الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثالثها: ظاهره: أن التعريف في زمن إعراض الفاقد، وليس كذلك، وإنما هو في زمن فقد الإعراض، فإذا جاء زمن الإعراض .. انتهى التعريف، فكان ينبغي أن يقول:(لا يعرض)، أو يقول:(يطلبه)، أو يقول:(إلى زمن يظن أن فاقده يعرض عنه)، فيجعل ذلك الزمن غاية لترك التعريف لا ظرفًا للتعريف، ولذلك عبر في "الروضة" و"الشرحين" بقوله: مدة يظن في مثلها طلب فاقده له، فإذا غلب على الظن إعراضه .. سقط (1)، وفي "شرح مسلم": زمنًا يظن أن فاقده لا يطلبه في العادة أكثر من ذلك الزمان (2)، وعبر عنه "الحاوي" بقوله [ص 403]:(وما يَقِلّ إن عرّف بقدره) أي: له تملك القليل المتمول إن عرفه بقدر ما يليق به، ولا يخفى ما في عبارته من الإجحاف.
3096 -
قول "التنبيه"[ص 132]: (وقيل: إن كان قليلًا .. كفاه أن يعرفه في الحال) الأصح تفريعًا على هذا الوجه - وهو الاكتفاء في القليل بما دون السنة -: أنه لا يكتفى بتعريفه في الحال، بل يعرفه إلى أن يظن إعراض فاقده عنه كما تقدم.
3097 -
قوله: (وقُدّر بالدرهم)(3) يقتضي أن الدرهم على هذا الوجه قليل، وعليه مشى في "الكفاية"، والذي في "الروضة" وأصلها: أن ما دون الدرهم قليل، والدرهم كثير (4)، وعزاه ابن يونس في "التنويه" إلى حكاية جمهور النقلة لهذا الوجه، والأصح: أنه ما يقل أسف فاقده عليه، ولا يطول طلبه له غالبًا.
فصلٌ [كيفية تملك اللقطة بعد التعريف]
3098 -
قول "التنبيه"[ص 132]: (فإذا عرّف، فاختار التملك .. ملك) قد يفهم الاكتفاء بالنية، وليس كذلك، ولهذا قال "المنهاج" [ص 329]:(حتى يختاره بلفظٍ كتملكت)، ثم شرط ذلك: أن يكون قصد التملك في ابتداء التعريف، فلو عرف من غير قصد التملك، ثم بدا له قصده .. عرّفه سنة من يومئذ، ولا يعتد بما عرفه من قبل.
3099 -
قول "التنبيه"[ص 329]- والعبارة له - و"الحاوي"[ص 405]: (وإن جاء بعد التملك .. أخدها مع الزيادة المتصلة دون المنفصلة) ينبغي فيما إذا كانت المنفصلة موجودة عند
(1) فتح العزيز (6/ 365)، الروضة (5/ 410).
(2)
شرح مسلم (12/ 22).
(3)
انظر "التنبيه"(ص 132).
(4)
فتح العزيز (6/ 366)، الروضة (5/ 411).
التملك؛ كأن يتملكها وهي حامل ثم تضع عنده .. أن يرجع المالك في الولد بناء على أن الحمل يعلم، وهو الأصح، كما في نظيره من الرد بالعيب والفلس، أشار إليه في "المهمات".
3100 -
قول "المنهاج"[ص 329]- والعبارة له - و"الحاوي"[ص 405]: (وإن تلفت .. غرم مثلها أو قيمتها يوم التملك) أي: المثل في المثلي، والقيمة في المتقوم، أطبق عليه الأصحاب فيما وقفت عليه.
قال في "الكفاية": وقضية ما حكيناه من أن ملك اللقطة كملك المقترض: أن يكون الواجب فيما له مثل صوري رد المثل الصوري على الأصح، كما في القرض، ثم قيل: إن الضمان يثبت في ذمة الملتقط من يوم التلف، وصححه الرافعي والنووي (1)، وقيل: لا، وإنما تتوجه المطالبة إذا جاء المالك، واختاره السبكي؛ لأن التملك كان مجانًا، فإذا رجع المالك .. انتقض، ووجب الرد بأمر الشارع فسخًا لذلك التملك كرجوع الأب، قال: وليس من شرط المطالبة، تقدم ثبوت الضمان في ذمته كما أشار إليه الرافعي، بل بالفسخ كما قلناه.
3101 -
قول "المنهاج"[ص 330]: (وإذا ادعاها رجلٌ ولم يصفها ولا بينة .. لم تُدفع إليه) وهو مفهوم "التنبيه" و"الحاوي"(2)، ومحله: ما إذا لم يعلم الملتقط أنها له، فإن علم ذلك .. لزمه دفعها له.
3102 -
قولهم: (إنه يلزم الدفع بالبينة)(3) يتناول الشاهد واليمين؛ فإن ذلك حجة في الأموال، وهذا معلوم من القاعدة العامة، ومع ذلك فنص عليه الشافعي والأصحاب، وممن حكى النص عن "الأم" القاضي حسين في "تعليقه"(4)، ومن العجيب نقل السبكي المسألة عن نصر المقدسي في "تهذيبه" .. فأوهم انفراده به، والمسألة بخصوصها في عدة من الكتب المشهورة.
3103 -
قولهم: (فيما إذا وصفها وظن صدقه .. جاز الدفع)(5) محله: ما إذا كان الواصف واحدًا، فإن وصفها جماعة .. قال القاضي أبو الطيب: أجمعنا على أنها لا تُسلم لهم.
3104 -
قول "المنهاج"[ص 330]: (فإن دفع، فأقام آخر بينة بها .. حُوِّلَت إليه) أي: دفع بالوصف وظن الصدق، فأما لو دفع بالبينة .. جاءت أقوال تعارض البينتين.
(1) انظر "فتح العزيز"(6/ 374)، و"الروضة"(5/ 411).
(2)
التنبيه (ص 132)، الحاوي (ص 405).
(3)
انظر "التنبيه"(ص 132)، و"الحاوي"(ص 405)، و "المنهاج"(ص 330).
(4)
الأم (4/ 66).
(5)
انظر "التنبيه"(ص 132)، و"الحاوي"(ص 405)، و"المنهاج"(ص 330).
3105 -
قولهما: (لا تحل لقطة الحرم للتملك)(1)، قال "المنهاج" [ص 330]:(على الصحيح)، وهذا موافق لما في "الروضة" من أن الخلاف وجهان (2)، وصرح الرافعي في "شرحيه" بأنه قولان (3)، وحكاه الروياني عن القفال وغيره بعد أن حكى المنع عن النص وأنها كغيرها عن بعض الأصحاب، وتصحيح أبي عبد الله الحسين "شارح التلخيص"، وعبارة "التنبيه" قد توافق هذا؛ فإنه قال:(إن الأول ظاهر المذهب) ثم حكى الثاني بلفظه، قيل: وظاهره أنه وجه، وحكى الماوردي والروياني وجهين في لقطة عرفة ومصلى إبراهيم؛ لأنه حل، لكنه مجتمع الحاج (4)، ويدل للمنع حديث [عبد الرحمن بن عثمان التيمي] (5):(أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن لقطة الحاج)، رواه مسلم في "صحيحه"(6)، وهو يعم لقطته في الحرم وفي موضع الحج، وهو عرفات، ولا يتعدى إلى منازلهم في الطريق؛ لأنه ليس مجمع جميعهم، وإنما يجمع أهل قطر واحد، وفي "سنن أبي داوود" من حديث على بإسناد صحيح في حرم المدينة:"ولا تلتقط لقطتها إلا لمن أشاد بها"(7).
وذهب إليه شيخنا الإمام البلقيني، فقال: إن لقطة المدينة كمكة لا تحل إلا لمنشد، لكن صرح الروياني في "البحر" بخلافه، والتمسك بالحديث أولى، والله أعلم.
* * *
(1) انظر "التنبيه"(ص 132)، و"المنهاج"(ص 330).
(2)
الروضة (5/ 412).
(3)
فتح العزيز (6/ 371).
(4)
انظر "الحاوي الكبير"(8/ 5).
(5)
في جميع النسخ (عثمان بن عبد الرحمن التيمي)، والمثبت من "صحيح مسلم".
(6)
صحيح مسلم (1724).
(7)
سنن أبي داوود (2035).