الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل [في العود]
4167 -
قولهما - والعبارة لـ "التنبيه" -: (والعود: هو أن يمسكها بعد الظهار زمانًا يمكنه أن يطلق فيه فلا يطلق)(1) فيه أمران:
أحدهما: أن محل ذلك: في غير الرجعية وفي غير الظهار المؤقت؛ فالعود في الرجعية بالرجعة وفي الظهار المؤقت بالوطء في المدة، وقد ذكرهما "التنبيه" بعد ذلك، إلا أنه صحح في الظهار المؤقت: أنه كغيره كما سيأتي، وذكر "المنهاج بعد ذلك الظهار المؤقت، وذكرهما "الحاوي" هنا، فقال عطفًا على (أمسكها) [ص 522]:(أو راجع، أو وطئ في مدة المؤقت).
ثانيهما: يستثنى من كلامهم جميعًا: ما إذا كرر لفظ الظهار وقصد به التأكيد .. فالأصح: أنه ليس بعود مع أنه كان يمكن الإتيان بلفظ الطلاق بدل التأكيد.
4168 -
قول "الحاوي"[ص 521]: (وعقيب المعرفة إن علّق بفعل غيرٍ) أي: إنما يكون الإمساك عودًا فيما إذا علق الظهار بفعل غيره بعد معرفته بوجود المعلق عليه، فإذا وجد ولم يعرف هو به .. فلا عود، وهذا بخلاف ما إذا علقه بفعل نفسه ونسي على المشهور؛ لأنه بسبيل من أن يتذكر تصرفه فلا يعذر في نسيانه، وعن صاحب "التهذيب" وغيره: تخريج الصورتين على حنث الناسي والجاهل (2).
قال الرافعي: وهذا أحسن، وهو الذي أورده صاحب "التتمة"(3).
واعترضه في "الروضة": بأن الذي ذكره في "التتمة" في التعليق بفعل غيره .. أنه لا يصير عائدًا على المذهب، ثم قال: وقيل: يخرج على الناسي، قال: والفرق أن الشخص يشتبه عليه فعل غيره، وقلّ ما يشتبه عليه حال نفسه. انتهى (4).
ونقل الرافعي في أواخر الباب الأول: فيما لو علق الظهار على دخولها الدار، فدخلت وهو مجنون أو ناس .. عن ابن القطان تخريجه على الخلاف، وعن ابن كج أنه قال: عندي أنها تلزم بلا خلاف، وإنما يؤثر الإكراه والنسيان في فعل المحلوف على فعله، قال الرافعي: وهذا هو الوجه. انتهى (5).
(1) انظر "التنبيه"(ص 186)، و "المنهاج"(ص 436).
(2)
التهذيب (6/ 160).
(3)
انظر "فتح العزيز"(9/ 274).
(4)
الروضة (8/ 273).
(5)
انظر "فتح العزيز"(9/ 261، 262).
وعبر في "الروضة" بأنه الصواب (1)، وهذا مخالف لما صدر به كلامه هناك من الجزم بعدم العود، ولما استحسنه من التخريج على الخلاف، إلا أن يقال: الكلام هناك في الجهل بوجود المعلق عليه، وهنا في نسيان الظهار، لكن المدرك واحدًا؛ فلذلك عده شيخنا الإسنوي في "المهمات" وشيخنا الإمام البلقيني اختلافًا، ورد شيخنا الإمام البلقيني ما قال الرافعي: أنه الوجه، والنووي: أنه الصواب، وقال: إنه مخالف للمنقول والمعنى، قال: والصواب: القطع بأنه لا يكون عائدًا.
4169 -
قول "التنبيه"[ص 186]: (فإذا وجد ذلك .. وجبت الكفارة واستقرت) قال في "الكفاية": احترز بهذه التتمة عن مذهب أبي حنيفة؛ فإنها عنده لا تستقر في الذمة.
قال النشائي: لكن قوله: (وجبت) تكرار (2)، وقال بعضهم: يجوز أن يحترز بها عن أحد القولين في المعسر، لكن الأصح: استقرارها في ذمته.
وقال في "التوشيح": ويمكن أن يقال: أفهم قوله: (وجبت) بعد صيغة (إذا) التي فيها معنى الشرط: أن وجوب الكفارة على الفور، وقد تضمن كلام الرافعي أنها على التراخي، وقول القفال:(إن كل كفارة سببها معصية على الفور) قد ينازع فيه؛ فإن الظهار معصية؛ قال الوالد رحمه الله في تفسيره: وقد يُدفع هذا بأن السبب هو العود أو مجموعهما على الخلاف فيه، والعود ليس بحرام. انتهى.
4170 -
قوله: (وإن كانت الزوجة أمة فابتاعها الزوج عقب الظهار .. فقد قيل: إن ذلك عود فلا يطؤها بالملك حتى يكفر، وقيل: ليس بعود)(3) الأصح: الثاني، كما ذكره "المنهاج"، وعليه مشى "الحاوي"(4)، أما لو اشتغل بالمساومة وتقرير [الثمن](5) .. فهو عائد في الأصح.
قال الإمام: ومحلهما: إذا كان الشراء متيسرًا، وإلا .. فالاشتغال بتسهيله لا ينافي العود عندي (6).
وقال صاحب "المعين" اليمني: إذا قلنا ببقاء ملك البائع في مدة الخيار .. كان عائدًا وجهًا واحدًا، وفيما ذكره نظر.
4171 -
قول "التنبيه"[ص 186]: (وإن كان قذفها، ثم ظاهر منها، ثم لاعنها .. فقد قيل:
(1) الروضة (8/ 266).
(2)
انظر "نكت النبيه على أحكام التنبيه"(ق 154).
(3)
انظر "التنبيه"(ص 186).
(4)
الحاوي (ص 522)، المنهاج (ص 436).
(5)
في (أ)، (ج):(اليمين)، والمثبت من باقي النسخ و"سراج على نكت المنهاج"(6/ 470).
(6)
انظر "نهاية المطلب"(14/ 517).
إنه صار عائدًا، وقيل: لم يصر عائدًا) الأصح: الثاني، وقد ذكره "المنهاج"(1)، وقد يفهم كلامهما أنه لا يشترط سبق المرافعة، والأصح: خلافه.
4172 -
قول "التنبيه"[ص 186]: (فإن راجعها، أو بانت ثم تزوجها، وقلنا: بعود الظهار .. فهل تكون الرجعة والنكاح عودًا أم لا؟ فيه قولان) أظهرهما: أن الرجعة عود دون تجديد النكاح، كما ذكره في (الرجعة)"المنهاج" و"الحاوي"، وفي (النكاح)"الحاوي"(2).
4173 -
قول "التنبيه"[ص 186]: (وإن ظاهر الكافر من امرأته فأسلم عقب الظهار .. فقد قيل: إسلامه عودٌ، وقيل: ليس بعود) الأصح: الثاني، وصورة المسألة: أن تسلم هي أيضًا عقب الظهار مع إسلامه، أو تكون قد أسلمت وتخلف عنها ثم ظاهر منها وأسلم عقب ظهاره، أما إذا تراخى إسلامها عن الظهار؛ فإن كانت وثنية .. لم يكن عودًا قطعًا؛ لأنه إن كان قبل الدخول .. بانت، أو بعده .. فهي جارية إلى البينونة، وإن كانت كتابية .. فإسلامه عود قطعًا؛ لدوام الزوجية، وذكر بعضهم: أن عبارة "التنبيه": (فأسلما)، وفي "مذاكرة أهل اليمن": صوابه: (فأسلمت) فإن إسلامها يشعت النكاح كما يشعت الطلاق الرجعي، وإسلامه مصلح للنكاح كما تصلحه الرجعة.
وقال في "التوشيح": كلامه يقتضي تعقيب (3) إسلامه الظهار، وهو ما اقتضاه كلام ابن يونس، والحق: الاكتفاء به إذا وقع في العدة.
قلت: إذا لم يقع عقب الظهار .. لم يكن عودًا قطعًا؛ فإن العود قد حصل قبله.
4174 -
قولهم - والعبارة لـ "التنبيه" -: (وإذا وجبت الكفارة .. حرم وطؤها إلى أن يكفر)(4) محله: في الظهار المطلق، أما في المؤقت .. فحتى يكفر أو تنقضي المدة، فإذا انقضت .. حل الوطء؛ لارتفاع الظهار، وبقيت الكفارة في ذمته، كذا في "الروضة" وأصلها (5).
وقال شيخنا الإمام البلقيني: تبع فيه الرافعي البغوي والمتولي (6)، وهو بعيد من ظاهر القرآن والسنة وظاهر نص الشافعي؛ فإن الله تعالى عمم حكم المظاهرين بتحريم المسيس قبل التكفير، فمن قال:(أو انقضت المدة) فقد زاد شرطًا ليس في القرآن وذكر الآمدي وغيره: أن الآية نزلت
(1) المنهاج (ص 436).
(2)
الحاوي (ص 522)، المنهاج (ص 436).
(3)
في النسخ: (تعقب)، ولعل الصواب ما أثبت، والله أعلم.
(4)
انظر "التنبيه"(ص 187)، و "الحاوي"(ص 522)، و "المنهاج"(ص 436).
(5)
فتح العزيز (9/ 277)، الروضة (8/ 274).
(6)
انظر "التهذيب"(6/ 163).
في سلمة بن صخر (1)، وكان ظاهر مؤقتًا، ووطئ، وقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"لا تقربها حتى تكفر"(2)، لكن الذي في الأحاديث أن سببها أوس بن الصامت، وكان ظهاره غير مؤقت.
4175 -
قول "التنبيه"[ص 187]: (وهل تحرم المباشرة بشهوة فيما دون الفرج؟ فيه قولان، أصحهما: أنها لا تحرم) حكاه الرافعي في "شرحيه" عن الأكثرين، وقطع به بعضهم (3)، لكن في "المحرر": أن الأولى: التحريم (4)، وعليه مشى "الحاوي"، فقال [ص 522]:(كالحائض)، واستدرك في "المنهاج" على "المحرر" فقال [ص 436]:(الأظهر الجواز)، وتناول كلام "التنبيه" وزيادة "المنهاج" الاستمتاع بما بين السرة والركبة، وفيه احتمالان للإمام، أقواهما عنده: أنه على الخلاف في الحائض (5).
4176 -
قول "التنبيه"[ص 187]: (وإن ظاهر منها ظهارًا مؤقتًا فأمسكها زمانًا يمكن فيه الطلاق .. صار عائدًا، وقيل: لا يصير عائدًا) الأصح: الثاني، وعليه مشى "المنهاج" و"الحاوي"(6)، فلو قيد الظهار بمكان .. فهل هو كالزمان؟ قال شيخنا الإمام البلقيني: لم أر من تعرض لذلك، والقياس: أنه كالظهار المؤقت، وإذا قلنا: يتقيد بذلك المكان .. لم يكن عائدًا في ذلك الظهار إلا بالوطء في ذلك المكان، ومتى وطئها فيه .. حرم وطؤها مطلقًا حتى يكفر. انتهى.
4177 -
قول "الحاوي"[ص 522]: (حتى يكفر بعدد المحلِّ، أو اللفظ، لا للتأكيد متصلًا) يفهم أنه إذا طلق في تكرير (أنت عليّ كظهر أمي) ولم ينو استئنافًا ولا تأكيدًا .. أنه تتعدد الكفارة، والأصح: خلافه.
4178 -
قول "المنهاج"[ص 437]: (وأنه بالمرة الثانية عائدٌ في الأول) يقتضي أن الخلاف فيه قولان؛ فإنه عطفه على ما عبر فيه بالأظهر، لكن الذي في "الروضة" وأصلها أن الخلاف فيه وجهان، والله أعلم (7).
* * *
(1) انظر "الإحكام" للآمدي (2/ 258).
(2)
أخرجه أبو داوود (2223)، والترمذي (1199)، والنسائي (3457)، وابن ماجه (2065)، والحاكم (2817) من حديث سيدنا ابن عباس رضي الله عنهما.
(3)
فتح العزيز (9/ 267).
(4)
المحرر (ص 350).
(5)
انظر "نهاية المطلب"(14/ 509).
(6)
الحاوي (ص 521)، المنهاج (ص 437).
(7)
فتح العزيز (9/ 280)، الروضة (8/ 276).