الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتابُ النّفقات
4409 -
في "أصل الروضة": لوجوب النفقة ثلاثة أس
باب:
ملك النكاح، واليمين، وقرابة البعضية (1)، وأورد في "المهمات" على الحصر: الهدي والأضحية المنذورين ينتقل ملكهما للفقراء مع وجوب نفقتهما على الناذر، ونصيب الفقراء بعد الحول وقبل الإمكان يجب نفقته على المالك كما يقتضيه كلامهم، وخادم الزوجة والحيوان المستعار نفقته على المستعير عند القاضي حسين، لكن أوجبها الماوردي والعمراني على المالك، وهو القياس، وبه جزم في "الكفاية".
ومما لم يذكره: ما لو أشهد صاحب الحق جماعة على القاضي وخرج بهم ليؤدوا عند قاضي بلد آخر فامتنعوا في أثناء الطريق حيث لا شهود ولا قاض .. فليس لهم ذلك، ولا أجرة أيضًا؛ لأنهم ورطوه.
نعم؛ تجب نفقتهم وكذا دوابهم، ذكره في "أصل الروضة" قبيل القسمة عن البغوي (2)، وأما وجوب نفقة خادم الزوجة .. فهو من علق النكاح.
4410 -
قولهما: (فإن كان موسرًا .. لزمه مدان)(3) استثني منه: الموسر المكاتب، وكذا المبعض في الأصح لا يجب عليهما إلا نفقة المعسرين، وقد ذكرهما "الحاوي" فقال [ص 542]:(على المسكين والمكاتب وممسوس الرق) لكن كلام الرافعي يقتضي أن المبعض معسر ولو أكثر ماله، قال: لنقص حاله (4).
قلت: إلا أن المفروض كونه موسرًا بالتفسير المذكور هنا، وقد ألحقه الرافعي في الكفارة بالموسرين، وأوجب عليه التكفير بما عدا العتق من المال، وذكر في نفقة الأقارب عن "البسيط": أن الظاهر وجوبها عليه، وهل تلزمه نفقة تامة أو نصفها؟ وجهان، قال النووي: الأصح: نفقة كاملة؛ لأنه كالحر (5)، وذلك يخالف المذكور هنا.
4411 -
قول "المنهاج"[ص 458]- والعبارة له - و "الحاوي"[ص 542]: (ومسكينُ الزكاةِ مُعْسِرٌ، وَمَن فوقَهُ إن كان لو كُلِّف مُدَّينِ رَجَعَ مِسكينًا .. فَمتوسِّطٌ، وإلا .. فمُوسِرٌ) تبعًا فيه قول
(1) الروضة (9/ 40).
(2)
الروضة (11/ 199).
(3)
انظر "التنبيه"(ص 207)، و "المنهاج"(ص 458).
(4)
انظر "فتح العزيز"(10/ 6).
(5)
انظر "فتح العزيز"(10/ 86).
الرافعي: إنه أحسنها (1)، وهو الذي ذكره الإِمام والغزالي (2)، لكن فاته من كلام الإِمام: أن من لا يستحق سهم المساكين لقدرته على الكسب .. لا يملك مال معسر أيضًا وإن حصل بكسبه أضعاف ما يحتاج إليه، وقد ذكره في "أصل الروضة" بعد ذلك (3)، وأن الإِمام إنما قال في المتوسط: لو كُلّف مدّين .. لأوشك أن ينحط للإعسار (4)، وقد عرفت أنه عنده أعم من المسكنة؛ لشموله صاحب الكسب الواسع، فإنه معسر وليس مسكينًا.
4412 -
قول "التنبيه"[ص 207]: (من الحب المقتات في البلد) لو عبر كـ "الحاوي"[ص 542]: بـ (حبّ غالب قوت البلد) .. لكان أولى، وأحسن منهما قول "المنهاج" [ص 458]:(الواجبُ: غالبُ قوتِ البلد) لتناوله الأقط في حق أهل البادية الذين يقتاتونه.
4413 -
قول "الحاوي"[ص 542]: (ثم اللائق به) أي: إذا لم يكن غالب .. وجب اللائق، هو أحسن من قول "المنهاج" [ص 458]:(فإن اختلف .. وجب لائقٌ به) لأنه لا بد من تقييده بألَاّ يكون هناك غالب، وقد يُفهم من اقتصار "التنبيه" على الحب: أنه لا تجب مؤنة الطحن والخبر، وليس كذلك، بل يجبان في الأصح كما صرح به "المنهاج" و "الحاوي"(5)، لكن للإمام احتمالان في استحقاق المؤنة فبما لو باعت الحبَّ أو أكلته حبًا (6).
4414 -
قول "التنبيه"[ص 207]: (ويجب تسليم النفقة إليها في أول النهار) عبر في "المهذب" بطلوع الشمس (7)، ووقع ذلك في الرافعي في (الضمان)(8)، والمعتمد: طلوع الفجر، وهو مقتضى قوله:(أول النهار)، وعبارة "الحاوي" [ص 542]:(صبيحة كل يوم)، وأفصح به "المنهاج" بالنسبة إلى اليسار والإعسار فقال [ص 458]؛ (ويعتبرُ اليسارُ وغيرُهُ طلوعَ الفجر).
وقال الماوردي: الوقت الذي تستحق فيه نفقة يومها هو أول أوقات التصرف فيه؛ لأنها إن طالبت مع طلوع فجره .. خرجت عن العرف، وإن أخرت إلى الغروب .. أضرّ بها (9).
وقال في "البسيط" تبعًا للإمام: معنى قولهم: إن النفقة تجب بطلوع الفجر: أنه إن قدر ..
(1) انظر "فتح العزيز"(10/ 6).
(2)
انظر "نهاية المطلب"(15/ 423)، و "الوجيز"(2/ 114).
(3)
الروضة (9/ 41).
(4)
انظر "نهاية المطلب"(15/ 423).
(5)
الحاوي (ص 543)، المنهاج (ص 458).
(6)
انظر "نهاية المطلب"(15/ 433).
(7)
المهذب (2/ 162).
(8)
انظر "فتح العزيز"(5/ 150).
(9)
انظر "الحاوي الكبير"(11/ 457، 458).
وجب عليه التسليم، وإن ترك .. عصى، ولكن لا يُحبس ولا يخاصم (1).
وقال شيخنا الإِمام البلقيني: اعتبروا في اليسار وغيره وقت الوجوب، ولم يعتبروا وقت الأداء؛ لأنه قد يتأخر فيقتضي الإضرار إما بالزوجة أو بالزوج، بخلاف الكفارات؛ فإن فيها ثلاثة أقوال، قال: ولو قيل: يُنظر إلى وقت الاستقرار بمضي الليل التابع للنهار .. لم يبعد، ويكون بتقدير ثبوت خلاف هنا نظير الخلاف في أن العبرة في قيمة المتقوَّم في الشفعة بوقت العقد أم بوقت استقراره بانقطاع الخيار؟ والأرجح هناك: الأول.
4415 -
قول "التنبيه"[ص 207]: (فإن رضيت بأخذ العوض .. جاز على ظاهر المذهب) قال "المنهاج"[ص 458]: (إلا خبزًا ودقيقًا على المذهب) وفاته: استثناء السويق؛ وعلله في "الروضة" وأصلها: بأنه ربا (2)، ومقتضاه: اختصاص المنع بالجنس، فلو اعتاضت عن الحنطة دقيق شعير .. جاز، وتعبير "المنهاج" مع ذلك أحسن من قول "الحاوي" [ص 543]:(وتعتاض الدرهم عنه) فإنه لا يختص الاعتياض بالدرهم.
واعلم: أنه قد تشمل عبارتهم الاعتياض من غير الزوج، ولا يجوز قطعًا.
4416 -
قول "المنهاج"[ص 458]- والعبارة له - و "الحاوي"[ص 541]: (ولو أكَلَتْ معهُ [على العادة] (3) .. سقطت نفقتُها في الأصح) تبعًا فيه "المحرر" فإنه قال: (إنه الأولى)(4)، وفي "الشرح الصغير" تبعًا لـ "الوجيز": إنه أحسن (5)، وصرح بتصحيحه من زيادة "الروضة"(6)، لكن في "الشرحين": إن مقابله أقيس، وهو الذي ذكره في "البحر"(7).
وقال شيخنا الإِمام البلقيني: الوجهان لا يُعرفان في طريقة العراقيين، ولم يذكرهما من المراوزة إلا الإمام والغزالي.
وقال في [الذخائر]: محلهما: فيما إذا لم تأخذه عوضًا، فإن أخذته عوضًا .. سقطت نفقتها وجهًا واحدًا، وعندي الأمر بعكسه: إن أخذته عوضًا .. فالوجهان، وإن لم تأخذه عوضًا ولا استيفاء .. لم تسقط نفقتها وجهًا واحدًا، وفي "أصل الروضة" في تعليل عدم السقوط؛ لأنه لم يؤد الواجب وتطوع بغيره (8).
(1) انظر "نهاية المطلب"(15/ 469).
(2)
فتح العزيز (10/ 22، 23)، الروضة (9/ 54).
(3)
في (أ): (كالعادة).
(4)
المحرر (ص 375).
(5)
الوجيز (2/ 115).
(6)
الروضة (9/ 53).
(7)
فتح العزيز (10/ 21).
(8)
الروضة (9/ 53).
قال شيخنا المذكور: ومقتضاه: عدم رجوعه عليها، ولم يقل به أحد إذا فعله على أنه نفقتها، بل إذا لم تسقط نفقتها .. وجب له بدل ما أتلفته عليه فيتحاسبان ويؤدي كل منهما ما عليه، وممن جزم بذلك الشيخ أبو حامد والبندنيجي. انتهى.
وقال الإِمام: إذا قلنا بالسقوط .. فكأن نفقتها مترددة بين الكفاية إن أرادت وبين التمليك على قياس الأعواض إن طلبت، قال: وهو حسن غامض (1).
وقال في "المهمات": التصوير بالأكل معه على العادة يشعر بأنها إذا أتلفته أو أعطته غيرها .. لم تسقط، وبأنها إذا أكلت دون الكفاية .. لم تسقط، وبه صرح في "النهاية"، وهل لها المطالبة بالجميع أو التفاوت؟ فيه نظر.
4417 -
قول "المنهاج"[ص 458]: (إلا أن تكون غير رشيدةٍ ولم يأذنْ وليُّها) عبر في "أصل الروضة" بالصّغيرة (2)، وعبارته هنا تتناول السفيهة، لكن الأصح: أن للأمة قبض نفقتها.
وقال شيخنا الإِمام البلقيني: ينبغي أن تكون السفيهة كالأمة كما جُعل قبض السفيهة والعبد في عوض ما خالعا عليه واحدًا وإن اعتبر هناك الإذن، وذكر في "المهمات" أن التعبير بالصغيرة ناقص؛ لخروج السفيهة والمجنونة، وأن الصواب: التعبير بغير الرشيدة.
4418 -
قول "الحاوي"[ص 542]: (وقرب مكيلة زيت أو سمن) تبع في التعبير بالمكيلة الشافعي (3)، فقيل: أراد بها: الأوقية، وحمل الأصحاب ذلك على التقريب، وإليه أشار بقوله:(وقرب) فقالوا: لا يتقدر الأدم، بل هو مفوّض إلى فرض القاضي واجتهاده، فينظر في جنس الأدم ويقدر منه باجتهاده ما يحتاج إليه المسند من الحب، فيفرضه على المعسر، وضِعْفه على الموسر، ويجعل المتوسط بينهما؛ ولذلك قال "التنبيه" [ص 207]:(ويجب الأدم بقدر ما تحتاج إليه من إدام البلد) والمراد: الأدم الغالب؛ ولذلك قال "المنهاج": (ويجب أُدْمُ غالبِ البلد؛ كزيتٍ وسمنٍ وجُبنٍ وتمرٍ، ويختلف بالفصول، ويُقدِّره قاض باجتهاده، ويفاوت بين موسر وغيره)، قال في "أصل الروضة": وقد تغلب الفواكه في أوقاتها .. فتجب، قال: ويشبه أن يقال: لا يجب الأدم في اليوم الذي يعطيها اللحم، ولم يتعرضوا له، ويحتمل أن يقال: إذا أوجبنا على الموسر اللحم كل يوم .. يلزمه الأدم أيضًا؛ ليكون أحدهما غداءً والآخر عشاءًا على العادة (4).
(1) انظر "نهاية المطلب"(15/ 434).
(2)
الروضة (9/ 53).
(3)
انظر "الأم"(5/ 88).
(4)
الروضة (9/ 42، 43).
قلت: وينبغي على هذا أن يكون الأدم يوم إعطاء اللحم على النصف من عادته.
4419 -
قول "الحاوي"[ص 542]: (ورطل لحم للأسبوع) - أي: على المعسر - ورطلين على الموسر أي: فالمتوسط بينهما عليه رطل ونصف، تبع فيه تعبير الشافعي برطل في الأسبوع (1)، وحملوه على المعسر، وقال جمهور الأصحاب: إنما قال الشافعي ذلك على عادة أهل مصر؛ لعزة اللحم عندهم يومئذ، فأما حيث يكثر .. فيزداد على عادة تلك البقعة؛ ولذلك قال "التنبيه" [ص 207]:(على حسب عادة البلد) زاد "المنهاج"[ص 458]: (يليق بيسارِه وإعسارِه).
4425 -
قول "الحاوي"[ص 542]: (وتُبدِل إن تبرمت) هو بضم التاء المثناة من فوق وكسر الدال؛ أي: تبدل هي إن شاءت، ولا يلزم الزوج الإبدال؛ فلذلك ضبطته لئلا يُتوهم غير المراد، ولو حذف "الحاوي" ذلك .. لكان أولى؛ فإنه مع إيهامه ليس فيه حكم شرعي؛ فإن ذلك راجع لاختيارها.
4421 -
قول "المنهاج"[ص 459]- والعبارة له - و "الحاوي": (فيجبُ قميصٌ وسراويلُ وخمارٌ ومُكَعَّبٌ) أحسن من قول "التنبيه"[ص 207]: (ومقنعة ومداسُ للرِّجْل) لأنه قد يتوهم أن المراد بالمقنعة: النقاب؛ ولأن المداس لا يكون إلا للرجل، وفي "نكت التنبيه" للنووي: قيل: إنه احترز به عن مداس الخف؛ فإنه لا يجب لها مداس الخف ولا الخف، ويجب ذلك في السنة مرتين، وليس في عبارتهم هنا إفصاح به.
وقال في "المنهاج" في أواخر الفصل [ص 460]: (وتُعطى الكسوة أول شتاء وصيف).
وعبارة "التنبيه"[ص 207]: (ويجب تسليم الكسوة في أول الفصل).
4422 -
قولهما: (ويزيد في الشتاء جبة)(2) أي: محشوة، ولم يذكره "الحاوي"، وقال لي شيخنا الإِمام البلقيني: نص الشافعي رضي الله عنه على أن الجبة إنما تجب بحسب الحاجة لا في كل فصل. انتهى (3).
وأفهم كلامهما نفي الزائد عليها، لكن لو لم تكف الجبة الواحدة؛ لشدة البرد .. فقياس الباب الزيادة، قاله الرافعي بحثًا (4)، وصرح به الخوارزمي نقلًا فقال: جبة أو جبتان على قدر شدة البرد، وفي "أصل الروضة": وقد يقام الإزار مقام السراويل، والفرو مقام الجبة إذا كانت العادة لبسهما، كذا قاله المتولي، وعن "المنهاج" للحليمي: أن السراويل لا تجب في الصيف وإنما تجب في الشتاء (5).
(1) انظر "الأم"(5/ 88).
(2)
انظر "التنبيه"(ص 207)، و "المنهاج"(ص 459).
(3)
انظر "الأم"(5/ 88).
(4)
انظر "فتح العزيز"(10/ 14).
(5)
الروضة (9/ 47).
وفي "الحاوي" للماوردي: أن نساء أهل القرى إذا جرت عادتهن ألَاّ يلبسن في أرجلهن شيئًا في البيوت .. لا يجب لأرجلهن شيء (1).
قال لي شيخنا الإِمام البلقيني: ولم أجد من صرح بوجوب الكوفيّة، وهي واجبة.
4423 -
قول "الحاوي"[ص 543]: (بجبة حرير وكتان بالعادة) قيده "المنهاج" تبعًا لـ "المحرر" باعتياده لمثله فقال: (فإن جرت عادة البلد لِمثلِه بِكَتَّانٍ أو حرير .. وجب في الأصح)(2) وقد يقال: لفظ العادة يغني عن هذا القيد؛ فإنه إذا لم يُعتد لمثله .. فلا عادة بالنسبة إليه.
قال الأصحاب: فلو اعتيد لبس الثياب الرقيقة التي لا تستر ولا تصح الصلاة فيها .. لم يعطها منه، لكن من صفيقها الذي يقرب منها في الجودة.
4424 -
قول "التنبيه"[ص 207]: (ويجب لامرأة الموسر: ملحفة، وكساء تتغطى به، ووسادة، ومضربة محشوة بقطن لليل، وزَلِّيَّة أو لِبْد تجلس عليه بالنهار، ولامرأة المعسر كساء أو قطيفة) يقتضي أنه لا يجب لامرأة المعسر آلة النوم والجلوس، وهو ظاهر نص "المختصر"(3)، لكن الجمهور على أنه يجب لها النازل من ذلك، ولامرأة المتوسط ما بينهما؛ ولهذا أطلق "المنهاج" و "الحاوي" وجوب ذلك، ولم يذكرا الملحفة، وذكرا بدل الكساء: اللحاف، وقيداه بالشتاء (4).
وفي "أصل الروضة": قال المتولي: على الموسر طنفسة في الشتاء ونطع في الصيف، وعلى المتوسط زلية، وعلى الفقير حصير في الصيف ولبد في الشتاء (5).
قال الرافعي: ويشبه أن الطنفسة والنطع بعد بسط زلية أو حصير؛ فإن الطنفسة والنطع لا يبسطان وحدهما (6).
قال الماوردي: ولو لم يعتادوا في الصيف لنومهم وغطائهم غير لباسهم .. لم يلزمه شيء آخر (7).
وفي "فتاوى ابن عجيل" من فقهاء اليمن: أنه يجب أن تكون الكسوة جديدة، فلو أراد في أول
(1) الحاوي الكبير (11/ 430).
(2)
المحرر (ص 375)، المنهاج (ص 459).
(3)
مختصر المزني (ص 231).
(4)
الحاوي (ص 543)، المنهاج (ص 459).
(5)
الروضة (9/ 48).
(6)
انظر "فتح العزيز"(10/ 15).
(7)
انظر "الحاوي الكبير"(11/ 433).
المدة أن يكسوها كسوة بالنية تكفي لنصف المدة ويعطيها لبقية المدة كسوة أخرى بالية .. لم يكن له ذلك، وهو واضح.
واعترض شيخنا الإِمام البلقيني على قول "المنهاج"[ص 459]: (ويجب ما تقعدُ عليه، وكذا فراشٌ النوم في الأصح) وكذا في "الروضة" وأصلها، فقال: هذا عكس ما يوجد في التصانيف في الطريقين؛ فالموجود فيها الجزم بوجوب فراش النوم، والخلاف فيما تقعد عليه نهارًا (1).
4425 -
قول "التنبيه"[ص 207]: (ويجب لها ما تحتاج إليه من الدهن للرأس) مقتضاه: عدم وجوبه للجسد، لكن صرح الماوردي بوجوبه له أيضًا (2)، حكاه عنه في "الكفاية" ولذلك أطلق "المنهاج" و "الحاوي" إيجاب الدهن (3).
قال الرافعي: وإذا كانوا يعتادون المطيب بالورد والبنفسج .. وجب (4)، وعبر عنه في "الروضة" بالتطيب (5) وهو غير مستقيم.
4426 -
قولهم: (والمشط)(6) المراد به: الآلة المعروفة، وذكر الماوردي أن المراد به: آلته من الأفاوِيهِ إذا كان ذلك عادة بلادهم (7).
4427 -
قول "التنبيه"[ص 207]: (ولا يجب عليه ثمن الطيب) أي: الذي يقصد للزينة، أما الذي يقصد لقطع الزهومة إذا لم ينقطع بالماء والتراب .. فيلزمه؛ ولذلك قال "المنهاج" [ص 459]:(ومَرْتَكٌ ونحوه لدفع صُنَانٍ)(8)، وكذا في "الحاوي"(9)، ومرادهما: إذا لم يندفع بالماء والتراب كما ذكرته، ولو أعطاها طيب الزينة .. فعليها استعماله.
4428 -
قول "الحاوي"[ص 543]: (وأجرة الحمام لشدة البرد) تبع فيه الغزالي (10)، والأصح: وجوبها بدون ذلك، إلا إذا كانت ممن لا يعتاد دخولها؛ ولذلك قال "المنهاج" [ص 459]:(والأصح: وجوب أجرَةِ حمَّامٍ بحَسَبِ العادَةِ) ثم يحتمل أن يكون اعتبار العادة بالنسبة إلى
(1) فتح العزيز (10/ 16)، الروضة (9/ 48).
(2)
انظر "الحاوي الكبير"(11/ 428).
(3)
الحاوي (ص 543)، المنهاج (ص 459).
(4)
انظر "فتح العزيز"(10/ 18).
(5)
الروضة (9/ 50).
(6)
انظر "التنبيه"(ص 207)، و "الحاوي"(ص 543)، و "المنهاج"(ص 459).
(7)
انظر "الحاوي الكبير"(11/ 428).
(8)
انظر "الحاوي الكبير"(11/ 429).
(9)
الحاوي (ص 543).
(10)
انظر "الوجيز"(2/ 115).
الأصل، وهو الذي تدل عليه عبارة "الروضة" وأصلها (1)، ويحتمل أنه بالنسبة إلى القدر، وقد قال الماوردي: إنما يجب في الشهر مَرَّةٌ، حكاه عنه الرافعي، وأقره (2).
4429 -
قول "المنهاج"[ص 459]: (وثمن ماء غُسْلِ جِمَاعٍ وَنِفَاسٍ) معطوف على ما عبر فيه بالأصح، والمراد: جماع منه، كما صرح به القفال، وعليه يدل كلامهم.
4435 -
قوله: (لا حيضٍ واحتلامٍ في الأصحِّ)(3) تبع "المحرر" في إجراء الخلاف فيهما (4)، لكنه في "شرحيه" إنما حكى الخلاف في الحيض، وجزم في الاحتلام بعدم الوجوب (5).
وقال في "الروضة": إنه لا يلزم قطعًا (6)، قال الرافعي: وينظر على هذا القياس في ماء الوضوء إلى كون السبب منه؛ كاللمس أم لا؟ (7)
قال لي شيخنا الإِمام البلقيني: ولم يتعرضوا لماء الشرب، وهو واجب.
4431 -
قوله: (ولها آلاتُ أكلٍ وشُربٍ وطبخٍ؛ كَقِدْرٍ وقَصْعَةٍ وكُوزٍ وجَرَّةٍ ونحوِها)(8) قيدها "الحاوي" بكونها من خزف وحجر (9)، ومقتضاه: أنه لا يجب كونها من نحاس، وفيه احتمالان للإمام:
أحدهما: المنع، وأنه من رعونات الأنفس.
والثاني: أنه يجب للشريفة للعادة (10).
4432 -
قولهم - والعبارة لـ "التنبيه" -: (وإن كانت المرأة ممن تخدم .. وجب لها خادم واحد)(11) فيه أمور:
أحدها: المراد: أن تكون ممن تخدم في بيت أبيها، فلو كانت ممن لا تخدم فيه ثم صارت عنده ممن تخدم .. لم يلزمه إخدامها كما صرح به الشيخ أبو حامد، وجزم به في "الشرح الصغير".
(1) فتح العزيز (10/ 19)، الروضة (9/ 51).
(2)
فتح العزيز (10/ 19).
(3)
انظر "المنهاج"(ص 459).
(4)
المحرر (ص 376).
(5)
فتح العزيز (10/ 19).
(6)
الروضة (9/ 51).
(7)
انظر "فتح العزيز"(10/ 19).
(8)
انظر "المنهاج"(ص 459).
(9)
الحاوي (ص 543).
(10)
انظر "نهاية المطلب"(15/ 444).
(11)
انظر "التنبيه"(ص 207)، و "الحاوي"(ص 542)، و "المنهاج"(ص 459).
ثانيها: قيد الماوردي الوجوب بسكان الأمصار دون البوادي؛ فإنهن يعتدن خدمة أنفسهن، وفيه نظر؛ فكثير من أهل البدو يعتدن الخدم، ثم إن كانت تلك ممن لا تخدم .. فلا إخدام كما تقدم، فلا فرق في ذلك بين الحضرية والبدوية.
ثالثها: أطلق "المنهاج" و "الحاوي" إخدامها، وقيده "التنبيه" بخادم واحد كما تقدم، وهو كذلك، فله أن يمنع الزائدة من الدخول إليها ولو أعطت هي أجرتها.
رابعهأ محل ذلك: أن تكون حرة كما قيده "الحاوي"، فالأمة لا يجب إخدامها ولو كانت جميلة، صرح به بعضهم، وقال بعضهم: لا يحتاج للتنبيه على ذلك؛ فإن الأمة لا تخدم في العادة، وفيه نظر؛ فبعض الإماء يُخدمن لجمالهن وترفههن.
خامسها: اشتراط أن تكون ممن تُخدم محله: في وقت الرفاهية، فلو احتاجت للخدمة لمرض أو زمانة .. وجب إخدامها كما صرح به "المنهاج"(1)، وحينئذ .. فلا يتقيد بواحدة، بل هو بحسب الحاجة.
سادسها: قيده الماوردي أيضًا بما إذا لم يتبرع أحد، فإن وجد .. فلا (2)، وفيه نظر إذا لم ترض هي بذلك؛ لما فيه من المنة عليها، ذكره في "المطلب".
سابعها: قول "التنبيه": (خادم) يتناول الذكر والأنثى، وظاهر تعبير "المنهاج" و "الحاوي" اختصاص ذلك بالأنثى، وفي "أصل الروضة": يشترط كون الخادم امرأة أو صبيًا أو محرمًا لها، وفي مملوكها والشيخ الهم اختلاف، وفي الذمية وجهان؛ لأن النفس تعاف استخدامها. انتهى (3).
ويستثنى من الصبي: المراهق؛ فله حكم البالغ في الأصح، وفي معنى هؤلاء: الممسوح - وهو مقطوع الذكر والانثيين معًا - بناء على حل نظره وهو الأصح، والراجح في مملوكها: الجواز، بخلاف الشيخ الهم والذمية، وتعليل منع الذمية بالعيافة لا يناسب عدم الجواز، إنما يصلح لعدم إجبارها عليها، وذاك خلاف آخر ليس في كلام الرافعي، حكاه في "البيان"(4)، ذكر ذلك كله في "المهمات".
وقال الماوردي: إن كانت الخدمة متعلقة بخارج الدار دون داخله .. اكتفي بالذمية، ذكره احتمالًا؛ فهو وجه ثالث، وهو حسن (5).
(1) المنهاج (ص 459).
(2)
انظر "الحاوي الكبير"(11/ 420).
(3)
الروضة (9/ 44).
(4)
البيان (11/ 211، 212).
(5)
انظر "الحاوي الكبير"(11/ 419).
واعلم: أن أبا الفرج الزاز ذكر أن المراد بإخدامها: الطبخ والغسل ونحوهما، دون حمل الماء للشرب والمستحم؛ لأن الترفع عن ذلك رعونة لا عبرة بها.
وقال البغوي: المراد به: حمل الماء إلى المستحم وصبه على يدها، وغسل خرق الحيض ونحوها، أما الطبخ والكنس والغسل .. فعلى الزوج فعله بنفسه أو غيره (1).
قال الرافعي: والاعتماد على ما ذكره البغوي (2)، وقال النووي: الذي أثبته الزاز من الطبخ والغسل ونحوهما هو فيما يختص بالمخدومة، والذي نفاه البغوي هو فيما يختص بالزوج؛ كغسل ثيابه والطبخ لأكله ونحوه، والطرفان متفق عليهما، ولا خلاف بين الجميع في ذلك (3).
وقال شيخنا الإِمام البلقيني: هذا التوفيق عجيب؛ فإن الذي نفاه البغوي ليس فيما يختص بالزوج كغسل ثيابه والطبخ لأكله؛ فإن ذلك لا يقال فيه: إنه على الزوج، والبغوي قال: إنه على الزوج، وما للإنسان لا يقال: إنه عليه.
4433 -
قول "التنبيه"[ص 208]: (وتجب عليه نفقة الخادم وفطرته وكسوته) محله: ما إذا لم تكن مملوكة له .. فنفقتها عليه بالملك لا بكونها خادم الزوجة، ولا مستأجرة .. فلا نفقة لها، إنما لها أجرتها، وقد أوضح ذلك "المنهاج"(4)، وأشار إليه "الحاوي"(5)، لكن قوله:(وإنفاق أمتها)(6) لا معنى لتخصيصه؛ فالإنفاق على الحرة التي صحبتها للخدمة كذلك.
قال الرافعي: موضع نفقة الخادم: إذا أخدمها [بخادمها](7) المملوكة لها أو الحرة، فإن كانت مملوكة لها .. فتملك الزوجة نفقة مملوكتها كما تملك نفقة نفسها، وإن كانت حرة .. فيجوز أن يقال: تملك نفقتها كما تملك الزوجة نفقة نفسها، ويجوز أن يقال: تملكها الزوجة لتدفعها إلى الخادمة، وعلى هذا: فلها التصرف في المأخوذ وتكفي مؤنة الخادمة (8).
4434 -
قول "الحاوي"[ص 542]: (ومَنٍّ على الموسر) أراد به: المد والثلث الذي صرح به "التنبيه" و "المنهاج"(9)، لكنه خلاف مدلول المنّ؛ فإنه رطلان عند أهل اللغة.
(1) انظر "التهذيب"(6/ 332).
(2)
انظر "فتح العزيز"(10/ 12).
(3)
انظر "الروضة"(9/ 45، 46).
(4)
المنهاج (ص 459).
(5)
الحاوي (ص 542).
(6)
الحاوي (ص 542).
(7)
كذا في جميع النسخ، وفي "فتح العزيز":(بخادمتها).
(8)
انظر "فتح العزيز"(10/ 21).
(9)
التنبيه (ص 208)، المنهاج (ص 459).
4435 -
قوله: (ولها كسوةٌ تليقُ بحالها)(1) فصله "التنبيه" فقال [ص 208]: (ويجب لخادم امرأة الموسر من الكسوة: قميص ومقنعة وخف، ولا بجب لها سراويل، ويجب لها كساء غليظ أو قطيفة أو وسادة، ولخادم امرأة المعسر عباءة أو فروة) وصرح "الحاوي" بالخف؛ لأنها تختص بإيجابه؛ لاحتياجها للخروج بخلاف الزوجة.
وظاهر "التنبيه" أنه لا يجب لخادم امرأة المعسر القميص والمقنعة والخف، والذي في "الروضة" وأصلها إطلاق ذلك من غير فرق (2).
وقال في "الكفاية": سكت "التنبيه" تبعًا للأصحاب عن خادم امرأة المتوسط، ويحتمل أن تلحق بخادم امرأة المعسر في القدر كما في النفقة، ويحتمل أن يزاد. انتهى.
وإنما يجب لها الخف إذا كانت تخرج إلى الطريق، ويجب لها حينئذ ما تلتحف به، ويجب لها أيضًا في الشتاء جبة أو فروة بحسب العادة.
4436 -
قول "التنبيه"[ص 208]: (ويجب عليه أدمه من دون جنس آدم المرأة على المنصوص وقيل: يلزمه من جنس أدمها)، الأصح: أنه من جنس أدمها، لكن دون نوعه، وقال بعضهم: مراده بالجنس: النوع؛ فإنه لا خلاف في الجنس، وفي استحقاقها اللحم وجهان، قال الرافعي: وربما بُنيا على الوجهين في التسوية في الأدم، فإن قلنا: إن إدامها مثل إدام المخدومة .. فلها اللحم، وإلا .. فلا. انتهى (3).
ومقتضاه: أن الأصح: عدم وجوبه لها.
4437 -
قوله: (ولا يجب للخادم الدهن والسدر والمشط)(4) قال في "المنهاج"[ص 459]: (فإن أكثر وسخٌ وتأذَّت بقملٍ .. وجب أن تُرَفَّه) كذا استدركه القفال، واستحسنوه، وأطلق صاحب "العدة" في الدهن والمشط وجهين، وقال الفوراني: ليس لها المشط وإن تأذت بالهوام، وذلك يرد على تعبير شيخنا الإسنوي في "تصحيحه" عن وجوبه لها في هذه الحالة بالصواب (5).
4438 -
قول "التنبيه"[ص 207، 208]: (لو قال الزوج: "أنا أخدمها بنفسي" .. لم يلزمها الرضا به)، قال القفال وغيره: له ذلك فيما لا يُستحى منه، وعليه مشى "الحاوي" فقال [ص 543]:(وله خدمة لم تستحيي منه) والأصح: المنع مطلقًا، وفرع القفال على التفصيل: أنه لو تولى بنفسه ما لا يُستحيى منه فقد تولى بعض عمل الخادم .. فهل تستحق تمام النفقة أم لا؟
(1) انظر "المنهاج"(ص 459).
(2)
فتح العزيز (10/ 17)، الروضة (9/ 49).
(3)
انظر "فتح العزيز"(10/ 11).
(4)
انظر "التنبيه"(ص 208).
(5)
تذكرة النبيه (3/ 383).
وجهان، وعلى الثاني: قال الرافعي: يحتمل التشطير والتوزيع على الأفعال (1)، وأقامها في "الروضة" أوجهًا (2).
4439 -
قول "الحاوي"[ص 543]: (وله منعها من دخول أبويها) قال شيخنا الإِمام البلقيني: الأقرب: اختصاصه بحال قيام الزوجية دون المطلقة ولو رجعيًّا؛ لفقد الاستمتاع ولاختصاص المسكن بها، قال: ولم أقف فيه على نقل.
4440 -
قول "المنهاج"[ص 460]: (وما دام نفعُهُ؛ ككسوةٍ وظُرُوفِ طعام ومُشطٍ تمليك، وقيل: إمتَاعٌ) تبع فيه "المحرر" فإنه قال بعد ترجيح التمليك في الكسوة: (وفي معناه: الفرش وظروف الطعام)(3)، وهي طريقة البغوي (4)، وألحق الغزالي الفرش والظروف بالمسكن، وأخرجها عن حيز الخلاف (5)، وتبعه "الحاوي"(6).
4441 -
قول "المنهاج"[ص 460]: (وتُعطى الكسوة أول شتاء وصيفٍ) محله: فيما لا يبقى سنة فأكثر، أما ما يبقى سنة فأكثر؛ كالفرش والبسط والمشط .. فيُجدد في وقته، وكذا جبة الإبريسم لا تجدد كل شتوة، وعليه تطريتها على العادة، وكذا يرد ذلك على قول "التنبيه" [ص 207]:(وإن بقيت بعد المدة .. لزمه التجديد).
4442 -
قوله: (فإن أعطاها كسوة مدة وتلفت قبلها .. لم يلزمه إبدالها)(7) لا فرق في ذلك بين أن يكون تلفها بتقصير منها أم لا.
وأما قول "المنهاج"[ص 460]: (فإن تلِفَت فيه بلا تَقْصِيرٍ .. لم تُبْدَل) فإنه ليس للاحتراز عما إذا كان بتقصير منها؛ فإن ذلك أولى بعدم الإبدال.
نعم؛ لو بليت لسخافتها .. وجب إبدالها كما في "الكفاية" ولعل ذلك مراد "المنهاج" بقوله: (بلا تقصير) أي: منه.
4443 -
قولهما - والعبارة لـ "التنبيه" -: (فإن أعطاها الكسوة ثم ماتت قبل انقضاء الفصل .. لم يرجع)(8) وهو مفهوم من قول "الحاوي"[ص 543]: (وبالموت للمستقبل) أي: يسترد
(1) انظر "فتح العزيز"(10/ 12).
(2)
الروضة (9/ 45).
(3)
المحرر (ص 377).
(4)
انظر "التهذيب"(6/ 335).
(5)
انظر "الوجيز"(2/ 115).
(6)
الحاوي (ص 543).
(7)
انظر "التنبيه"(ص 207).
(8)
انظر "التنبيه"(ص 207)، و "المنهاج"(ص 460).