المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل [حكم النكاح وسننه وبيان العورات] - تحرير الفتاوي على التنبيه والمنهاج والحاوي - جـ ٢

[ابن العراقي]

فهرس الكتاب

- ‌كتابُ التفليس

- ‌فَصْلٌ [بيع مال المفلس وقسمته وما يتعلق به]

- ‌فَصْلٌ [في رجوع نحو بائع المفلس عليه بما باعه له قبل الحجر ولم يقبض عوضه]

- ‌تنْبِيهٌ [بقية شروط الرجوع]

- ‌بابُ الحَجْر

- ‌تنبيه [بلوغ الخنثى]

- ‌فصْلٌ [فيمن يلي نحو الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله]

- ‌بابُ الصُّلْح

- ‌فصلٌ [الصلح والتزاحم على الحقوق المشتركة]

- ‌بابُ الحَوالة

- ‌بابُ الضَّمان

- ‌تَنْبِيْه [شروط المضمون]

- ‌فصلٌ [في شروط صحة كفالة البدن]

- ‌فصلٌ [شروط الضمان والكفالة]

- ‌كتابُ الشّركة

- ‌كتابُ الوكالة

- ‌فصلٌ [في التوكيل في البيع]

- ‌تنبيهٌ [وكيل المشتري في معنى وكيل البائع]

- ‌فصلٌ [فيما لو عين لوكيله شخصاً ليبيع منه]

- ‌فصلٌ [في جواز الوكالة وعزل الوكيل]

- ‌كتاب الإقرار

- ‌فصلٌ [ألفاظ وصيغ الإقرار]

- ‌فصلٌ [شروط المقر به]

- ‌تنبيهٌ [تفسير قوله: (غصبت منه شيئاً)]

- ‌فصْلٌ [في ذكر أنواع من الإقرار]

- ‌فصْل [في الإقرار بالنسب]

- ‌كتابُ العارية

- ‌فصل [جواز العارية وما للمعير وما عليه بعد الرد]

- ‌كتابُ الغَصْب

- ‌فصْل [ضمان المغصوب]

- ‌فصلٌ [في الاختلاف]

- ‌تنبيهٌ [ما يجب على غاصب العبد إذا جنى]

- ‌فصلٌ [للمالك تكليف الغاصب ردَّ المغصوب كما كان]

- ‌كتابُ الشُفْعة

- ‌فصْلٌ [فيما يؤخذ به الشقص]

- ‌تنبيهٌ [المراد بفورية الشفعة]

- ‌كتاب القِراض

- ‌فصلٌ [شروط القراض]

- ‌فصلٌ [فسخ عقد القراض وجوازه من الطرفين]

- ‌كتاب المساقاة

- ‌فصل [شروط المساقاة]

- ‌كتاب الإجارة

- ‌فصل [شروط المنفعة]

- ‌فصلٌ [في بقية شروط المنفعة]

- ‌فصلٌ [بيان ما على المؤجر والمستأجر]

- ‌فصل [في تعيين قدر المنفعة]

- ‌فصلٌ [فيما يفسخ الإجارة]

- ‌كتابُ إحياء المَوات

- ‌فصلٌ [في بيان حكم منفعة الشارع وغيرها من المنافع المشتركة]

- ‌فصلٌ [في حدِّ المعدن الظاهر]

- ‌فصلٌ [في التزاحم على السقي من الماء المباح]

- ‌كتابُ الوَقْف

- ‌فصلٌ [في تعليق الوقف]

- ‌فصلٌ [فيما لو وقف على أولاده وأولاد أولاده]

- ‌فصل [إلى من ينتقل ملك رقبة الموقوف

- ‌فصل [في النظر على الوقف وشرطه]

- ‌كتابُ الهِبَة

- ‌تَنْبِيْهٌ [الهبة أعم من الصدقة والهدية]

- ‌كتابُ اللُّقَطة

- ‌فصلٌ [في التقاط الممتنع من صغار السباع]

- ‌فصلٌ [كيفية تملك اللقطة بعد التعريف]

- ‌كتابُ اللَّقِيط

- ‌فصلٌ [في الأمور التي يحكم فيها بإسلام الصبي]

- ‌فصلٌ [في بيان حرية اللقيط ورقه واستلحاقه]

- ‌كتابُ الجِعَالة

- ‌تنبيهٌ [حكم الاستنابة في الإمامة ونحوها]

- ‌كتابُ الفَرائِض

- ‌فصل [الفروض المقدرة في كتاب الله وبيان أصحابها]

- ‌فصل [في الحجب]

- ‌فصل [في المسألة المشرَّكة]

- ‌فصل [الولاء للأخ أو الجد

- ‌فصل [في المعادَّة]

- ‌فصل [في موانع الإرث]

- ‌فصل [في قسمة التركة]

- ‌كتاب الوصايا

- ‌فصل [في الوصية بالثلث وما زاد عليه]

- ‌فصل [الوصية بما زاد على الثلث حال المرض المخوف]

- ‌فصل [في أنواع من ألفاظ الوصية]

- ‌فصل [في الوصية بالمنافع]

- ‌فصل [في الرجوع عن الوصية]

- ‌فصل [في الإيصاء]

- ‌تببيهٌ [لا ينعزل الوصي باختلال كفايته]

- ‌كتابُ الوَدِيعة

- ‌كتاب قسم الفيء والغنيمة

- ‌فَصلٌ [في الغنيمة والسلَب]

- ‌كتاب قسم الصّدقات

- ‌باب

- ‌فَصلٌ [في بيان مستنَد الإعطاء وقدر المُعْطَى]

- ‌فَصلٌ [في قسمة الزكاة بين الأصناف ونقلها وما يتبع ذلك]

- ‌بابُ صدقة التّطوّع

- ‌كتابُ النِّكاح

- ‌فصلٌ [حكم النكاح وسننه وبيان العورات]

- ‌فصلٌ [في استحباب الخطبة وما يتعلق بها]

- ‌فصلُ [في قبول النكاح وبقية شروط العقد]

- ‌فصلٌ [في اشتراط الولي في النكاح]

- ‌تَنْبِيْهٌ [في التحكيم]

- ‌فصلٌ [في موانع الولاية]

- ‌فَصْلٌ [في اعتبار الكفاءة]

- ‌فَصْلٌ [في نكاح المحجور عليه بالسفه ونحوه]

- ‌باب ما يَحْرُم من النّكاح

- ‌فَصْلٌ [في نكاح الأمة]

- ‌فَصْلٌ [نكاح الكتابية والمشركة]

- ‌باب نكاح المشرك

- ‌فصلٌ [فيمن أسلم وتحته أكثر من أربع نسوة]

- ‌فَصْلٌ [في إسلام أحد الزوجين]

- ‌باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد

- ‌فصلٌ [في إعفاف الأصل]

- ‌فصلٌ [في نكاح الرقيق]

- ‌كتابُ الصَّدَاق

- ‌باب

- ‌فصلٌ [في مهر المثل]

- ‌فصلٌ [في التفويض]

- ‌فصل [في سقوط المهر وتشطره]

- ‌فصل [في المتعة]

- ‌فصل [في الاختلاف]

- ‌بابُ الوليمة

- ‌كتابُ القسْمِ والنُّشُوز

- ‌تنبيهٌ [لا يختص القضاء بحال مكثه عند الضرة]

- ‌فائدة [في النزول عن الوظائف]

- ‌فصلٌ [في النشوز وما يتعلق به]

- ‌كتابُ الخُلْع

- ‌فَصْلٌ [في الطلاق بلفظ الخلع أو المفاداة]

- ‌فَصْلٌ [في قوله: أنت طالق وعليك ألف]

- ‌فَائِدَتَان [تتعلقان بخلع الأجنبي]

- ‌فَصْل [في الاختلاف]

- ‌كتابُ الطَّلاق

- ‌فَصْل [تفويض الطلاق]

- ‌فَصْل [في سبق اللسان بالطلاق وحكم طلاق المكره والسكران]

- ‌فَصْل [في تعليق الطلاق]

- ‌فَصَل [في تعدد الطلاق بنية العدد وما يتعلق به]

- ‌فَصْل [في الاستثناء في الطلاق]

- ‌فَصْل [في الشك في الطلاق أو العدد]

- ‌فَصْل [في الطلاق السني والبدعى]

- ‌فصل [في أنواع من تعليق الطلاق]

- ‌فصل [في أنواع أخرى من التعاليق]

- ‌فصل [في التعليق بالأكل والعدد ونحو ذلك]

- ‌كتابُ الرَّجْعَة

- ‌كتابُ الإيلاء

- ‌فصل [فيما يترتب على صحة الإيلاء]

- ‌كتابُ الظِّهار

- ‌فصل [في العود]

- ‌كتابُ الكفّارة

- ‌كتابُ اللِّعان

- ‌فصلٌ [في بيان حكم قذف الزوج ونفي الولد جوازًا أو وجوبًا]

- ‌فصلٌ [في كيفية اللعان وشروطه وثمراته]

- ‌فصلٌ [سقوط الحد باللعان وما يتعلق بلحاق النسب]

- ‌كتابُ العِدَد

- ‌فصلٌ [بيان عدة الحامل]

- ‌فصلٌ [في تداخل العدتين]

- ‌فصلٌ [انقطاع العدة بمخالطة الرجعية]

- ‌فصلٌ [في العدد]

- ‌فصلٌ [في سكنى المعتدة]

- ‌كتابُ الرّضاع

- ‌فصل [في فسخ النكاح بالرضاع]

- ‌فصل [في دعوى الرضاع وما يثبت به]

- ‌كتابُ النّفقات

- ‌باب:

- ‌فصل [فيما يوجب النفقة ويسقطها]

- ‌فصل [في الإعسار بمؤن الزوجة]

- ‌بابُ نفقة الأقارب

- ‌باب الحضانة

- ‌تنبيه [موانع الحضانة]

- ‌باب نفقة الرقيق والبهائم

الفصل: ‌فصل [حكم النكاح وسننه وبيان العورات]

عليه الصلاة والسلام .. فلا بد من لفظ النكاح على الأصح في " أصل الروضة "(1)، ونقل الرافعي ترجيحه عن الشيخ أبي حامد (2).

3473 -

قوله: (وبإحرام)(3) أي: ينكح وهو محرم، قال الرافعي: إن كلام النقلة بترجيحه أشبه (4)، وصححه النووي (5)، لكن الماوردي إنما حكاه عن أبي الطيب بن سلمة، ثم نسب إلى سائر الأصحاب أنه في ذلك كغيره، فلا ينعقد نكاحه في الإحرام (6).

‌فصلٌ [حكم النكاح وسننه وبيان العورات]

3474 -

قول " التنبيه "[ص 157]: (من جاز له النكاح من الرجال وهو جائز التصرف؛ فإن كان غير محتاج إليه .. كره له أن يتزوج، وإن كان محتاجًا إليه .. استحب له أن يتزوج) فيه أمور:

أحدها: أنه أخرج بقوله: (من الرجال) النساء، واقتضى أن حكمهن في ذلك ليس كحكم الرجال، لكنه قال بعد ذلك:(فإن كانت لا تحتاج إلى النكاح .. كره لها أن تتزوج، وإن كانت محتاجة إليه .. استحب لها أن تتزوج)(7) فدل على استواء الصنفين في الاستحباب عند الحاجة، والكراهة عند عدم الحاجة.

وقال الشيخ عماد الدين الزنجاني في " شرح الوجيز " المسمى بـ " الموجز ": لم يتعرض الأصحاب للنساء، والذي يغلب على الظن أن النكاح في حقهن أولى مطلقًا؛ لأنهن يحتجن إلى القيام بأمورهن والتستر عن الرجال، ولم يتحقق فيهن الضرر الناشئ من النفقة.

ثانيها: أخرج بقوله: (جائز التصرف) غيره، واقتضى أن حكمه في ذلك يخالف حكم جائز التصرف، قال في " الكفاية ": وهو ظاهر عند عدم الحاجة؛ إذ لا يكره في حقه، بل يجوز له؛ رعاية للحظ، وأما عند الحاجة .. فلا يطرد في كل محجور؛ فإن استحبابه في حق السفيه كما في الرشيد، وكذا العبد إذا خاف العنت ولم تندفع شهوته بالصوم.

قلت: والظاهر أن " التنبيه " إنما فصل بين جائز التصرف وغيره؛ لأن جوازه لغير جائز التصرف

(1) الروضة (7/ 9).

(2)

انظر " فتح العزيز "(7/ 453).

(3)

انظر " الحاوي "(ص 452).

(4)

انظر " فتح العزيز "(7/ 454).

(5)

انظر " الروضة "(7/ 9، 10).

(6)

انظر " الحاوي الكبير "(4/ 124)، (9/ 336).

(7)

انظر " التنبيه "(ص 157).

ص: 507

له شروط، وفيه تفصيل، وأما جوازه لجائز التصرف .. فلا شرط له ولا تفصيلى فيه، وهذا التفصيل بين الحاجة وعدمها ليس للجواز، بل لقدر زائد عليه من الكراهة أو الاستحباب، فالتقييد بجواز التصرف ليس لأجل هذا التفصيل، بل للجواز المطلق، وهذا التفصيل زيادة على ما اقتضاه المفهوم

ثالثها: أطلق الكراهة لغير المحتاج، ومحله في صورتين:

إحداهما: إذا فقد الأهبة.

الثانية: إذا وجدها لكن كانت به علة؛ كهرم أو مرض دائم أو تعنين، فأما إذا وجد الأهبة ولا علة به .. فلا يكره له النكاح، لكن التخلي للعبادة أفضل، فإن لم يتحبد .. فالنكاح أفضل في الأصح، وقد ذكر ذلك " المنهاج "، لكنه عبر بقوله:(العبادة أفضل)(1) واستصعب السبكي كون الخلاف بيننا وبين الحنفية في أن العبادة أفضل أو النكاح، ورأى أن العبادة أفضل قطعًا، وقال: إنما محل الخلاف: التخلي للعبادة، وهي عبارة الجمهور؛ أي: جحل نفسه بالمرصاد لها، فنحن نقول: هو أفضل، والحنفية يقولون: النكاح أفضل، فالصواب: التعبير: بأن التخلي للعبادة أفضل كما عبرت به، ثم استثنى السبكي من قول أصحابنا: أن النكاح ليس عبادة: نكاح النبي صلى الله عليه وسلم، قال: فإنه عبادة قطعًا، ومن فوائده: نقل الشريعة المتعلقة بما لا يطلع عليه الرجال، ونقل محاسنه الباطنة؛ فإنه مكمل الظاهر والباطن، وقال السبكي أيضًا: لم يزد الشافعي على أنه يُحِبُّ تركه، ومحبة الترك لا تقتضي الكراهة.

رابعها: أطلق الاستحباب عند الحاجة، وشرطه: أن يجد مع ذلك أهبة النكاح كما صرح به " الحاوي "(2) و " المنهاج " وقال: (فإن فقدها .. استحب تركه)(3)، وكذا في " تصحيح التنبيه "(4)، وفي " شرح مسلم ": أن النكاح في هذه الحالة مكروه، وهو أبلغ في طلب الترك (5)، وعبارة " المحرر " و " الروضة ":(الأولى: ألَّا ينكح)(6)، وقال شيخنا ابن النقيب: وهي دون عبارة " المنهاج " و " التصحيح " في الطلب، وفيه نظر؛ فلا يظهر فرق بين قولنا: يستحب ترك النكاح وقولنا: الأولى: ترك النكاح، ثم قال ابن النقيب: وليس في الحديث تعرض للندب ولا للأولوية، إنما اقتضى عدم الطلب لا طلب العدم، فلو قال: (فإن فقدها .. لم

(1) المنهاج (ص 372).

(2)

الحاوي (ص 453).

(3)

المنهاج (ص 372).

(4)

تصحيح التنبيه (2/ 7).

(5)

شرح مسلم (9/ 174).

(6)

المحرر (ص 288)، الروضة (7/ 18).

ص: 508

يستحب) .. لكان أخصر وأحسن. انتهى (1).

ويرد على قول "الحاوي"[ص 453]: (ندب لمحتاج ذي أهبة) أنه يندب أيضًا لغير المحتاج إذا كان ذا أهبة، ولا علة به، وليس مشتغلًا بالعبادة في الأصح، وقد ذكره " المنهاج "[ص 372]، وقال الغزالي في " الإحياء ": من اجتمع له فوائد النكاح من النسل والتحصين وغيرهما، وانتفت عنه آفاته من تخليط في الكسب وتقصير في حقهن .. استحب له، وعكسه العزلة له أفضل، قإن اجتمعا .. اجتهد وعمل بالراجح (2).

وقال شيخنا الإمام البلقيني: الذي يدل له نص الشافعي أنه إن كان تائقًا .. استحب له، وإلا .. فهو مباح.

لم يقل بأنه مستحب ولا مكروه، وهي طريقة أكثر العراقيين.

3475 -

قول " التنبيه ": [ص 157](والمستحب: ألَّا يتزوج إلا من تجمع الدين والعقل) المراد: قدر زائد على مناط التكليف، وهو وفور العقل.

3476 -

قول " الحاوي "[ص 453]: (بكر، ولود) يقال: كيف يجتمع هذان الوصفان؟ فإن البكر لا ولد لها.

ويجاب عنه: بأن ذلك يعرف من أقاربها، وقيد الرافعي والنووي ترجيح البكر بما إذا لم يكن عذر (3).

3477 -

قول " المنهاج ": [ص 372](ليست قرابة قريبة) هو معنى قول " الحاوي "[ص 453]: (بعيدة)، وقد توقف فيه السبكي؛ لعدم صحة الحديث الدال عليه؛ فقد قال ابن الصلاح: لم أجد له أصلًا معتمدًا.

قال السبكي: فلا ينبغي إثباته؛ لعدم الدليل، وقد زوج النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة من على رضي الله عنهما وهي قرابة قريبة؛ لأنه ابن عم أبيها صلى الله عليه وسلم.

وعبارة " الكفاية ": (أن تكون غريبة) وهي تقتضي نفي القرابة وإن لم تكن قريبة، وجزم في زيادةأ الروضة ": بأن قرابته غير القريبة أولى من الأجنبية (4)، لكن في " البحر " و " البيان " عن النص: الأولى: ألَّا يتزوج من عشيرته؛ لأن الغالب حينئذ على الولد الحمق (5).

3478 -

قول " المنهاج "[ص 372]: (وإذا قصد نكاحها .. سن نظره إليها قبل الخطبة) هو

(1) انظر " السراج على نكت المنهاج "(5/ 293).

(2)

إحياء علوم الدين (2/ 34).

(3)

" نظرا فتح العزيز "(7/ 467)، و " الروضة "(7/ 19).

(4)

الروضة (7/ 19).

(5)

البيان (9/ 117).

ص: 509

معنى قول " الحاوي "[ص 453]: (إذا عزم على نكاحها) لكنه لم يصرح بأنه قبل الخطبة، فتصريح " المنهاج " أحسن.

قال في " المهمات ": وهو معارض بالحديث والمعنى، أما الحديث: فروى البيهقي عن جابر مرفوعاً: " إذا خطب أحدكم المرأة فقدر على أن يرى منها ما يعجبه ويدعوه إليها .. فليفعل "(1)، وأما المعنى: فلأنها قد تعجبه ولا يجاب، فيتضرر، والحديث المذكور رواه أبو داوود، فعزوه إليه أولى، وقال والدي رحمه الله: ما ذكره الرافعي أولى (2)، ويدل له: ما رواه ابن ماجه من حديث محمد بن مسلمة مرفوعًا: "إذا ألقى في قلب امرءٍ خطبة امرأة .. فلا بأس أن ينظر إليها "(3)، وروى ابن ماجه أيضًا عن أنس: أن المغيرة بن شعبة أراد أن يتزوج امرأة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:" اذهب فانظر إليها "(4)، ورواه أيضًا من حديث المغيرة، قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت له امرأة أخطبها، فقال: " اذهب فانظر إليها

" الحديث (5).

3479 -

قول " المنهاج "[ص 372]- والعبارة له - و" الحاوي "[ص 453]: (ولا ينظر غير الوجه والكفين) علله الرافعي: بأن ما سواهما عورة (6)، ومقتضاه: اختصاص هذا الحكم بالحرة؛ فإن الأصح: أنه ينظر من الأمة ما ينظره الرجل من الرجل، فمع حاجة النكاح أولى، وبه صرح ابن الرفعة، فقال: مفهوم كلامهم في الأمة الجواز إلى ما ليس بعورة منها (7).

3480 -

قول " التنبيه "[ص 157]: (والأولى: ألَّا يزيد على امرأة واحدة) قيده النووي في " الروضة " بما إذا لم تكن حاجة ظاهرة (8)، ومقتضاه: أنه إذا كان لا يقنع بواحدة، لقوة شهوته .. استحب له الزيادة، وقد ذكره الماوردي كما حكاه عنه الرافعي في (النفقات)(9)، وجزم به الغزالي في " الإحياء "(10).

3481 -

قول " المنهاج "[ص 372]: (ويحرم نظر فحلٍ بالغٍ إلى عورة حرةٍ كبيرةٍ أجنبيةٍ، وكذا وجهها وكفيها عند خوف الفتنة، وكذا عند الأمن على الصحيح) فيه أمور:

(1) أخرجه أبو داوود (2082) والبيهقي في " سننه الكبرى "(13265).

(2)

انظر " فتح العزيز "(7/ 469، 470).

(3)

سنن ابن ماجه (1864).

(4)

سنن ابن ماجه (1865).

(5)

سنن ابن ماجه (1866).

(6)

انظر " فتح العزيز "(7/ 470).

(7)

في (ج): (مقتضى تصحيح المصنف: أنها كالحرة؛ لاستوائهما).

(8)

الروضة (7/ 19).

(9)

انظر " الحاوي الكبير "(11/ 417)، و" فتح العزيز "(10/ 4).

(10)

إحياء علوم الدين (2/ 30).

ص: 510

أحدها: تبع في تصحيح التحريم عند الأمن " المحرر " فإنه قال: (إنه أولى الوجهين)(1)، وهو ظاهر إطلاق " الحاوي " تحريم النظر (2)، وحكى في " الشرح الصغير " ترجيحه عن جماعة؛ وعلله، ولم ينقل مقابله عن أحد، وذلك يفهم ترجيحه، لكنه في " الكبير " قال: أكثر الأصحاب لا سيما المتقدمون على أنه لا يحرم، بل يكره (3)، وتبعه في " الروضة "(4)، ووجهه الإمام باتفاق المسلمين على منع النساء من الخروج سافرات (5)، وعن القاضي عياض عكسه (6)، وهو أنه حكى عن العلماء مطلقًا: أنه لا يلزمها ستر وجهها في طريقها، بل يندب، وعلى الرجال غض البصر.

قال شيخنا ابن النقيب: وإذا كان أكثر الأصحاب عليه .. لزمه في " المحرر " تصحيحه، ثم إنه في الحقيقة ما صحح مقابله، بل جعله أولى؛ فلعله رآه أولى من حيث حسم الباب، لا أنه المصحح في المذهب، فينكر على المصنف التصريح بتصحيحه مع تضعيف مقابله الذي عليه الأكثر؛ لتعبيره بالصحيح (7).

وقال في " المهمات ": الصواب: الجواز؛ لتصريحه في " الشرح " بأن الأكثرين عليه.

وقال شيخنا الإمام البلقيني: الترجيح بقوة المدرك والفتوى على ما في " المنهاج ".

ثانيها: فرض الإمام الوجهين فيما إذا لم يظهر خوف فتنة (8)، قال السبكي: وهو حسن؛ فالأمن عزيز إلا ممن عصم الله.

قال في " التوشيح ": قد يقال: عدم ظهور الخوف أمن.

ثالثها: ظاهر كلامه: أن وجهها وكفيها غير عورة، وإنما ألحقت بها في تحريم النظر، وهو محتمل، قد يقال ذلك، وقد يقال: هو عورة في النظر دون الصلاة، وقال الماوردي في (كتاب الصلاة): عورتها مع غير الزوج كبرى وصغرى، فالكبرى ما عدا الوجه والكفين، والصغرى ما بين السُّرة والركبة، فيجب ستر الكبرى في الصلاة، وكذا عن الرجال الأجانب والخناثى، والصغرى عن النساء وإن قربن، وكذا عن رجال المحارم والصبيان، وهل عورتها مع الشيخ الهرم والمجبوب الكبرى أو الصغرى؟ وجهان (9).

(1) المحرر (ص 288).

(2)

الحاوي (ص 453).

(3)

فتح العزيز (7/ 471).

(4)

الروضة (7/ 21).

(5)

انظر " نهاية المطلب "(12/ 31).

(6)

في (ج): (كلام القاضي عياض ضعيف، والمعتمد: خلافه).

(7)

انظر " السراج على نكت المنهاج "(5/ 299، 300).

(8)

انظر " نهاية المطلب "(12/ 31).

(9)

انظر " الحاوي الكبير "(2/ 170، 171).

ص: 511

3482 -

قول "الحاوي "[ص 453]: (ومن أمة) أي: يباح النظر إلى الأمة فيما عدا ما بين السرة والركبة، والمراد: عند فقد الشهوة، وتبع فيه الرافعي؛ فإنه قال في " المحرر " و " الشرح الصغير ": إنه الأظهر (1)، وحكى في " الكبير " تصحيحه عن البغوي والروياني (2)، والمراد: الإباحة مع الكراهة، وخالفه النووي، فقال في " الروضة ": صرح صاحب " البيان " وغيره: بأن الأمة كالحرة، وهو مقتضى إطلاق كثيرين، وهو أرجح دليلًا (3)، وفي " المنهاج " [ص 373]:(الأصح عند المحققين: أن الأمة كالحرة) وفي الرافعي: أنه لا يكاد يوجد إلا في " الوسيط "(4).

3483 -

قول " المنهاج "[ص 372]: (وإلى صغيرة إلا الفرج) و" الحاوي "[ص 453]: (والصبية لا الفرج) جزم به الرافعي (5)، وقال النووي: نقل صاحب " العدة " الاتفاق عليه، وليس كذلك، بل قطع القاضي حسين في " تعليقه " بجواز النظر إلى فرج الصغيرة التي لا تُشتهى والصغير، وقطع به في الصغير إبراهيم المَرُّوذِي، وذكر المتولي فيه وجهين، وقال: الصحيح: الجواز؛ لتسامح الناس بذلك قديمًا وحديثًا، وأن إباحة ذلك تبقى إلى بلوغه سن التمييز، ومصيره بحيث يمكنه ستر عورته عن الناس. انتهى (6).

وقال ابن الصلاح: إن المانع كاد أن يخرق الإجماع، وذكر الماوردي: أنها إذا جاوزت سبعًا .. حرم النظر إلى الفرج، ويبقى غيره إلى عشر في الصبي وتسع في الصبية (7).

3484 -

قول " المنهاج "[ص 372]- والعبارة له - و " الحاوي "[ص 453] عطفًا على الأصح: (وأن نظر العبد إلى سيدته ونظر ممسوحٍ كالنظر إلى مَحْرَمٍ) فيه أمور:

اْحدها: كذا حكى الرافعي تصحيحه عن الأكثرين (8)، وقال النووي: هو المنصوص وظاهر الكتاب والسنة، وإن كان فيه نظر من حيث المعنى (9)، وصحح في " نكت " له على " المهذب ": التحريم، وكذا صححه ابن الرفعة في " المطلب " والسبكي.

(1) المحرر (ص 288).

(2)

فتح العزيز (7/ 474)، وانظر " التهذيب "(5/ 238).

(3)

الروضة (7/ 23)، وانظر " البيان "(9/ 132).

(4)

فتح العزيز (7/ 474)، وانظر " الوسيط "(5/ 35).

(5)

انظر " فتح العزيز "(7/ 474).

(6)

انظر " الروضة "(7/ 24).

(7)

انظر " الحاوي الكبير "(2/ 174، 175).

(8)

انظر " فتح العزيز "(7/ 474).

(9)

انظر " الروضة "(7/ 23).

ص: 512

ثانيها: محل ذلك: ما إذا لم تكاتبه كما حكاه في " الروضة " عن القاضي حسين (1)، ويوافقه تصريح الرافعي في عكسه، وهو مكاتبة الرجل أمته: بأنه لا يحل له النظر إليها (2)، لكن جوز أبو نصر أبي القاسم القشيري نظره إليها ولو كاتبته، وحكاه شيخنا الإمام البلقيني عن نص الشافعي، وخرج في " المطلب " فيه وجهين، وقال: لم أر المحكي عن القاضي حسين في " تعليقه "، وقال شيخنا الإمام البلقيني: لم يطلقه القاضي، بل قال: إن كان معه وفاء .. فتحتجب منه، وإلا .. فلا.

ثالثها: محله أيضًا: في العبد الثقة دون الفاسق كما ذكره البغوي في " تفسيره "، وفي المرأة الثقة أيضًا كما ذكره المهدوي في " تفسيره "، وهو معدود من الشافعية، وكذا قيد الواحدي والكواشي الآية بأن يكونا عفيفين (3).

رابعها: اقتصر على جواز النظر، والخلوة في معناه، وقد صرح بجوازها صاحبا " المهذب " و" البيان "(4)، وكذا السفر بها، وقد صرح به المرعشى في " ترتيب الأقسام " وقال شيخنا الإمام البلقيني: الذي يقوى جواز النظر دون الخلوة، والمسافرة محل نظر. انتهى.

والذي في " الروضة " وأصلها: أنه مَحْرَم لها عند الأكثرين (5)، ومقتضاه: جواز النظر والخلوة والسفر، بل جواز اللمس، وأنه غير ناقض، وليس كذلك؛ ولهذا قال في " المهمات ": الصواب: التعبير بجواز الخلوة والنظر ونحوهما، لا بالمحرمية.

خامسها: خرج بالعبد: المبعض، فهو كالأجنبي، وقد صرح به الماوردي (6)، ويوافقه جزم الرافعي والنووي بتحريم نظر الشريك من المشتركة لما بين سرتها وركبتها (7).

سادسها: قال السبكي: الصحيح عندي: أن نظر الممسوح إلى الأجنبية كنظر الفحل. انتهى.

وبتقدير جوازه .. فينبغي تقييده بعفته وعفة المنظور إليها كما تقدم في عبد المرأة، وقال المتولي: إن كان له ميل إلى النساء .. حرم، وإلا .. فكالشيخ الهرم.

3485 -

قول " المنهاج "[ص 372]- والعبارة له - و" الحاوي "[ص 453]: (وأن المراهق

(1) انظر " الروضة "(7/ 23).

(2)

انظر " فتح الغزيز "(7/ 476).

(3)

تفسير البغوي (3/ 339).

(4)

المهذب (2/ 34)، البيان (9/ 130).

(5)

فتح العزيز (7/ 473، 474)، الروضة (7/ 23).

(6)

انظر " الحاوي الكبير "(2/ 172).

(7)

انظر " فتح العزيز "(7/ 479، 480)، و" الروضة "(7/ 27).

ص: 513

كالبالغ) قال الرافعي: معناه: أنه يلزم المنظور إليها الاحتجاب منه كما أنه يلزمها الاحتجاب من المجنون قطعًا، وأما الصبي .. فلا تكليف عليه (1)، وقال النووي: إذا جعلناه كالبالغ .. لزم الولي أن يمنعه النظر كالزنا وكل محرم (2)، وقال الإمام: إن لم يبلغ أن يحكي ما يراه .. فهو كالعدم، وإن بلغه دون ثوران شهوة .. فهو كالمحرم، وإن كان .. فكالبالغ الأجنبي (3)، وحينئذ .. فلا ينبغي التعبير بعبارة تقتضي التحريم، فلو عبر بالمنع .. لكان أحسن.

3486 -

قول " المنهاج "[ص 373]: (ويحرم نظر أمرد بشهوة) فيه أمور:

أحدها: أنه لا معنى لتخصيص تحريم النظر بشهوة بالأمرد؛ فالملتحي يحرم النظر إليه بشهوة أيضًا، وقد قال قبل ذلك:(ويحل نظر رجل إلى رجل)(4) ولما ذكر الشهوة .. قيد بالأمرد، وذلك يقتضي أن الكلام الأول على إطلاقه؛ وكأنه إنما ذكر ذلك توطئة لما بعده من تحريم النظر إليه بغير شهوة أيضًا.

ثانيها: قال السبكي: المراد من الشهوة: أن يكون النظر لقصد قضاء وطر فيها، بمعنى: أن الشخص يحب النظر إلى الوجه الجميل ويلتذ به، قال: فإذا نظر ليلتذ بذلك الجمال .. فهو النظر بشهوة، وهو حرام، قال: وليس المراد: أن يشتهي زيادة على ذلك من الوقاع ومقدماته؛ فإن ذلك ليس بشرط بل زيادة في الفسوق، قال: وكثير من الناس لا يقدمون على فاحشة ويقتصرون على مجرد النظر والمحبة، ويعتقدون أنهم سالمون من الإثم، وليسوا سالمين.

ثالثها: لا يختص التحريم بحالة الشهوة، بل لو انتفت وخيف الفتنة .. حرم النظر أيضًا كما حكاه الرافعي عن الأكثرين (5)، ولهذا قال " الحاوي " عطفًا على الجائز [ص 453]:(وأمرد بغير شهوة وأمن) أي: ومع الأمن، وقد تفهم عبارته أنه معطوف على شهوة؛ أي: بغير شهوة وبغير أمن، وليس كذلك؛ فهو إما معطوف على (غير) أو (الواو) فيه بمعنى:(مع).

رابعها: قوله من زيادته: (وكذا بغيرها في الأصح المنصوص)(6) نازعه في " المهمات " في العَزْوِ للنص، وقال: الصادر من الشافعي على ما بينه في " الروضة ": إنما هو إطلاق يصح حمله على حالة الشهوة.

(1) انظر " فتح العزيز "(7/ 473).

(2)

انظر " الروضة "(7/ 22).

(3)

انظر " نهاية المطلب "(12/ 36).

(4)

المنهاج (ص 373).

(5)

انظر " فتح العزيز "(7/ 476).

(6)

المنهاج (ص 373).

ص: 514

قلت: عبارة " الروضة ": أطلق صاحب " المهذب " وغيره: أنه يحرم النظر إلى الأمرد بغير حاجة، ونقله الداركي عن نص الشافعي (1).

فإن أراد نقل الإطلاق .. صح ما قاله في " المهمات "، وإن أراد نقل النص .. صحت عبارة " المنهاج ".

خامسها: ظاهر إطلاقه: أنه لا فرق في الأمرد بين أن يكون جميلًا أم لا، وقال السبكي: إنه محتمل، لعدم انضباط الحسن، قال: ولكن الظاهر الأول، وعليه يدل كلام الأكثر، وإليه يرشد تبويب النووي في " رياض الصالحين "(2)، قال السبكي: وهذا القيد منتف في النساء؛ لأن في الطباع الميل إليهن، فضبط بالأنوثة، وذلك مفقود فيما بين الرجال إلا في الأمرد الحسن.

قلت: وقيده القاضي حسين والمتولي بالجميل الوجه، الناعم البدن، وحرر السبكي موضع الخلاف، وحصره في جميل يمكن الافتتان به، فعند النووي: يحرم وإن انتفت الفتنة والشهوة اعتبارًا بالمنظور إليه (3)، وعند الرافعي: يجوز؛ اعتبارًا بالناظر (4)، واستشكل إيجاب الغض عن الأمرد مطلقًا، وقال الغزالي في " الإحياء ": من يتأثر قلبه بجمال الأمرد بحيث يدرك الفرق بينه وبين الملتحي - أي: من حيث الشهوة - .. فلا يحل له النظر (5).

3487 -

قول " الحاوي "[ص 453]: (كللمرأة) أي: كما لا يحرم نظر المرأة إلى المرأة إلا فيما بين السرة والركبة، يتناول نظر الذمية للمسلمة، وهو الذي صححه الغزالي (6)، وصحح البغوي تحريمه؛ لقوله تعالى:{أَوْ نِسَائِهِنَّ} وليست الذمية من نسائهن (7)، وتبعه النووي (8)؛ ولهذا قال في " المنهاج " [ص 373]:(الأصح: تحريم نظر ذمية إلى مسلمة) وفي " المحرر ": (أنه الأحوط)(9)، وفيه أمور:

أحدها: أن التحريم لا يختص بالذمية، بل يحرم على المسلمة كشف وجهها لها، وقد صرح به النووي في " فتاويه "(10)، وإذا لم يخاطب الكفار بفروع الشريعة .. اختص التحريم بالمسلمة.

(1) الروضة (7/ 25)، وانظر " المهذب "(2/ 34).

(2)

رياض الصالحين (ص 300).

(3)

انظر "الروضة "(7/ 24، 25).

(4)

انظر " فتح العزيز "(7/ 476).

(5)

إحياء علوم الدين (3/ 102).

(6)

انظر " الوسيط "(5/ 30).

(7)

انظر " التهذيب "(5/ 236).

(8)

انظر " الروضة "(7/ 25).

(9)

المحرر (ص 289).

(10)

فتاوى النووي (ص 133) مسألة (224).

ص: 515

ثانيها: يستثنى من الذمية: مملوكة المسلمة فيباح لها النظر لها كما ذكره النووي في " فتاويه "(1)، وكلام البغوي في " تفسيره " يقتضيه (2).

ثالثها: ويستثنى منها أيضًا: محرمها؛ كبنتها أو أمها .. فيباح لها النظر إليها كما دل عليه كلام القاضي حسين؛ حيث فرض الخلاف في الأجانب، وأما القريبة؛ كبنت العم وبنت الخال ونحوهما .. فهل يجري عليها حكم نساء المحارم أم نساء الأجانب؛ قال شيخنا الإمام البلقيني: الأقرب: الثاني.

رابعها: لا يختص ذلك بالذمية، بل سائر الكافرات كذلك كما حكاه في "الروضة" عن صاحب " البيان "(3)، بل ذكر الشيخ عز الدين بن عبد السلام في " تفسيره ": أن الفاسقة كالذمية في ذلك، ونازعه شيخنا الإمام البلقيني فيه، وقال: هي من المؤمنات، والفسق لا يخرجها عن ذلك.

خامسها: ذكر الرافعي والنووي أن الأشبه: أن الذى يحرم نظر الذمية له من المسلمة هو ما لا يبدو في حال المهنة، ولها النظر إلى ما يبدو في المهنة، بعد أن نقلا عن الإمام: أنها كالرجل الأجنبي (4)، وتقدم قول النووي في " فتاويه ": أنه يحرم على المسلمة كشف وجهها للذمية (5)، وهو موافق لكلام الإمام (6)، وقال شيخنا الإمام البلقيني: إنه الأصح، قال: وبه جزم القاضي حسين وغيره.

سادسها: أما عكسه، وهو نظر المسلمة للذمية .. فمقتضى كلام الأصحاب: جوازه، وقال شيخنا الإمام البلقيني: عندي فيه وقفة إن قيل: أو نسائهن في الناظرة والمنظورة.

3488 -

قول " الحاوي "[ص 453]: (ومن الرجل) أي: لا يحرم نظر المرأة للرجل إلا فيما بين السرة والركبة، تبع فيه الرافعي (7)، وصحح النووي تحريم نظرها إليه كنظره إليها (8)؛ ولهذا قال " المنهاج " [ص 373]:(قلت: الأصح: التحريم كَهُوَ إليها) ويوافقه قول الرافعي في (شروط الصلاة): إنه يحرم عليها النظر إلى شعره، هاذا قلنا بالإباحة .. فشرطها عدم خوف الفتنة، وقد صرح به " المنهاج "(9).

(1) فتاوى النووي (ص 133) مسألة (224).

(2)

تفسير البغوي (3/ 339).

(3)

البيان (9/ 127)، الروضة (7/ 25).

(4)

انظر " نهاية المطلب "(12/ 30)، و " فتح العزيز "(7/ 477)، و " الروضة "(7/ 25).

(5)

فتاوى النووي (ص 133) مسألة (224).

(6)

انظر " نهاية المطلب "(12/ 30).

(7)

انظر " فتح العزيز "(7/ 477).

(8)

انظر " الروضة "(7/ 25).

(9)

المنهاج (ص 373).

ص: 516

3489 -

قوله: (ومتى حرم النظر .. حرم المس)(1) قال السبكي: إن تعبير " المحرر " بـ (حيث)(2) أحسن منه؛ لأن (حيث) اسم مكان، والمقصود هنا: أن المكان الذي يحرم نظره يحرم مسه، و (متى) اسم زمان، وليس مقصودًا هنا.

قال شيخنا ابن النقيب: وقد يقال: إن الزمان أيضًا مقصود؛ فإن الأجنبية يحرم نظرها، فإذا عقد عليها .. جاز، فإذا طلقها .. حرم، وكذلك الطفلة على العكس؛ ولذلك استثنى زمان المداواة والمعالجة. انتهى (3).

ويستثنى منه: جواز مس الرجل فرج زوجته أو أمته قطعًا، مع تحريم النظر إليه على وجه، ومفهومه: أنه لا يلزم من تحريم المس تحريم النظر، وهو كذلك، فيحرم مس وجه الأجنبية وإن جاز النظر، بل حكى الرافعي عن العبادي، عن القفال: أنه لا يجوز للرجل مس بطن أمه ولا ظهرها، ولا أن يغمز ساقها ولا رجلها، ولا أن يقبل وجهها، ولا أن يأمر ابنته أو أخته بغمز رجله (4)، وفصل السبكي في ذلك؛ فجوز ما كان منه لحاجة أو شفقة، وحرم ما كان لشهوة، قال: وبينهما مراتب متفاوتة؛ فما قرب إلى الأول .. ظهر جوازه، أو إلى الثاني .. ظهر تحريمه، وعبارة " الروضة " تقتضي أنه يحرم مس يد الأم، وهو خلاف الإجماع؛ فإنه قال عطفًا على المحرم: ومس كل ما جاز النظر إليه من المحارم (5)، وعبارة الرافعي عطفًا على ما لا يجوز: ولا مس كل ما يجوز النظر إليه من المحارم (6)، وهي عبارة صحيحة، ومقتضاها: أنه لا يجوز مس الكل، بل البعض؛ كقولنا: لا يجوز أن يتزوج كل امرأة: وهو المسمى بسلب العموم، فعبر النووي بالإثبات، فقال: يحرم، وأسنده إلى كل فرد، وهو المسمى عموم السلب، فوقع في الغلط، ذكره في " المهمات ".

وفي " شرح مسلم " للنووي: أن مس رأس المحرم وغيره مما ليس بعورة مجمع على جوازه (7)، وعبارة " الحاوي " [ص 453]: (وحرم للذكر مس شيء من المرأة - شعرها وغيره - وإن أبين، والنظر لا لحاجةٍ

إلى آخره) ومقتضاها: تسوية المس والنظر إثباتًا ونفيًا، ويرد عليه ما تقدم.

(1) انظر " المنهاج "(ص 373).

(2)

المحرر (ص 289).

(3)

انظر " السراج على نكت المنهاج "(5/ 309، 315).

(4)

انظر " فتح العزيز "(7/ 480).

(5)

الروضة (7/ 28).

(6)

انظر " فتح العزيز "(7/ 480).

(7)

شرح مسلم (13/ 58).

ص: 517

3490 -

قول " المنهاج "[ص 373]: (ويباحان لفصدٍ وحجامة وعلاج) هي داخلة في الحاجة التي ذكرها " الحاوي "(1)، وله شروط:

أحدها: أن يكون ذلك بحضور محرم أو زوج، قال شيخنا الإمام البلقيني: والمراد: أن يكون هناك من يمنع حصول الخلوة كما هو مذكور في العدد.

ثانيها: يشترط في معالجة الرجل للمرأة: فقد امرأة تعالجها، وفي معالجة المرأة للرجل: فقد رجل يعالجه كما صححه النووي (2)، وحكاه الرافعي عن أبي عبد الله الزبيري والروياني خلافًا لابن القاصّ (3).

ثالثها: يشترط أيضًا: ألَّا يكون ذميًا مع وجود مسلم كما في زوائد " الروضة " عن القاضي حسين والمتولي (4)، وقال شيخنا الإمام البلقيني: اللائق بالترتيب أن يقال: إن كانت العلة في الؤجه .. سومح بذلك كما في المعاملة، وإن كانت في غيره؛ فإن كانت امرأة .. فيعتبر وجود امرأة مسلمة، فإن تعذرت .. فصبي مسلم غير مراهق، فإن تعذر .. فصبي غير مراهق كافر، فإن تعذر .. فامرأة كافرة، فإن تعذرت .. فمحرمها المسلم، فإن تعذر .. فمحرمها الكافر، فإن تعذر .. فأجنبي مسلم، فإن تعذر .. فأجنبي كافر.

رابعها: أصل الحاجة كاف في نظر الوجه والكفين، ويعتبر في غير ذلك تأكدها وهو مبيح التيمم، قاله الإمام (5)، وفي الفرج مزيد تأكيد، وهو ما لا يعد الكشف له هتكًا للمروءة، قاله الغزالي (6)، ولهذا قال " الحاوي " [ص 453]:(ومؤكدها في السوأة).

3491 -

قول " المنهاج " من زيادته [ص 373]: (ويباح النظر لمعامله وشهادةٍ وتعليمٍ ونحوها بقدر الحاجة) وهو داخل في تعبير " الحاوي "[ص 453] بـ (الحاجة) وفيه أمور:

أحدها: أن الرافعي والنووي اقتصرا في هذه الصورة على النظر إلى الوجه (7)، وصحح الماوردي أنه إذا حصلت معرفتها ببعض الوجه .. وجب الاقتصار عليه، ولم يجز رؤية جميعه، وحكاه الروياني عن الجمهور، فإن لم يعرفها إلا بالكل أو بالتكرار .. فعل؛ ولعل قول " المنهاج " [ص 373]:(بقدر الحاجة) و " الحاوي "[ص 453]: (بحاجة) يوافق ذلك.

(1) الحاوي (ص 453).

(2)

انظر " الروضة "(7/ 29).

(3)

انظر " فتح العزيز "(7/ 482).

(4)

الروضة (7/ 30).

(5)

انظر " نهاية المطلب "(12/ 36).

(6)

انظر " الوسيط "(5/ 37).

(7)

انظر " فتح العزيز "(7/ 481)، و " الروضة "(7/ 29).

ص: 518

وقال في " المهمات ": إن الاقتصار على الوجه غير مستقيم؛ فقد تقدم أنه يجوز النظر إلى الكفين عند الأكثرين لا لحاجة، فكيف مع هذه الحاجة؟ وهو مردود، وكيف ينظر زيادة على الوجه وهو غير محتاج إليه؟ ! فإن المعرفة بالوجه خاصة.

ثانيها: محل ذلك: عند أمن الفتنة، فلو خافها .. قال الرافعي في (الشهادات): يشبه أن يقال: إن لم يتعين .. لم ينظر، وإن تعين .. فينظر ويضبط نفسه. انتهى (1).

ولم يتعرضوا لما إذا انضم لخوف الفتنة قيام الشهوة، وقال السبكي فيما إذا تعين: هو مشكل، والذي أراه: أنه ينظر؛ فإن عصم، وإلا .. وقع في الإثم، وجعله ذا وجهين: يأثم بالشهوة، ويؤجر بالتحمل، وحكى في " التوشيح ": جواز النظر مع الشهوة عند التعين عن الماوردي والرا فعي وابن الرفعة، والظاهر أنه وهم.

ثالثها: ما ذكره في جواز النظر للتعليم يخالفه ما سيأتي في " المنهاج " في (الصداق): أنه لو أصدقها تعليم قرآن وطلق قبله .. فالأصح: تعذر تعليمه (2)، وقال السبكي هناك: لعل الجمع بين الكلامين أن هنا أمورًا أخرى أوجبت التعذر؛ منها: أنه لو أصدق تعليم كل القرآن .. فنصفه وإن عرف من حيث عدد الحروف .. فيختلف سهولة وصعوبة، وحكى الماوردي وجهين في أن القرآن هل يتجزئ في كلماته وحروفه التي جزأه السلف عليها أم لا؟ لتشابهه وصعوبة بعضه، فعلى الأول: يعلمها النصف دون الثاني، وقال السبكي هنا: كشفت كتب المذهب فإنما يظهر جواز النظر للتعليم فيما يجب تعلمه وتعليمه كـ (الفاتحة)، وما يتعين من الصنائع بشرط التعذر من وراء حجاب، وأما غير ذلك .. فإن كلامهم يقتضي المنع، ثم استشهد بالمذكور في (الصداق).

رابعها: قال شيخنا الإمام البلقيني: لم يقيدوا المعاملة والشهادة بألَّا يوجد من محارمها من يعاملها، ويشهد عليها، وألَّا توجد امرأة تعاملها؛ وكأنهم سامحوا في ذلك؛ لتعلقه بالوجه خاصة.

قلت: الشهادة لا تختص بالوجه؛ فإنه يجوز النظر للفرج لتحملها على الزنا والولادة، وللثدي للشهادة على الرضاع على الأصح.

3492 -

قولهم - والعبارة لـ " المنهاج " -: (وللزوج النظر إلى كل بدنها)(3) يستثنى منه: حلقة الدبر، فحكي عن الدارمي: أنه لا يجوز النظر إليها؛ لأنها ليست محل استمتاعه، وعبارة " الحاوي " مصرحة بخلافه؛ حيث قال:(حتى السوءة بكرهٍ)(4)، وقال في

(1) انظر " فتح العزيز "(13/ 64).

(2)

المنهاج (ص 401).

(3)

انظر " التنبيه "(ص 159)، و" الحاوي "(ص 454)، و " المنهاج "(ص 373).

(4)

الحاوي (ص 454).

ص: 519

" التوشيح ": لم يذكره الوالد في " شرح المنهاج " فلعله لم يرضه.

3493 -

قول " التنبيه "[ص 159]: (وقيل: لا ينظر إلى الفرج) خصه الفارقي بغير حالة الجماع، وقال: يجوز عند الجماع قطعًا، وحكاه صاحب " المعين " اليمنى عن الشيباني، وفيه نظر؛ فإن الحديث الذي استدل به للتحريم مصرح بحالة الجماع، ولفظه:" لا ينظرن أحد منكم إلى فرج زوجته ولا فرج جاريته إذا جامعها؛ فإن ذلك يورث العمى " رواه البيهقي بسند ضعيف (1)، ويخرج من كلام السبكي احتمال بعكسه، وهو تخصيص التحريم بحالة الجماع؛ فإنه قال: لفظه مقيد بحالة الجماع، واختلفوا هل يورث عمى الناظر أو الولد؟ فحيث لا وطء ولا ولد .. قد يقال بالتخصيص فيه.

3494 -

قول " الحاوي "[ص 454]: (وملكٍ) أي: يجوز النظر إلى بدن المملوكة، والمراد: الملك الذي يجوز الاستمتاع معه؛ لتخرج المرتدة والمجوسية والوثنية والمزوجة والمكاتبة والمشتركة؛ فإنه لا يجوز النظر فيهن إلى ما بين السرة والركبة، ولا يحرم ما زاد على الصحيح، كذا في " الروضة "(2) وأصلها (3).

وقال شيخنا الإمام البلقيني: الصواب في المشتركة والمبعضة: أنه يقضي عليهما بحكم الأجانب، وقد قال الماوردي في عبدها المبعض: إن عليها ستر عورتها الكبرى عنه لا يختلف أصحابنا فيه، وذكر قبل ذلك: أن العورة: الكبرى جميع البدن غير الوجه والكفين (4).

3495 -

قوله: (وفي المشكل يحتاط)(5) أي: في نظره والنظر إليه، فيجعل مع النساء رجلًا ومع الرجال امرأة، كذا صححه الرافعي، وتبعه النووي، ثم حكيا عن القفال جواز نظره والنظر إليه مطلقًا؛ استصحابًا لحكم الصغر، وزاد النووي: أنه قطع به الفوراني والمتولي وإبراهيم المروذي، ونقله المروذي عن القاضي. انتهى (6).

وهذا قد يفهم ترجيحه وإن لم يصرح به، ويوافقه تصحيح النووي في " شرح المهذب ": أنه يغسله بعد موته الرجال والنساء (7)، وعليه مشى " الحاوي " في بابه (8)، وليس ذلك في " الروضة "

(1) انظر " سنن البيهقي الكبرى "(13318).

(2)

الروضة (7/ 23).

(3)

فتح العزيز (7/ 476).

(4)

انظر " الحاوي الكبير "(2/ 170).

(5)

انظر " الحاوي "(ص 454).

(6)

انظر " فتح العزيز "(7/ 482، 483)، و" الروضة "(7/ 29).

(7)

المجموع (5/ 121).

(8)

الحاوي (ص 202).

ص: 520