المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تنبيه [المراد بفورية الشفعة] - تحرير الفتاوي على التنبيه والمنهاج والحاوي - جـ ٢

[ابن العراقي]

فهرس الكتاب

- ‌كتابُ التفليس

- ‌فَصْلٌ [بيع مال المفلس وقسمته وما يتعلق به]

- ‌فَصْلٌ [في رجوع نحو بائع المفلس عليه بما باعه له قبل الحجر ولم يقبض عوضه]

- ‌تنْبِيهٌ [بقية شروط الرجوع]

- ‌بابُ الحَجْر

- ‌تنبيه [بلوغ الخنثى]

- ‌فصْلٌ [فيمن يلي نحو الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله]

- ‌بابُ الصُّلْح

- ‌فصلٌ [الصلح والتزاحم على الحقوق المشتركة]

- ‌بابُ الحَوالة

- ‌بابُ الضَّمان

- ‌تَنْبِيْه [شروط المضمون]

- ‌فصلٌ [في شروط صحة كفالة البدن]

- ‌فصلٌ [شروط الضمان والكفالة]

- ‌كتابُ الشّركة

- ‌كتابُ الوكالة

- ‌فصلٌ [في التوكيل في البيع]

- ‌تنبيهٌ [وكيل المشتري في معنى وكيل البائع]

- ‌فصلٌ [فيما لو عين لوكيله شخصاً ليبيع منه]

- ‌فصلٌ [في جواز الوكالة وعزل الوكيل]

- ‌كتاب الإقرار

- ‌فصلٌ [ألفاظ وصيغ الإقرار]

- ‌فصلٌ [شروط المقر به]

- ‌تنبيهٌ [تفسير قوله: (غصبت منه شيئاً)]

- ‌فصْلٌ [في ذكر أنواع من الإقرار]

- ‌فصْل [في الإقرار بالنسب]

- ‌كتابُ العارية

- ‌فصل [جواز العارية وما للمعير وما عليه بعد الرد]

- ‌كتابُ الغَصْب

- ‌فصْل [ضمان المغصوب]

- ‌فصلٌ [في الاختلاف]

- ‌تنبيهٌ [ما يجب على غاصب العبد إذا جنى]

- ‌فصلٌ [للمالك تكليف الغاصب ردَّ المغصوب كما كان]

- ‌كتابُ الشُفْعة

- ‌فصْلٌ [فيما يؤخذ به الشقص]

- ‌تنبيهٌ [المراد بفورية الشفعة]

- ‌كتاب القِراض

- ‌فصلٌ [شروط القراض]

- ‌فصلٌ [فسخ عقد القراض وجوازه من الطرفين]

- ‌كتاب المساقاة

- ‌فصل [شروط المساقاة]

- ‌كتاب الإجارة

- ‌فصل [شروط المنفعة]

- ‌فصلٌ [في بقية شروط المنفعة]

- ‌فصلٌ [بيان ما على المؤجر والمستأجر]

- ‌فصل [في تعيين قدر المنفعة]

- ‌فصلٌ [فيما يفسخ الإجارة]

- ‌كتابُ إحياء المَوات

- ‌فصلٌ [في بيان حكم منفعة الشارع وغيرها من المنافع المشتركة]

- ‌فصلٌ [في حدِّ المعدن الظاهر]

- ‌فصلٌ [في التزاحم على السقي من الماء المباح]

- ‌كتابُ الوَقْف

- ‌فصلٌ [في تعليق الوقف]

- ‌فصلٌ [فيما لو وقف على أولاده وأولاد أولاده]

- ‌فصل [إلى من ينتقل ملك رقبة الموقوف

- ‌فصل [في النظر على الوقف وشرطه]

- ‌كتابُ الهِبَة

- ‌تَنْبِيْهٌ [الهبة أعم من الصدقة والهدية]

- ‌كتابُ اللُّقَطة

- ‌فصلٌ [في التقاط الممتنع من صغار السباع]

- ‌فصلٌ [كيفية تملك اللقطة بعد التعريف]

- ‌كتابُ اللَّقِيط

- ‌فصلٌ [في الأمور التي يحكم فيها بإسلام الصبي]

- ‌فصلٌ [في بيان حرية اللقيط ورقه واستلحاقه]

- ‌كتابُ الجِعَالة

- ‌تنبيهٌ [حكم الاستنابة في الإمامة ونحوها]

- ‌كتابُ الفَرائِض

- ‌فصل [الفروض المقدرة في كتاب الله وبيان أصحابها]

- ‌فصل [في الحجب]

- ‌فصل [في المسألة المشرَّكة]

- ‌فصل [الولاء للأخ أو الجد

- ‌فصل [في المعادَّة]

- ‌فصل [في موانع الإرث]

- ‌فصل [في قسمة التركة]

- ‌كتاب الوصايا

- ‌فصل [في الوصية بالثلث وما زاد عليه]

- ‌فصل [الوصية بما زاد على الثلث حال المرض المخوف]

- ‌فصل [في أنواع من ألفاظ الوصية]

- ‌فصل [في الوصية بالمنافع]

- ‌فصل [في الرجوع عن الوصية]

- ‌فصل [في الإيصاء]

- ‌تببيهٌ [لا ينعزل الوصي باختلال كفايته]

- ‌كتابُ الوَدِيعة

- ‌كتاب قسم الفيء والغنيمة

- ‌فَصلٌ [في الغنيمة والسلَب]

- ‌كتاب قسم الصّدقات

- ‌باب

- ‌فَصلٌ [في بيان مستنَد الإعطاء وقدر المُعْطَى]

- ‌فَصلٌ [في قسمة الزكاة بين الأصناف ونقلها وما يتبع ذلك]

- ‌بابُ صدقة التّطوّع

- ‌كتابُ النِّكاح

- ‌فصلٌ [حكم النكاح وسننه وبيان العورات]

- ‌فصلٌ [في استحباب الخطبة وما يتعلق بها]

- ‌فصلُ [في قبول النكاح وبقية شروط العقد]

- ‌فصلٌ [في اشتراط الولي في النكاح]

- ‌تَنْبِيْهٌ [في التحكيم]

- ‌فصلٌ [في موانع الولاية]

- ‌فَصْلٌ [في اعتبار الكفاءة]

- ‌فَصْلٌ [في نكاح المحجور عليه بالسفه ونحوه]

- ‌باب ما يَحْرُم من النّكاح

- ‌فَصْلٌ [في نكاح الأمة]

- ‌فَصْلٌ [نكاح الكتابية والمشركة]

- ‌باب نكاح المشرك

- ‌فصلٌ [فيمن أسلم وتحته أكثر من أربع نسوة]

- ‌فَصْلٌ [في إسلام أحد الزوجين]

- ‌باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد

- ‌فصلٌ [في إعفاف الأصل]

- ‌فصلٌ [في نكاح الرقيق]

- ‌كتابُ الصَّدَاق

- ‌باب

- ‌فصلٌ [في مهر المثل]

- ‌فصلٌ [في التفويض]

- ‌فصل [في سقوط المهر وتشطره]

- ‌فصل [في المتعة]

- ‌فصل [في الاختلاف]

- ‌بابُ الوليمة

- ‌كتابُ القسْمِ والنُّشُوز

- ‌تنبيهٌ [لا يختص القضاء بحال مكثه عند الضرة]

- ‌فائدة [في النزول عن الوظائف]

- ‌فصلٌ [في النشوز وما يتعلق به]

- ‌كتابُ الخُلْع

- ‌فَصْلٌ [في الطلاق بلفظ الخلع أو المفاداة]

- ‌فَصْلٌ [في قوله: أنت طالق وعليك ألف]

- ‌فَائِدَتَان [تتعلقان بخلع الأجنبي]

- ‌فَصْل [في الاختلاف]

- ‌كتابُ الطَّلاق

- ‌فَصْل [تفويض الطلاق]

- ‌فَصْل [في سبق اللسان بالطلاق وحكم طلاق المكره والسكران]

- ‌فَصْل [في تعليق الطلاق]

- ‌فَصَل [في تعدد الطلاق بنية العدد وما يتعلق به]

- ‌فَصْل [في الاستثناء في الطلاق]

- ‌فَصْل [في الشك في الطلاق أو العدد]

- ‌فَصْل [في الطلاق السني والبدعى]

- ‌فصل [في أنواع من تعليق الطلاق]

- ‌فصل [في أنواع أخرى من التعاليق]

- ‌فصل [في التعليق بالأكل والعدد ونحو ذلك]

- ‌كتابُ الرَّجْعَة

- ‌كتابُ الإيلاء

- ‌فصل [فيما يترتب على صحة الإيلاء]

- ‌كتابُ الظِّهار

- ‌فصل [في العود]

- ‌كتابُ الكفّارة

- ‌كتابُ اللِّعان

- ‌فصلٌ [في بيان حكم قذف الزوج ونفي الولد جوازًا أو وجوبًا]

- ‌فصلٌ [في كيفية اللعان وشروطه وثمراته]

- ‌فصلٌ [سقوط الحد باللعان وما يتعلق بلحاق النسب]

- ‌كتابُ العِدَد

- ‌فصلٌ [بيان عدة الحامل]

- ‌فصلٌ [في تداخل العدتين]

- ‌فصلٌ [انقطاع العدة بمخالطة الرجعية]

- ‌فصلٌ [في العدد]

- ‌فصلٌ [في سكنى المعتدة]

- ‌كتابُ الرّضاع

- ‌فصل [في فسخ النكاح بالرضاع]

- ‌فصل [في دعوى الرضاع وما يثبت به]

- ‌كتابُ النّفقات

- ‌باب:

- ‌فصل [فيما يوجب النفقة ويسقطها]

- ‌فصل [في الإعسار بمؤن الزوجة]

- ‌بابُ نفقة الأقارب

- ‌باب الحضانة

- ‌تنبيه [موانع الحضانة]

- ‌باب نفقة الرقيق والبهائم

الفصل: ‌تنبيه [المراد بفورية الشفعة]

2713 -

قولهما - والعبارة لـ "المنهاج" -: (والأظهر: أن الشفعة على الفور)(1) أي: طلبها وإن تأخر التملك، وقد صرح بذلك "الحاوي" فقال [ص 364]:(بادر بالطلب)، وهذا إذا علم بالبيع، فإن لم يعلم .. فحقه باق وإن طالت المدة.

ويستثنى من اشتراط الفور مسائل:

إحداهما: إذا اشترى بمؤجل .. فالشفيع مخير بين التعجيل والأخذ في الحال والصبر إلى المحل على الأظهر.

الثانية: إذا أخبر بالبيع على غير ما وقع من زيادة في الثمن ونحوها، فترك ثم تبين خلافه .. فحقه باق، وقد ذكرهما الثلاثة، لكن "الحاوي" أحسنهم لهما ذكراً؛ فإنه ذكرهما هنا استثناء من الفورية، وذكر للإخبار كذباً صوراً، لكن قوله:(أو كذب في جنسه)(2) يزاد عليه: (أو نوعه).

الثالثة: إذا كان أحد الشفيعين غائباً .. فللحاضر انتظاره وتأخير الأخذ إلى حضوره، وقد ذكرها "المنهاج" و"الحاوي"، واستثناها هنا من الفور (3).

الرابعة: له التأخير أيضاً لانتظار إدراك الزرع وحصاده على الأصح، وهذه ترد على "الحاوي" أيضاً.

الخامسة: قال شيخنا الإمام البلقيني: إنما تكون الشفعة على الفور إذا لم يكن الشقص الذي يأخذ بسببه مغصوباً، نص عليه في "البويطي" فقال: وإن كان في يدي رجل شقص من دار، فغصب على نصيبه، ثم باع الآخر نصيبه، ثم رجع إليه .. فله الشفعة ساعة رجع إليه.

‌تنبيهٌ [المراد بفورية الشفعة]

المراد بكونها على الفور: أنه يبادر على العادة، كما صرح به "المنهاج" و"الحاوي"(4)، والمراد: أن ذلك يكون عقب علمه بالشراء إن لم يثبت للشفيع خيار المجلس، وهو الذي صححه الرافعي في "المحرر" في (البيع)(5)، ووافقه النووي في سائر كتبه، وحكاه عن الأكثرين (6)،

(1) انظر "التنبيه"(ص 117)، و"المنهاج"(ص 299).

(2)

انظر "الحاوي"(ص 364).

(3)

الحاوي (ص 364)، "المنهاج (ص 299).

(4)

الحاوي (ص 364)، المنهاج (ص 299).

(5)

المحرر (ص 143).

(6)

انظر "الروضة"(5/ 85).

ص: 227

فإن قلنا: بثبوت الخيار له - وهو الذي صححه الرافعي في "الشرح" في (الشفعة)(1) - .. فقال شيخنا ابن النقيب هنا: تكون المبادرة عقب انقضاء المجلس. انتهى (2).

وفيه نظر؛ فإن في "أصل الروضة" في (البيع) أنه قيل: إن معنى ثبوت الخيار له: أنه بالخيار بين الأخذ والترك ما دام في المجلس، وأن إمام الحرمين قال: هذا غلط، بل الصحيح: أنه على الفور، ثم له الخيار في نقض الملك ورده (3)، وصرح في "شرح المهذب" بتصحيح مقالة الإمام (4)، وهو مقتضى كلام الرافعي هنا.

2714 -

قول "التنبيه"[ص 117]: (وإلى ثلاثة أيام في قول، وعلى التأبيد في قول إلى أن يصرح بالإسقاط أو يعرض) فيه أمور:

أحدها: اعترض على تعبيره عن قول الثلاثة: بأن مقتضاه: بقاء الشفعة فيها ولو صرح بإسقاطها أو عرض، وليس كذلك، فلا بد من تقييده.

وجوابه: أن قوله: (إلى أن يصرح بالإسقاط أو يعرض) يتعلق بالقولين معاً، ولا يختص بالأخير كما فهمه هذا المعترض، وهذا مقتضى مذهب الشافعي رحمه الله في الأصول.

ثانيها: قد يفهم أنه ليس له على قول التأبيد رفع الأمر إلى حاكم ليأخذ أو يترك، وهو وجه اختاره السبكي، والأصح: خلافه.

ثالثها: وقع في أكثر النسخ: (وإلى أن يصرح بالإسقاط) بزيادة (واو) في أول الكلام، ومقتضاه: أن هذا قول غير الأقوال الثلاثة، فيكون القولان اللذان قبله: بقاء الشفعة له ولو صرح با لإسقاط أو عرض، وليس كذلك، فزيادة هذه الواو غلط.

2715 -

قول "التنبيه" في مثال التعريض بالإسقاط [ص 117]: (بأن يقول: "بكم الثمن") طريقة العراقيين، والأصح عند الرافعي والنووي وغيرهما: أنه لا تبطل الشفعة بذلك وإن قلنا: إنها على الفور (5)، وعليه مشى "الحاوي"(6).

2716 -

قول "التنبيه"[ص 117]: (وإن بلغه الخبر وهو مريض أو محبوس ولم يقدر على التوكيل .. فهو على شفعته) فيه أمور:

(1) فتح العزيز (5/ 506).

(2)

انظر "السراج على نكت المنهاج"(4/ 175).

(3)

فتح العزيز (4/ 172)، الروضة (3/ 435)، وانظر "نهاية المطلب"(5/ 35).

(4)

المجموع (9/ 168).

(5)

انظر "فتح العزيز"(5/ 542)، و "الروضة"(5/ 110).

(6)

الحاوي (ص 364).

ص: 228

أحدها: المراد: المرض المانع من المطالبة، بخلاف الصداع اليسير ونحوه، ويرد ذلك أيضاً على إطلاق "المنهاج" المرض (1).

ثانيها: والمراد: الحبس ظلماً أو بدين وهو معسر وعاجز عن البينة بإعساره.

ثالثها: ظاهره أنه لا يشترط الإشهاد عند القدرة عليه، والأصح: خلافه، وقد ذكره "المنهاج" بقوله [ص 299]:(فليُوكل إن قَدَرَ، وإلا .. فليُشهد على الطلب، فإن ترك المقدور عليه منهما .. بطل حقه في الأظهر)، وفيه أمور:

أحدها: أن تعبيره في مسألة الخلاف يقتضي أن صورتها: ألَّا يقدر إلا على أحدهما، فإن قدر عليهما .. فمقتضى عبارته أولاً: أن واجبه التوكيل، فالعدول عنه للإشهاد تقصير، وعبارة "أصل الروضة": فينبغي للمريض أن يوكل إن قدر، فإن لم يفعل .. بطلت شفعته على الأصح؛ لتقصيره، والثاني: لا، والثالث: إن لم يلحقه في التوكيل منَّة ولا مؤنة ثقيلة .. بطلت، وإلا .. فلا، فإن لم يُمكنه .. فليُشهد على الطلب، فإن لم يشهد .. بطلت على الأظهر أو الأصح. انتهى (2).

وعبارة "المنهاج" لا تشبهها، فإذا أردنا ردها إليها .. قلنا: قوله: (فإن ترك المقدور عليه منهما)(3) أي: كل واحد في محله ومرتبته؛ التوكيل عند القدرة عليه سواء أقدر على الإشهاد أم لا، والإشهاد عند العجز عن التوكيل؛ بدليل أنه في صدر كلامه جعل محل الإشهاد عند العجز عن التوكيل، فصار صدر كلامه يوضح الإيهام الذي في آخره.

ثانيها: تعبيره في ترك التوكيل عند القدرة عليه بالأظهر مخالف لتعبير "الروضة" بـ (الأصح)(4)، والذي في "الشرحين" أن الخلاف فيها أوجه (5).

ثالثها: تعبيره فى ترك الإشهاد بالأظهر جزم بأن الخلاف قولان، وقد تردد فيه في "الروضة" وأصلها (6)، وعبارة "الحاوي"[ص 364، 365]: (بنفسه أو نائبه، ثم أشهد، فإن ترك المقدور - لا توكيلاً فيه مؤنة، أو ثِقَلُ مئة - .. بطل) وفيه أمران:

أحدهما: أن مقتضاه: التخيير بين المبادرة بنفسه وبوكيله مع القدرة، وأن التوكيل لا يختص

(1) المنهاج (ص 299).

(2)

الروضة (5/ 107).

(3)

انظر "المنهاج"(ص 299).

(4)

الروضة (5/ 107).

(5)

فتح العزيز (5/ 539).

(6)

فتح العزيز (5/ 539)، الروضة (5/ 107).

ص: 229

بحالة المرض ونحوها، وهو فقه جيد واضح، لكن لم أرهم ذكروا التوكيل إلا عند العجز بالمرض ونحوه، ولعل ذلك؛ لأن التوكيل حينئذ يتعين طريقاً لا لأنه يمتنع مع القدرة على الطلب بنفسه.

ثانيهما: ما ذكره في التوكيل الذي فيه مؤنة أو ثقل منَّة: إن تركه .. لا تبطل الشفعة، تبع فيه "الوجيز"(1)، والأصح عند الرافعي والنووي: خلافه كما قد عرفت (2).

2717 -

قول "التنبيه"[ص 117]: (وان بلغه وهو غائب فسار في طلبه ولم يشهد .. ففيه قولان) صحح النووي في "تصحيح التنبيه": سقوط شفعته (3)، وصحح في "الروضة" وأصلها: عدم السقوط (4)، لكن المصحح في نظيره من الرد بالعيب السقوط.

2718 -

قول "المنهاج"[ص 299]: (فلو كان في صلاةٍ أو حمامٍ أو طعامٍ .. فله الإتمام) قد يفهم أنه لو حضر وقت الصلاة أو الطعام ولم يشرع فيه .. لم يكن له ذلك، وليس كذلك، وقد ذكره "الحاوي" فقال [ص 364]:(وإن أتم النفل والأكل أو اشتغل بهما وقتهما).

2719 -

قول "التنبيه"[ص 117]: (فإن أخر وقال: "أخرت لأني لم أصدق المخبر" فإن كان المخبر صبياً أو امرأة أو عبداً .. لم تبطل شفعته) الأصح: أنها تبطل بإخبار العبد أو المرأة إذا كان ثقة، وقد ذكره "المنهاج" بقوله [ص 299]:(وكذا ثقة في الأصح) و"الحاوي" بقوله [ص 364]: (مقبول روايته).

2720 -

قول "التنبيه"[ص 117]: (وإن كان حراً عدلاً .. فقد قيل: هو على شفعته، وقيل: تبطل) الأصح: الثاني كما تقدم، وكل هذا في أخبار الآحاد، فلو بلغ المخبرون حد التواتر .. لم يعذر ولو كانوا فساقاً، كذا في "أصل الروضة"(5)، ولو قال:(كفاراً) .. لكان أولى؛ فإن الحكم كذلك، كما صرح به في "التتمة" وغيرها، وعبارته توهم أن حكم الكافر بخلاف الفاسق.

قال في "المطلب": وكل هذا في الظاهر، أما في الباطن .. فالاعتبار بما يقع في نفسه من صدق وضده، ولو من كافر وفاسق وغيرهما، قاله الماوردي (6).

2721 -

قول "الحاوي" فيما يعذر فيه [ص 364]: (ودعا بالبركة) صورته كما في "المنهاج" و"الروضة" وأصليهما أن يقول: (بارك الله في صفقتك)(7) ومقتضاه: أنه لو زاد عليه:

(1) الوجيز (1/ 392).

(2)

انظر "فتح العزيز"(5/ 539)، و "الروضة"(5/ 107).

(3)

تصحيح التنبيه (1/ 362).

(4)

فتح العزيز (5/ 540)، الروضة (5/ 108).

(5)

الروضة (5/ 109).

(6)

انظر "الحاوي الكبير"(7/ 243).

(7)

المحرر (ص 221)، فتح العزيز (5/ 542)، المنهاج (ص 299)، الروضة (5/ 110).

ص: 230

(لك) .. بطلت، قال شيخنا ابن النقيب: وهو واضح تحصل به مصلحة تعليله بأن له غرضاً في أخذ صفقة مباركة، ويندفع به محذور تعليل مقابله بأنه مشعر بتقرير الشقص بيده. انتهى (1).

لكن في "المهمات": أن الإمام والغزالي صورا محل الخلاف بزيادة: (لك)، قال: فذهل عنه الرافعي، ولم يتفطن له في "الروضة"(2).

قلت: والذي وقفت عليه في نسخة صحيحة من الرافعي بزيادة: (لك)، ويبعد عليه إسقاطها؛ لأنها في "الوجيز" الذي هو شارح له (3)، والله أعلم.

2722 -

قول "التنبيه"[ص 117]: (وإن باع حصته قبل أن يعلم بالشفعة ثم علم .. فقد قيل: تسقط، وقيل: لا تسقط) الأصح: الأول، وقد ذكره "المنهاج" بقوله [ص 299]:(لو باع حصته جاهلاً بالشفعة .. فالأصح: بطلانها) و"الحاوي" بقوله [ص 365]: (أو باع ملكه، أو وهب، أو بعضه - ولو كان جاهلاً - .. بطل) فزاد مسألة الهبة، وبيع البعض، أو هبته، وقد قال الرافعي في بيع البعض عالماً: الأظهر عند الإمام وغيره: البطلان (4)، وأطلق تصحيحه في "الشرح الصغير" و"الروضة"(5)، وقال الرافعي في بيع البعض جاهلاً: الوجه: أنه على الخلاف، وقوته تقتضي استواء الترجيح (6)، وعليه مشى "الحاوي"(7)، لكن صحح النووي في بيع البعض جاهلاً: عدم البطلان (8).

ويستثنى من محل الخلاف أيضاً: ما إذا باع بشرط الخيار وفسخ البيع ثم علم .. فله الشفعة، قاله في "المرشد".

2723 -

قول "التنبيه"[ص 117]: (وإن توكل في بيعه .. سقطت، وقيل: لا تسقط) الأصح: عدم السقوط.

2724 -

قوله: (وإن قال: "صالحني عن الشفعة على مال" .. فقد قيل: تبطل، وقيل: لا تبطل)(9) الأصح: الثاني، ومحل الخلاف: إذا كان جاهلاً بفساد الصلح، فإن كان عالماً

(1) انظر "السراج على نكت المنهاج"(4/ 178).

(2)

انظر "نهاية المطلب"(7/ 328)، و"الوسيط"(4/ 100)، و "فتح العزيز"(5/ 542)، و"الروضة"(5/ 110).

(3)

الوجيز (1/ 392).

(4)

فتح العزيز (5/ 543)، انظر "نهاية المطلب"(7/ 425).

(5)

الروضة (5/ 111).

(6)

انظر "فتح العزيز"(5/ 543).

(7)

الحاوي (ص 365).

(8)

انظر "الروضة"(5/ 111).

(9)

انظر "التنبيه"(ص 117).

ص: 231

بذلك .. بطل حقه قطعًا، كما ذكروه في المصالحة عن الرد بالعيب، وأحالوا عليه هنا، وكلام شيخنا الإسنوي في "تصحيحه" يقتضي وجود الخلاف في الحالين؛ فإنه قال فيما عبر فيه بالأصح: وأنه إذا قال: صالحني عن الشفعة على مال .. لم تسقط شفعته، وبطلانها إذا صالح عنها على مال عالماً بفساد المصالحة (1).

2725 -

قول "التنبيه"[ص 118]: (وإن تصرف المشتري في الشقص بالغراس والبناء .. فالشفيع مخير بين أن يأخذ ذلك بقيمته وبين أن يقلع ويضمن أرش ما نقص) فيه أمور:

أحدها: اقتصر العراقيون هنا على ذكر هاتين الخصلتين كما في "الكفاية"، وزاد الرافعي والنووي هنا في التخيير خصلة ثالثة، وهي: التبقية بأجرة، وقالا: كما في العارية بلا فرق (2).

قلت: وقد تقدم في العارية ما في ذلك من الاضطراب.

ثانيها: محل تخيير الشفيع: ما إذا لم يختر المشتري قلع البناء والغراس، فإن اختار .. فله ذلك، ولا يكلف تسوية الأرض، فإن حدث في الأرض نقص .. فيأخذه الشفيع على صفته أو يترك.

ثالثها: المسألة مشكلة؛ لأن المشتري إن فعل ذلك قبل القسمة .. فللشفيع قلعه مجاناً؛ لتعديه بانفراده بالتصرف في المشترك، وإن كان بعد القسمة .. فاستشكله المزني بأن القسمة تتضمن الرضا من الشفيع، وإذا رضي بتملك المشتري .. بطلت شفعته.

واستشكله غيره: بأن القسمة تقطع الشركة، فيصيران جارين، ولا شفعة للجار.

وأجيب: بالتزام أنه بعد القسمة، والجواب عن إشكال المزني: أن القسمة تصح مع بقاء الشفعة في صور كثيرة:

منها: أن يخبر الشفيع بالشراء بثمن كثير، فيعفو ويقاسم، ثم يتبين خلافه.

ومنها: أن تقع القسمة مع وكيله فيها من غير علمه.

وعن الإشكال الثاني: أن الجوار إنما لا يكفي في الابتداء.

رابعها: خرج بذكر الغراس والبناء ما لو تصرف فيها بالزرع .. فإنه يبقى إلى أوان الحصاد بلا أجرة، وقد ذكر "الحاوي" المسألة وتصويرها، فقال [ص 365]:(أو قاسم وكيله، ويُبَقَّى زرعه بلا أجرٍ، وبناؤه كالعارية).

2726 -

قول "التنبيه"[ص 118]: (وقيل: له أن يرد بخيار المجلس) صححه الرافعي في

(1) تذكرة النبيه (3/ 164، 165).

(2)

انظر "فتح العزيز"(5/ 520)، و"الروضة"(5/ 95).

ص: 232

"الشرح"(1)، لكنه صحح في "المحرر": أنه لا يرد بخيار المجلس، وصححه النووي في جميع كتبه (2)، لكن نقل الإمام قطب الدين السنباطي عن النووي: أنه صحح في "تصحيح التنبيه" الأول، ثم اعترضه ورد عليه شيخنا الإسنوي: بأن هذا ليس موجوداً في "تصحيح النووي"، وهو كذلك.

* * *

(1) فتح العزيز (5/ 506).

(2)

انظر "الروضة"(5/ 85).

ص: 233