الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتابُ الوَدِيعة
3320 -
قول "الحاوي"[ص 438]: (الإيداع: توكيلٌ بحفظ المال) قد يقال: لا يختص ذلك بالمال، بل يجري في المحترم من غيره؛ كالكلب المنتفع به ونحوه، لكن لا يجري فيه جميع أحكامه؛ كالتضمين عند التفريط.
3321 -
قول "المنهاج"[ص 360]: (من عجز عن حفظها .. حرم عليه قبولها) قيده ابن الرفعة بما إذا لم يطلع المالك على الحال، فإن أطلعه .. فلا تحريم ولا كراهة وبما إذا لم يتعين.
3322 -
قوله: (ومن قدر ولم يثق بأمانته .. كره)(1) عبارة "المحرر": (لا ينبغي أن يقبل)(2)، ولا يلزم من ذلك الكراهة، وأطلق في "الشرح" و"الروضة" وجهين من غير ترجيح:
أحدهما: أنه لا يجوز.
والثاني: أنه يكره (3).
3323 -
قوله: (فإن وثق .. استحب)(4) أي: إن كان ثم غيره، وإلا .. وجب، كذا أطلقه جماعة، قال الرافعي: وهو محمول على أصل القبول كما بينه السرخسي دون إتلاف منفعة نفسه وحرزه مجاناً (5).
قال شيخنا ابن النقيب: ينبغي تقييد المسألة بما إذا خاف المالك عليها الضياع عنده وكانت تحفظ عند غيره، ولم أر من ذكره (6).
3324 -
قول "التنبيه"[ص 110، 111]: (فإن أودع صَبيٌّ مالاً .. ضمنه المودع) أي: إذا قبضه، وكذا قول "المنهاج" [ص 360]:(ولو أودعه صَبيٌّ أو مجنونٌ مالاً .. لم يقبله، فإن قبل .. ضمن) أي: وقبض؛ فإنه لا يلزم من القبول القبض، ومحل الضمان: إذا لم يخش الضياع بتركه في يده، فإن خشي فأخذه [حسبة] .. فلا ضمان في الأصح؛ ولذلك قال "الحاوي" في صور الضمان [ص 440]:(أو أخذ من طفل وسفيه لا [حسبة])(7) فرتب الضمان على الأخذ وصرح
(1) انظر "المنهاج"(ص 360).
(2)
المحرر (ص 278).
(3)
فتح العزيز (7/ 287)، الروضة (6/ 324).
(4)
انظر "المنهاج"(ص 360).
(5)
انظر "فتح العزيز"(7/ 287).
(6)
انظر "السراج على نكت المنهاج"(5/ 177).
(7)
في (ب)، (ج)، (د):(خشية)، والمثبت من (أ)، وهو الموافق لما في "الحاوي".
بالسفيه، واستثنى الأخذ حسبة، وقد ذكر "المنهاج" السفيه بعد ذلك فقال [ص 360]:(والمحجور عليه بسفه .. كصبي).
3325 -
قول "التنبيه"[ص 111]: (ولا يبرأ إلا بالتسليم إلى الناظر في أمره)، قال في "الكفاية": في الحصر نظر؛ فإنه لو أتلفه الصبي المودع بلا تسليط من المودع عنده .. فيظهر براءته؛ لتعذر إحباط فعله وتضمينه مال نفسه، ونازع بعضهم فيما ذكره وقال: حيث يجعل الإتلاف قبضاً .. تعذر قصده إلى القبض بالإتلاف، وقصد الصبي غير معتبر، لكن الحق ما ذكره ابن الرفعة، وهو منقول قد ذكره الرافعي في (الجراح) قبل الفصل الثاني في المماثلة في أثناء تعليل (1)، ولعل مراد "التنبيه" أنه لا يبرأ بالتسليم إلا إذا كان التسليم إلى الناظر في أمره، والبراءة هنا ليست بالتسليم، بل بشيء آخر، ويوافق هذا أن في بعض نسخ "التنبيه":(ولا يبرأ بالتسليم إلا إلى الناظر في أمره).
3326 -
قول "المنهاج"[ص 360]: (ولو أودع صبياً مالاً فتلف عنده .. لم يضمن) أي: بتفريط أو غيره كما صرح به "التنبيه"(2).
3327 -
قول "المنهاج"[ص 360]: (وإن أتلفه .. ضمن في الأصح) مخالف لترجيح "الشرحين" و"الروضة" أن الخلاف قولان (3).
3328 -
قوله: (وترتفع بموت المودِع أو المودعَ وجنونه وإغمائه)(4) كذا بالحجر عليه بسفه كما قاله صاحب "البيان"(5).
3329 -
قوله: (ولهما الاسترداد والرد كل وقت)(6) أي: للمودِع الاسترداد وللمودَع الرد، وليس المراد: أن لكل منهما الأمرين.
قال شيخنا ابن النقيب: وينبغي أن يقيد جواز الرد للمودَع بحالة لا يلزمه فيها القبول ابتداء، أما إذا كانت بحيث يجب القبول .. فيظهر تحريم الرد، وإن كانت بحيث يندب قبولها .. فالرد خلاف الأولى إذا لم يرض به المالك (7).
3330 -
قوله: (منه: أن يودع غيره بلا إذنٍ ولا عذرٍ، فيضمن)(8) وعبارة "التنبيه"[ص 111]:
(1) انظر "فتح العزيز"(10/ 221).
(2)
التنبيه (ص 111).
(3)
فتح العزيز (7/ 289)، الروضة (6/ 325، 326).
(4)
انظر "المنهاج"(ص 360).
(5)
البيان (6/ 475).
(6)
انظر "المنهاج"(ص 360).
(7)
انظر "السراج على نكت المنهاج"(5/ 180).
(8)
انظر "المنهاج"(ص 360).
(من غير سفر ولا ضرورة) أي: ولو كان ذلك الغير ولده أو زوجته أو عبده.
قال السبكي: والمتبع فيه العرف؛ فالملوك والأمراء أموالهم في خزائنهم بأيدي خزان لهم، والعرف قاض بأنها في أيديهم.
3331 -
قول "المنهاج"[ص 361]: (وإذا لم يزل يده عنها .. جازت الاستعانة بمن يحملها إلى الحرز أو يضعها في خزانة مشتركة) حكى الرافعي الأول عن ابن سريج والأصحاب، والثاني عن القفال، لكنه فرضها فيما إذا كانت الخزانة مشتركة بينه وبين ابنه، قال: وفي "النهاية": أن المودع إذا أراد الخروج لحاجته فاستحفظ من يثق به من متصليه، وكان يلاحظ المخزن في عوداته .. فلا بأس، وإن فوض الحفظ إلى أحدهم ولم يلاحظ الوديعة أصلاً .. ففيه تردد، وإن كان المخزن خارجاً عن داره التي يأوي إليها وكان لا يلاحظه أصلاً .. فالظاهر تضمينه (1).
3332 -
قول "التنبيه"[ص 111]: (وله أن يضمن الأول والثاني، فإن ضمن الثاني .. رجع على الأول) محله: ما إذا كان الثاني جاهلاً بالحال، فإن علمه .. لم يرجع على الأول، وقد أورده النووي في "التصحيح" بلفظ الصواب (2).
وأجيب عنه: بأن هذا غاصب صورة ومعنى، والشيخ إنما فرضه في المودَع، وإنما يكون مودعاً إذا كان جاهلاً، فذكر العالم يحيل صورة المسألة، وفيه نظر؛ لأنه مودع صورة، وقد يجهل أن المودع ليس له الإيداع، والإيراد إنما هو على الألفاظ، وإن كان المورد عليها يفهم من المدرك .. فذلك لا يدفع الإيراد، والله أعلم.
3333 -
قول "التنبيه"[ص 111]: (وإذا أراد سفراً ولم يجد صاحبها .. سلمها إلى الحاكم) في معنى صاحبها: وكيله إما مطلقاً أو في استردادها خاصة؛ فهو مقدم على الحاكم حتى يضمن بالعدول عنه إلى الحاكم في الأصح، وقد صرح به "المنهاج"(3)، ويرد ذلك أيضاً على قول "الحاوي" [ص 438]:(ووجد المالك ثم القاضي) وفهم من قول "التنبيه"[ص 111] و"المنهاج"[ص 361]: (وإذا أراد سفراً) أن محل ذلك: إذا أودعه في الحضر، فلو أودعه وهو مسافر .. لم يضمن بدوام السفر بها، وقد صرح بذلك "الحاوي" فقال [ص 438]:(فيضمن إن سافر بما لم يودع فيه) قال الماوردي: فإن كان الحاكم غير مأمون .. فوجوده وعدمه سواء (4).
وقول "الحاوي"[ص 438]: (ثم عدلاً) قد يفهم العدالة الباطنة، والظاهر: الاكتفاء
(1) فتح العزيز (7/ 293)، وانظر "نهاية المطلب"(11/ 393).
(2)
تصحيح التنبيه (1/ 346).
(3)
المنهاج (ص 361).
(4)
انظر "الحاوي الكبير"(8/ 360).
بالظاهرة، قلته تفقهاً، ولعل تعبير "التنبيه" و"المنهاج" و"الروضة" وأصلها بالأمانة لذلك (1)، واقتصر "التنبيه" و"الحاوي" في الرد إلى الحاكم عند فقد المالك ثم إلى أمين على عذر السفر، وقال في "المنهاج" [ص 361]:(والحريق والغارة في البقعة وإشرات الحرز على الخراب .. أعذار كالسفر) وشرطه: ألَاّ يجد حرزاً آخر.
3334 -
قول "التنبيه"[ص 111]: (وإن دفن الوديعة في دار وأعلم بها أميناً يسكن الدار .. لم بضمن على ظاهر المذهب) وعبر "المنهاج" بـ (موضع) وقال: (في الأصح)(2) فيه أمران:
أحدهما: أنه لا بد من تقييد ذلك الموضع بأن يكون حرز مثله، وفي بعض نسخ "التنبيه":(في داره)، وقد يفهم من ذلك أنها دار سكنه التي كان يحرز فيها تلك الوديعة.
ثانيهما: ظاهر كلامهما أن ذلك مع القدرة على الحاكم، وبهذا صور الجيلي، وسبقه إليه البندنيجي، لكن الذي في "الروضة" وأصلها فرضه في الموضع الذي يجوز فيه إيداع الأمين، وذلك عند تعذر الحاكم (3)، ونقله ابن الرفعة عن الأكثرين، ومثار الخلاف أن الدفن مع إعلامه به تسليم له أم لا؛ ولهذا عبر ابن يونس في "النبيه مختصر التنبيه" بقوله: ودفنها بمسكن من أعلمه بها تسليم إليه يعم المالك والحاكم والأمين، وجعل الإمام في معنى السكنى: أن يراقبها من الجوانب أو من فوق مراقبة الحارس (4)، قال الرافعي: ويحتمل أن الإعلام كالإيداع سواء كان سكن الموضع أم لا، والأصح: أن هذا الإعلام ائتمان لا إشهاد، فتكفي المرأة في ذلك (5).
3335 -
قول "المنهاج"[ص 361]: (ولو سافر بها .. ضمن إلا إذا وقع حريقٌ أو غارةٌ وعجز عمن يدفعها إليه كما سبق) مقتضاه: أنه لا بد في نفي الضمان من اجتماع الأمرين: العذر المذكور، والعجز عمن يدفعها إليه، وليس كذلك؛ فالعجز كاف بلا عذر، فيجوز له السفر بها في الأمن قطعاً ولا يضمن في الأصح؛ ولذلك قال "الحاوي" [ص 438]:(فيضمن إن سافر بما لم يودع فيه ووجد المالك ثم القاضي ثم عدلاً) فمفهومه أنه إذا لم يجد هؤلاء .. لا ضمان وإن لم يكن عذر.
3336 -
قول "المنهاج"[ص 361]: (وإذا مرض مخوفاً .. فليردها إلى المالك أو وكيله، وإلا .. فالحاكم أو أمين أو يوصي بها، فإن لم يفعل .. ضمن، إلا إذا لم يتمكن؛ بأن مات فجأة) فيه أمور:
(1) الروضة (6/ 328).
(2)
المنهاج (ص 361).
(3)
فتح العزيز (7/ 295)، الروضة (6/ 328).
(4)
انظر "نهاية المطلب"(11/ 383).
(5)
انظر "فتح العزيز"(7/ 295).
أحدها: في معنى المرض المخوف: الحبس ليقتل كما في "الروضة" وأصلها (1)، وهذا مخالف لكلامهم في الوصية؛ حيث عدوا من المخوف: التقديم للقتل؛ فمقتضاه: أن ما قبل ذلك من الحبس ليس مخوفاً.
قال شيخنا الإمام البلقيني: ويمكن أن يفرق بأن وقت التقديم للقتل وقت دهشة، فلو قلنا: له أن يؤخر الوصية إليه ثم تركها وضمناه .. لم يوف له بعذر الدهشة، وإن قلنا: يؤخر ثم إذا ترك لايضمن .. لكنا مضيعين لحق مالك الوديعة، فمن أجل ذلك جعل وقت وصيته ما ذكره الأصحاب، وأما كونه في هذه الحالة لا يحسب تبرعه من الثلث؛ فلأنه بدنه صحيح ولم يغلب على ظنه حصول الهلاك، بخلاف ما إذا قدم .. فإنه يغلب ذلك، فكان تبرعه فيه من الثلث. انتهى.
ثانيها: أنه جعل الأمين في مرتبة الحاكم مع أنه لا يسلم للأمين إلا عند تعذر الحاكم، فكان ينبغي أن يقول:(وإلا .. فأمين).
ثالثها: قوله: (أو يوصي بها)(2) أي: إلى الحاكم عند إمكانه، فإن تعذر .. فإلى أمين، فهو مخير عند القدرة على الحاكم بين الدفع إليه والوصية، وعند العجز عنه بين الدفع إلى الأمين والوصية له، والمراد بالإيصاء: أن يعلم بها ويصفها بما يتميز به أو يشير إلى عينها ويأمر بالرد إن مات، ولا بد مع ذلك من الإشهاد كما حكاه الرافعي عن الغزالي، وأسقطه من "الروضة"(3)، وجزم به في "الكفاية"(4).
رابعها: قوله: (فإن لم يفعل .. ضمن) قال الرافعي: والتقصير إنما يتحقق بترك الوصاية إلى الموت، فلا يحصل التقصير إلا إذا مات، لكن تبينا عند الموت أنه كان مقصراً من أول المرض، فضمّنَّاه، أو يكون التلف الحاصل بعد الموت ملحقاً بالتردي في بئر حفرها متعدياً (5)، وأسقط هذا الكلام من "الروضة"(6).
وقال في "المهمات": ليس كذلك، بل بمجرد المرض يصير ضامناً إذا لم يوص، حتى لو تلفت في حياته في مرضه أو بعد صحته .. وجب ضمانها.
وقال السبكي: تبيُّن الضمان من أول المرض لم أره لغير الرافعي، ويلزمه أنها إذا تلفت من غير
(1) فتح العزيز (7/ 296)، الروضة (6/ 329).
(2)
انظر "المنهاج"(ص 361).
(3)
فتح العزيز (7/ 297)، الروضة (6/ 329).
(4)
في حاشية (ج): (ويشترط أيضاً: أن يوصي إلى أمين، فإن أوص إلى فاسق .. كان كمن لم يوص، فيضمن).
(5)
انظر "فتح العزيز"(7/ 296).
(6)
الروضة (6/ 329).
تفريط في مدة المرض .. تكون من ضمانه، وهو بعيد؛ لأن الموت كالسفر .. فلا يتحقق الضمان إلا به.
خامسها: قوله: (إلا إذا لم يتمكن؛ بأن مات فجأة)(1) استثناء منقطع؛ فإنه لم يدخل في قوله: (وإذا مرض مخوفاً)، فلو لم يوص فادعى صاحبها أنه قصر، وقالت الورثة: لعلها تلفت قبل أن ينسب إلى التقصير .. قال الإمام: فالظاهر: براءة الذمة (2)، كذا حكاه عنه الرافعي والنووي (3).
وتعقبه في "المهمات" بأن الإمام إنما قال هذا عند جزم الورثة بالتلف، فأما عند ذكرهم له احتمالاً .. فإنه صحح الضمان، وصحح السبكي أنه لا يقبل قولهم في دعوى التلف والرد إلا ببينة، خلاف ما قال الرافعي: أنه الوجه. وعبارة "الحاوي"[ص 438]: (كأن مات - لا فجأة - بلا إيصاء مميزٍ إلى عدلٍ) فسوى بين الحاكم وغيره من العدول مع أن الحاكم مقدم كما تقدم، ولم يذكر سوى الإيصاء، ومثله: الرد، ولعله مفهوم من طريق الأولى.
وقال بعضهم: يؤخذ من هذا التشبيه تقديم الرد إلى الحاكم ثم العدل على الإيصاء كما ذكره في السفر الذي شبهه به، وليس كذلك، بل الإيصاء كالرد إليهما، والحق: أنه ليس في عبارته إشعار بذلك، وإنما شبه الضمان عند السفر مع القدرة على من ذكره بالضمان عند الموت بلا إيصاء.
3337 -
قول "التنبيه"[ص 111]: (وإن قال: "احفظ في هذا الحرز" فنقله إلى ما دونه .. ضمن) لا يختص ذلك بتعيين الحرز، بل لو استحفظه الوديعة وهو في دار فنقلها إلى ما دونها في الحرز .. ضمن وإن لم يقل:(احفظها في هذه الدار) ولذلك أطلق "المنهاج" و"الحاوي" أنه إذا نقل إلى حرز دون التي كانت فيه .. ضمن (4)، وهذا الذي ذكرته هو الذي يدل عليه كلام "الروضة" وأصلها في السبب الرابع: نقل الوديعة والسبب السابع: المخالفة في الحفظ، لكنه قال في السبب الثامن: لو جعلها في أحرز من حرز مثلها ثم نقلها إلى حرز مثلها .. فلا ضمان (5).
وهذا بظاهره يخالف ما تقدم، إلا أن يقال: صورة ما تقدم أن يكون الجميع حرزاً لمثله إلا أن بعضها أحرز من بعض، وهذا الكلام الأخير فيما لا يحرز مثله في مثله أصلاً، فلو نقل من بيت إلى بيت في دار واحدة أو خان واحد .. فلا ضمان، وإن كان الأول أحرز منهما .. كان الثاني حرزاً له أيضاً، قاله البغوي (6).
(1) انظر "المنهاج"(ص 361).
(2)
انظر "نهاية المطلب"(11/ 398، 399).
(3)
انظر "فتح العزيز"(7/ 298)، و"الروضة"(6/ 330).
(4)
الحاوي (ص 438)، المنهاج (ص 361).
(5)
فتح العزيز (7/ 310)، الروضة (6/ 339).
(6)
انظر "التهذيب"(5/ 119).
ومحله: عند الإطلاق، فلو عين له بيتاً من دار فنقله إلى بيت آخر من تلك الدار دونه في الحرز .. ضمن، ولا ترد صورة الإطلاق على "المنهاج" لتعبيره بالمحلة والدار، ويرد على "الحاوي" لتعبيره بالحرز (1).
3338 -
وقول "المنهاج"[ص 361]: (وإلا .. فلا) أي: وإن لم يكن دونها في الحرز .. فلا ضمان، يرد عليه مسألتان:
إحداهما: إذا نهاه عن النفل .. فإنه يضمن ولو نقل إلى أحرز، وقد ذكره "التنبيه" فقال [ص 111]:(وإن نهاه عن النقل عنه فنقله إلى مثله .. ضمن، وقيل: لا يضمن) وفيه أمور:
أحدها: أنه يفهم منه أنه لو نقله إلى أحرز منه .. لم يضمن، وليس كذلك.
ثانيها: أن محل الضمان: إذا لم تدع للنقل ضرورة، فإن دعت ضرورة إليه .. فلا ضمان به؛ ولذلك قال "الحاوي" [ص 438]:(أو نقل بنهيٍ، لا لضرورةِ غارةٍ وحريقٍ) فأطلق النقل واستثنى الضرورة، وقد ذكر "التنبيه" الضرورة بعده فقال [ص 111]:(وإن خاف عليه الهلاك في الحرز فنقل .. لم يضمن) وسواء نقل في هذه الصورة إلى مثل الحرز الأول أو أحرز منه، فإن نقل إلى ما دونه .. جاز إن لم يجد غيره، ولو ترك النقل عند الضرورة .. ضمن في الأصح؛ لأن الظاهر أنه أراد بالنهي: تحصيل الاحتياط.
ثالثها: أن محل الخلاف: ما إذا كان البيت للمودع، فإن كان لمالك الوديعة ملكاً أو إجارة أو إعارة .. ضمن قطعاً إذا لم يخف الهلاك.
المسألة الثانية: إذا تلفت بسبب النقل؛ كانهدام البيت المنقول إليه .. ضمن، وقد ذكره "الحاوي" فقال [ص 438]:(أو هلك به) قال الرافعي: والسرقة من المنقول إليه كالانهدام، قاله البغوي والمتولي، وفي كلام الغزالي ما يقتضي إلحاق السرقة والغصب بالموت، وكذا صرح به بعضهم (2).
3339 -
قول "التنبيه"[ص 111]: (إن قال: "لا تنقل وإن خفت عليه الهلاك" فخاف فنقل .. لم يضمن) قد يقتضي أنه إذا لم ينقل .. يضمن، وليس كذلك، فلا ضمان عليه بترك النقل في هذه الصورة.
3340 -
قول "المنهاج"[ص 361، - والعبارة له - و"الحاوي" [ص 439]: (فلو أودعه دابة فترك علفها .. ضمن) المراد: ترك علفها مدة تموت في مثلها، فإن ماتت أو نقصت .. ضمن، وإلا .. دخلت في ضمانه، فإن ماتت قبل تلك المدة لجوع سابق .. ضمن إن علمه، وإلا .. فلا في
(1) الحاوي (ص 438).
(2)
فتح العزيز (7/ 310)، وانظر "التهذيب"(5/ 119).
الأصح، والسقي كالعلف، وقول "التنبيه" [ص 111]:(فلم يعلفها حتى ماتت) ظاهر في أن موتها بسبب ترك العلف، ولا بد من تقييده بأن يموت مثلها في مثل تلك المدة أو مع ضميمة مدة قبل ذلك، وقد علم بها كما سبق، ولا يتوقف الحال على موتها، فمتى ترك علفها المدة المذكورة .. دخلت في ضمانه مطلقاً.
3341 -
قول "المنهاج"[ص 361]: (فإن فُقِدَا .. فالحاكم) أي: ليؤجرها ويصرف الأجرة في علفها، فإن عجز .. اقترض على المالك إذ لم يكن له مال أو باع جزءً منها أو جميعها إن رأى ذلك؛ لئلاً تستغرقها النفقة والقدر الذي يعلف على المالك ما يصونها عن التلف والعيب لا ما يحصل السمن، قاله الإمام، فلو كانت سمينة .. فهل يراعى علف يحفظه أو صونها فقط؟ فيه احتمال، قال: ولعل الأوجه: أنها إن كانت في غاية السمن .. فلا يشترط صونه، أو مقتصداً .. فتردد، والاحتمال يتطرق إلى الجميع (1).
3342 -
قوله: (ولو بعثها مع من يسقيها .. لم يضمن في الأصح)(2) محل الخلاف: إذا كان المبعوث معه أميناً ولا خوف، والمودع لا يخرج دوابه للسقي وعادته سقي دوابه بنفسه، فمع غير الأمين والخوف .. يضمن قطعاً، ومع إخراج دوابه للسقي أو كونه لا يسقي دوابه بنفسه .. لا ضمان قطعاً.
3343 -
قوله: (وعلى المودع تعريض ثياب الصوف للريح)(3) قد يقال: إن قول "الحاوي"[ص 439]: (والتعريض للريح) أعم منه؛ فإن ذلك يجب في الخز أيضاً، وهو مركب من حرير وصوف، وفي "البسيط": والأكيسة واللبد، وهي وإن كانت صوفاً لكن لا يقال لها في العرف: ثياب صوف، ويستثنى من كلامهما مسالتان:
إحداهما: إذا نهاه المالك عن ذلك .. فلا ضمان عليه.
الثانية: إذا لم يعلم بها؛ بأن كانت في صندوق مقفل وله عند العلم بها فتح القفل ليخرجها لذلك .. فلا ضمان في الأصح.
3344 -
قول "التنبيه"[ص 111]: (وإن قال: "لا ترقد عليها" فخالفه في ذلك .. لم يضمن) يستثنى منه مسألتان:
إحداهما: إذا تلفت بسبب الرقاد عليها.
الثانية: إذا سرقت من جانبها وكان في الصحراء على المشهور، فإن سرقت من أعلاها .. فلا
(1) انظر "نهاية المطلب"(11/ 413، 414).
(2)
انظر "المنهاج"(ص 361).
(3)
انظر "المنهاج"(ص 361).
ضمان، وإن كانت في حرز في البنيان .. فلا ضمان مطلقاً، وقال الرافعي فيما إذا سرقت من جانبها في الصحراء: إنما يظهر الضمان إذا أخذت من جانب لو لم يرقد فوقه لرقد هناك؛ بأن كان يرقد قدام الصندوق، فتركه، فانتهز السارق الفرصة، أو أمره بالرقاد قدامه، فرقد فوقه، فسرق من قدامه، وقد تعرض لهذا القيد متعرضون. انتهى (1).
وقد ذكر "المنهاج" الأولى فقال [ص 362]: (فرقد وانكسر بثقله وتلف ما فيه .. ضمن وإن تلف بغيره .. فلا على الصحيح) وترد عليه الثانية، وذكرهما "الحاوي" فقال [ص 439]:(أو خالف فتلف به؛ كأن رقد عليه بنهيه وسُرق في الصحراء من جنب يرقد هناك).
3345 -
قول "التنبيه"[ص 111]: (وإن قال: "اربطها في كمك" فأمسكها في يده .. ففيه قولان، أحدهما: يضمن، والثاني: لا يضمن) قال في "المنهاج"[ص 362]: (فالمذهب: أنها إن ضاعت بنوم ونسيان .. ضمن، أو بأخذ غاصب .. فلا) وهذه طريقة المراوزة نزلت النصين على حالين، ولفظ النص في "عيون المسائل" مصرح به، ولو قال:(أو نسيان) كما في "المحرر" .. لكان أحسن (2).
وكلامه يقتضي أن الغصب ضياع أيضاً، لكن عبارة "الحاوي" [ص 439]:(وضاع، لا إن غصب) ومقتضاها: أن الغصب ليس ضياعاً، وهو أقرب، والضياع قد يكون بنوم وقد يكون بنسيان، وصورة المسألة: إذا لم ينهه عن الحفظ في اليد، فإن نهاه .. خرجه الإمام على النقل عند النهي إلى أحرز.
3346 -
قول "المنهاج"[ص 362]: (ولو جعلها في جيبه بدلاً عن الربط في الكم .. لم يضمن) قد يقال: إنه أحسن من قول "التنبيه"[ص 111]: (وإن قال: "احفظها في كمك" فجعلها في جيبه .. لم يضمن) لإيهامه أن المراد: الحفظ في الكم بدون ربط، وقد يقال: عبارة "التنبيه" أحسن؛ لأنها تشمل الحفظ بربط وغيره، وفي الصورتين الجعل في الجيب أحرز، بخلاف "المنهاج" فإن فيه مسألة الربط فقط، لكن الأخرى تفهم من طريق الأولى.
ويستثنى من عدم الضمان: ما إذا كان الجيب واسعاً غير مزرور، ونازع شيخنا الإمام البلقيني فيما ذكروه من عدم الضمان، وقال: الجيب وإن ضاق ليس أحرز من الربط في الكم؛ لأن الجيب قد تتسرب الفضة منه بتقلب في نوم ونحوه، وقد تؤخذ، وهل المراد بالجيب: فتحة القميص كما ذكره الجوهري وغيره من أهل اللغة، ويوافقه كلام أصحابنا في ستر العورة في الصلاة، وهو معتاد عند المغاربة، أو الجيب المتعارف ببلادنا؟ لم أر به تصريحاً.
(1) انظر "فتح العزيز"(7/ 307، 308).
(2)
المحرر (ص 280).
ومفهوم كلامهما: أنه لو امتثل فربطها في كمه .. لم يضمن، وفيه تفصيل، وهو أنه إن جعل الخيط الرابط خارجاً فضاعت بأخذ الطرار (1) .. ضمن، أو بالاسترسال .. فلا ضمان، وإن جعله داخلاً .. انعكس الحكم، فإن ضاعت بأخذ الطرار .. لم يضمن، أو بالاسترسال .. ضمن، وقد ذكره "الحاوي" فقال [ص 439]:(أو ربط خارجاً فأخذ الطرار، أو داخلاً فضاع، لا بالعكس).
واستشكله الرافعي: بأن المأمور به مطلق الربط وقد أتى به؛ ولأنه لو قال: (احفظ في هذا البيت) فوضعها في زاوية منه فانهدمت على الوديعة .. ينبغي أن يضمن؛ لأنها لو كانت في زاوية غيرها .. لسلمت، ومن المعلوم أن تضمينه بعيد (2).
وفرق ابن الرفعة: بأن جهات الربط مختلفة وجهات البيت مستوية، فإن فرض اختلافها في البناء أو القرب من الشارع ونحوه .. فقد نقول: يختلف الحكم، ثم قال: والحق: أن استشكال الرافعي على وجهه؛ لأن الربط في الكم حرز كيف كان، ولا يجب الحفظ في الأحرز، قال الشافعي: ولو وضع الوديعة في حرز وغيره أحرز منه وهلكت .. لم يضمن. انتهى (3).
وقد فرق بين الربط والحفظ في البيت بفرقين:
أحدهما: أن الربط من فعله وهو حرز من وجه دون وجه، وقوله:(اربط) مطلق لا عام، والبيت عام، فإذا جاء التلف في الربط بالسبب الذي اختاره وفعله ولا عموم في كلام المالك يشمله .. ضمن، بخلاف زوايا البيت.
الثاني: أن الربط ليس كافياً على أي وجه فرض، بل لا بد من تضمنه الحفظ؛ ولهذا لو ربط ربطاً غير محكم .. ضمن وإن كان لفظ الربط يشمل المحكم وغيره، ولفظ البيت متناول لكل من زواياه، والعرف لا يخصص موضعاً من البيت.
3347 -
قول "التنبيه"[ص 111]: (وإن قال: "احفظها في جيبك" فجعلها في كمه .. ضمن) قد يفهم أن المراد: جعلها في كمه بغير ربط؛ ويدل لذلك التعليل بأنه قد يرسل الكم فتسقط، وتعبير "المنهاج" بقوله [ص 362]:(وبالعكس .. يضمن) يقتضي أن صورة المسألة: أنه ربطها في كمه؛ لأن المسألة التي هذه عكسها صورتها: أن يقول: (اربطها في كمك) فيجعلها في جيبه.
3348 -
قول "المنهاج"[ص 362]: (ولو أعطاه دراهم بالسوق ولم يبين كليفية الحفظ فربطها في كمه وأمسكها بيده) مفهومه أنه لو اقتصر على الربط من غير إمساك .. ضمن، وقياس ما سبق: النظر إلى كيفية الربط وجهة التلف.
(1) الطرَّار: هو الذي يقطع النفقات ويأخذها على غفلة من أهلها. انظر "المصباح المنير"(2/ 370).
(2)
انظر "فتح العزيز"(7/ 309).
(3)
انظر "الأم"(4/ 137).
3349 -
قوله: (أو جعلها في جيبه)(1) أي: بشرط: ألَاّ يكون واسعاً غير مزرور كما تقدم.
3350 -
قوله: (وإن قال: "احفظها في البيت" .. فليمض إليه ويحرزها فيه)(2) صورة المسألة: أن يكون قد أعطاه في السوق، أما لو أعطاه في البيت وقال:(احفظها في البيت) فربطها في كمه وخرج أو لم يخرج مع إمكان الصندوق .. ضمن.
قال في "المعتمد": ولو شدها في عضده وخرج .. لم يضمن إن كان مما يلي الأضلاع، وإلا .. ضمن، ولو أودعه في البيت ولم يقل شيئاً .. فمقتضى كلامهم: جواز الخروج به مربوطاً، قال الرافعي: ويشبه أن يرجع فيه إلى العادة (3).
3351 -
قوله في المسألة: (فإن أخر بلا عذر .. ضمن)(4) قال السبكي: ينبغي أن يرجع فيه إلى العرف، وهو مختلف باختلاف نفاسة الوديعة وطول التأخير وضدهما.
3352 -
قول "المنهاج"[ص 362] و"الحاوي"[ص 440]: (أو يدل عليها سارقاً) شرطه: أن يعين له موضعها وتضيع بالسرقة؛ ففي "أصل الروضة": لو أعلم المودع اللصوص بالوديعة فسرقوها؛ إن عين الموضع .. ضمن، وإلا .. فلا، كذا فصله البغوي، وفيها أيضاً: أودعه وقال: (لا تخبر بها) فخالف؛ فسرقها الذي أخبره أو من أخبر من أخبره .. ضمن، ولو تلفت بسبب آخر .. لم يضمن، وقال العبادي: لو سأله رجل هل عندك لفلان وديعة؟ فأخبره .. ضمن؛ لأن كتمها من حفظها (5).
3353 -
قولهما أيضاً - والعبارة لـ"المنهاج" -: (فلو أكرهه ظالم حتى سلمها إليه .. فللمالك تضمينه في الأصح، ثم يرجع على الظالم)(6) استثنى السبكي من تضمينه: ما إذا دل متغلب على من عنده وديعة فأكرهه على تسليمها فسلمها؛ لأنه والحالة هذه كمن لا فعل له، ولو لم يسلم .. أخذها الظالم؛ لأنه هو وهي في قبضته.
قال في "التوشيح": قد يقال: هذا نفس مسألة "المنهاج" لا استثناء منها، والشيخ صرح بأنها مستثناة، قال: والذي ظهر لي أن هذه الصورة المستثناة مفروضة فيما إذا كان الظالم يتسلم بنفسه لو لم يسلمه المودع مكرهاً، ومسألة "المنهاج" في أعم من أن يكون بحيث يتسلم لو لم يسلمه أو يكف عن التسليم إلا أن يسلمه، وقد يقال: إنها مخصوصة بمن يكف عن التسليم لو لم
(1) انظر "المنهاج"(ص 362).
(2)
انظر "المنهاج"(ص 362).
(3)
انظر "فتح العزيز"(7/ 310).
(4)
انظر "المنهاج"(ص 362).
(5)
الروضة (6/ 341، 342)، وانظر "التهذيب"(5/ 126).
(6)
انظر "الحاوي"(ص 440)، و"المنهاج"(ص 362).
يسلم؛ ولذلك احتاج إلى الإكراه، والأظهر: التعميم، وأن المكره قد يكره على التسليم وقد يتسلم بنفسه.
3354 -
قولهما أيضاً: (ومنها: أن ينتفع بها)(1) زاد "المنهاج": (بأن يلبس أو يركب خيانة) وهو مثال؛ فكل انتفاع كذلك وإن لم يضر بالمالك، حتى القراءة في الكتاب كما صرح به البغوي في "فتاويه"، وأشار "الحاوي" لما احترز عنه "المنهاج" بقوله [ص 362]:(خيانة) بقوله: (أو ركب الجموح)(2).
3355 -
قول "التنبيه"[ص 111]: (وإن استعملها أو أخرجها من الحرز لينتفع بها .. ضمن) قد يفهم التسوية بينهما من كل وجه، وليس كذلك، فلو استعملها ظاناً أنها ملكه .. لم يسقط هذا الظن عنه الضمان، بخلاف إخراجها من الحرز بهذا الظن .. فإنه لا يضمن معه قاله الإمام، ويرد ذلك على إطلاق "المنهاج" الضمان في أخذ الثوب ليلبسه (3).
3356 -
قولهم - والعبارة لـ"المنهاج" -: (ولو نوى الأخذ ولم يأخذ .. لم يضمن على الصحيح)(4) محله: ما إذا لم تقترن هذه النية بابتداء الأخذ، فلو اقترنت بابتداء الأخذ .. ضمن قطعاً.
3357 -
قولهما: (ولو خلطها بماله ولم تتميز .. ضمن)(5) مفهومه: عدم الضمان عند التمييز، ومحله: ما إذا لم يحدث بالخلط نقص، فإن حدث به نقص .. ضمنه.
ومن صور خلطها بماله: ما إذا أنفق من الدراهم المودعة درهماً ثم رد مثله إلى موضعه .. فلا يبرأ منه، وهو باق على ملكه لم يملكه مالك الوديعة، فإن لم يتميز .. ضمن الكل، وإن تميز .. لم يضمن الباقي، أما لو رده بعينه .. لم يبرأ من ضمانه، ولا يصير الباقي مضموماً إن تميز، وكذا إن لم يتميز في الأصح، وقد ذكره "الحاوي" فقال [ص 439]:(أو خلط بدله، لا عينه بالباقي) ومحل ذلك: إذا لم يكن عليه ختم، فإن كان عليه ختم ففكه .. ضمن الكل مطلقاً وإن لم يأخذ منه شيئاً، ومفهوم "التنبيه" أنه إذا خلطها بمال المالك .. لا ضمان وليس كذلك، وقد ذكره "المنهاج" فقال [ص 362]:(ولو خلط دراهم كيسين للمودع .. ضمن في الأصح).
واعلم: أن هذا مخالف لما ذكروه في (الغصب): أن خلط الشيء بما لا يتميز استهلاك حتى يملكه الغاصب ويلزمه مثله أو قيمته.
(1) انظر "الحاوي"(ص 439)، و"المنهاج"(ص 362).
(2)
الحاوي (ص 439).
(3)
المنهاج (ص 362).
(4)
انظر "التنبيه"(ص 111)، و"الحاوي"(ص 439)، و"المنهاج"(ص 362).
(5)
انظر "التنبيه"(ص 111)، و"المنهاج"(ص 362).
3358 -
قول "التنبيه"[ص 111]: (وإن طالبه بها فمنعها من غير عذر .. ضمن) أي: بعدم التمكين منها؛ فإنه الواجب على المودع، وليس عليه مؤنة الرد؛ ولهذا قال "المنهاج" [ص 363]:(لزمه الرد؛ بأن يخلي بينه وبينها) و"الحاوي"[ص 440]: (فأخر التخلية لا لإتمام غرض).
وتعبير "المنهاج" و"الحاوي" بالتأخير أحسن من تعبير "التنبيه" بالمنع؛ لأنه قد يفهم توقف الضمان على المنع المطلق، وليس كذلك، فمجرد التأخير مضمن.
وتعبيرهما بالعذر أحسن من تعبير "الحاوي" بإتمام غرض؛ فإنه قد لا يشمل مثل ما لو طالبه في جنح الليل والوديعة في خزانة لا يتأتى فتح بابها في الوقت، فهذا عذر وليس فيه إتمام غرض، لكنه مفهوم من طريق الأولى، ومفهوم كلامهم: أنه لا ضمان بالتأخير مع العذر لو تلفت في تلك الحال، وقد حكاه الرافعي عن المتولي ومقتضى كلام البغوي (1)، وقال النووي: إنه الراجح، وبه صرح كثيرون، ولفظ الغزالي في "الوسيط" يشعر بتفصيل؛ وهو أنه إن كان التأخير لتعذر الوصول إلى الوديعة .. فلا ضمان، وإن كان لعسر يلحقه أو غرض يفوته .. ضمن (2).
3359 -
قول "التنبيه"[ص 111]: (وإن قال: هلكت الوديعة .. فالقول قوله) أطلق، وهو محمول على تفصيل ذكره "المنهاج" فقال [ص 363]:(وإن ادعى تلفها ولم يذكر سبباً، أو ذكر خفياً كسرقة .. صدق بيمينه، وإن ذكر ظاهراً كحريق؛ فإن عُرفَ الحريق وعمومه .. صُدق بلا يمين، وإن عُرف دون عمومه .. صدق بيمينه، وإن جُهل .. طُولب ببينة، ثم يُحلَّف على التلف به) وقد اعترض عليه بذلك شيخنا الإسنوي، وقال في "التوشيح": هو اعتراض ساقط؛ لأن قوله مقبول فيها، وإنما يحتاج إلى البينة على أصل السبب، وقول الشيخ: إن قوله مقبول في الهلاك على إطلاقه، وقد شرحه ابن الرفعة على الصواب، فقال: سواء ادعاه بسبب ظاهر أو خفي.
نعم؛ إن ادعى سبباً ظاهراً كالحريق .. كلف إقامة البينة على السبب دون التلف.
وقال النسائي: إنما ذكر ابن الرفعة هذا مع وضوحه؛ لالتباسه على بعض الطلبة فيما كلف فيه البينة، وهو صريح في كلام الشيخ؛ حيث قال في إخراجها والمسافرة بها لضرورة: فإن كان ذلك بسبب ظاهر؛ كالحريق والنهب وما أشبههما .. لم يقبل إلا ببينة (3).
قلت: فاكتفى "التنبيه" بذكر ذلك في سبب الإخراج عن ذكره في سبب التلف، وذلك يقتضي صحة إيراده في سبب التلف، وإلا .. فكيف أورده في سبب الإخراج، والله أعلم.
(1) انظر "فتح العزيز"(7/ 316).
(2)
الروضة (6/ 344)، وانظر "الوسيط"(4/ 514).
(3)
انظر "نكت النبيه على أحكام التنبيه"(ق 106).
وعد المتولي الغصب من الأسباب الظاهرة، وألحقه البغوي بالسرقة، وهو الأقرب عند الرافعي (1).
3360 -
قول "التنبيه"[ص 111]: (وإن قال: أمرتني بالدفع إلى زيد، فقال زيد: لم يدفع إليّ .. فالقول قوله) محله: ما إذا لم يكن زيد هو مالك الوديعة، فلو كان مالكها وقد أودعها عند أمين وأذن له في إيداعها عند المودع .. فالقول قول الدافع، صرح به الماوردي.
وهذه داخلة في قول "المنهاج"[ص 363]: (وإن ادعى ردها على من ائتمنه .. صدق بيمينه) لأن زيداً في هذه الصورة قد ائتمنه بإذنه للمودع في إيداعها عنده، وليست كإيداع المودع عند سفرٍ أميناً؛ لأن ذلك الأمين لم يأتمنه المالك.
3361 -
قول "التنبيه"[ص 112]- والعبارة له - و"الحاوي"[ص 440]: (وإن قال: ما أودعني .. فالقول قوله، فإن قام المدعي ببينة بالإيداع، فقال: قد أودعتني ولكنها هلكت وأقام بينة بأنها هلكت قبل الجحود .. سمعت) قال الرافعي: قد حكينا في المرابحة إذا قال: اشتريت بمئة ثم قال: بمئة وخمسين .. أن الأصحاب فرقوا بين أن يذكر وجهاً محتملاً للغلط وبين ألَاّ يذكره، ولم يتعرضوا لمثله هنا، والتسوية بينهما متجهة (2).
وقال شيخنا الإمام البلقيني: ليست التسوية بينهما متجهة، والفرق: أن الذي قامت به البينة في صورة المرابحة معارض لما أخبر به من أقامها .. فاحتيج إلى التأويل؛ ليجتمع هذا مع ذاك، وأما في الوديعة: فإنكارها غير ما قامت به البينة من تلفها، فلم يحتج إلى ذكر محتمل، والوديعة أصلها ثابت بتوافقهما وقد قامت [البينة](3) على تلف العين قبل الجحود .. فتسمع على الأصح، ولا ضمان حينئذ.
(1) انظر "فتح العزيز"(7/ 318).
(2)
انظر "فتح العزيز"(7/ 315).
(3)
ما بين معقوفين زيادة ضرورية للمعنى.