثلاث خصال هو الذي في "الحاوي"(4)، وهو اختيار الإِمام والغزالي (5)، وهو الذي في "الروضة" وأصلها في (الهبة)، وجوز بعضهم أن يكون ذلك هو مراد "التنبيه" هنا؛ فإن التبقية مطلقة في كلامه، صادقة بأن يبقيها ملكًا له، وهو التملك، أو للمستأجر بأجرة يدفعها له، قال: وبهذا يتعين إطلاق التبقية في كلامه، وعدم تقييدها بأجرة وعدمها؛ لئلا تخرج خصلة التملك. انتهى.
وصحح في "أصل الروضة" هنا: التخيير بين القلع مع ضمان أرش النقص والتملك بالقيمة (6)، وعبارة الرافعي فيه: هذا رأي أكثر العراقيين وغيرهم، ويشبه أن يكون أظهر في
(1) الروضة (4/ 438).
(2)
الحاوي (ص 349)، المنهاج (ص 288).
(3)
الروضة (4/ 438)، المنهاج (ص 261، 262).
(4)
الحاوي (ص 349).
(5)
انظر "نهاية المطلب"(7/ 158)، و"الوجيز"(1/ 377)، و"الروضة"(4/ 438).
(6)
الروضة (4/ 438).
المذهب (1)، وهو المذكور في "المنهاج" في (التفليس) فيما إذا غرس المفلس الأرض أو بنى (2)، وفي "التنبيه" في (الشفعة) فيما إذا غرس المشتري أو بنى (3)، وفهم النشائي من ذلك: أن التبقية بأجرة جائزة قطعًا، والخلاف في الخصلتين الأخريين (4)، وفي "المطلب": أن النص في "الأم" و"المختصر" على التملك بالقيمة فقط، واقتضى كلامه الحصر فيها، قال: وكذا نص في "الأم" و"المختصر" و"البويطي" في الإجارة إذا انقضت المدة. انتهى (5).
ثم ظاهر كلامهم: أنه يتملك بالقيمة قهرًا بغير بيع؛ كتملك الشفيع، قال السبكي: وقد أشار الرافعي إلى ذلك، وفي كلام غيره ما يقتضي أنه بالبيع بمعنى: أن المستعير إن باعه، وإلا .. فكما لو امتنع عن الخصال، وهذا هو الأقرب، قال ابنه في "التوشيح": ويمكن أن يقال: يكره المستعير على الإيجار أو البيع أو يفعل هو ذلك نيابة قهرية عنه، ولكن يقدح في ذلك قول البغوي: لا بد في التملك والتبقية بأجرة من رضا المستعير؛ لأن الأول بيع، والثاني إجارة.
رابعها: محل ذلك: في الأرض الخالصة للمعير، أما لو كان شيء منها للمستعير .. لم يكن للمعير إلا التبقية بأجرة، حكاه في "الروضة" وأصلها عن المتولي من غير مخالفة (6)، وهو وارد على "المنهاج" و"الحاوي" أيضًا، لكن في "فتاوى ابن الصلاح": أن للشريك أن يتملك بالقيمة من البناء بقدر حصته من الأرض، ويصير البناء مشتركًا بينهما كاشتراكهما في الأرض (7)، ويوافقه في "التتمة" في الشفعة: تخيير الشريك بين الخصال الثلاثة، حكاه في "المهمات".
ويستثنى من ذلك أيضًا: ما لو وقف المستعير البناء أو الغراس .. فليس للمالك التملك بالقيمة ولا القلع مع الأرش، بل يتعين عليه التبقية بأجرة، ذكره ابن الرفعة والسبكي.
خامسها: لم يبين "المنهاج" و"الحاوي" قدر الأجرة، ولا يصح إنهاء ما يطلبه المعير، ولا أن يفرض الحاكم أجرة المثل حالة؛ إذ لا ضابط للمدة، ولا مقسطة؛ لأنه لا يفرضه، قال شيخنا الإسنوي: وأقرب ما يمكن: سلوك ما ذكروه في (الصلح) من بيع حق البناء دائما بعوض حال بلفظ البيع أو الإجارة وإن جهلت المدة، لكنه يلزم منه أن يبني ويغرس غيره عند تلفه أو قلعه، أو يؤجره لغيره، وهو بعيد.
(1) انظر "فتح العزيز"(5/ 386).
(2)
المنهاج (ص 254).
(3)
التنبيه (ص 116).
(4)
انظر "نكت النبيه على أحكام التنبيه"(ق 107).
(5)
الأم (7/ 138)، المختصر (ص 116).
(6)
فتح العزيز (5/ 388)، الروضة (4/ 440).
(7)
فتاوى ابن الصلاح (2/ 492).
وقال في "التوشيح": يتفرع على اعتبار رضا المستعير: أن المعير إذا اختار التبقية بأجرة .. اشترط تعيين المدة كسائر الإجارات، وإذا عين مدة وعين المستعير أقل منها أو أكثر .. فهو الذي ينبغي أن يجاب، وإذا انقضت .. فهل يتعين بعد انقضائها الإجارة لرضاه بها أولًا، أو له الانتقال إلى خصلة أخرى مما كنا نمكنه منها ابتداء؟ فيه نظر واحتمال، والأقرب: التعيين، قال: وعلى عدم اعتبار رضاه أنه لا يتعين مدة، كما لا يشترط لفظ، وإنما يكون حكمها حكم الإجارة، وتكون دائمة، فإذا قال: أُبقيها بأجرة المثل .. وجب الإبقاء بذلك، قال: وكثيرًا ما يقع في المحاكمات أرض يستأجرها إنسان مدة معينة للبناء، وتنقضي المدة، ويختار المؤجر الإبقاء بأجرة بعينها، ويرضى بها المستأجر، ثم يطلب زيادة .. فلا أمكنه وإن رغب راغب بزيادة، أو ارتفعت الأجرة؛ لورود العقد على معلوم، فلا يتطرق إليه الفسخ بالزيادة وإن كانت الأرض وقفًا والمؤجر ناظرًا إذا كانت وقعت بأجرة المثل وقت الإيجار؛ لأنه نظير زيادة تحدث في العين.
سادسها: أرش النقص هو التفاوت بين قيمتة قائمًا ومقلوعًا، وينظر في قيمته قائمًا إلى أنه مستحق القلع بالأرش؛ فإن قيمته حينئذ أنقص، نبه عليه صاحب "البيان"(1)، وأشار السبكي إلى أن ذلك إذا قلنا: إن إفراد الواجب المخير واجبة ليكون القلع مستحقًا قبل اختياره، وإلا .. فلا يتعين أحدها إلا باختياره، وقبله هو مستحق الإبقاء بغير أجرة.
سابعها: قال السبكي: إذا اختار القلع وبذل الأرش .. لا ينبغي أن يكتفي الحاكم بذمته، بل لا يمكنه من القلع إلا بدفع الأرش، وللمستعير منعه من القلع حتى يقبضه، أو يكون على يد من يأمن عليه، وإن لم يصرح الأصحاب بذلك.
ثامنها: ظاهر كلامهم: أنه لو أراد فعل بعض هذه الخصال في البعض وبعضها في البعض الآخر .. لم يمكن منه، وذكره في "التوشيح" بحثًا، وهو واضح.
2571 -
قول "الحاوي"[ص 349]: (فإن أبى .. كُلِّف التفريغَ) أي: إن أبى المستعير الخصال الثلاث .. كلف تفريغ الأرض، كذا ذكره الرافعي (2)، وأسقطه في "الروضة"، والذي في "المنهاج"[ص 288، 289]: (فإن لم يختر .. لم يقلع مجانًا إن بذل المستعير الأجرة، وكذا إن لم يبذلها في الأصح)، ومعناه: إن لم يختر المعير إحدى الخصلتين المخير بينهما فيه، وهما التبقية بأجرة والقلع بالأرش، وكذا هو في "الروضة" وأصلها فيما إذا امتنع من القلع بالأرش والتملك بالقيمة بناء على ترجيحهما هناك، فقال في "الروضة" وأصلها: وبه قطع المخيرون بين
(1) البيان (6/ 520).
(2)
انظر "فتح العزيز"(5/ 386).
الخصال الثلاث إذا امتنع منها جميعًا. انتهى (1).
وكان ينبغي لـ"الحاوي" ذكر هذا التفريع على ما اختاره من التخيير بين الخصال الثلاث.
واعلم: أنه على الأصح في "المنهاج": يؤول الأمر إلى التخيير بين القلع بالأرش والتبقية بلا أجرة، وهو ظاهر "التنبيه" كما تقدم (2).
2572 -
قول "المنهاج"[ص 289]: (الأصح: أنه يُعرض عنهما حتى يختارا شيئا) كذا في نسخة المصنف تبعًا لـ" المحرر" بالتثنية (3)، وكذا في أكثر نسخ "الشرحين"(4)، والصواب: حذف الألف، كما في "الروضة"(5) لأن الاختيار إلى المعير خاصة كما تقدم.
2573 -
قولهما: (ولا يمنع من دخولها للسقي والإصلاح)(6) أعم من قول "المحرر" والروضة" وأصلها: (ومرمة الجدار) (7)، وعبارة "الحاوي" [ص 349]: (المرمَّةُ) ولعله أعم من مرمة الجدار، فهو مثل التعبير بالإصلاح.
2574 -
قولهم - والعبارة لـ"المنهاج" -: (ولكلٍّ بيعُ ملكِهِ)(8) قد يتناول ما إذا باعاهما لثالث بثمن واحد، وهو صحيح على الأصح؛ للحاجة، بخلاف ما إذا كان لاثنين عبدان لكل منهما عبد، فباعاهما بثمن واحد، ولم يعلم ما يقابل كلًا منهما عند العقد .. فإنه باطل على الأصح في "تصحيح التنبيه" و"شرح المهذب" كما تقدم في موضعه (9)، ونقله الرافعي في (الصداق) عن النص (10).
2575 -
قول "المنهاج"[ص 289]: (وفي قولٍ: له القلع فيها - أي: في العارية المؤقتة - مجانًا إذا رجع) محل هذا القول: بعد المدة، وهو بعدها لا يحتاج إلى رجوع؛ فكان ينبغي التعبير بالانتهاء دون الرجوع، وعبر في "الروضة" وأصلها بالرجوع بعد المدة (11)، وفيه تجوّز.
(1) فتح العزيز (5/ 387)، الروضة (4/ 438).
(2)
التنبيه (ص 112)، المنهاج (ص 288).
(3)
المحرر (ص 209).
(4)
فتح العزيز (11/ 228) طبعة دار الفكر بإثبات الألف، وفي "فتح العزيز"(5/ 5/ 387) طبعة دار الكتب العلمية بحذف الألف.
(5)
الروضة (4/ 387).
(6)
انظر "التنبيه"(ص 112)، و"المنهاج"(ص 289).
(7)
المحرر (ص 210)، فتح العزيز (5/ 387)، الروضة (4/ 438).
(8)
انظر "التنبيه"(ص 112)، و"الحاوي"(ص 350)، و"المنهاج"(ص 289).
(9)
تصحيح التنبيه (1/ 287)، المجموع (9/ 372).
(10)
انظر "فتح العزيز"(8/ 260).
(11)
فتح العزيز (5/ 388)، الروضة (4/ 439).
2576 -
قول "المنهاج"[ص 289]- والعبارة له - و"الحاوى"[ص 349]: (وإذا أعار لزراعةٍ ورجع قبل إدراك الزرع .. فالصحيح: أن عليه الإبقاء إلى الحصاد) فيه أمران:
أحدهما: أن محله: فيما لا يعتاد قلعه حينئذ، وإلا .. كلّف قلعه، وكان هذا مراد "التنبيه" بقوله [ص 112]:(ثم رجع والزرع قائم، فإن كان مما يحصد قصيلًا .. حصد)، قال النووي في "التحرير": وقوله: (قصيلًا) أي: مقصولًا، وهو المقطوع (1).
قال ابن الرفعة: وإذا كان كذلك .. لم يستقم نظمه.
ثانيهما: قال في "المطلب": محل ذلك: ما إذا نقص بالقلع، فإن لم ينقص .. أجبر عليه. انتهى.
وهذا إن صح .. وارد على "التنبيه" أيضًا.
2577 -
قول "التنبيه"[ص 112]: (وإن قال: "ازرع الحنطة" .. لم يقلع إلى الحصاد) هذا مندرج في قوله فيما تقدم: (وإن كان مما لا يحصد) أي: قصيلًا، وإنما ذكره؛ لينبه على أن ما لا يحصد قصيلًا إذا أذن فيه بخصوصه ثم رجع .. لا أجرة له، كما حكاه القاضى حسين وجهًا؛ لرضاه بشغل أرضه إلى تلك الغاية، وجزم في الأولى بالأجرة؛ لأنه لا يتحقق زرع ما يبقى إلى هذه الغاية، ذكره في "الكفاية".
قال النشائي: وحينئذ .. فيُستَدرك على "التصحيح" في سكوته عنه؛ لإطلاق الرافعي و"الروضة" تصحيح الأجرة، كما هو ظاهر "الكفاية"(2).
قلت: إنما يستدرك "التصحيح" المخالفة الصريحة، ولا يستدرك على ما يفهم بالقرينة، والله أعلم.
وعبر في "المنهاج" في وجوب الأجرة بالصحيح (3)، وعبر في "الروضة" بالأصح (4).
ويرد على "التنبيه": أن محل الإبقاء إلى الحصاد: ما إذا لم يقصر، فإن قصر؛ بأن عين له مدة فأخر الزرع فلم يدرك .. قلع مجانًا، وقد ذكره "الحاوي" بقوله [ص 349]:(لا إن عيّن مدة فأخر) و"المنهاج" بقوله [ص 289]: (فلو عين مدة ولم يُدرك فيها؛ لتقصيره بتأخير الزراعة .. قلع مجانًا).
قال شيخنا ابن النقيب: وقوله: (لتقصيره) علة للقلع مجانًا، فإن لم يكن كذلك .. لم يقلع
(1) تحرير ألفاظ التنبيه (ص 209).
(2)
نكت النبيه على أحكام التنبيه (ق 106)، وانظر "فتح العزيز"(5/ 389)، و"الروضة"(4/ 440).
(3)
المنهاج (ص 289).
(4)
الروضة (4/ 440).
مجانًا، بل هو كالعارية مطلقًا سواء كان عدم الإدراك لحر أو برد أو مطر أو لقلة المدة المعينة أو لأكل الجراد رأسه، فنبت ثانيًا (1).
2578 -
قول "المنهاج"[ص 289]: (ولو حمل السيل بذرًا إلى أرضه فنبت .. فهو لصاحب البذر) لم يصرح به "التنبيه" و"الحاوي"، ولا هو في "الروضة" و"الشرحين"، ولكنه مفهوم من ذكر الخلاف في الإجبار على قلعه مجانًا.
وفي معنى السيل: الهواء، والمراد بالبذر: المبذور، من إطلاق المصدر على اسم المفعول، وتسميته بذلك باعتبار أنه سيصير مبذورًا، ففيه تجوز من وجهين، وتناول إطلاقه ما لا قيمة له؛ كحبة أو نواة، وحكى الرافعي فيه وجهين بلا ترجيح (2)، وصحح النووي: أنه لصاحب البذر - كإطلاق "المنهاج" - قال: فإن كان صاحبها أعرض عنها وألقاها .. فينبغي القطع بأنها لصاحب الأرض (3)، وهذه الأمور ينكت بها على عبارة "التنبيه" و"الحاوي" أيضًا.
2579 -
قول "التنبيه"[ص 113]: (فقد قيل: يجبر على قلعه، وقيل: لا يجبر) الأصح: الأول كما في "المنهاج" و"الحاوي"، وزاد فيه: التصريح بكونه مجانًا (4)، أي: لا يعطيه مالك الأرض أرش النقص، قال الماوردي في (الغصب): وأصح من هذين الوجهين: أن ينظر في الزرع بعد قلعه؛ فإن كانت قيمته مثل قيمة الحنطة .. قلع، وإن نقصت .. لم يقلع، ويندفع الضرر عن المالك بالأجرة (5)، وسكتوا عن الأجرة للمدة التي قبل القلع، وجزم في "المطلب" بعدمها وإن كثر؛ لعدم الفعل منه، وفيه وجه حكاه الجويني.
2580 -
قول "التنبيه"[ص 113]: (وإن دفع إليه دابة فركبها ثم اختلفا، فقال صاحب الدابة: "أكريتكها، فعليك الأجرة"، وقال الراكب: "بل أعرتني" .. فالقول قول الراكب في أصح القولين) فيه أمور:
أحدها: أن الذي رجحه الرافعي والنووي: تصديق صاحب الدابة (6)، وعليه مشى "المنهاج" و"الحاوي"(7).
ثانيها: أن صورة المسألة: أن يختلفا بعد مضي مدة لها أجرة، فإن لم تمض مدة لها أجرة .. فلا معنى للمنازعة، فيرد المال إلى مالكه.
(1) انظر "السراج على نكت المنهاج"(4/ 112).
(2)
انظر "فتح العزيز"(5/ 390).
(3)
انظر "الروضة"(4/ 442).
(4)
الحاوي (ص 349)، المنهاج (ص 289).
(5)
انظر "الحاوي الكبير"(7/ 170).
(6)
انظر "فتح العزيز"(5/ 391)، و"الروضة"(4/ 442).
(7)
الحاوي (ص 348)، المنهاج (ص 289).
ثالثها: وصورتها أيضًا: أن تكون الدابة باقية، فإن كانت تالفة؛ فإن تلفت عقب الأخذ .. فهو مقر بالقيمة لمنكرها، أو بعد مدة لها أجرة؛ فإن قلنا: اختلاف الجهة يمنع الأخذ .. سقطت القيمة، وفي الأجرة الخلاف، وإلا - وهو الراجح - فإن لم تزد الأجرة على القيمة .. أخذها بلا يمين، وإن زادت .. أخذ قدرها، وفي المصدق في الباقي الخلاف، وهذان الأمران يردان على "المنهاج" و"الحاوي" أيضًا.
رابعها: ظاهر إطلاقهم: تصديق المالك على الراجح في "المنهاج" و"الحاوي"(1)، والمرجوح في "التنبيه" يوهم استحقاقه المسمى إذا حلف على نفي الإعارة وإثبات الإجارة إتمامًا لتصديقه، والأصح: أجرة المثل.
وقد أورد بعضهم على قول "المنهاج"[ص 289]: (فالمصدق المالك على المذهب) أن ظاهره: أنه طريقة قاطعة، وهو مخالف لما في "الروضة" إذ ليس فيها طريقة قاطعة بذلك، بل طريقان، إحداهما: القطع بأن المصدق الراكب، والثانية: قولان. انتهى (2).
ولا يفهم من قول "المنهاج": (المذهب كذا) القطع به، بل يقتضي أن المرجح: ما ذكره؛ إما مع القطع أو بدونه، وعبارته في خطبته:(وحيث أقول: "المذهب" .. فمن الطريقين أو الطرق) انتهى (3).
وذلك لا يدل على ترجيح طريقة القطع، والله أعلم.
2581 -
قول "التنبيه"[ص 113]- والعبارة له - و"الحاوي"[ص 350]: (وإن قال صاحب الدابة: "أعرتكها" وقال الراكب: "بل أجرتني" .. فالقول قول صاحب الدابة) صورة المسألة: أن تكون الدابة قد تلفت في يد الراكب، أو هي باقية ولم تمض المدة التي ادعى الراكب وقوع عقد الإجارة عليها، أما لو كانت باقية وقد انقضت المدة .. فلا يظهر للاختلاف فائدة.
2582 -
قول "التنبيه"[ص 113]: (وإن قال صاحب الدابة: "غصبتني" وقال الراكب: "بل أعرتني" .. فالقول قول الراكب) الأصح: إجراء القولين المتقدمين فيما لو قال المالك: (أجرت) والراكب: (أعرت)، وأصحهما: تصديق المالك؛ ولهذا قال "المنهاج" لما ذكر الصورة المتقدمة [ص 289]: (وكذا لو قال: "أعرتني" وقال: "بل غصبت مني")، وكذا سوّى "الحاوي" بين الصورتين (4)، وأقر النووي في "تصحيحه التنبيه" على الجزم بهذا مع استدراكه
(1) الحاوي (ص 350)، المنهاج (ص 289).
(2)
الروضة (4/ 442).
(3)
المنهاج (ص 65).
(4)
الحاوي (ص 350).
عليه في الصورة المتقدمة (1)، ولم يذكر في "المهذب" أن أحدًا صار إليه (2) وإن نقله المزني، ولصورة المسألة شرطان:
أحدهما: أن يكون ذلك بعد مضي مدة لها أجرة، وإلا .. فلا معنى للاختلاف.
ثانيهما: أن تكون العين باقية، فإن كانت تالفة .. فقد ذكره "المنهاج" في قوله [ص 289]:(فإن تلفت العين .. فقد اتفقا على الضمان) لكن الأصح: أن العارية تضمن بقيمة يوم التلف، فإن كان ما يدعيه المالك أكثر .. حلف للزيادة، ومراده: تلفها في هذه الصورة الأخيرة، وهي اختلافهما في الإعارة والإجارة؛ بدليل قوله:(فقد اتفقا على الضمان) ولم يتعرض "الحاوي" لهذين الشرطين.
وأما إذا تلفت فيما قبلها .. فتقدم حكمه، وتعبير "المنهاج" بالأصح (3) يقتضي أن الخلاف أوجه، كما في "الروضة"(4)، والذي في "المحرر":(أصح القولين)(5)، وفي "شرح الرافعي": ثلاثة أوجه (6)، وسماها الزجاجي أقوالًا، وكلامه يقتضي تضمين العارية بالقيمة مطلقًا، وقد تقدم ما فيه، والله أعلم.
* * *
(1) تصحيح التنبيه (1/ 352).
(2)
المهذب (1/ 366).
(3)
المنهاج (ص 289).
(4)
الروضة (4/ 444).
(5)
المحرر (ص 210).
(6)
فتح العزيز (5/ 392، 393).