المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل [فيما لو عين لوكيله شخصا ليبيع منه] - تحرير الفتاوي على التنبيه والمنهاج والحاوي - جـ ٢

[ابن العراقي]

فهرس الكتاب

- ‌كتابُ التفليس

- ‌فَصْلٌ [بيع مال المفلس وقسمته وما يتعلق به]

- ‌فَصْلٌ [في رجوع نحو بائع المفلس عليه بما باعه له قبل الحجر ولم يقبض عوضه]

- ‌تنْبِيهٌ [بقية شروط الرجوع]

- ‌بابُ الحَجْر

- ‌تنبيه [بلوغ الخنثى]

- ‌فصْلٌ [فيمن يلي نحو الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله]

- ‌بابُ الصُّلْح

- ‌فصلٌ [الصلح والتزاحم على الحقوق المشتركة]

- ‌بابُ الحَوالة

- ‌بابُ الضَّمان

- ‌تَنْبِيْه [شروط المضمون]

- ‌فصلٌ [في شروط صحة كفالة البدن]

- ‌فصلٌ [شروط الضمان والكفالة]

- ‌كتابُ الشّركة

- ‌كتابُ الوكالة

- ‌فصلٌ [في التوكيل في البيع]

- ‌تنبيهٌ [وكيل المشتري في معنى وكيل البائع]

- ‌فصلٌ [فيما لو عين لوكيله شخصاً ليبيع منه]

- ‌فصلٌ [في جواز الوكالة وعزل الوكيل]

- ‌كتاب الإقرار

- ‌فصلٌ [ألفاظ وصيغ الإقرار]

- ‌فصلٌ [شروط المقر به]

- ‌تنبيهٌ [تفسير قوله: (غصبت منه شيئاً)]

- ‌فصْلٌ [في ذكر أنواع من الإقرار]

- ‌فصْل [في الإقرار بالنسب]

- ‌كتابُ العارية

- ‌فصل [جواز العارية وما للمعير وما عليه بعد الرد]

- ‌كتابُ الغَصْب

- ‌فصْل [ضمان المغصوب]

- ‌فصلٌ [في الاختلاف]

- ‌تنبيهٌ [ما يجب على غاصب العبد إذا جنى]

- ‌فصلٌ [للمالك تكليف الغاصب ردَّ المغصوب كما كان]

- ‌كتابُ الشُفْعة

- ‌فصْلٌ [فيما يؤخذ به الشقص]

- ‌تنبيهٌ [المراد بفورية الشفعة]

- ‌كتاب القِراض

- ‌فصلٌ [شروط القراض]

- ‌فصلٌ [فسخ عقد القراض وجوازه من الطرفين]

- ‌كتاب المساقاة

- ‌فصل [شروط المساقاة]

- ‌كتاب الإجارة

- ‌فصل [شروط المنفعة]

- ‌فصلٌ [في بقية شروط المنفعة]

- ‌فصلٌ [بيان ما على المؤجر والمستأجر]

- ‌فصل [في تعيين قدر المنفعة]

- ‌فصلٌ [فيما يفسخ الإجارة]

- ‌كتابُ إحياء المَوات

- ‌فصلٌ [في بيان حكم منفعة الشارع وغيرها من المنافع المشتركة]

- ‌فصلٌ [في حدِّ المعدن الظاهر]

- ‌فصلٌ [في التزاحم على السقي من الماء المباح]

- ‌كتابُ الوَقْف

- ‌فصلٌ [في تعليق الوقف]

- ‌فصلٌ [فيما لو وقف على أولاده وأولاد أولاده]

- ‌فصل [إلى من ينتقل ملك رقبة الموقوف

- ‌فصل [في النظر على الوقف وشرطه]

- ‌كتابُ الهِبَة

- ‌تَنْبِيْهٌ [الهبة أعم من الصدقة والهدية]

- ‌كتابُ اللُّقَطة

- ‌فصلٌ [في التقاط الممتنع من صغار السباع]

- ‌فصلٌ [كيفية تملك اللقطة بعد التعريف]

- ‌كتابُ اللَّقِيط

- ‌فصلٌ [في الأمور التي يحكم فيها بإسلام الصبي]

- ‌فصلٌ [في بيان حرية اللقيط ورقه واستلحاقه]

- ‌كتابُ الجِعَالة

- ‌تنبيهٌ [حكم الاستنابة في الإمامة ونحوها]

- ‌كتابُ الفَرائِض

- ‌فصل [الفروض المقدرة في كتاب الله وبيان أصحابها]

- ‌فصل [في الحجب]

- ‌فصل [في المسألة المشرَّكة]

- ‌فصل [الولاء للأخ أو الجد

- ‌فصل [في المعادَّة]

- ‌فصل [في موانع الإرث]

- ‌فصل [في قسمة التركة]

- ‌كتاب الوصايا

- ‌فصل [في الوصية بالثلث وما زاد عليه]

- ‌فصل [الوصية بما زاد على الثلث حال المرض المخوف]

- ‌فصل [في أنواع من ألفاظ الوصية]

- ‌فصل [في الوصية بالمنافع]

- ‌فصل [في الرجوع عن الوصية]

- ‌فصل [في الإيصاء]

- ‌تببيهٌ [لا ينعزل الوصي باختلال كفايته]

- ‌كتابُ الوَدِيعة

- ‌كتاب قسم الفيء والغنيمة

- ‌فَصلٌ [في الغنيمة والسلَب]

- ‌كتاب قسم الصّدقات

- ‌باب

- ‌فَصلٌ [في بيان مستنَد الإعطاء وقدر المُعْطَى]

- ‌فَصلٌ [في قسمة الزكاة بين الأصناف ونقلها وما يتبع ذلك]

- ‌بابُ صدقة التّطوّع

- ‌كتابُ النِّكاح

- ‌فصلٌ [حكم النكاح وسننه وبيان العورات]

- ‌فصلٌ [في استحباب الخطبة وما يتعلق بها]

- ‌فصلُ [في قبول النكاح وبقية شروط العقد]

- ‌فصلٌ [في اشتراط الولي في النكاح]

- ‌تَنْبِيْهٌ [في التحكيم]

- ‌فصلٌ [في موانع الولاية]

- ‌فَصْلٌ [في اعتبار الكفاءة]

- ‌فَصْلٌ [في نكاح المحجور عليه بالسفه ونحوه]

- ‌باب ما يَحْرُم من النّكاح

- ‌فَصْلٌ [في نكاح الأمة]

- ‌فَصْلٌ [نكاح الكتابية والمشركة]

- ‌باب نكاح المشرك

- ‌فصلٌ [فيمن أسلم وتحته أكثر من أربع نسوة]

- ‌فَصْلٌ [في إسلام أحد الزوجين]

- ‌باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد

- ‌فصلٌ [في إعفاف الأصل]

- ‌فصلٌ [في نكاح الرقيق]

- ‌كتابُ الصَّدَاق

- ‌باب

- ‌فصلٌ [في مهر المثل]

- ‌فصلٌ [في التفويض]

- ‌فصل [في سقوط المهر وتشطره]

- ‌فصل [في المتعة]

- ‌فصل [في الاختلاف]

- ‌بابُ الوليمة

- ‌كتابُ القسْمِ والنُّشُوز

- ‌تنبيهٌ [لا يختص القضاء بحال مكثه عند الضرة]

- ‌فائدة [في النزول عن الوظائف]

- ‌فصلٌ [في النشوز وما يتعلق به]

- ‌كتابُ الخُلْع

- ‌فَصْلٌ [في الطلاق بلفظ الخلع أو المفاداة]

- ‌فَصْلٌ [في قوله: أنت طالق وعليك ألف]

- ‌فَائِدَتَان [تتعلقان بخلع الأجنبي]

- ‌فَصْل [في الاختلاف]

- ‌كتابُ الطَّلاق

- ‌فَصْل [تفويض الطلاق]

- ‌فَصْل [في سبق اللسان بالطلاق وحكم طلاق المكره والسكران]

- ‌فَصْل [في تعليق الطلاق]

- ‌فَصَل [في تعدد الطلاق بنية العدد وما يتعلق به]

- ‌فَصْل [في الاستثناء في الطلاق]

- ‌فَصْل [في الشك في الطلاق أو العدد]

- ‌فَصْل [في الطلاق السني والبدعى]

- ‌فصل [في أنواع من تعليق الطلاق]

- ‌فصل [في أنواع أخرى من التعاليق]

- ‌فصل [في التعليق بالأكل والعدد ونحو ذلك]

- ‌كتابُ الرَّجْعَة

- ‌كتابُ الإيلاء

- ‌فصل [فيما يترتب على صحة الإيلاء]

- ‌كتابُ الظِّهار

- ‌فصل [في العود]

- ‌كتابُ الكفّارة

- ‌كتابُ اللِّعان

- ‌فصلٌ [في بيان حكم قذف الزوج ونفي الولد جوازًا أو وجوبًا]

- ‌فصلٌ [في كيفية اللعان وشروطه وثمراته]

- ‌فصلٌ [سقوط الحد باللعان وما يتعلق بلحاق النسب]

- ‌كتابُ العِدَد

- ‌فصلٌ [بيان عدة الحامل]

- ‌فصلٌ [في تداخل العدتين]

- ‌فصلٌ [انقطاع العدة بمخالطة الرجعية]

- ‌فصلٌ [في العدد]

- ‌فصلٌ [في سكنى المعتدة]

- ‌كتابُ الرّضاع

- ‌فصل [في فسخ النكاح بالرضاع]

- ‌فصل [في دعوى الرضاع وما يثبت به]

- ‌كتابُ النّفقات

- ‌باب:

- ‌فصل [فيما يوجب النفقة ويسقطها]

- ‌فصل [في الإعسار بمؤن الزوجة]

- ‌بابُ نفقة الأقارب

- ‌باب الحضانة

- ‌تنبيه [موانع الحضانة]

- ‌باب نفقة الرقيق والبهائم

الفصل: ‌فصل [فيما لو عين لوكيله شخصا ليبيع منه]

وغير الإطلاق؛ إما وكيل عن الموكل جزماً فيما إذا قال: (وكل عني)، أو عن الوكيل على المشهور فيما إذا قال:(عنك)، قال: والجواب: أن محلهما على ما ظهر من كلام من حكاهما: فيما إذا أذن له في التوكيل وأطلق الإذن، وقلنا: إنه يكون وكيلاً عن الأصل كما هو الأصح؛ فإنه إذا حدث فسقه بين الوكالة والفعل .. ملك المتوسط أن يعزله على وجه كان أصله أن ينعزل بنفس الفسق تنزيلاً للحادث منزلة المقارن، لكنه تعذر في الوكالة؛ إذ الأصل أن يقيم في وكالته الفساق والأمناء، لكن من حيث أنه جاء من جهة نظر الثاني .. ملك عزله على وجه، وكأنه قال له: لا تمكن من يفعل هذا الفعل إلا أنت أو أمين، فإذا فسق الأخير .. كان مقتضى ذلك أن للمتوسط منعه من التصرف على وجه حسن وإن كان مرجوحاً. انتهى كلام شيخنا.

وقال السبكي: الذي أقول أنا؛ حيث جعلناه وكيل الوكيل .. فله عزله بكل حال. وحيث جعلناه وكيل الموكل .. فالقول: بأن للوكيل عزله لا وجه له، بل ينبغي أن يكون الوجهان في انعزاله بالفسق، ويصحح الانعزال كالقاضي وعدل الرهن.

وقال شيخنا ابن النقيب: يتعين أن يصور ذلك بما إذا قال: (وكل عني)، وبه صور في "الوسيط"، وفي معناه: الإطلاق، وحينئذ .. فمنع العزل واضح؛ لأنه ليس وكيلاً له، واستشكل في "الكفاية" مقابله؛ وعلله في "المطلب": بأنه من توابع ما وكل فيه؛ كالرد بالعيب (1).

وذكر شيخنا في "المهمات" نحوه، ثم قال: ولو قيل: بانعزاله بلا عزل .. لكان أوجه، كما قالوه في عدل الرهن.

‌فصلٌ [فيما لو عين لوكيله شخصاً ليبيع منه]

2417 -

قول "المنهاج"[ص 275]: (قال: "بع لشخص معين" .. تعين) اعترض على عبارته: بأنّ (قال) يُحكى بها لفظ الغير، فيكون قوله:[معين](2) من تتمة لفظ الموكل، فمدلوله: بع من معين لا من مبهم، وكذا قوله بعده:(أو في زمن أو مكانٍ معينٍ)، وليس كذلك مراداً، بل مراده: أنه عين له، فقال: بع من زيد وفي يوم الجمعة وفي سوق العطارين مثلاً، وقد سلم "التنبيه" من ذلك بقوله [ص 109]:(وإن وكله في البيع من زيد، فباع من عمرو .. لم يجز) و"الحاوي" بقوله [ص 331]: (وإن عين المشتري) إلى قوله: (تعين)، وهذا تساهل في

(1) انظر "السراج على نكت المنهاج"(4/ 35، 36)، و"الوسيط"(3/ 292).

(2)

ما بين معقوفين زيادة من "مغني المحتاج"(2/ 295)، وهي ضرورية.

ص: 113

العبارة، والمعنى في ذلك مفهوم، فلو باع لوكيل ذلك المعين .. ففي " الروضة" عن "البيان": أنه لا يصح، وهو في "البيان" في (النكاح) عن الطبري عن الأصحاب (1)، وكذا حكاه في "الذخائر" عن الأصحاب.

وفي "المطلب": إن تقدم القبول وصرح بالسفارة .. صح بلا إشكال. وإن تأخر .. فلا وإن صرح بالسفارة؛ لفساد الإيجاب، لتمكن الوكيل من قبوله لنفسه.

وقال شيخنا الإمام البلقيني: إذا فرعنا على الأصح: أن الملك يثبت ابتداء للموكل .. فيظهر صحة البيع من وكيل زيد، ثم حكى عن ابن الصباغ والعمراني: أنه إذا وكل زيد شخصاً في بيع عبده من عمرو، ووكله عمرو بشرائه .. هل يجوز أن يتولى الطرفين؟ على وجهين، وقيل: لا يصح قولاً واحداً؛ لتنافي الغرضين، قال شيخنا: وهذا يقتضي أن يجري الخلاف في مسألتنا المجردة عن تولي الطرفين بطريق الأولى، قال شيخنا: ولو انعكس التصوير؛ بأن قال: (بع من وكيل زيد)، فباع من زيد .. فلم أر من تعرض لها، والذي يظهر البطلان؛ أي: تفريعاً على المنقول إلا إذا لمح المعنى.

2418 -

قول "المنهاج"[ص 275] و"الحاوي"[ص 331]: (إنه إذا عين الزمان .. تعين) أي: فلا يجوز قبله ولا بعده، وحُكي الاتفاق عليه في البيع والعتق، لكن قال الداركي في (الطلاق): إنه يقع بعده لا قبله، قال النووي: ولم أره لغيره، وفيه نظر (2).

وقال السبكي: القياس: طرده في العتق.

وقال شيخنا الإمام البلقيني: إن أجراه في البيع والعتق، وإلا .. ففي الفرق عسر، ثم قال شيخنا: والذي يظهر في التأخير في البيع وغيره بناؤه على أن القضاء بأمر جديد أو بالأمر الأول، فإن قلنا: بأمر جديد - وهو المرجح عند الأصوليين - .. امتنع على الوكيل ذلك إلا بأمر جديد، وإن قلنا: بالأمر الأول - وهو الذي يقتضيه نص الشافعي في كفارة الظهار - .. جاز الإقدام ما لم يظهر ما يدل على المنع بعد ذلك.

2419 -

قول "التنبيه"[ص 109]: (وإن وكله في البغ في سوق فباع في غيرها .. جاز، وقيل: لا يجوز) الثاني هو الأصح، وعليه مشى "المنهاج" و"الحاوي"(3)، وقال في "المهمات": إن الراجح: الأول؛ فقد نص عليه الشافعي في (الرهن) من "الأم"(4)، كما حكاه أبو الطيب.

(1) البيان (6/ 418)، (9/ 237)، الروضة (4/ 325).

(2)

انظر "الروضة"(4/ 315).

(3)

الحاوي (ص 331)، المنهاج (ص 275).

(4)

الأم (3/ 170).

ص: 114

وللخلاف شروط:

أحدها: أن محله: إذا لم يكن له في ذلك المكان غرض ظاهر، فإن كان؛ بأن كان الراغبون فيه أكثر، أو النقد فيه أجود .. لم يجز البيع في غيره قطعاً.

ثانيها: أن محله أيضاً: إذا لم ينهه عن غيره، فإن نهاه .. لم يصح جزماً.

ثالثها: أن محله أيضاً: إذا لم يقدر الثمن، فإن قدره .. جاز البيع به في مكان آخر، حكاه في "الروضة" من زيادته عن صاحبي "الشامل" و"التتمة" وغيرهما (1)، قال السبكي: وهو ظاهر إن جوزنا البيع به مع وجود راغب بزيادة، فإن منعنا - وهو الأصح عند النووي تبعاً "للشرح الصغير" - .. فينبغي التعيّن، لاحتمال الزيادة فيه. انتهى.

وذكر "المنهاج" الشرط الأول فقط، فقال [ص 275]:(وفي المكان وجهٌ إذا لم يتعلق به غرض)، ولم يذكره في "المحرر"، قال في "المهمات": وإطلاق الجواز في بلد غير مأذون فيها يقتضي الجواز قبل انقضاء مدة يتأتى فيها الوصول إلى المأذون فيها، وهو مشكل؛ فإن النفظ دل على المسافة، وعلى إيقاع البيع في البلد خرج الثاني؛ لدليل [يبقي] (2) الأول؛ ولهذا قالوا: إذا وهب منه شيئاً في بلده أو رهنه عنده وأذن في قبضه .. فلا بد من مضي زمن يمكن المضي إليه فيه.

قلت: إذا لم يحافظ على المنصوص عليه - وهو المكان - .. فكيف يراعي المتضمن - وهو الزمان -؟

2420 -

قول "المنهاج"[ص 275] و"الحاوي"[ص 331]: (وإن قال: "بع بمئة" .. لم يبع بأقل) أي: ولو بقيراط، بخلاف النقص عن ثمن المثل بما يتغابن به عند الإطلاق؛ لأنه قد يسمى ثمن المثل، ودون المئة لا يسمى مئة، ومفهومه: جواز البيع بها مطلقاً.

ويستثنى منه: ما إذا وجد راغباً بزيادة عنها على ما رجحه الرافعي في "الشرح الصغير" والنووي في "الروضة"(3).

2421 -

قولهم - والعبارة لـ"المنهاج" -: (وله أن يزيد إلا أن يُصَرِّح بالنهي)(4) كذا إذا وكله في البيع من معين .. ليس له الزيادة أيضاً، بخلاف قوله:(اشتر عبد فلان بمئة)، فاشترى بأقل منها .. فإنه يصح كما في "الروضة" من زيادته عن الأصحاب (5)، ولذلك أطلق "التنبيه" أنه إذا

(1) الروضة (4/ 315).

(2)

في (أ)، و (ج)، و (د):(ينفي).

(3)

الروضة (4/ 316).

(4)

انظر"التنبيه"(ص 109)، و"الحاوي"(ص 331)، و"المنهاج"(ص 275).

(5)

الروضة (4/ 317).

ص: 115

قال: (اشتر عبداً بمئة)، فاشترى عبداً يساوي مئة بما دون المئة .. جاز (1)، ثم حكى النووي عن صاحب "الحاوي": أن الفرق أنه في البيع ممنوع من قبض ما زاد على المئة، فلا يجوز قبض ما نُهي عنه، وفي الشراء مأمور بدفع مئة، ودفع الوكيل بعض المأمور به جائز (2).

وبخلاف توكيل الزوج في مخالعة زوجته بمئة .. فإنه تجوز المخالعة بأكثر منها.

وقد استضعف شيخنا الإمام البلقيني فرق الماوردي: بأنه لا يلزم من منع القبض منع البيع، فهذا الوكيل ممنوع من قبض الثمن على وجه، وليس ممنوعاً من البيع، ثم فرق: بأن الغرض في تعيين العبد استدعى تعيين مالكه، وكذا في الخلع لا بد من تعيين الزوجة، بخلاف المشتري لا غرض في تعيينه إلا البيع منه بالثمن المعين، هذا معنى كلامه، وهو حسن، والله أعلم.

2422 -

قول "التنبيه"[ص 109]: (وإن قال: "بع بألف"، فباع بألف وثوب .. فقد قيل: يجوز، وقيل: لا يجوز (الأصح: الجواز، ذكره في "التصحيح" جزماً، وفي "الروضة" بحثاً، فقال: ينبغي أن يكون الأصح: الصحة (3)، وهو داخل في قول "المنهاج" [ص 275]:(وله أن يزيد)، وقول "الحاوي" [ص 331):(ويبدل القدر بالمصلحة).

والصورة أيضًا: أنه لم يعين من يبيع منه، وقد فرض الرافعي والنووي المسألة فيما إذا ساوى الثوب الألف، فإن لم يساوه .. فيظهر أن يرتب على ما إذا ساوت شاة ديناراً وأخرى بعضه (4)، والظاهر: أن ذكر الثوب مثال. فلو باع بألف ودينار .. جرى فيه الخلاف، قال في "الكفاية": إنه القياس، وصرح به المتولي، وقطع ابن الصباغ بالصحة.

2423 -

قول "التنبيه"[ص 109]: (وإن قال: "بع بألف مؤجل"، فباع بألف حال .. جاز إلا أن ينهاه أو كان الثمن مما يستضر بحفظه) كذا لو عين المشتري .. فإنه لا يجوز قياساً، كما قال ابن الرفعة، قال: وحكى الإمام في الصحة وجهين (5)، وعلى هذا التفصيل يحمل قول "الحاوي" [ص 331]:(ويبدل الأجل بالمصلحة).

2424 -

قول "التنبيه"[ص 109]: (وإن قال: "اشتر بألف حال"، فاشترى بألف مؤجل .. جاز)، قال صاحب "التتمة": هذا إذا قلنا: إن مستحق الدين المؤجل إذا عُجّل حقه .. يلزمه القبول، فإن قلنا: لا يلزمه .. لم يصح الشراء هنا للموكل بحال. حكاه عنه الرافعي، وأقره (6).

(1) التنبيه (ص 109).

(2)

الروضة (4/ 317)، وانظر "الحاوي الكبير"(6/ 548).

(3)

تصحيح التنبيه (1/ 335)، الروضة (4/ 320).

(4)

انظر "فتح العزيز"(5/ 243)، و"الروضة"(4/ 319).

(5)

انظر "نهاية المطلب"(7/ 44).

(6)

انظر "فتح العزيز"(5/ 240).

ص: 116

وقال النووي في "الروضة": قد عكسه صاحب "الشامل" فقال: هذا الخلاف حيث لا يجبر صاحب الدين على قبول تعجيله، وحيث يجبر .. يصح الشراء قطعاً، قال النووي: وهذا أصح وأفقه وأقرب إلى تعليل الأصحاب (1).

2425 -

قول "المنهاج"[ص 275]: (ولو قال: "اشتر بهذا الدينار شاةً "ووصفها، فاشترى به شاتين بالصفة، فإن لم تساو واحدةٌ ديناراً .. لم يصح الشراء للموكل، وإن ساوته كل واحدةٍ .. فالأظهر: الصحة وحصول الملك فيهما للموكل) فيه أمور:

أحدها: قوله: (ووصفها) كذا في "الروضة" وأصلها (2)، وقال شيخنا الإسنوي: هو احتراز مما إذا لم يصف .. فإن التوكيل لا يصح، قال: والمعتبر في الوصف ما سبق في التوكيل بشراء عبد، هذا ما أشعر به كلام الرافعي هناك، وهو واضح.

قال شيخنا ابن النقيب: تقدم أنه لا يشترط الوصف على المذهب، فكيف يبطل عند عدم ذكره؟ قال: والجواب عن تصويرهم المسألة بالوصف: اشتراط تحصيل شاة أو الشاتين به امتثالاً للشرط، وإلا .. لم يصح الشراء للموكل في شيء منهما؛ فإنا وإن لم نوجب الوصف تجب مراعاته إذا ذكر لا أن التوكيل يبطل عند عدم التعرض للوصف. انتهى (3).

قلت: ولهذا لم يذكر "التنبيه" و"الحاوي" وصفها، ويحتمل أن المراد بالوصف: ذكر النوع، فهو معتبر كما تقدم.

ثانيها: مقتضى عبارته وعبارة "التنبيه" و"الحاوي": أنه إذا ساوته واحدة فقط .. لم يقع للموكل، لكن في "الروضة" من زوائده: الأصح عند القاضي أبي الطيب والأصحاب: الصحة فيهما للموكل، كما لو ساوته كل منهما، والثاني: لا يصح له واحدة منهما (4).

ولا يقال: إن اقتضى مفهوم "المنهاج" إجراء عدم الوقوع في هذه الصورة للموكل .. فقد اقتضى مفهومه أولاً الوقوع، فتدافع مفهوماه، فلا إيراد عليه؛ لأنا نقول: صح الإيراد عليه؛ لتقييده موضع الخلاف بمساواة كل واحدة مع أنه لا يتقيد بذلك، وأما الأولى: فهي موضع قطع.

ثالثها: قوله: (فالأظهر: الصحة وحصول الملك فيهما للموكل) هذا حكاية لقول واحد، ومقابله: أنهما لا يقعان له لا أن العقد باطل؛ ولذلك قال "التنبيه"[ص 109]: (كان الجميع له، وقيل: للوكيل شاة بنصف دينار)، وقد يفهم من تعبيره بـ (قيل) أنه وجه، وهو قول، ثم إن

(1) الروضة (4/ 318).

(2)

فتح العزيز (5/ 241)، الروضة (4/ 318).

(3)

انظر "السراج على نكت المنهاج"(4/ 39).

(4)

الروضة (4/ 319).

ص: 117

اشترى في الذمة .. فللموكل واحدة بنصف دينار، والأخرى للوكيل بنصفه، لكن للموكل انتزاعها منه، وتصيران له؛ فهو مخير بين الأمرين، وفي قول ضعيف: إنهما للوكيل وإن اشترى بعينه، فإن لم نقل بوقف العقود .. بطل في واحدة، وفي الأخرى قولا تفريق الصفقة، لكن صحح المتولي هنا: البطلان، وإن قلنا به: فإن شاء .. أخذهما به، وإن شاء .. أخذ واحدة بنصفه ورد الأخرى على البائع، واستشكل الرافعي القول الثاني من أصله: بأنه كبيع شاة من هاتين ليتخير منهما (1).

2426 -

قول "التنبيه"[ص 109]: (وإن دفع إليه ألفاً، وقال: "ابتع بعينها عبداً"، فابتاع في ذمته .. لم يصح) يقتضي بطلان العقد، وليس كذلك، بل هو صحيح إلا أنه لا يقع للموكل، وإنما يقع للوكيل إن لم يصرح بالسفارة، وكذا إن صرح في الأصح؛ ولذلك قال "المنهاج" [ص 275] و"الحاوي" [ص 331]:(لم يقع للموكل)، ومفهومه: الوقوع للوكيل، وحمل بعضهم قول "التنبيه":(لم يصح) على أن معناه: لم يصح للموكل، ولا يخفى أن ذكر الألف والعبد مثال.

واعلم: أن تعبير "التنبيه" بقوله: (ابتع بعينها) و"الحاوي" و"الروضة" وأصلها بقوله: (اشتر بعينه)(2) و"المحرر" بقوله: (ولو أمره أن يشتري بعين مال)(3) أصرح في المقصود من قول "المنهاج"[ص 275]: (ولو أمره بالشراء بمعين) لاحتمال هذه الصيغة أن يقول: (اشتر به أو بهذا)، وكلام!

لرافعي فيما إذا قال: (اشتر بهذا الدينار شاة) يقتضي التخيير بينه وبين الذمة (4)، لكن في "الإفصاح" و"النهاية" أن مقتضى قوله:(اشتر به): الشراء بالعين، ولو قال:(اشتر)، ولم يقل:(به) .. فالأصح: التخيير (5).

2427 -

قول "المنهاج"[ص 275]- والعبارة له - و"الحاوي"[ص 331]: (وكذا عكسه في الأصح) أي: لو قال: (اشتر في الذمة، وأنقده فيه)، فاشترى بعينه .. لم يقع للموكل، ومقتضاه: وقوعه للوكيل، وليس كذلك، فالوجهان في المسألة، أصحهما: بطلان البيع، والثاني: صحته للموكل، وقد حكى الوجهين في "التنبيه" بلا ترجيح، فقال [ص 109]:(قيل: يصح، وقيل: لا يصح)، وقد عرفت أن الأصح: عدم الصحة، وذلك مفهوم من قول "المنهاج" - والعبارة له - و"الحاوي" بعده: (ومتى خالف الموكل في بيع ماله أو الشراء بعينه ..

(1) انظر "فتح العزيز"(5/ 241)، وفي (ج) زيادة:(قال: وهو باطل عندنا).

(2)

فتح العزيز (5/ 247)، الحاوي (ص 331)، الروضة (4/ 323).

(3)

المحرر (ص 198).

(4)

انظر "فتح العزيز"(5/ 247).

(5)

انظر "نهاية المطلب"(7/ 43).

ص: 118

فتصرفه باطلٌ) (1) وفي معنى ذلك: ما إذا قال مع المخالفة: (اشتريت لفلان بألف في ذمته)، ذكره الرافعي في (البيع) في الشرط الثالث (2).

2428 -

قول "المنهاج"[ص 275]: (وإن قال: "بعت موكلك زيداً"، فقال: "اشتريت له" .. فالمذهب: بطلانه) فيه أمران:

أحدهما: لا تختص هذه المسألة بمخالفة الوكيل، بل يبطل ولو وافق الإذن؛ لعدم الخطاب بين المتعاقدين، وقد تفهم عبارة "المنهاج" غير ذلك؛ لذكرها في مسائل المخالفة.

ثانيهما: تعبيره هنا وفي "الروضة" بـ (المذهب)(3) يستدعي طريقين، وعبارة "الشرح":(ظاهر المذهب)(4)، وليس في "الكفاية" إلا وجهان، وكأنه في "المنهاج" اغتر بتعبير "المحرر" بـ (المذهب)(5)، ولا اصطلاح له فيه، وهذه الصورة هي مراد "الحاوي" بقوله [ص 331]:(سمَّيا الموكل) لكن تتناول عبارته ما لو قال: (بعتك لموكلك)، وهو صحيح جزماً.

2429 -

قول "المنهاج"[ص 275]: (فإن تعدَّى .. ضمن) قد يفهم استمرار الضمان حتى يُعيد العين لمالكها، وليس كذلك، بل لو باع وسلم .. زال الضمان، ولا يكون ضامنا للثمن، فلو رد عليه بعيب .. عاد الضمان، وقد ذكر ذلك "الحاوي" بقوله [ص 332]:(وضمن لا ثمنه، ولا إن باع وسلم، ويعود إن رُدَّ عليه بعيب).

2435 -

قول "التنبيه"[ص 110]: (وإن تعدى الوكيل .. انفسخت الوكالة، وقبل: لا تنفسخ) الثاني هو الأصح، وعليه مشى "المنهاج" و"الحاوي"(6).

ودخل في عبارته: ما لو تعدى بالقول فقط، كما لو باع بغبن فاحش ولم يُسَلّم، والذي في "الكفاية" عن "البحر" نفي الانعزال؛ لأنه لم يتعد فيما وكل فيه (7)، قال في "الكفاية": ويتجه أن يجيء فيه وجه آخر.

2431 -

قول "التنبيه"[ص 109]: (وإن وكله في بيع عبد أو شراء عبد .. لم يجز أن يعقد على نصفه) يستثنى منه: ما لو باع النصف بقيمة الكل .. فإنه يصح قطعاً، استدركه في "التصحيح" بلفظ:(الصواب)(8)، ونقل في "الكفاية" الاتفاق عليه.

(1) الحاوي (ص 331)، المنهاج (ص 275).

(2)

انظر "فتح العزيز"(4/ 32).

(3)

الروضة (4/ 324).

(4)

فتح العزيز (5/ 248).

(5)

المحرر (ص 198).

(6)

الحاوي (ص 332)، المنهاج (ص 275).

(7)

بحر المذهب (8/ 177).

(8)

تصحيح التنبيه (1/ 337).

ص: 119