الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب المساقاة
2775 -
قول "التَّنبيه"[ص 121]: (من [جاز] (1) تصرفه في المال .. صح منه عقد المساقاة) يتناول الولي، وقد صرح به "المنهاج" فقال [ص 304]:(تصح من جائز التصرف، ولصبيٍّ ومجنونٍ بالولاية).
2776 -
قول "المنهاج"[ص 304]: (وموردها: النخل والعنب) أحسن من تعبير "التَّنبيه" و "الحاوي" بالكرم (2)، لورود النَّهي عنه.
2777 -
قول "التَّنبيه"[ص 121]: (وفيما سواهما من الأشجار قولان) فيه أمور:
أحدها: عبارة "المنهاج"[ص 304]: (وجوَّزها القديم في سائر الأشجار المثمرة)، وهو يُفهِم ترجيح مقابله؛ لكون الغالب رجحان الجديد، وهو المشهور، وعليه مشى "الحاوي"(3)، وذكر في "تصحيح التَّنبيه": أن المختار: الجواز، واختاره السبكي أيضاً، ولكن في الأشجار التي تحتاج إلى عمل، قال: أما ما لا يحتاج إلى عمل .. فلا أوافق القديم فيه؛ إذ لا وجه للمساقاة عليه.
ثانيها: محل المنع: إذا أفردت بالمساقاة؛ فإن ساقى عليها تبعاً لنخل أو كتب .. ففيه وجهان في آخر المزارعة من الرافعي بلا ترجيح (4)، أصحهما في "الروضة": الجواز كالمزارعة (5)، وحكاه في "الكفاية" عن الماوردي، وقيده بالقليل، ومقتضى ما في "الروضة": عدم تقييده به، لكن مقتضى قوله:(كالمزارعة) أنَّه يشترط تعذر إفراد النخل والعنب بالسقي كما في المزارعة، وطردهما بعضهم فيما لا تجوز المساقاة عليه جزماً؛ كالموز والقصب تبعاً.
ثالثها: في المساقاة على شجر المُقْلِ وجهان على الجديد، جوزها ابن سريج، ومنعها غيره، زاد في "الروضة": الأصح: المنع (6).
قال في "المهمات": والفتوى على الجواز؛ فقد نص عليه الشَّافعي رحمه الله كما نقل القاضي أبو الطَّيِّب، وهذا والذي قبله إن حدّثنا .. وردا على "المنهاج" و "الحاوي" أيضاً.
(1) في (ج)، (د):(صح).
(2)
التَّنبيه (ص 121)، الحاوي (ص 372).
(3)
الحاوي (ص 372).
(4)
انظر "فتح العزيز"(6/ 58).
(5)
الروضة (5/ 172).
(6)
الروضة (5/ 150).
2778 -
قول "المنهاج"[ص 304]: (ولا تصح المخابرة، وهي: عمل الأرض ببعض ما يخرج منها والبذر من العامل) أورد عليه: أن تعبيره بـ (عمل الأرض) غير واضح؛ فإن العمل وظيفة العامل، فلا يفسر العقد به، وعبارة "الروضة" وأصلها: المعاملة على الأرض، وهي واضحة (1).
2779 -
قول "التَّنبيه"[ص 122]: (المزارعة: أن يسلم الأرض إلى رجل ليزرعها ببعض ما يخرج منها) يتناول ما لو كان البذر من العامل، وشرطها: أن يكون البذر من المالك، ولهذا قال "المنهاج" [ص 304]:(وهي: هذه المعاملة، والبذر من المالك) وما ذكره "التَّنبيه" مبني على أن المزارعة والمخابرة بمعنى واحد، الصَّحيح: تغايرهما، كذا قال في "الكفاية".
وأجاب عنه النسائي وغيره: بأن قوله بعد ذلك: (والبذر من صاحب الأرض) يدفعه (2).
قلت: لم يذكر ذلك في تفسير المزارعة، وإنَّما ذكره في شرط تجويزها تبعًا للمساقاة.
وأعلم: أن النووي اختار من جهة الدليل: صحة المزارعة والمخابرة مطلقًا تبعاً لابن المنذر وابن خزيمة والخطابي، ونصر السبكي المذهب، وقال: إنَّه أسلم المذاهب، قال: ولم أر لمن أجاز المزارعة والمخابرة من أصحابنا كلاماً في اشتراط التوقيت واللزوم فيهما كالمساقاة، قال: وصرحت الحنفية بالاشتراط، وهو مقتضى الفقه عند أصحابنا، لكن عمل النَّاس على خلافه، ولا اعتبار بعملهم؛ فهو فاسد.
2780 -
قول "التَّنبيه"[ص 122]: (ولا يجوز ذلك إلَّا على الأرض التى بين النخيل، فيساقيه على النخل، ويزارع على الأرض، ويكون البذر من صاحب الأرض، فيجوز ذلك تبعاً للمساقاة)، قال في "المنهاج" [ص 304]:(بشرط: اتحاد العامل، وعُسْرِ إفراد النخل بالسقي والبياض بالعمارة، والأصح: أنَّه يشترط ألَّا يفصل بينهما، وألا تُقدم المزارعة) وهو معنى قول "الحاوي"[ص 373]: (ومزارعة ما تخلل، وعسر إفراده، واتحد العامل تبعًا) وفي كلامهما معًا أمور:
أحدها: أن مرادهما باتحاد العامل: ألَاّ يكون من ساقاه غير من زارعه، لا أن يكون شخصاً واحداً، فلو ساقى جماعة وزارعهم بعقد واحد .. صح.
ثانيها: أن التعبير بالعسر في "الوجيز" و "المحرر"(3)، وعبر في "الروضة" وأصلها بالتعذر (4).
(1) فتح العزيز (6/ 54)، الروضة (5/ 168).
(2)
انظر "نكت النبيه على أحكام التَّنبيه"(ق 113).
(3)
الوجيز (1/ 401)، المحرر (ص 226).
(4)
فتح العزيز (6/ 56)، الروضة (5/ 170).
قال شيخنا ابن النقيب: وهي أوفق لعبارة أصحاب "التهذيب" و"التتمة" و"النهاية" و "البسيط" و "الوسيط" و "البيان" و "الكفاية" وغيرهم؛ فإنهم عبروا بعدم الإمكان، والتعليل يقتضيه (1).
ثالثها: المتبادر إلى الفهم عود الضمير في قول "الحاوي"[ص 373]: (وعسر إفراده) للبياض المتخلل؛ فإنَّه أقرب مذكور، وهو موافق لتعبير الغزالي، وصاحب "المهذب"(2)، واقتصر الأكثرون على ذكر عسر إفراد النخل بالسقي والعمل، وجمع في "المنهاج" وأصله، و "الروضة" وأصلها بينهما (3)، وليس كذلك في كلام غيرهما، ويختص "المنهاج" بأمرين:
أحدهما: أنَّه خص ذلك بالبياض الذي بين النخل، كما فعل "التَّنبيه" مع أن البياض الذي بين العنب كذلك؛ ولهذا قال في "التصحيح": الصواب: صحتها على البياض الذي بين العنب (4)، وصرح به قبله صاحبا "الوجيز" و "البيان"(5)، وهو مفهوم من قول "الحاوي" بعد ذكرهما [ص 373]:(ومزارعة ما تخلل)، واقتصر الرافعي في جميع كتبه على النخل (6)، وكأنه تمثيل؛ ولذلك قال ابن الرفعة في تعبير "التَّنبيه" بالنخل: أي: وما في معناه، قال بعضهم: ويظهر أن غير النخل والعنب إذا جوزنا المساقاة عليه كذلك.
ثانيهما: تعبيره في منع تقديم المزارعة بالأصح مخالف لتعبير "الروضة" فيه بالصحيح (7)، وجَعَل مقابله: أنَّها تنعقد موقوفة، فإن ساقى بعدها .. تبيّن صحتها، وإلا .. فلا، وبذلك يعلم أن الصورة فيما إذا أفرد كلاً بعقد، ومن هنا ضعف مقابل الصَّحيح؛ لاجتماع التقديم والتعدد، أما لو جمع بينهما في عقد .. فليس فيه وجه بالوقف، بل إن قال:(زارعتك، وساقيتك) .. فجزم البغوي والمتولي ببطلان المزارعة (8)، ولم يحك الإمام إلَّا القطع بالصحة عن القاضي، قال: وهو صحيح، وإن قال:(زارعتك بالنصف، وساقيتك بالنصف) .. ففي "النهاية" طريقان: القطع بالصحة، وإجراء خلاف (9)، فلا يصح حمل كلام "المنهاج" على واحدة منهما؛ لما ذكرناه، والله أعلم.
(1) السَّرَّاج على نكت المنهاج (4/ 205)، وانظر "نهاية المطلب"(8/ 19)، و "الوسيط"(4/ 137)، و "التهذيب"(4/ 405)، و "البيان"(7/ 281، 282).
(2)
الوسيط (4/ 137)، المهذب (2/ 393، 394).
(3)
المحرر (ص 226)، فتح العزيز (6/ 57)، المنهاج (ص 304)، الروضة (5/ 170، 171).
(4)
تصحيح التَّنبيه (1/ 376).
(5)
الوجيز (1/ 401)، البيان (7/ 280، 281).
(6)
انظر "فتح العزيز"(6/ 52).
(7)
الروضة (5/ 170).
(8)
انظر "التهذيب"(4/ 406).
(9)
نهاية المطلب (8/ 18).