الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب الوصايا
3200 -
فول "الحاوي"[ص 422]: (تصح وصية الحر) اقتصر في الموصي على الحرية، وزاد "المنهاج": التكليف (1)، ولا بد منه؛ ليخرج الصبي والمجنون، وكان ينبغي أن يقولا:(مختار) ليخرج المكره، وقد تناول ذلك جميعه تعبير "التنبيه" بجواز التصرف (2).
ودخل في عبارتهم: الكافر، وصرح به "المنهاج"(3)، ويدخل فيه الحربي، وصرح به الماوردي (4)، وتعبير"الوسيط" بالذمي يحتمل التقييد والتمثيل (5)، ويدخل فيه أيضاً: المرتد، وقد صحيح الروياني وصيته إن قيل ببقاء ملكه.
3201 -
قول "التنبيه"[ص 139]: (وفي الصبي المميز والمبذر قولان) فيه أمور:
أحدها: الأصح: بطلانها من الصبي، وعليه مشى "المنهاج"(6).
ثانيها: الأصح في المبذر: طريقة القطع بالصحة، وإن كان الأشهر عند العراقيين: طريقة القولين، كما ذكره في "المطلب".
ثالثها: محل الخلاف المشهور في المبذر الذي طرأ له التبذير: ما إذا حُجر عليه تفريعًا على الأصح: أنه لا بد من حجر الحاكم .. فقبل الحجر تصح وصيته؛ ولذلك عبر "المنهاج" بقوله [ص 351]: (وكذا محجور عليه بسفه على المذهب) وإنما قيدتُ أولاً الخلاف بالمشهور؛ لأنا إذا فرعنا على عود الحجر من غير حاكم .. ففيه الخلاف في المحجور، فظهر أن الخلاف في غير المحجور موجود، لكنه على ضعيف.
3202 -
قول "التنبيه"[ص 140]: (ولا تجوز الوصية إلا في معروف) المشهور: الاكتفاء في الجهة بانتفاء المعصية، وفي المعين بإمكان الملك؛ ولذلك قال "المنهاج" [ص 351]:(وإذا أوصى لجهة عامة .. فالشرط: ألَاّ يكون معصية كعمارة كنيسة، أو لشخص .. فالشرط: أن يمصوَّر له الملك)، وعبارة "الحاوي" [ص 422]:(لجهة عامة غير معصية، أو لموجود معين أهل للملك عند موته) فقيد أهلية الملك بحالة موت الموصي، واعتبر أن يكون معيناً؛ ليخرج الوصية لأحد الرجلين.
(1) المنهاج (ص 351).
(2)
التنبيه (ص 139).
(3)
المنهاج (ص 351).
(4)
انظر "الحاوي الكبير"(8/ 190).
(5)
الوسيط (4/ 408).
(6)
المنهاج (ص 351).
ويستثنى منه: ما إذا كان بلفظ العطية، كما إذا قال: أعطوا العبد لأحد الرجلين .. فإنه جائز، كما حكاه الرافعي عن "المهذب" و"التهذيب" وغيرهما تشبيهاً بما إذا قال لوكيله: بعه لأحد الرجلين (1).
وقال شيخنا الإمام البلقيني: إن الضبط بتصور الملك ليس بمستقيم؛ فالعبد لا يتصور له الملك، والوصية له صحيحة، حتى لو أُعتق قبل الموت .. كانت له، وتمثيل "التنبيه" و"المنهاج" للمعصية بعمارة كنيسة محمول على كنيسة التعبد (2)، أما كنيسة ينزلها المارة، أو وقفها على قوم يسكنونها، أو يحمل كراؤها للنصارى .. فيجوز والمعصية في بناء كنيسة يجتمعون فيها على الشرك، نص عليه، وقال الماوردي: إن خص نزولها بأهل الذمة .. لم يجز وإن جازت الوصية لهم؛ لأن فيه جمعاً لهم، فَيُفْضي إلى التعبد (3)، واختاره السبكي، وزاد: أنه يشترط ألَاّ يسميها باسم الكنيسة، قال: فإن سماها باسمها .. بطل قطعاً.
3203 -
قول "المنهاج" في الوصية للحمل الموجود [ص 351]: (فإن انفصل لستة أشهر فأكثر والمرأة فراش زوج أو سيد .. لم يستحق) فيه أمور:
أحدها: كذا في كلام الرافعي والنووي وغيرهما هنا تبعاً للنص إلحاف الستة الأشهر بما فوقها (4)، وذكروا في الطلاق والعدد ما يقتضي إلحاقها بما دونها؛ لأنه لا بد من تقدير لحظة للعلوق وأخرى للوضع، ولهذا قال في "المهمات": الصواب: إلحاقها بما دونها؛ ولهذا قال الرافعي في (العدد): إن أقصى ما بين التوأمين ستة أشهر (5).
ثانيها: قيده الإمام بما إذا ظن أنه يغشاها، أو أمكن بأن كان في بلد ولا مانع (6).
ثالثها: يشترط أيضاً: إمكان اللحوق به، فلو كان بين أول فراشه والوضع دون أقل مدة الحمل .. كان وجود فراشه كعدمه، ذكره في "المهمات" وقال: تعليلهم يدل عليه.
3204 -
قوله: (فإن لم تكن فراشاً وانفصل أكثر من أربع سنين .. فكذلك، أو لدونه .. استحق في الأظهر)(7) فيه أمران:
أحدهما: ذكر الضمير في قوله: (لدونه) تبعاً لـ "المحرر"(8) ليعود على (أكثر)، فيفيد
(1) المهذب (1/ 451، 452)، التهذيب (5/ 77)، وانظر "فتح العزيز"(7/ 35).
(2)
التنبيه (ص 145)، المنهاج (ص 351).
(3)
انظر "الحاوي الكبير"(14/ 321).
(4)
انظر "فتح العزيز"(7/ 10)، و "الروضة"(6/ 99).
(5)
انظر "فتح العزيز"(9/ 447).
(6)
انظر "نهاية المطلب"(11/ 115، 116).
(7)
انظر "المنهاج"(ص 351).
(8)
المحرر (ص 268).
أنه لو انفصل لأربع سنين بغير زيادة .. استحق، وهي فائدة حسنة.
ثانيهما: قال السبكي: صورته كما يقتضيه كلام أبي الطيب في متوفى عنها أو مطلقة، أما من لم يعرف لها زوج ولا سيد .. فينبغي القطع بعدم الاستحقاق؛ لانتفاء الظهور حينئذ، وانحصار الطريق في الشبهة أو الزنا، قال: وهذا لم أر من صرح به، بل قلته تفقهاً.
قلت: لا بد من ذلك، ومعنى قولهم:(ليست فراشاً) أي: قائماً، أما كونها كانت فراشاً .. فلا بد منه، والله أعلم.
3205 -
قول "التنبيه"[ص 140]: (وإن وصى لما تحمل هذه المرأة .. صح، وقيل: لا يصح) الأصح: أنه لا يصح، وعليه يدل قول "المنهاج" [ص 352]:(وعُلم وُجوده عندها) و"الحاوي"[ص 422]: (أو لموجود).
3206 -
قول "المحرر"[ص 268]: (ولو أوصى لعبد إنسان) أحسن من قول "المنهاج"[ص 351]: (لعبد) لإشعاره بأنه ليس عبداً للموصي، والحكم المذكور محله في عبد الأجنبي، أما عبد نفسه؛ فإن أوصى له برقبته .. صح، وهي وصية مقصودها العتق، والأصح: افتقارها إلى القبول، وإن أوصى له بثلث ما يملك من رقبته وغيرها .. صح كذلك، ويبقى باقيه لوارثه، فإن لم يذكر رقبته .. فالأصح: دخول رقبته في الوصية كالصورة قبلها، والثاني: لا، وهي وصية لقن وارثه، وحكمه: أنه إن باعه وارثه قبل موت الموصى .. فهي للمشتري، وإن أعتقه .. فللعتيق، وإن استمر ملكه .. فوصية لوارث.
3207 -
قول "التنبيه"[ص 142]: (وإن أوصى لعبد فقبل .. دفع إلى سيده) محله: ما إذا استمر رقه، فإن عتق قبل موت الموصى .. فالوصية له، كان عتق بعد موته ثم قبل .. بُني على أن الوصية؛ تملك؟ ذكره "المنهاج"، وقال "الحاوي" في تمثيل موجود معين أهل للملك عند موته [ص 422]:(كعبد عتق) ولا يفهم منه البطلان فيما إذا لم يعتق، بل يكون لسيده، والتقييد بكونه عتق؛ لكونه هو المستحق للوصية، لا لأصل صحتها، فذكر مثالاً، ولم يستوعب الأمثلة.
واعلم: أنهم أطلقوا الكلام في الوصية لعبد غيره، ولم يفصلوا كما فصلوا في (الوقف) و (الهبة)، فقالوا: إن قصد العبد نفسه .. بطل في الجديد، أو السيد أو أطلق .. فلسيده، والفرق أن الاستحقاق في الوصية منتظر؛ فقد يعتق .. فتكون له، أو لا .. فلسيده، بخلاف الهبة والوقف؛ فإن الاستحقاق فيهما ناجز، فأبطلنا فيما إذا قصد من ليس أهلاً للملك، وصححنا في غيره، أشار السبكي إلى معناه.
3208 -
قول "المنهاج"[ص 351]: (وإن وصَّى لدابة وقصد تمليكها أو أطلق .. فباطلةٌ) هو
مفهوم "الحاوي" حيث اعتبر في الصحة شرط الصرف في علفها (1)، ولم يحكوا هنا خلافاً في البطلان حالة الإطلاق، وذكروا في إطلاق الوقف عليها وجهين، هل يكون لمالكها؟ قال الرافعي: فيشبه مجيئها هنا (2)، وقد يفرق بأن الوصية تمليك محض، فينبغي إضافته إلى من يملك بخلاف الوقف، قال النووي: والفرق واضح (3).
وضعفه ابن الرفعة: بأن الوقف وإن لم يكن فيه تمليك الرقبة .. فهو ينقل المنفعة.
ورده السبكي: بأن المنفعة تابعة للعين، وإنما يملكها عند التناول.
3209 -
قولهما - أيضاً والعبارة لـ"المنهاج" -: (وإن قال: ليُصرف في علفها .. فالمنقول: صحتها)(4) عبارة "المحرر": (فالظاهر)(5)، قال في "الدقائق": ومراد "المحرر" بالظاهر: ما ذكرناه من أنه المنقول، لا أنه ناقل لخلاف في صحتها، بل أشار إلى احتمال خلاف (6).
قلت: والمراد به ما ذكره في "الشرح": أنه تقدم في نظيره من الوقف وجهان (7)، فيشبه أن هذا مثله.
3210 -
قول "الحاوي"[ص 422]: (وصُرف) قد يوهم تسليمه للمالك ليصرفه، وليس كذلك، بل يصرفه الوصي، فإن لم يكن .. فالقاضي أو نائبه، وهذا تفريع على الأصح، وهو: الصرف في علفها، ومقابله: يُسَلم إلى المالك، ولا يلزمه صرفه في علفها، وقال في "الشرح الصغير": إنه الأقوى، فلو باعها .. قال الرافعي: فقياس كونها للدابة: الاستمرار لها، وقياس كونها للمالك: كونها للمنتقل عنه (8)، قال النووي: بل القياس: أنها للمنتقل إليه؛ كالوصية للعبد (9).
وصحح ابن الرفعة قول الرافعي.
قال السبكي: وهو الحق إن انتقلت بعد استقرارها بالقبول أو بالموت إن قيل به، وإن انتقلت قبل الموت .. فالحق قول النووي، قال: وهو قياس العبد في التقديرين.
3211 -
قول "التنبيه"[ص 140]: (وإن أوصى لحربي .. فقد قيل: يصح، وقيل: لا يصح)
(1) الحاوي (ص 422).
(2)
انظر "فتح العزيز"(7/ 18).
(3)
انظر "الروضة"(6/ 105).
(4)
انظر "الحاوي"(ص 422)، و"المنهاج"(ص 351).
(5)
المحرر (ص 268).
(6)
الدقائق (ص 66).
(7)
فتح العزيز (7/ 18).
(8)
انظر "فتح العزيز"(7/ 19).
(9)
انظر "الروضة"(6/ 106).
الأصح: الصحة، وعليه مشى "المنهاج" و"الحاوي"(1)، ومحله: ما إذا أوصى له بغير آلة الحرب، فإن أوصى له بها .. فكبيعها منه، قاله الإمام (2)، وتبعه في "الكفاية"، وهو واضح، وقياس ما سنذكره في المرتد: أنه لو أوصى لمن يحارب .. بطلت، وهو كذلك.
3212 -
قول "المنهاج"[ص 352]: (ومرتد في الأصح) ليست في "المحرر"، وهي في "الروضة"، وذكرها "الحاوي"(3)، وصورتها: أن يوصى لشخص وهو مرتد، فلو أوصى لمن يرتد .. بطل، أو لمسلم فارتد .. فهي جائزة، ذكرهما الماوردي (4)، وعبارة "المنهاج" تقتضي استواء الحربي والمرتد في الخلاف، وجعل بعضهم المرتد أولى بالصحة، وجعله بعضهم أولى بالمنع.
3213 -
قولهم: (بصحة الوصية للقاتل في الأظهر)(5) فيه أمور:
أحدها: أن محله: فيما إذا كان الموصى له حراً، فلو أوصى للقاتل الرقيق .. صح قطعاً؛ لأنها لسيده.
ثانيها: أن محله أيضاً: في الوصية لمعين هو قاتل، فلو أوصى لمن يقتله .. بطلت الوصية قطعاً، ذكرهما في "الكفاية".
واعترض عليه: بأنه لا حاجة إليهما، أما الأول: فلأنها للسيد، فليست وصيةً للقاتل، فإن قتله السيد .. جرى الخلاف، وأما الثاني: فهو معلوم من بطلان الوصية بالمعصية.
ثالثها: أن محله: إذا أوصى له بغير القود، فإن أوصى له بالقود، أو عفى عنه في المرض .. صح جزماً، حكاه شيخنا الإمام البلقيني عن "تعليق الشيخ أبي حامد"، وفي "الروضة" وأصلها فيما لو قطع عضواً من شخص فقال: عفوت عن هذه الجناية، فسرت إلى النفس في أرش العضو؛ إن جرى لفظ الوصية .. فهي وصية للقاتل، والأصح: صحتها، وإن جرى لفظ العفو أو الإبراء أو الإسقاط .. فالمذهب: أنه يسقط أرش العضو قطعاً؛ لأنه إسقاط ناجز، والوصية هي التي تتعلق بالموت (6).
رابعها: المراد: الوصية لقاتل الموصي، فلو أوصى لقاتل غيره؛ فإن كان بعد قتله .. صح، وذكر القتل تعريف، أو قبله .. فلا؛ لأن فيه إغراء.
(1) الحاوي (ص 422)، المنهاج (ص 352).
(2)
انظر "نهاية المطلب"(11/ 287).
(3)
الحاوي (ص 422)، الروضة (6/ 107).
(4)
انظر "الحاوي الكبير"(8/ 193).
(5)
انظر "التنبيه"(ص 140)، و"الحاوي"(ص 422)، و "المنهاج"(ص 352).
(6)
الروضة (9/ 243).
قال في "التوشيح": إلا أن يكون القتل بحق .. فيظهر الصحة وإن قلنا: لا فرق في الوصية للقاتل بين أن يكون بحق أو باطل؛ لأن ذاك في قاتل نفسه، فيسلك به مسلك الميراث، ولا كذلك قاتل غيره بحق؛ إذ لا مانع من الصحة فيه.
3214 -
قول "المنهاج"[ص 352]: (وتصح بالحمل، ويشترط انفصاله حياً لوقت يُعلم وجوده عندها) كذا لو انفصل ميتاً مضموناً بجناية جانٍ .. لا تبطل الوصية، وتنفذ من الضمان؛ لأنه انفصل متقوماً، بخلاف ما لو أوصى لحمل فانفصل ميتاً بجناية .. فإنها تبطل؛ لأن المعتبر المالية، وبخلاف ما لو أوصى بحمل ناقة فألقته ميتاً بجناية .. فإنها تبطل، وما يغرمه الضارب للوارث؛ لأن ما في جنين الأمة بدل منه؛ لأنه ديته، وما في جنين البهيمة بدل منها؛ لأنه ما نقص منها، قاله الماوردي (1).
وعُلم منه أنَّ مسألة "المنهاج" في حمل الأمة، وعبارة "الروضة": بحمل فلانة (2)، وهو كناية عن العاقل، ويقال في غير العاقل:(الفلان) بالألف واللام.
3215 -
قوله: (وكذا بثمرة أو حمل سيحدثان في الأصح)(3)، كان ينبغي أن يقول:(سيحدث) لأن التثنية مع العطف بأو ضعيف.
3216 -
قوله: (وبنجاسة يحل الانتفاع بها؛ ككلب معلم)(4) أوضحه "الحاوي" بقوله [ص 423]: (وكلب صيدٍ وزرع وماشية إن كان له) وهو معنى قول "التنبيه" في أمثلة الوصية بما يجوز الإنتفاع به من النجاسات [ص 142]: (والكلب) وقد يفهم كلامهم المنع في الجرو القابل للتعليم؛ لأنه ليس الآن معلما ولا كلب صيد حقيقة ولا ينتفع به، والأصح: جوازه بناء على جواز اقتنائه لذلك، ولو كان الموصى له ليس صاحب صيد ولا زرع ولا ماشية .. ففيه وجهان نقلهما الماوردي (5).
3217 -
قول "التنبيه"[ص 142]: (ولا يجوز بما لا يجوز الانتفاع به كالخمر) قال في "الكفاية": كذا أطلقه العراقيون بناء على الصحيح عندهم في أنه لا فرق بين المحترمة وغيرها، والذي ذكره الرافعي والنووي: جواز الوصية بالمحترمة (6)، وعليه مشى "المنهاج" و"الحاوي"(7).
(1) انظر "الحاوي الكبير"(8/ 219).
(2)
الروضة (6/ 116).
(3)
انظر "المنهاج"(ص 352).
(4)
انظر "المنهاج"(ص 352).
(5)
انظر "الحاوي الكبير"(8/ 236).
(6)
انظر "فتح العزيز"(7/ 38)، و "الروضة"(6/ 120).
(7)
الحاوي (ص 423)، المنهاج (ص 352).