الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بطريق شرعي .. فإنه يكون عقده باطلًا؛ لأمورٍ يطول شرحها، وقال في الولي الخاص: لا يجوز له الإقدام عليه تهورًا، بل لا بد من ظنه ذلك ولو بإخبار واحد.
فصلٌ [في اشتراط الولي في النكاح]
3519 -
قولهم - وهو في " التنبيه" و" الحاوي " في حد الزنا -: (إن الوطء في نكاح بلا ولي يوجب الحد)(1) قال الماوردي: محله: ما إذا لم يحكم قاض ببطلانه، فإن حكم ببطلانه، وفرق بينهما، فوطئها بعد ذلك .. فعليه الحد، ويمتنع على الحنفي بعد ذلك الحكم بصحته (2)، ويرد على قول " التنبيه " [ص 242]:(وإن وطئ في نكاح مختلف في إباحته؛ كالنكاح بلا ولي ولا شهود) أن الحد إنما يسقط بأحدهما خاصة، فلو اجتمعا .. حد قطعًا، فكأن (الواو) في كلامه بمعنى (أو).
3520 -
قوله: (وقيل: إن وطئ في نكاح بلا ولي وهو يعتقد تحريمه .. حد)(3) حكى في " الوسيط " عن الصيرفي إيجابه على الحنفي مع اعتقاده الحل بظهور الأخبار فيه؛ كشرب النبيذ (4)، لكن المشهور: تقييد هذا الوجه بمعتقد التحريم.
3521 -
قول " المنهاج "[ص 375]: (ويُقبل إقرار الولي بالنكاح إن استقل بالإنشاء) قد يتناول ما إذا استقل بالإنشاء وزال ذلك؛ بأن كانت ثيبًا فادعى أنه زوجها وهي بكر، مع أنه لا يقبل في هذه الحالة، فلو عبر كما في " المحرر " بقوله:(إذا كان مستقلًا بالإنشاء)(5) لم ترد على هذه الصورة؛ لأن المراد: وصفه به حين الإقرار.
3522 -
قوله - والعبارة له - و" الحاوي ": (ويقبل إقرار البالغة العاقلة بالنكاح على الجديد)(6) قد يفهم أنه يكفي مطلق الإقرار، وهو المذهب في " الروضة " في (الدعاوى)(7)، وحكاه الرافعي هناك عن تصحيح " الوسيط "(8)، وصححه شيخنا الإمام البلقيني، وقال: إنه ظاهر نصوص
(1) انظر " التنبيه "(ص 242)، و" الحاوي "(ص 584)، و" المنهاج "(ص 375).
(2)
انظر " الحاوي الكبير "(9/ 48).
(3)
انظر " التنبيه "(ص 242).
(4)
الوسيط (6/ 444).
(5)
المحرر (ص 291).
(6)
انظر " الحاوي "(ص 460)، و " المنهاج "(ص 375).
(7)
الروضة (12/ 15).
(8)
انظر " فتح العزيز "(13/ 165).
الشافعي، لكن صحح الرافعي والنووي هنا: أنه لا بد أن تقول: زوجني ولي بحضرة عدلين ورضاي إن كان شرطًا (1).
قال شيخنا الإمام البلقيني: والذي ظهر لي حمل ما في الدعاوى على إقرارها في جواب الدعوى، والذي هنا على الإقرار المبتدأ، والأصح: أنه لا يتأثر بتكذيب الولي والشاهدين إذا عينتهما، فلو أقرت لزوج وأقر وليها لآخر؛ فهل يقبل إقراره أم إقرارها؟ وجهان، أم السابق أم يبطلان جميعًا" احتمالان للإمام (2)، ولم أر فيها ترجيحًا.
3523 -
قولهم: (إن للأب والجد عند عدمه تزويج البكر صغيرة وكبيرة بغير إذنها)(3) شرطه: أن يزوجها من كفء بمهر مثلها، وألَّا يكون الزوج معسرًا، كما حكاه الرافعي عن القاضي حسين، وأقره (4)، وألَّا يكون بينها وبين الولي عداوة ظاهرة، قاله ابن كج، ونقله الحناطي عن ابن المرزبان، قال: ويحتمل جوازه.
وفي " المهمات ": عن الماوردي والروياني: أنه على ولايته مع العداوة: وفي " الكفاية ": عن الحناطي: وجهان، وغلطه شيخنا الإسنوي، وقال: إنما حكاهما الجيلي.
وينبغي أن يعتبر في الإجبار أيضًا: انتفاء العداوة بينها وبين الزوج، قلته بحثًا، وهو واضح.
واختار السبكي لنفسه أن علة الإجبار: البكارة مع الصغر جميعًا، قال: وهو رأي ابن حزم، لكن مأخذنا غير مأخذه، قال: ولم نر أحدًا من أهل المذهب قال بمقالتنا، وهي خلاف مذهب الشافعي؛ فإنه اعتبر البكارة خاصة، وأبي حنيفة؛ فإنه اعتبر الصغر خاصة، والله أعلم.
وعبر " الحاوي "[ص 456] بـ (غير الموطوءة) لأنها المراد بالبكر ولو خلقت بلا بكارة كما حكاه في " الروضة " من زيادته عن الصيمري (5).
وقال الماوردي: إنه لا خلاف فيه، وسواء زالت البكارة بوطء حلال أو حرام كما صرح به " المنهاج "(6)، وكذا وطء الشبهة، ولم تتناوله عبارته، وقد يرد على " الحاوي " الموطوءة في الدبر؛ فإنها بكر على الصحيح مع صدق اسم الوطء عليه.
3524 -
قولهم - والعبارة لـ " المنهاج " -: (ويكفي في البكر سكوتها)(7) فيه أمور:
(1) انظر " فتح العزيز "(7/ 533)، و" الروضة "(7/ 51).
(2)
انظر " نهاية المطلب "(12/ 514).
(3)
انظر " التنبيه "(ص 157)، و " الحاوي "(ص 456)، و " المنهاج "(ص 375).
(4)
انظر " فتح العزيز "(7/ 537).
(5)
الروضة (7/ 55).
(6)
المنهاج (ص 376).
(7)
انظر " التنبيه "(ص 157)، و" الحاوي "(ص 457)، و" المنهاج "(ص 376).
أحدها: قد يتناول سكوتها مع التزويج بحضورها، وذلك لا يكفي على الأصح، والمراد: السكوت بعد الاستئذان؛ ولذلك قال في " المحرر ": (يكفي السكوت بعد المراجعة)(1).
ثانيها: أنه يتناول ما إذا استؤذنت في التزويج بغير كفء، وكذا حكاه الرافعي في آخر النكاح عن " فتاوى القاضي حسين "، وأقره (2)، وقال هنا: لو استأذنها أبوها في غير كفء .. فهل يكفي السكوت؟ فيه الوجهان؛ أي: المذكوران في غير الأب، ومقتضاه: تصحيح الاكتفاء، وفي " زيادة الروضة " في الكفاءة أنه المذهب، وفيها أيضًا عن " البيان " قال أصحابنا المتأخرون: إذا استاذن الولي البكر في أن يزوجها بغير نقد البلد أو بأقل من مهر المثل .. لم يكن سكوتها إذنًا في ذلك (3).
ثالثها: يستثنى منه: ما إذا اقترن بسكوتها بكاءٌ مع الصياح وضرب الخد، فلا يكون رضا، ويختص " المنهاج " بأنه أطلق محل الخلاف في قوله [ص 376]:(في الأصح) وهو في غير الأب والجد، أما فيهما .. فيكفي السكوت قطعًا حيث استأذنا استحبابًا.
3525 -
قول " التنبيه "[ص 158]: (ثم المولى) قيده في " الكفاية " بكونه رجلًا، ولا يحتاج إليه؛ لقوله أولًا:(ولا يصح النكاح إلا بولي ذكر)(4) وفي " المنهاج ": أن المرأة لا تزوج غيرها، ثم ذكر أنه يزوج عتيقة المرأة من يزوج المعتقة ما دامت حية (5)، واحترز عنه " الحاوي " فاستثنى من العصبة: المعتق المشكل أو الأنثى (6)، وتعبير "التنبيه " بالمولى أحسن من تعبير "المنهاج " بالمعتق (7)، لتناوله من عَتَقَ عليه من أصل وفرع، ومن لم يعتق الزوجةَ، بل أعتق أصلها في ولاء الانجرار، وأيضًا: فإعتاق عبد بيت المال سائغ، والولاء للمسلمين، فالمعتق هنا غير الولي.
3526 -
قول " المنهاج "[ص 376]: (ثم عصبته كالإرث) قال السبكي: يحتمل ثلاثة معانٍ:
أحدها: القياس على الإرث، والثاني: أن الترتيب هنا كالترتيب في الإرث، والثالث: أن ترتيب عصبة المعتق في التزويج كترتيب عصبة النسب، فعلى هذا الثالث .. يستثنى منه: أن جد النسب أولى من الأخ، وأصح القولين هنا: أن أخا المعتق أولى من جده، والثاني: يستويان كالقولين في إرثهما، وأن الابن هنا يزوج بخلاف النسب.
(1) المحرر (ص 291).
(2)
انظر " فتح العزيز "(8/ 226).
(3)
الروضة (7/ 56)، وانظر " البيان "(9/ 181).
(4)
التنبيه (ص 158).
(5)
المنهاج (ص 375).
(6)
الحاوي (457).
(7)
التنبيه (ص 158)، المنهاج (ص 376).
قلت: وأن الشقيق هنا يقدم قطعًا، وقيل: قولان كالنسب، وقيل: يستويان قطعًا، وأن العم مقدم على أبي الجد في الولاء كما نص عليه في " البويطي "، وهو المذهب كما ذكره شيخنا الإمام البلقيني، وفي النسب ليس كذلك، ولا يرد ذلك على قول " الحاوي " [ص 457]:(بترتيب الإرث) لأنه لم يفصل في التزويج لا عصبة النسب ولا عصبة الولاء، بل أحال الكل على الإرث، وذلك معروف فيه.
3527 -
قول " المنهاج "[ص 376]- والعبارة له - و" الحاوي "[ص 457]: (ويزوج عتيقة المرأة من يزوج المعتقة ما دامت حية) قوى السبكي أنه يزوجها ابن المعتقة في حياتها بناء على ما صححه في الولاء من ثبوته للعصبة في حياة المعتقة معها، قال: فيقدم الابن في التزويج؛ لأنه مقدم في الولاء على الأب.
3528 -
قول " المنهاج "[ص 376]: (ولا يعتبر إذن المعتقة في الأصح) و" الحاوي "[ص 457]: (في حياتها بلا إذن) اختار السبكي مقابله إذا قلنا: يزوجها الأب؛ لأنه لم يزوج بالولاء، بل كما كان قبل العتق، وهو قبله لا يزوج إلا بإذنها، وعلى هذا: إن لم تأذن .. ناب السلطان عنها في الإذن، قال: ولا نعلم من أوجب إذنها إذا قلنا: الابن يزوج.
3529 -
قول " المنهاج "[ص 376]: (فإن فُقِدَ المعتق وعصبته .. زوَّج السلطان، وكذا يُزوج إذا عضل القريب والمعتق) اقتصر هنا على هذين الموضعين، وذكر بعد ذلك: أنه يزوج عند غيبة الولي مسافة القصر وإحرامه، وإرادته تزوج موليته والمجنونة البالغة عند فقد الأب والجد، وقد ذكرها " الحاوي " مجموعة خلا الأخيرة، فأفردها (1)، وذكر " التنبيه " منها: الغيبة والعضل والمجنونة (2).
وبقي عليهم جميعًا مسائل:
الأولى والثانية: عند تعزز الولي أو تواريه.
الثالثة: عند حبسه ومنع الحابس له الناس من الوصول إليه.
الرابعة: فقده حيث لا يقسم ماله.
الخامسة: المستولدة المسلمة التي لكافر يزوجها الحاكم بإذن سيدها.
السادسة: أنه يزوج أمة محجوره.
السابعة: حالة الإغماء إذا كانت قدر مسافة القصر كما قال الإمام (3)، وقال شيخنا الإمام
(1) الحاوي (ص 456).
(2)
التنبيه (ص 158).
(3)
انظر " نهاية المطلب "(12/ 105، 106).
البلقيني: إنه المعتمد، وقال البغوي وغيره: ينتظر إفاقته كالنائم (1)، وهو المذكور في " المنهاج " بعد ذلك (2).
والمراد بالسلطان: من له سلطنة الحكم بالنسبة لمن هو في محل حكمه كما عبر به " الحاوي "(3) ولذلك عبر " التنبيه " بالحاكم (4)، ومراده: ما ذكرته، وحكى الإمام خلافًا في أن تزويجه حالة العضل بالولاية أم بالنيابة عن الولي؛ وأجرى هذا الخلاف حيث زوج مع وجود الولي الخاص وأهليته (5)، وذكر له في " الكفاية " فائدتين:
إحداهما: عند الغيبة إن قلنا بالولاية .. زوج الأبعد، أو بالنيابة .. زوج القاضي.
الثانية: عند العضل لو أذنت لحاكم بلد الولي وهى في بلد ليست في حكمه .. زوجها إن قلنا بالنيابة دون الولاية، وفي حاشيتها فائدتين:
الأولى: إذا زوج الحاكم والولي الغائب في وقت واحد بالبينة .. قدم الولي إن قلنا بالنيابة؛ وإن قلنا بالولاية .. بطلا كوليين، أو قدم الحاكم لقوة ولايته وعمومها؛ كما لو قال الولي: كنت زوجتها في الغيبة .. فإن نكاح الحاكم يقدم كما صرحوا به.
الثانية: إذا زوج القاضي في غيبة العاضل لثبوت العضل لديه حيث قلنا به، ثم ثبت ببينة أنه كان رجع عن العضل قبل التزويج؛ فإن قلنا بالنيابة .. خرج على عزل الوكيل، وإن قلنا بالولاية .. خرج على عزل القاضي.
واعلم: أن محل تزويج السلطان بالعضل: إذا لم يتكرر كما في " الروضة " وأصلها في آخر الكلام على الفاسق، فقال: وليس العضل من الكبائر، وإنما يفسق به إذا عضل مرات، أقلها فيما حكى بعضهم: ثلاث، وحينئذ .. فالولاية للأبعد (6)، وللرافعي في (الشهادات) في الكلام على الإصرار ما يخالف هذا بعمومه (7)، وهل المراد بالثلاث هنا: الأنكحة أو بالنسبة إلى عرض الحاكم ولو في نكاح واحد؛ قال في " المهمات ": فيه نظر.
3530 -
قول " التنبيه "[ص 158]: (وإن عضلها وقد دعت إلى كفء) أي: البالغة العاقلة كما قال في " المنهاج "(8)، وذلك يرد أيضًا على قول " الحاوي " [ص 457]:(وعليه الإجابة) وإنما
(1) انظر " التهذيب "(5/ 284).
(2)
المنهاج (ص 377).
(3)
الحاوي (ص 456).
(4)
التنبيه (ص 158).
(5)
انظر " نهاية المطلب "(12/ 47).
(6)
فتح العزيز (7/ 556)، الروضة (7/ 65).
(7)
انظر " فتح العزيز "(13/ 9).
(8)
المنهاج (ص 376).