الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يكون مصرفه مصرف منقطع الوسط لا أنه يجيء خلاف في صحة الوقف (1).
وقال في "المهمات": هذا الترجيح الذي ذكره للوجه الثالث ذكره أيضًا في "الشرح الصغير"، ولم يذكر ترجيح غيره أصلًا، ومقتضاه: أن يكون هو الراجح عنده، وفي بعض نسخ "الكبير"(أحدهما) بدل (أظهرهما)، وأسقط في "الروضة" كون الثالث وجهًا، وحكاه في صورة البحث، وصرح الرافعي في أول الباب الثاني بحكايته وجهًا. انتهى (2).
وأخذ ابن الرفعة في "المطلب" كلام الرافعي على ظاهره، فقال: في قوله: منقطع الوسط؛ أي: حتى يأتي في صحته ومصرفه إذا صح ما تقرر فيه.
فصلٌ [فيما لو وقف على أولاده وأولاد أولاده]
3000 -
قول "المنهاج"[ص 321]- والعبارة له - و"الحاوي"[ص 396]: (قوله: "وقفت على أولادي وأولاد أولادي" يقتضي التسوية بين الكل) قال ابن الرفعة: ومن يقول: (الواو) للترتيب. . ينبغي أن يقدم الأولاد، ولم يذكروه؛ أي: وقد حكى الماوردي في صفة الوضوء عن أكثر أصحابنا: أنها للترتيب (3)، ومنع الجمهور دخول (أل) على (كل)، وأجاَزَهُ الأخفش والفارسي.
3001 -
قول "المنهاج"[ص 321]: (وكذا لو زاد: "ما تناسلوا"، أو "بطنًا بعد بطن") قد يقتضي أن ذلك له مدخل في الدلالة على التسوية، وليس كذلك، بل ذلك لا يقتضي تسوية ولا ترتيبًا، فتأتي مع (الواو) و (ثم) ولا تغير معناهما، وإنما يقتضي التعميم، فقوله:(ما تناسلوا) بمنزلة وإن سفلوا؛ فكأنه قال: وعلى أعقابهم ما تناسلوا، والضمير في (تناسلوا) لأولاد الأولاد؛ أي: هم وأنسالهم على سبيل المجاز؛ ليفيد فائدة زائدة، وقوله:(بطنًا بعد بطن) أي: يعم، فيشارك البطن الأسفل البطن الأعلى؛ ولذلك كان قول "الحاوي" [ص 396]:(والواو للشركة، وإن زاد: "ما تناسلوا"، أو "بطنًا بعد بطنٍ") أحسن، وما ذكراه من أن هاتين اللفظتين تدلان على التعميم دون الترتيب. . قال السبكي: لم أره لغير البغوي والرافعي (4)، قال: والذي يقتضيه كلام الماوردي وقاله جماعة - وهو الصحيح -: أن اسم الولد إن شمل ولد
(1) فتح العزيز (6/ 275)، الروضة (5/ 332).
(2)
انظر "فتح العزيز"(6/ 277).
(3)
انظر "الحاوي الكبير"(1/ 139).
(4)
انظر "التهذيب"(4/ 523)، و"فتح العزيز"(6/ 267، 277).
الولد. . فكالمسألة الآتية، وإلا - وهو الأصح -. . كان مرتبًا بين البطنين فقط، فإذا انقرض الأول. . كان للثاني، ثم ليس لأولادهم شيء، بل إن ذكر مصرفًا آخر. . صرف إليه، وإلا. . كان منقطع الآخر (1).
وحكى في "المهمات" عدم الترتيب أيضًا عن أبي عاصم العبادي والفوراني، والترتيب عن البندنيجي والماوردي والإمام والغزالي وصاحب "الذخائر"(2)، قال: وصححه القاضي حسين وصاحب "التعجيز"، وأفتى به الشيخ تقي الدين بن رزين، قال في "المهمات": وكأن الرافعي لم يمعن علي هذه المسألة؛ فإنه نقل الترتيب عن بعض أصحاب الإمام (3)، وهو مقطوع به في كلام الإمام نفسه، قال: ولفظة (بعد) أصرح في الترتيب من (ثم) و (الفاء) وغيرهما، وقد جزم فيها بالترتيب.
قلت: لم يتعين في لفظة (بعد) الدلالة على أن استحقاق البطن الثاني مشروط بانقراض الأول؛ فقد يكون معناها الدلالة على استحقاق البطن الكائن بعد البطن الأول ولو لم ينقرض الأول، فيكون معنى البعدية: تعميم استحقاق من وجد بعدُ، لا تقييد استحقاقه بوجوده منفردًا بعد الذي قبله، والمسألة محتملة نقلًا وبحثًا، وفي "المهمات": أن عدم الترتيب مردود نقلًا وبحثًا، وليس كذلك.
3002 -
قول "المنهاج"[ص 321]: (ولو قال: "على أولادي ثم أولاد أولادي ثم أولادهم ما تناسلوا"، أو "على أولادي وأولاد أولادهم الأعلى فالأعلى"، أو "الأول فالأول". . فهو للترتيب) ظاهره اعتبار قوله: (ما تناسلوا) في صورة (ثم) دون صورة (الأعلى فالأعلى)، أو (الأول فالأول)، وكذا في "الروضة" وأصلها (4).
وقال السبكي: الظاهر: أنه لا بد منه في سائر الصور، وإلا. . اقتضى الترتيب بين البطنين، ويكون بعدهما منقطع الآخر، ولم يذكره "الحاوي" في شيء من الصور، فقال [ص 397]:("وثم"، و"الأعلى فالأعلى"، و"الأول فالأول"، و"الأقرب فالأقرب" للترتيب)، وهو أخف إيرادًا؛ لأن مقصوده بيان صور الترتيب، وأما اشتراط التأبيد. . فمعلوم مما تقدم.
قال النووي: ومراعاة الترتيب لا تنتهي عند البطن الثالث، بل يعتبر الترتيب في جميع البطون، صرح به البغوي وغيره (5).
(1) انظر "الحاوي الكبير"(7/ 528).
(2)
انظر "الحاوي الكبير"(7/ 528)، و"نهاية المطلب"(8/ 266)، و"الوجيز"(1/ 427).
(3)
انظر "فتح العزيز"(6/ 276).
(4)
فتح العزيز (6/ 277)، الروضة (5/ 335).
(5)
الروضة (5/ 335)، وانظر "التهذيب"(4/ 523).
3003 -
قول "المنهاج"[ص 321]: (ولا يدخل أولاد الأولاد في الوقف على الأولاد في الأصح) فيه أمران:
أحدهما: قال في "أصل الروضة": هذا الخلاف عند الإطلاق، وقد يقترن باللفظ ما يقتضي الجزم بخروجهم؛ كقوله: وقفت على أولادي، فإذا انقرضوا. . فلأحفادي الثلث والباقي للفقراء (1)، ونازع ابن الرفعة في هذا التمثيل؛ لاحتمال أنه قدره بعد الانقراض، وكان له قبله شيء غير مقدّر، وإنما يظهر فيما إذا قال: فإذا انقرضوا. . فلأحفادي.
ثانيهما: محله أيضًا: إذا وُجد الصنفان، فإن لم يوجد إلا أولاد أولادٍ. . استحقوا، قاله المتولي وغيره، وهذا يرد على إطلاق "الحاوي" أن الولد لا يتناول الحافد (2).
3004 -
قول "الحاوي"[ص 397]: (وعلى الموالي مع المعتق والعتيق. . فاسدٌ، أو لهما. . رُجِّح كلٌّ) تبع فيه "المحرر" فإنه قال: (رجح كلًا مرجحون)(3)، ونقل في "شرحه الكبير" تصحيح القسمة عن "التنبيه" والبطلان عن الغزالي (4)، واقتصر في "الشرح الصغير" على ترجيح الغزالي، وعبارة "المنهاج" [ص 321]:(قُسِمَ بينهما، وقيل: يبطل)، فترجيح القسمة من زيادته التي لم يميزها، وقال في زيادة "الروضة": الأصح: الأول (5)، يعني: القسمة، وقد صححه أيضًا الجرجاني في "التحرير"(6)، وحكى في "المهمات" تصحيحه أيضًا عن القفال الكبير وابن القطان والفوراني والقاضي أبي الطيب، قال: ونص عليه كما في "المطلب"، وقال ابن الرفعة في "المطلب" والسبكي: إنه لم ير في "التنبيه" تصحيحًا؛ فلعل النسخ مختلفة، وقد عرفت تصويرهم المسألة بلفظ الجمع، فلو عبر بلفظ المولى. . فكذلك عند القاضي أبي الطيب وابن الصباغ، وقال الإمام: لا يتجه الاشتراك مع الإفراد، وينقدح مراجعة الواقف (7).
3005 -
قول "الحاوي"[ص 397]: (ومع واحدٍ له) أي: إذا لم يكن له عند الوقف إلا أحدهما. . تعين، فلو طرأ الآخر بعد ذلك. . قال شيخنا ابن النقيب: يظهر عند من يشرّك أن يدخل كالوقف على الأخوة ثم حدث آخر (8).
(1) الروضة (5/ 336).
(2)
الحاوي (ص 379).
(3)
المحرر (ص 243).
(4)
فتح العزيز (6/ 280)، وانظر "التنبيه"(ص 138)، و"الوجيز"(1/ 427).
(5)
الروضة (5/ 338).
(6)
التحرير (1/ 441).
(7)
انظر "نهاية المطلب"(8/ 402، 403).
(8)
انظر "السراج على نكت المنهاج"(4/ 335).
قلت: فيه نظر؛ لأن إطلاق الموالي على الفريقين من الاشتراك اللفظي، وقد دلت القرينة على إرادة أحد معنييه، وهي: الانحصار في الوجود، فصار المعنى الآخر غير مراد، وأما عند عدم القرينة. . فيُحمل عليهما احتياطًا أو عمومًا على خلاف في ذلك في الأصول، بخلاف الوقف على الأخوة؛ فإن الحقيقة واحدة، وإطلاق الاسم على كل واحد من المتواطئ، فمن صدق عليه هذا الاسم. . استحق من الوقف وإن لم يوجد عند الوقف، إلا أن يقيد بالموجودين حالة الوقف. . فيتبع تقييده، والله أعلم.
3006 -
قول "المنهاج"[ص 321]: (والصفة المتقدمة على جُمل معطوفة تُعتبر في الكل؛ كـ "وقفت على محتاجي أولادي وأحفادي وإخوتي"، وكذا المتأخرة عليها والاستثناء إذا عُطف بـ "واو" كقوله: "على أولادي وأحفادي وإخوتي المحتاجين"، أو "إلا أن يفسق بعضهم") فيه أمور:
أحدها: أن هذا المثال من عطف المفرادات لا من عطف الجمل، إلا أن يقدر لكل واحد عامل، وهو بعيد، وقد سلم "الحاوي" من ذلك؛ فإنه لم يمثل (1).
قال في "المهمات": الصواب: تمثيله بـ (وقفت على فلان داري)، و (سبلت على أقاربي ضيعتي)، و (حبست على عتقاي بستاني)، وقد ذكره الإمام في الأصول (2)، ثم قال في "المهمات": لا بد من أحد مسلكين؛ إما الأخذ بمثالهم، وتجوّزوا بلفظ الجمل، فلو كانت جملًا حقيقة. . لم يَعُد إلى الجميع، وإما الأخذ بما قالوه في الجمل، فالمفردات بطريق الأولى، لكن يبعد القول به في الصفة المتقدمة على الجمل؛ لأن المفردات معطوفة على ما أضيفت إليه الصفة، فالمضاف مقدر في الكل، بخلاف الجمل؛ فإن كل واحدة مستقلة، والصفة مع الأولى خاصة، وأما المتأخرة. . فعودها إلى الكل صحيح، قال: والظاهر: ما قالوه في الصفة المتأخرة لا المتقدمة على الجمل، وفي الإطلاق من "الروضة" وأصلها: أن الظاهر: عود الاستثناء للأخيرة فقط، ومثله بقوله: إن شاء الله (3).
ثانيها: تقييد الاستثناء بحالة العطف بـ (الواو)، يخرج العطف بـ (ثم)، وقد سبقه إليه الإمام (4)، والمعتمد إطلاق الأصحاب العطف؛ ولذلك لم يقيده "الحاوي" بالواو (5)، وصرح
(1) الحاوي (ص 397).
(2)
البرهان في أصول الفقه (1/ 266).
(3)
فتح العزيز (6/ 282)، الروضة (5/ 341).
(4)
انظر "نهاية المطلب"(8/ 366).
(5)
الحاوي (ص 396).