الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3561 -
قول "المنهاج"[ص 379]: (فلو أراد القاضي نكاح من لا ولي لها .. زوَّجه من فوقه من الولاة أو خليفته) كذا من هو مثله في بلده أو غيرها وفى معناه: الإمام الأعظم، فيزوجه خليفته القاضي، وفي الإمام وجه أنه يزوج نفسه، حكاه في "التنبيه"(1)، وفى معنى إرادتهما التزويج: ما لو أراد أحدهما تزويج من لا ولي لها لابنه الصغير.
فَصْلٌ [في اعتبار الكفاءة]
3562 -
قول "التنبيه"[ص 159]- والعبارة له - و"الحاوي"[ص 459]: (ولا يزوج أحد من الأولياء المرأة من غير كفء إلا برضاها ورضا سائر الأولياء) المراد: الذين لهم ولاية حال العقد؛ ولهذا عبر "المنهاج"[ص 379] ب (الأولياء المستوين)، لكن كلام الأصحاب يقتضي أن الأبعد لا يكون وليًا مع الأقرب، وحينئذ .. فقوله:(المستوين) زيادة بيان، لا احتراز، وقد يقال: إن الأبعد ولي أيضاً، لكن الأقرب مقدم عليه فيحتاج إلى الاحتراز عنه، فإن قيل: لم لا يجب رضا الأبعد للقرابة وإن لم يكن له الَان حق لما يلحقه من العار؟ قلت: لأن القرابة تنتشر كثيراً فيشق اعتبارها، ولا ضابط نقف عنده، فقصر على الأقرب.
3563 -
قول "التنبيه"[ص 159]: (فإن زوجها من غير كفء بغير رضاها أو بغير رضا بقية الأولياء .. فالنكاح باطل، وقيل: فيه قولان، أحدهما: أن النكاح باطل، والثاني: أنه صحيح ولها الخيار) فيه أمور:
أحدها: أن الأصح: طريقة القولين، وأصحهما: بطلان النكاح، وعليه مشى "المنهاج" و"الحاوي"(2).
ثانيها: صورة المسألة: إذا كان الولي مجبراً، أو كان غير مجبر أذنت له من غير تعيين زوج وجوزناه وهو الأصح، وقد ذكر "المنهاج" التصويرين، إلا أنه في تصوير غير المجبر قال:(برضاها دون رضاهم)(3)، وقد عرفت أنه يتصور مع رضاها في إذنها من غير تعيين، وقال في تفريع الضعيف فيما إذا كان بغير رضا بقية الأولياء:(ولهم الفسخ)(4)، وفيما إذا كان بغير رضاها:(وللبالغة الخيار، وللصغيرة إذا بلغت)(5).
(1) التنبيه (ص 159).
(2)
الحاوي (ص 459)، المنهاج (ص 379).
(3)
المنهاج (ص 379).
(4)
المنهاج (ص 379).
(5)
المنهاج (ص 379).
ثالثها: قد ظهر بذلك أن قوله في تفريع الضعيف: (ولها الخيار) ناقص؛ لاختصاصه بصورة ما إذا كان ذاك بغير رضاها، أما إذا كان بغير رضا بقية الأولياء .. فالخيار لهم كما ذكره "المنهاج"(1)، وتناولت عبارة "التنبيه" القاضي، فمقتضاها: أن له تزويج من لا ولىّ لها من غير كفء برضاها، والأصح في "المنهاج": بطلانه (2)، وعليه مشى "الحاوي"(3)، وقال بالصحة الشيخ أبو محمد والإمام والغزالي (4)، ومال إليه السبكي إلا أنه توقف آخراً بعد الكلام على حديث فاطمة بنت قيس، وقال بالصحة شيخنا الإمام البلقيني أيضًا، وقال: إن ما صححه الرافعي والنووي من البطلان ليس بالمعتمد، وليس للشافعي نص شاهد به، ولا وجه له، وهو مخالف لمذهب أكثر العلماء. انتهى (5).
ثم اعلم: أن محل الخلاف: عند تزويج القاضي لفقد الولي، فلو زوج لغيبة الولي أو عضله أو إحرامه .. لم يكن له ذلك قطعاً، وذلك شاهد للوجه الآخر، ولو كان في الولي مانع من فسق ونحوه وليس بعده إلا القاضي فزوج من غير كفء برضاها .. فظاهر إطلاقهم طرد الوجهين.
قال السبكي: ولو قيل: إنه كالعضل .. لم يبعد.
3564 -
قول "التنبيه"[ص 159]: (والكفاءة في الدين والنسب والصنعة والحرية) أهمل السلامة من العيوب المثبتة للخيار، وقد ذكره "المنهاج" و"الحاوي"(6) ثم هو على عمومه فيما إذا كانت الكفاءة لحق المرأة كالمجبرة أو غيرها إذا أطلقت الإذن وصححناه، لكن استثنى منه البغوي: التعنين؛ لعدم تحققه، وإطلاق الجمهور - وبه صرح الشيخ أبو حامد -: أنه لا فرق، وصوب في "المهمات" استثناء البغوي، لما رجحوه من أن الرجل قد يعن عن امرأة دون أخرى وفي نكاح دون آخر مع اتحاد المرأة، حتى يثبت للمرأة الفسخ بالعنة في النكاح مع علمها بعنيته؛ إما عن غيرها أو عنها نفسها في نكاح آخر. قال: وما قاله أبو حامد هو على القول الآخر، وهو الاكتفاء بما ثبت من العنة، وأما الكفاءة التي هي حق للولي .. ففي الجنون وكذا الجذام والبرص في الأصح، لا في الجب والعنة، وسيأتي بيانه في (الخيار)، وقول "الحاوي":(وليست النسيبة) إلى قوله: (كفء غيرٍ)(7) كان ينبغي أن يقول: (وليست غير النسيبة
…
) إلى آخره
(1) المنهاج (ص 379).
(2)
المنهاج (ص 379).
(3)
الحاوي (ص 459).
(4)
انظر "نهاية المطلب"(12/ 98)، و"الوسيط"(5/ 83، 84).
(5)
انظر "فتح العزيز"(7/ 580)، و"الروضة"(7/ 84).
(6)
الحاوي (ص 459)، المنهاج (ص 380).
(7)
الحاوي (ص 459).
(كفؤاً لها)، فإن المتبادر إلى الفهم عرفاً من قولنا: ليس زيد كفئاً لعمرو: أن عمراً أشرف، وهذا عكس المراد هنا.
3565 -
قول "التنبيه"[ص 159]: (ولا حرة بعبد) و"الحاوي"[ص 459]: (وليست الحرة كفء غيرٍ) كذا الحرة الأصلية مع العتيق، وقد ذكرها "المنهاج"(1)، وكذا من مس الرق أحد آبائه وولد حراً .. ليس كفئاً لمن لم يمس الرق أحد آبائها على المذهب، وعلى هذا من مس الرق أباه أو جداً له قريباً .. ليس كفئاً لمن مس جداً بعيداً لها، واستشكله السبكي، وكذا من مسه الرق وعتق .. ليس كفئاً لمن عتق أبوها كما ذكره أبو محمد بن الحسين، وانفرد به، قال ابن الصلاح: وأظنه ابن القاضي حسين، ومن مس الرق أما له أو جدة .. قال الرافعي: يشبه أنه كذلك (2)، ووافقه ابن الرفعة، وفي كلام الماوردي ما يؤيده (3)، وفي "الروضة": المفهوم من كلامهم أنه لا يؤثر، وصرح به في "البيان"(4)، والمدبر والمكاتب والمبعض كالقن، وهل العبد كفء للمبعضة؟ فيه وجهان، حكاهما الماوردي (5)، وصحح في "الذخائر": أنه ليس كفئاً لها.
3566 -
قول "التنبيه"[ص 159]: (ولا هاشمية بغير هاشمي) دخل في غير الهاشمي المطلبي، مع أنه كفء للهاشمية، وقد صرح به "المنهاج" و"الحاوي"(6)، ومقتضى كلامهم: أن غير قريش من العرب أكفاء، وحكاه الرافعي عن جماعة (7)، وقال النووي: إنه مقتضى كلام الأكثرين (8)؛ لكن قال الرافعي: يقتضي اعتبار النسب في العجم اعتباره فيمن سوى قريش من العرب (9)، قال النووي: وذكر الشيخ إبراهيم المروذي: أن غير كنانة ليسوا أكفاء لكنانة (10)، واستدل له السبكي بقوله عليه الصلاة والسلام:" إن الله اصطفى من العرب كنانة "، قال: وهو حديث صحيح (11)، وقال الماوردي والروياني: قال البصريون من أصحابنا: غير قريش
(1) المنهاج (ص 380).
(2)
انظر "فتح العزيز"(7/ 574).
(3)
انظر "الحاوي الكبير"(9/ 104).
(4)
الروضة (7/ 80)، وانظر "البيان "(9/ 200، 201).
(5)
انظر "الحاوي الكبير"(9/ 104).
(6)
الحاوي (ص 459)، المنهاج (ص 380).
(7)
انظر "فتح العزيز"(7/ 575).
(8)
انظر "الروضة"(7/ 80، 81).
(9)
انظر "فتح العزيز"(7/ 575).
(10)
انظر "الروضة"(7/ 81).
(11)
أخرجه مسلم (2276) بلفظ: "إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل
…
الحديث".
متكافئون، وقال البغداديون: بالتفاضل؛ فيفضل مضر على ربيعة، وعدنان على قحطان؛ اعتباراً بالقرب من رسول الله صلى الله عليه وسلم (1).
وقال في "المهمات": اعتبار النسب في الكفاءة أضيق منه في الإمامة العظمى؛ ولهذا قال: سووا بين قريش في الإمامة، ولم يسووا بينها في الكفاءة، وقد جزم الرافعي في الإمامة: بأنه إذا لم يوجد قرشي مستجمع الشروط .. نصب كناني، فإن لم يكن .. فمن ولد إسماعيل؛ فإن تعذر .. انتقلنا إلى العجم (2)، فتقديم الكناني في النكاح أولى، ومقتضى كلام "التنبيه" و"الحاوي": عدم اعتبار النسب في العجم، والأصح: خلافه، وقد صرح به "المنهاج"(3).
3567 -
قولهم - والعبارة لـ"المنهاج" -: (فليس فاسق كفء عفيفة)(4) قد يفهم أنه لا يعتبر ذلك في آبائهما، وبه صرح ابن الرفعة، وقال: فمن أبوه كافر .. كفء لمن أبوها مسلم، ولكن في "أصل الروضة": أن من أسلم بنفسه ليس كفئاً لمن لها أبوان فأكثر في الإسلام في الأصح، وفي معنى الفسق والعفة: أن المبتدع ليس كفئاً للسُّنِّية (5)، وقال في "المهمات": الذي يتوجه عند زيادة الفسق أو اختلاف نوعه عدم الكفاءة، قيل: ولا يشك أن الفسق بالقتل والسكر ليس في تعدي المفسدة والنفرة؛ كالعقوق وترك الصلاة ونحوهما.
3568 -
قولهم - والعبارة لـ"المنهاج" -: (فصاحب حرفة دنيئة ليس كفء أرفع منه)(6) قد يفهم منه أنه لا يضره حرفة أبيه الدنيئة، لكن قال الرافعي: الحرفة الدنية في الآباء والاشتهار بالفسق مما يُعيَّر به الولد؛ فيشبه أن من حرفة أبيه دنية أو مشهور بفسق مع بنت من ليس كذلك؛ كمن أسلم بنفسه مع بنت المسلم، ثم قال: والحق: بأن يجعل النظر في حق الآباء ديناً وسيرة وحرفة من حيز النسب (7)، وفي "المهمات" عن " الإشراف" للهروي: الجزم بخلافه، وأن ذلك لا أثر له، وجعل مثله: ولد (8) المعيب كابن الأبرص ونحوه؛ قال الإمام والغزالي: لا عبرة بالانتساب لعظماء الدنيا والظلمة المستولين على الرقاب وإن تفاخر الناس بهم (9)، قال الرافعي: ولا يساعد
(1) انظر "الحاوي الكبير"(9/ 102).
(2)
انظر "فتح العزيز"(11/ 72).
(3)
المنهاج (ص 380).
(4)
انظر "التنبيه"(ص 159)، و "الحاوي"(ص 459)، و "المنهاج"(ص 380).
(5)
الروضة (7/ 81).
(6)
انظر "التنبيه"(ص 159)، و"الحاوي"(ص 459)، و"المنهاج"(ص 380).
(7)
انظر "فتح العزيز"(7/ 576).
(8)
في النسخ: (ولذا)، ولعل الصواب ما أثبت.
(9)
انظر "نهاية المطلب"(12/ 154)، و "الوسيط"(5/ 85).