الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتابُ الرّضاع
4373 -
قول "المنهاج"[ص 454]: (إنما يثبُتُ بلبنِ امرأةٍ حيَّةٍ بلغتْ تسع سنينَ) أي: حكم الرضاع، وهو تحريم النكاح وثبوت المحرمية المفيدة لجواز النظر والخلوة دون سائر أحكام النسب؛ كالميراث والنفقة والعتق بالملك وسقوط القصاص ورد الشهادة وغيرها، كذا في "الروضة" وأصلها هنا (1).
ويوافقه كلام ابن الرفعة؛ فإنه قال: إنما ذكر "التنبيه" تحريم النكاح وحل النظر والخلوة وإن علم مما سبق؛ ليفيد أنه لا يثبت به غير ذلك؛ كولاية النكاح والمال والإرث والنفقة وسائر الأحكام (2).
وفاتهم هنا أنه يثبت به عدم نقض الطهارة باللمس على الأظهر، نبه عليه شيخنا ابن النقيب (3)، لكنه مستفاد من ذكر المحرمية وخرج بتعبيرهم بالمرأة: الرجل والبهيمة، فلو شرب من بهيمة صغيران .. لم يثبت بينهما أخوة؛ لأن الأخوة فرع الأمومة، فإذا لم يثبت الأصل .. لا يثبت الفرع، كذا علل به الرافعي (4).
وذكر في "المهمات" أنه صرح بعد ذلك بعكسه؛ حيث قال فيما لو كان له خمس مستولدات، فارتضع صبي من كل رضعة: فالأصح أنه يصير أبًا له، ويجوز أن تثبت الأبوة دون الأمومة كعكسه.
قلت: ولا تناقض بينهما؛ لأن المذكور أولًا: أن الأخوة لا تثبت بدون الأمومة، والمذكور ثانيًا: أن الأبوة تثبت بدون الأمومة.
4374 -
قول "التنبيه"[ص 204]: (وإن حُلب منها في حياتها ثم سُقي الصبي بعد موتها .. حرم) و "الحاوي"[ص 539]: (حُلب حياتها) أحسن من قول "المنهاج"[ص 454]: (ولو حَلَبَت فأوجر بعد موتها .. حَرَّمَ في الأصح) لأنه لا يتناول ما إذا حلبه غيرها منها، وعبر في "الروضة" بـ (الصحيح المنصوص)(5).
(1) فتح العزيز (9/ 553)، الروضة (9/ 3).
(2)
التنبيه (ص 204).
(3)
انظر "السراج على نكت المنهاج"(7/ 84).
(4)
انظر "فتح العزيز"(9/ 554).
(5)
الروضة (9/ 3).
4375 -
قول "التنبيه"[ص 204]: (وإن ثار لها لبن من وطء من غير حمل .. ففيه قولان؛ أحدهما: يحرم، والثاني: لا يحرم) فيه أمور:
أحدها: أنه لا يتقيد ذلك بكونه من وطء، بل لو كانت بكرًا .. كان كذلك.
ثانيها: أن الأصح: التحريم، وهو داخل في إطلاق "المنهاج" و "الحاوي" المرأة (1).
ثالثها: عبر النووي في "التصحيح" عن الراجح بالصواب (2)، فاقتضى إنكار مقابله، ويوافقه قول "الكفاية": لم أره فيما وقفت عليه من كتب الأصحاب إلا ما حكاه مجلي وجهًا، وحكاه الرافعي في البكر (3).
وقال في "المطلب": الأشبه: أنه لم يقصد إجراء القولين مع مطلق التحريم، بل في تحريم خاص، وقوله:(أحدهما: يحرم) أي: على الواطئ، كما تحرم المرضعة على المنصوص، (والثاني: لا يحرم) أي: على الواطئ، وإن حرمت المرضعة؛ لانعدام أثر وطئه بالنسبة إلى النسب الذي هو متعلقه في حالة العمل والرضاع فرعه، ووجود اللبن الذي هو متعلق الأم في الرضاع، قال: وهذا لم يحضرني في "الكفاية" ومن العجيب اعتراض شيخنا الإسنوي في "تصحيحه" على النووي في تعبيره في "تصحيحه" بالصواب: بأن في "التنبيه" قولين؛ فإن النووي يرد على "التنبيه" فكيف يرد بكلام "التنبيه" عليه؟ ! وإنما يحصل الرد عليه بكلام غير الشيخ، والله أعلم (4).
4376 -
قولهما فيما لو جُبِّنَ اللبن: (حَرَّم)(5) قال في "الكفاية": يظهر تقييده بما إذا أُطعم من المختلط خمس دفعات.
قلت: هذا لا شك فيه، ولا يحتاج لتكرير ذكر الخمس عند كل صورة، وعبارة "الحاوي" صريحة في ذلك؛ حيث قال [ص 539]:(حصول لبن امرأة، وما حصل منه، خمسًا).
4377 -
قول "المنهاج"[ص 454]: (ولو خُلِطَ بمائعٍ .. حَرَّمَ إن غَلَبَ) المراد بغلبته: ظهور إحدى صفاته من طعم أو لون أو رائحة، فلو لم يظهر شيء .. قدر مخالفًا في لون قوي، كذا استنبطه الحليمي، وعرضه على القفال الشاشي وابنه، فارتضياه، ثم وجده لابن سريج.
4378 -
قوله - والعبارة له - و "الحاوي": (فإن غُلِبَ وَشرِب الكلَّ، قيل: أو البعض .. حَرَّمَ
(1) الحاوي (ص 539)، المنهاج (ص 454).
(2)
تصحيح التنبيه (2/ 129).
(3)
انظر "فتح العزيز"(9/ 555).
(4)
تذكرة النبيه (3/ 376).
(5)
انظر "التنبيه"(ص 204)، و "المنهاج"(ص 454).
على الأظهر) (1) محل الخلاف في البعض: إذا لم يتحقق وصول اللبن إلى الجوف، كما صوره "التنبيه" بقوله [ص 204]:(وإن وقعت قطرة في حب ماء فأسقي الصبي بعضه .. لم يحرم) فإن تحققنا لانتشاره في الخليط لكثرته، أو كان الباقي أقل من اللبن .. حرم شرب البعض قطعًا، قاله الإِمام وغيره (2)، لكن يشترط كون اللبن قدرًا يمكن أن يسقى منه خمس دفعات لو انفرد على الأصح عند السرخسي، حكاه عنه الرافعي، ولم يخالفه (3).
وذكر شيخنا الإِمام البلقيني: أن القولين في شرب الكل لا يعرفان في طريقة العراقيين ولا المراوزة، إلا في كلام البغوي وأبي الفرج الزاز والخوارزمي، قال: وكلام الشافعي في "الأم" و "المختصر" صريح في التحريم غالبًا كان أو مغلوبًا، وقد رد قول من فرق بين الغالب والمغلوب (4).
4379 -
قول "التنبيه"[ص 204]: (وإن حقن .. ففيه قولان) الأظهر: أنه لا يحرم، كما ذكره "المنهاج"(5)، وعليه مشى "الحاوي"(6)، ويجريان في الوصول إلى المثانة بالتقطير في الإحليل وإلى الجوف من جرح في البطن.
نعم؛ لو وصل إلى المعدة من خرق في الأمعاء أو إلى الدماغ من مأمومة .. حرم قطعًا.
4380 -
قولهم - والعبارة لـ "التنبيه" -: (فارتضع منها طفل له دون الحولين خمس رضعات)(7) قد يُفهم أنه لو تَمّ الحولان في الرضعة الأخيرة .. لا تحريم، والأصح: خلافه، لكن نص الشافعي رحمه الله في "الأم" يوافق الأول؛ حيث قال: وإذا لم تتم له الخامسة إلا بعد استكمال سنتين .. لم يحرم، حكاه شيخنا الإِمام البلقيني (8).
وابتداء هذين الحولين من انفصال الولد بتمامه كما قال الرافعي: إنه القياس، وجزم به في "أصل الروضة"(9)، وقال الروياني: من ابتداء خروجه، وحكاه النووي في "نكت التنبيه" عن الصيمري، ولم يحك سواه، وحكى ابن كج فيه وجهين.
(1) انظر "الحاوي"(ص 539)، و "المنهاج"(ص 454).
(2)
انظر "نهاية المطلب"(15/ 358).
(3)
انظر "فتح العزيز"(9/ 557).
(4)
الأم (5/ 29)، مختصر المزني (ص 227).
(5)
المنهاج (ص 454).
(6)
الحاوي (ص 539).
(7)
انظر "التنبيه"(ص 204)، و "الحاوي"(ص 539)، و "المنهاج"(ص 454).
(8)
الأم (5/ 29).
(9)
فتح العزيز (9/ 561)، الروضة (9/ 7).
4381 -
قول "التنبيه"[ص 204]: (وإن قطعت المرأة عليه .. لم يعتد بذلك رضعة، وقيل: يعتد به) الأصح: أنه يعتد به، ومفهوم قول "المنهاج" [ص 454]:(فإن قطع إعراضًا .. تعدد) موافقة الأول، فلو قامت لشغل خفيف ثم عادت .. اتحد جزمًا.
4382 -
قوله - والعبارة له - "والحاوي": (أو للهوٍ وعاد في الحال .. فلا)(1) قيده في "الروضة" ببقاء الثدي في فيه، قال: بأن يلهو عن الامتصاص والثدي في فمه (2).
وقال في "المهمات": ليس ذلك بشرط؛ فقد قال الشافعي في "المختصر": فإن التقم الثدي فلهي قليلًا ثم أرسله ثم عاد إليه .. كانت رضعة واحدة (3).
4383 -
قولهما أيضًا: (أو تحول من ثدي إلى ثدي)(4) محله: ما إذا كان ذلك من امرأة واحدة، فلو تحول من ثدي امرأة إلى ثدي امرأة أخرى .. فقد قال في "التنبيه" [ص 204]:(قيل: لا يعتد بواحدة منهما، وقيل: يحسب من كل واحدة منهما رضعة) والأصح: الثاني.
4384 -
قوله: (وإن حلبت لبناً كثيرًا في دفعة وفرق في خمس أوان وأوجر الصبي في خمس دفعات .. ففيه قولان، أحدهما: أنها رضعة، والثاني: خمس رضعات)(5) الأصح: الأول، وعليه مشى "المنهاج"(6)، ولم يتعرض هو ولا الرافعي لتفريقه في خمس أوان، والظاهر: أن ذلك مجرد تمثيل وتصوير.
4385 -
قول "التنبيه"[ص 204]: (وإن حلبت خمس دفعات وخلطت وأوجر الصبي في دفعة واحدة .. فهو رضعة، وقيل: فيه قولان) الأصح: الأول، ومشى "المنهاج" على طريقة القولين، وصحح أولهما (7)، ولم يتعرض هو ولا الرافعي للخلط، والظاهر أنه مثال كما تقدم.
4386 -
قوله: (فيما لو شك هل رضع في حولين أم بعد؟ فلا تحريم، وفيه قول أو وجه)(8) رجح في "الشرح الصغير" أنه قول، فقال: قولان، ويقال: وجهان.
4387 -
قول "التنبيه"[ص 204]: (وصارت المرأة أمًا له) بعد قوله: (صار ولدًا لها)،
(1) انظر "الحاوي"(ص 539)، و "المنهاج"(ص 454).
(2)
الروضة (9/ 8).
(3)
مختصر المزني (ص 227).
(4)
انظر "الحاوي"(ص 539)، و "المنهاج"(ص 454).
(5)
انظر "التنبيه"(ص 204).
(6)
المنهاج (ص 454).
(7)
المنهاج (ص 454).
(8)
انظر "المنهاج"(ص 454).
وقوله: (وصار الرجل أبًا له) بعد قوله: (صار الطفل ولدًا له) يسأل عن فائدة ذكره مع كونه معلومًا من الأول.
وأجاب عنه في "الكفاية": بأنه يجوز أن يكون توطئة لذكر من ينتشر التحريم إليه.
قال في "التوشيح": وعندي في جوابه أن باب الرضاع حكم شرعي، فلا يلزم من صيرورة الرضيع ولدًا لها صيرورتها أمًّا له حكمًا، ولو لزم ذلك .. لما احتاج "المنهاج" وسائر الكتب بعد قولهم:(إن آباء المرضعة من نسب أو رضاع أجداد الرضيع) إلى قولهم: (وأمهاتها جداته، وأولادها إخوته وأخواته، وإخوتها وأخواتها أخواله وخالاته، وأبو ذي اللبن جده، وأخوه عمه وكذا الباقي)(1) واختصار التطويل الذي في "التنبيه" و "المنهاج" أنه ينتشر التحريم عن كل من المرضعة والفحل إلى أصوله وفروعه وحواشيه، وينتشر من الرضيع إلى فروعه فقط دون أصوله وحواشيه، وبذلك عبر ابن يونس في "النبيه"، وقول "المنهاج" [ص 454]:(وتسري الحرمة إلى أولاده) أي: أولاد الرضيع.
4388 -
قوله: (ولو كان بدل المستولدات بناتٌ أو أخواتٌ .. فلا حرمة في الأصح)(2) عبر في "الروضة" بـ (المذهب)(3).
4389 -
قول "التنبيه"[ص 204]: (وإن كان الحمل ثابت النسب من رجل .. صار الطفل ولدًا له) وقول "الحاوي"[ص 539]: (على من ينتسب إليه من دَرَّ عليه اللبن) أعم من قول "المنهاج"[ص 455]: (واللبن لمن نُسِبَ إليه ولدٌ نزل به بنكاحٍ أو وطء شبهةٍ) لتناولهما ملك اليمين، بخلاف "المنهاج".
ويرد عليهم جميعًا: أن النسب بالإمكان، ويشترط في حرمة الرضاع على الأب ثبوت الدخول كما صرح به ابن القاص، فقال: متى حل فرج .. لحق الولد بالأب لستة أشهر فصاعدًا وإن لم يعرف دخول، وليس كذلك الرضاع لا يُلحق الولد بالأب قبل الدخول.
وقال شيخنا الإِمام البلقيني: إنه مقتضى كلام الأصحاب، ثم حكى عن القاضي حسين: أنه لو نزل لها لبن قبل أن يصيبها .. ثبتت حرمة الرضاع في حقها دون الزوج، ولو كان بعد ما أصابها - أي: ولم تحبل - .. فالمذهب: ثبوته في حقها دونه، وقال في رواية حرملة: ثبتت في حقه أيضًا، والصحيح: الأول. انتهى.
وهذا قدر زائد على الدخول، وقد تقدم أن صاحب "المطلب" حمل عليه القولين اللذين في
(1) التنبيه (ص 204)، المنهاج (ص 455).
(2)
انظر "المنهاج"(ص 454، 455).
(3)
الروضة (9/ 10).
"التنبيه" فيما إذا ثار لها لبن من وطء من غير حمل.
4395 -
قول "المنهاج"[ص 455]: (ولو نفاه بلعانٍ .. انتفى اللبن) قد يفهم أنه لو عاد واستلحق الولد .. لم يلحق الرضيع، وليس كذلك، قال الرافعي: ولم يذكروا هنا الوجهين المذكورين في نكاح التي نفاها، ولا تبعد التسوية (1).
قال شيخنا الإِمام البلقيني: قد ذكرهما أبو الفرج الزاز في "تعليقه"، ولكنه وهم؛ فإن الوجهين في المنفية شرطهما: ألَاّ يكون دخل بأمها، فلا بد من وجود الشرط هنا، ومتى وجد الشرط .. فلا تحريم في الرضاع؛ فإن شرط حرمة الرضاع: تحقق الإصابة في الزوجة بخلاف الولد نفسه، كما قدمناه عن ابن القاص، وهو مقتضى كلام غيره.
4391 -
قول "التنبيه"[ص 205]: (وإن وطئ رجلان امرأة) أي: وطئا يلحق به النسب؛ ولهذا قال "المنهاج"[ص 455]: (ولو وُطِئت منكوحةٌ بشبهةٍ، أو وطئ اثنانِ بشبهة) ولا يخفى أن الاثنين مثال، وكذا في قول "الحاوي" [ص 539]:(وإن احتمل من اثنين).
4392 -
قول "التنبيه"[ص 205]: (فإن مات المولود ولم يثبت نسبه .. ففي الرضيع قولان، أحدهما: أنه ابنهما، والثاني: أنه لا يكون ابن واحد منهما) الأصح: الثاني، والمراد: أنه ليس ابن واحد منهما على التعيين، بل ابن أحدهما مبهمًا كما قال البندنيجي.
4393 -
قوله: (وهل للرضيع أن ينتسب إلى أحدهما؟ فيه قولان، أحدهما: ينتسب)(2) هو الأصح، وعليه مشى "الحاوي" فقال [ص 539]:(ينتسب الرضيع إن أُيِسَ عن نسبه).
4394 -
قوله: (وإن أراد أن يتزوج بنت أحدهما .. فقد قيل: لا يحل، وقيل: يحل)(3) الأصح: الأول، وهذا مفرع على المرجوح في المسألة قبلها، وهو عدم الانتساب، قاله النووي في "نكته"، والحق: أنه لا يختص به، بل يأتي على الأصح، وهو: جواز الانتساب إذا لم ينتسب.
4395 -
قوله: (وإن كان لها لبن من زوج فتزوجت بآخر وحملت منه وزاد لبنها فأرضعت صبيًا .. ففيه قولان، أحدهما: أنه ولد الأول، والثاني: أنه ابنهما)(4) الأصح: الأول.
4396 -
قوله: (وإن انقطع لبنها من الأول ثم حملت من الثاني وعاد لبنها وأرضعت صبيًا .. ففيه
(1) انظر "فتح العزيز"(9/ 577).
(2)
انظر "التنبيه"(ص 205).
(3)
انظر "التنبيه"(ص 205).
(4)
انظر "التنبيه"(ص 204).