الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يجب الحكم بينهم، والثاني: لا يجب) الأظهر كما في "المنهاج": وجوب الحكم، وعليه مشى "الحاوي"(1).
ويجري القولان في ترافع الذمي والمعاهد، وقيل: يجب قطعاً، ومحل القولين: ما إذا اتحدت مِلَّتُهُمَا، فإن اختلفت .. فالأصح: القطع بالوجوب؛ لأنهما قد لا يجتمعان على حاكم، فيدوم النزاع، وقد يفهم من مقابل الأصح - وهو: عدم الوجوب - تركهما على النزاع، وليس كذلك، بل إما أن يحكم أو يردهما إلى حاكمهم.
3635 -
قول "التنبيه" في عقد الذمة فيما لو تبايعوا بيوعاً فاسدة [ص 239]: (وإن ترافعوا إلى حاكم لهم، فألزمهم التقابض، ثم ترافعوا إلى حاكم المسلمين .. أمضى ذلك الحكم في أحد القولين) هو الأصح.
فصلٌ [فيمن أسلم وتحته أكثر من أربع نسوة]
3636 -
قول "التنبيه"[ص 164]: (وإن أسلم الحر وتحته أكثر من أربع نسوة وأسلمن معه .. اختار منهن أربعاً) المراد بإسلامهن معه: المقارنة إن كان قبل الدخول، وفى العدة إن كان بعد الدخول، واشتراط الإسلام محله: إذا كن غير كتابيات، فإن كن كتابيات يحل نكاحهن .. فلا يضر بقاؤهن على الكفر.
وقد أوضح ذلك "المنهاج" فقال [ص 388]: (أسلم وتحته أكثر من أربع وأسلمن معه أو في العدة أو كن كتابيات .. لزمه اختيار أربع، ومندفع من زاد) ودخل في إسلامهن في العدة ما إذا سبق إسلامه، وهو المتبادر إلى الفهم، وما إذا سبق إسلامهن ثم أسلم هو في العدة، ولا يخفى أن مراد "المنهاج": الحر؛ فالعبد لا يختار غير اثنتين، وقد صرح به "التنبيه" و"الحاوي"(2).
3637 -
قول "التنبيه" فيما إذا أسلم وتحته أم وبنت، وأسلمتا معه [ص 164]:(وإن لم يدخل بواحدة منهما .. ففيه قولان، أحدهما: يثبت نكاح البنت ويبطل نكاح الأم، والثاني - وهو الأصح -: أنه يختار أيتهما شاء وينفسخ نكاح الأخرى) تبع في ترجيح التخيير بينهما الشيخ أبا حامد ومن تابعه، لكن المرجح في "المحرر" و"المنهاج": تعين البنت، وعليه مشى "الحاوي"(3)،
(1) الحاوي (ص 466)، المنهاج (ص 388).
(2)
التنبيه (ص 165)، الحاوي (ص 466).
(3)
المحرر (ص 302)، الحاوي (ص 466)، المنهاج (ص 388).
وفى "أصل الروضة": إنه الأظهر عند الأكثرين (1)، والذي في "الشرحين" أن الأئمة بنوهما على صحة أنكحتهم؛ إن صححناها .. تعينت البنت، وإلا .. تخير (2).
قال الرافعي: قضية هذا البناء ترجيح تعين البنت، وإليه ذهب أبو على والصيدلاني والإمام والغزالي والبغوي وغيرهم، ورجح الشيخ أبو حامد ومن تابعه التخيير، ووافقهم الشيخ أبو إسحاق الشيرازي (3).
وفي معنى إسلامهما: ما إذا كانتا كتابيتين.
3638 -
قول "التنبيه"[ص 164]: (وإن دخل بالأم دون البنت .. ففيه قولان أحدهما: ينفسخ نكاحهما وحرمتا على التأبيد، والثاني: يثبت نكاح الأم وينفسخ نكاح البنت) الأظهر: الأول، وعليه مشى "المنهاج"(4)، وهو مبني على صحة أنكحتهم، ووقع في حكاية "الكفاية" كلام "التنبيه" تصحيح الثاني، وليس ذلك في أكثر النسخ.
3639 -
قول "التنبيه"[ص 164]: (فإن أسلم وتحته أربع إماء فأسلمن معه) أي: إما مقارناً أو في العدة إن كان بعد الدخول ولو سبق إسلامهن إسلامه، وقد أوضح ذلك "المنهاج" بقوله [ص 389]:(أو إماء وأسلمن معه أو في العدة .. اختار أمة إن حلت له عند اجتماع إسلامه وإسلامهن) أي: فلو أسلم وتحته ثلاث إماء فأسلمت واحدة وهو معسر يخاف العنت، ثم أسلمت الثانية في عدتها وهو موسر أو آمن، ثم أسلمت الثالثة وهو معسر خائف .. اندفعت الثانية ويتخير بين الأولى والثالثة.
3640 -
قول "المنهاج" - والعبارة له - و"الحاوي" فيما لو أسلم وتحته حرة وإماء: (وإن أصرت - أي: الحرة - فانقضت عدتها .. اختار أمة)(5)، أي: إن كان ممن يحل له نكاح الأمة، وقد صرح به مع وضوحه "التنبيه"(6).
3641 -
قول "المنهاج"[ص 389]: (ولو أسلمت وعتقن ثم أسلمن في العدة .. فكحرائر؛ فيختار أربعاً) لا يختص بهذا التصوير، وضابطه: أن يطرأ العتق قبل اجتماع إسلامهن وإسلام الزوج؛ فيشمل هذه الصورة، وما إذا أسلمن ثم عتقن ثم أسلم، وما إذا عتقن ثم أسلمن ثم
(1) الروضة (7/ 157).
(2)
فتح العزيز (8/ 108).
(3)
فتح العزيز (8/ 108)، وانظر "نهاية المطلب"(12/ 309، 310)، و"الوجيز"(2/ 21)، و"التهذيب"(5/ 396).
(4)
المنهاج (ص 388).
(5)
الحاوي (ص 466)، المنهاج (ص 389).
(6)
التنبيه (ص 164، 165).
أسلم، وما إذا عتقن ثم أسلم ثم أسلمن، فلو تأخر عتقهن عن الإسلامين؛ بأن أسلم ثم أسلمن، أو عكسه ثم عتقن .. استمر حكم الإماء عليهن، فتتعين الحرة إن كانت، وإلا .. اختار واحدة من الإماء فقط بشرطه.
3642 -
قول "التنبيه" فيما لو أسلم عبد وتحته أربع نسوة [ص 165]: (فإن أسلم وأعتق ثم أسلمن، أو أسلمن فأعتق ثم أسلم .. ثبت نكاح الأربع) لا يخفى أن محله: إذا كن حرائر، ومن باب أولى ما إذا عتق أولاً، وكذا لو أسلم معه واحدة ثم عتق ثم أسلم الباقيات، أما لو أسلم معه اثنتان ثم عتق .. تعينتا للنكاح؛ ولهذا قال "الحاوي" [ص 467]:(وكالحر إن عتق ولم يسلم أو ثنتان، وإلا .. تعينتا).
3643 -
قول "الحاوي"[ص 467]: (وبعدهما تدفع المتأخرة عن عتقها) أي: والأمة التي عتقت بعد إسلامها وإسلام الزوج تدفع نكاح المتأخرة عن عتقها لا غير، حتى لو أسلم على أربع إماء فأسلمت معه اثنتان وتخلفت اثنتان فعتقت واحدة من المتقدمتين وأسلمت المتخلفتان على الرق .. اندفع نكاحهما؛ لأن تحت زوجهما حرة عند إسلامهما وإسلام الزوج، ولا تندفع الرقيقة المتقدمة؛ لأن عتق صاحبتها كان بعد إسلامها وإسلام الزوج، فلا يؤثر في حقها، بل يختار واحدة منهما، كذا ذكره الغزالي، وتبعه الرافعي والنووي (1).
وقال ابن الصلاح في "مشكل الوسيط": استقر الرأي بعد البحث والتنقير على الحكم على الغزالي بأنه ساهٍ في هذه المسألة على المذهب، وصوابه: أنه لا يندفع نكاح المتخلفتين، بل يتخير بين الأربع؛ لأن عتق إحدى المتقدمتين كان بعد اجتماعهما على الإسلام، والقاعدة: أن مثل هذا العتق لا يجعلها كالحرائر، بل يبقى حكمها حكم الإماء في حقها وحق غيرها، وكان منشأ السهو أنه سبق وهمه إلى أنه لما كان عتق المتقدمة واقعاً قبل اجتماع الزوج والمتخلفتين في الإسلام .. التحقت بالحرائر في حق المتخلفتين، وهذا خطأ؛ لأن الاعتبار في ذلك باجتماع العتيقة نفسها والزوج في الإسلام لا باجتماع غيرها والزوج، وهذه العتيقة كانت رقيقة عند اجتماعها هي والزوج في الإسلام، فكان حكمها حكم الإماء في حقها وحق غيرها. انتهى (2).
ويوافق ما ذكره ابن الصلاح قول الفوراني: لو أسلم وتحته إماء وأسلمت معه واحدة ثم عتقت ثم أسلم البواقي .. تخير بين الكل؛ لأنها في حالة الاجتماع في الإسلام كانت أمة. انتهى.
وقال شيخنا الإمام البلقيني: إنه الصواب.
3644 -
قول "المنهاج "[ص 389]: (والاختيار: "اخترتك"، أو "قررت نكاحك"، أو
(1) انظر "الوجيز"(2/ 21)، و"فتح العزيز"(8/ 111)، و"الروضة"(7/ 160، 161).
(2)
مشكل الوسيط (5/ 146).
"أمسكتك"، أو "ثبتك")، قال الرافعي بعد ذكر هذه الألفاظ وغيرها: وكلام الأئمة يقتضي أن الكل صريح، لكن الأقرب: أن (اخترتك)، و (أمسكتك) من غير تعرض للنكاح كناية. انتهى (1).
فعلى ما رجحه الرافعي قد خلط "المنهاج" ألفاظ الصريح بالكناية، ومقتضى هذا الكلام: صحة الاختيار بالكناية، وقد منعه الروياني؛ لأنه كالابتداء، وينبغي إن جعل كالدوام مجيء خلاف كالرجعة بها.
وفي بعض نسخ "المحرر": (اخترتك)(2) كما في "المنهاج"، وفي بعضها:(اخترت) بغير كاف؛ أي: اخترت أو قررت نكاحك، فيكون حذف مفعول الأول لدلالة الثاني، والتقدير: اخترت نكاحك، فزاد "المنهاج" الكاف؛ فصار كناية.
3645 -
قول "التنبيه"[ص 164]: (وإن وطئها .. فقد قيل: هو اختيار، وقيل: ليس باختيار) الأصح: أنه ليس باختيار، وعليه مشى "الحاوي"(3).
3646 -
قول "المنهاج"[ص 389]: (ولا يصح تعليق اختيارٍ ولا فسخٍ) محله: ما إذا أراد بالفسخ الحل بلا طلاق، فإن أراد به الطلاق .. جاز تعليقه، وهو داخل في قوله قبل ذلك:(والطلاق اختيار)(4) فإنه يتناول الصريح والكناية والمنجز والمعلق، وقد صرح به "الحاوي" فقال [ص 467]:(والطلاق وإن علق) ثم قال: (لا الاختيار) أي: لا يصح تعليقه، ثم قال:(والفسخ بتفسيره)(5) والظاهر أنه معطوف على الطلاق؛ أي: أن الفسخ إذا كان بتفسير الطلاق .. فهو تعيين، ويصح تعليقه، ويجوز أن يكون معطوفاً على الاختيار؛ أي: أن الفسخ بتفسير الاختيار؛ أي: اختيار الفراق لمجرد الحل لا يصح تعليقه.
3647 -
قول "المنهاج"[ص 389]: (ولو حصر الاختيار في خمس .. اندفع من زاد) مثال؛ ولذلك قال "الحاوي"[ص 468]: (وجاز الحصر في بعض).
3648 -
قول "المنهاج"[ص 389]: (وعليه التعيين) يحتمل أنه من تمام ما قبله؛ أي: تعيين أربع من الخمس، ويوافقه قول "المحرر":(فيندفع غيرهن ويؤمر بالتعيين فيهن)(6)، وأيضاً: فإن وجوب التعيين قد تقدم أول الفصل في قوله: (لزمه اختيار أربع)(7)، ويحتمل أنه كلام مبتدأ
(1) انظر "فتح العزيز"(8/ 119).
(2)
المحرر (ص 303).
(3)
الحاوي (ص 467).
(4)
انظر "المنهاج"(ص 389).
(5)
انظر "الحاوي"(ص 467).
(6)
المحرر (ص 303).
(7)
انظر "المنهاج"(ص 388).
يشمل هذه وغيرها، ويؤيده أن النووي عمل بخطهِ فاصلة قبله، وأنه عطف عليه (1).
3649 -
قوله: (ونفقتهن حتى يختار)(2) وهذا لم يتقدم ذكره؛ فجعله مستأنفاً شاملاً لهذه المسألة، وغيرها أولى.
3650 -
قول "التنبيه"[ص 164]: (فإن لم يفعل - أي: الاختيار - أجبر عليه) لم يبين كيفية الإجبار، وفي "المنهاج" [ص 389]:(فإن ترك الاختيار .. حبس) وفي "الحاوي"[ص 468]: (وحبس له، وعزر إن أصر)، قال الأصحاب: ويعزر ثانياً وثالثاً
…
وهكذا حتى يختار بشرط تخلل مدة يبرأ بها عن ألم الأول، وهذا الذي ذكره الأصحاب من وجوب الاختيار تمسكوا فيه؛ لورود الأمر في حديث غيلان.
وقال السبكي: الذي أفهمه منه: أن "أمسك" للإباحة و"فارق" للوجوب (3)، لحقهن في رفع الحبس عنهن، ولمنع الجمع بين العشرة؛ فإنه الحرام، والواجب ضده، فالسكوت مع الكف عن الكل لا محذور فيه، إلا إذا طلبن إزالة الحبس .. فيجب كسائر الديون، وإلا .. لم يجب، فينبغي حمل كلامهم عليه. انتهى.
3651 -
قول "الحاوي"[ص 468]: (فإن مات قبله .. اعتدت كل الأقصى) أي: اعتدت كل واحدة الأقصى من عدتي الفراق والوفاة، محله: في غير الحامل إذا كانت مدخولاً بها ذات أقراء، فأما الحامل .. فتعتد بوضع الحمل، وأما غير المدخول بها وذات الأشهر .. فتعتد عدة الوفاة، وقد ذكر ذلك "المنهاج" فقال [ص 389]:(اعتدت حامل به، وذات أشهر وغير مدخول بها بأربعة أشهر وعشر، وذات أقراء بالأكثر من الأقراء وأربعة أشهر وعشر) واعلم: أن الأشهر معتبرة من موته، والأصح: اعتبار الأقراء من وقت إسلامهما إن أسلما معاً، والا .. فمن إسلام السابق.
قال شيخنا الإمام البلقيني: والمراد: الأكثر من أربعة أشهر وعشر وما بقي من الأقراء، صرح به البغوي (4)، وهو ظاهر.
3652 -
قولهما - والعبارة لـ"المنهاج" -: (ويوقف نصيب زوجات حتى يصطلحن)(5) محله: إذا كن مسلمات، فإن كن كوافر .. فلا وقف، فلو أسلم معه أربع وتخلف أربم كتابيات .. فالأصح: لا وقف أيضاً، بل تقسم التركة بين غيرهن من الورثة؛ لأن استحقاق الزوجات غير
(1) انظر "الروضة"(7/ 147).
(2)
انظر "المنهاج"(ص 389).
(3)
يعني به قوله صلى الله عليه وسلم لغيلان الثقفي فيما أخرجه ابن حبان (4157) وغيره عن سيدنا ابن عمر رضي الله عنهما: "أمسك أربعاً، وفارق سائرهن".
(4)
انظر "التهذيب"(5/ 407).
(5)
انظر "التنبيه"(ص 164)، و "المنهاج"(ص 389).