المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل [في سكنى المعتدة] - تحرير الفتاوي على التنبيه والمنهاج والحاوي - جـ ٢

[ابن العراقي]

فهرس الكتاب

- ‌كتابُ التفليس

- ‌فَصْلٌ [بيع مال المفلس وقسمته وما يتعلق به]

- ‌فَصْلٌ [في رجوع نحو بائع المفلس عليه بما باعه له قبل الحجر ولم يقبض عوضه]

- ‌تنْبِيهٌ [بقية شروط الرجوع]

- ‌بابُ الحَجْر

- ‌تنبيه [بلوغ الخنثى]

- ‌فصْلٌ [فيمن يلي نحو الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله]

- ‌بابُ الصُّلْح

- ‌فصلٌ [الصلح والتزاحم على الحقوق المشتركة]

- ‌بابُ الحَوالة

- ‌بابُ الضَّمان

- ‌تَنْبِيْه [شروط المضمون]

- ‌فصلٌ [في شروط صحة كفالة البدن]

- ‌فصلٌ [شروط الضمان والكفالة]

- ‌كتابُ الشّركة

- ‌كتابُ الوكالة

- ‌فصلٌ [في التوكيل في البيع]

- ‌تنبيهٌ [وكيل المشتري في معنى وكيل البائع]

- ‌فصلٌ [فيما لو عين لوكيله شخصاً ليبيع منه]

- ‌فصلٌ [في جواز الوكالة وعزل الوكيل]

- ‌كتاب الإقرار

- ‌فصلٌ [ألفاظ وصيغ الإقرار]

- ‌فصلٌ [شروط المقر به]

- ‌تنبيهٌ [تفسير قوله: (غصبت منه شيئاً)]

- ‌فصْلٌ [في ذكر أنواع من الإقرار]

- ‌فصْل [في الإقرار بالنسب]

- ‌كتابُ العارية

- ‌فصل [جواز العارية وما للمعير وما عليه بعد الرد]

- ‌كتابُ الغَصْب

- ‌فصْل [ضمان المغصوب]

- ‌فصلٌ [في الاختلاف]

- ‌تنبيهٌ [ما يجب على غاصب العبد إذا جنى]

- ‌فصلٌ [للمالك تكليف الغاصب ردَّ المغصوب كما كان]

- ‌كتابُ الشُفْعة

- ‌فصْلٌ [فيما يؤخذ به الشقص]

- ‌تنبيهٌ [المراد بفورية الشفعة]

- ‌كتاب القِراض

- ‌فصلٌ [شروط القراض]

- ‌فصلٌ [فسخ عقد القراض وجوازه من الطرفين]

- ‌كتاب المساقاة

- ‌فصل [شروط المساقاة]

- ‌كتاب الإجارة

- ‌فصل [شروط المنفعة]

- ‌فصلٌ [في بقية شروط المنفعة]

- ‌فصلٌ [بيان ما على المؤجر والمستأجر]

- ‌فصل [في تعيين قدر المنفعة]

- ‌فصلٌ [فيما يفسخ الإجارة]

- ‌كتابُ إحياء المَوات

- ‌فصلٌ [في بيان حكم منفعة الشارع وغيرها من المنافع المشتركة]

- ‌فصلٌ [في حدِّ المعدن الظاهر]

- ‌فصلٌ [في التزاحم على السقي من الماء المباح]

- ‌كتابُ الوَقْف

- ‌فصلٌ [في تعليق الوقف]

- ‌فصلٌ [فيما لو وقف على أولاده وأولاد أولاده]

- ‌فصل [إلى من ينتقل ملك رقبة الموقوف

- ‌فصل [في النظر على الوقف وشرطه]

- ‌كتابُ الهِبَة

- ‌تَنْبِيْهٌ [الهبة أعم من الصدقة والهدية]

- ‌كتابُ اللُّقَطة

- ‌فصلٌ [في التقاط الممتنع من صغار السباع]

- ‌فصلٌ [كيفية تملك اللقطة بعد التعريف]

- ‌كتابُ اللَّقِيط

- ‌فصلٌ [في الأمور التي يحكم فيها بإسلام الصبي]

- ‌فصلٌ [في بيان حرية اللقيط ورقه واستلحاقه]

- ‌كتابُ الجِعَالة

- ‌تنبيهٌ [حكم الاستنابة في الإمامة ونحوها]

- ‌كتابُ الفَرائِض

- ‌فصل [الفروض المقدرة في كتاب الله وبيان أصحابها]

- ‌فصل [في الحجب]

- ‌فصل [في المسألة المشرَّكة]

- ‌فصل [الولاء للأخ أو الجد

- ‌فصل [في المعادَّة]

- ‌فصل [في موانع الإرث]

- ‌فصل [في قسمة التركة]

- ‌كتاب الوصايا

- ‌فصل [في الوصية بالثلث وما زاد عليه]

- ‌فصل [الوصية بما زاد على الثلث حال المرض المخوف]

- ‌فصل [في أنواع من ألفاظ الوصية]

- ‌فصل [في الوصية بالمنافع]

- ‌فصل [في الرجوع عن الوصية]

- ‌فصل [في الإيصاء]

- ‌تببيهٌ [لا ينعزل الوصي باختلال كفايته]

- ‌كتابُ الوَدِيعة

- ‌كتاب قسم الفيء والغنيمة

- ‌فَصلٌ [في الغنيمة والسلَب]

- ‌كتاب قسم الصّدقات

- ‌باب

- ‌فَصلٌ [في بيان مستنَد الإعطاء وقدر المُعْطَى]

- ‌فَصلٌ [في قسمة الزكاة بين الأصناف ونقلها وما يتبع ذلك]

- ‌بابُ صدقة التّطوّع

- ‌كتابُ النِّكاح

- ‌فصلٌ [حكم النكاح وسننه وبيان العورات]

- ‌فصلٌ [في استحباب الخطبة وما يتعلق بها]

- ‌فصلُ [في قبول النكاح وبقية شروط العقد]

- ‌فصلٌ [في اشتراط الولي في النكاح]

- ‌تَنْبِيْهٌ [في التحكيم]

- ‌فصلٌ [في موانع الولاية]

- ‌فَصْلٌ [في اعتبار الكفاءة]

- ‌فَصْلٌ [في نكاح المحجور عليه بالسفه ونحوه]

- ‌باب ما يَحْرُم من النّكاح

- ‌فَصْلٌ [في نكاح الأمة]

- ‌فَصْلٌ [نكاح الكتابية والمشركة]

- ‌باب نكاح المشرك

- ‌فصلٌ [فيمن أسلم وتحته أكثر من أربع نسوة]

- ‌فَصْلٌ [في إسلام أحد الزوجين]

- ‌باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد

- ‌فصلٌ [في إعفاف الأصل]

- ‌فصلٌ [في نكاح الرقيق]

- ‌كتابُ الصَّدَاق

- ‌باب

- ‌فصلٌ [في مهر المثل]

- ‌فصلٌ [في التفويض]

- ‌فصل [في سقوط المهر وتشطره]

- ‌فصل [في المتعة]

- ‌فصل [في الاختلاف]

- ‌بابُ الوليمة

- ‌كتابُ القسْمِ والنُّشُوز

- ‌تنبيهٌ [لا يختص القضاء بحال مكثه عند الضرة]

- ‌فائدة [في النزول عن الوظائف]

- ‌فصلٌ [في النشوز وما يتعلق به]

- ‌كتابُ الخُلْع

- ‌فَصْلٌ [في الطلاق بلفظ الخلع أو المفاداة]

- ‌فَصْلٌ [في قوله: أنت طالق وعليك ألف]

- ‌فَائِدَتَان [تتعلقان بخلع الأجنبي]

- ‌فَصْل [في الاختلاف]

- ‌كتابُ الطَّلاق

- ‌فَصْل [تفويض الطلاق]

- ‌فَصْل [في سبق اللسان بالطلاق وحكم طلاق المكره والسكران]

- ‌فَصْل [في تعليق الطلاق]

- ‌فَصَل [في تعدد الطلاق بنية العدد وما يتعلق به]

- ‌فَصْل [في الاستثناء في الطلاق]

- ‌فَصْل [في الشك في الطلاق أو العدد]

- ‌فَصْل [في الطلاق السني والبدعى]

- ‌فصل [في أنواع من تعليق الطلاق]

- ‌فصل [في أنواع أخرى من التعاليق]

- ‌فصل [في التعليق بالأكل والعدد ونحو ذلك]

- ‌كتابُ الرَّجْعَة

- ‌كتابُ الإيلاء

- ‌فصل [فيما يترتب على صحة الإيلاء]

- ‌كتابُ الظِّهار

- ‌فصل [في العود]

- ‌كتابُ الكفّارة

- ‌كتابُ اللِّعان

- ‌فصلٌ [في بيان حكم قذف الزوج ونفي الولد جوازًا أو وجوبًا]

- ‌فصلٌ [في كيفية اللعان وشروطه وثمراته]

- ‌فصلٌ [سقوط الحد باللعان وما يتعلق بلحاق النسب]

- ‌كتابُ العِدَد

- ‌فصلٌ [بيان عدة الحامل]

- ‌فصلٌ [في تداخل العدتين]

- ‌فصلٌ [انقطاع العدة بمخالطة الرجعية]

- ‌فصلٌ [في العدد]

- ‌فصلٌ [في سكنى المعتدة]

- ‌كتابُ الرّضاع

- ‌فصل [في فسخ النكاح بالرضاع]

- ‌فصل [في دعوى الرضاع وما يثبت به]

- ‌كتابُ النّفقات

- ‌باب:

- ‌فصل [فيما يوجب النفقة ويسقطها]

- ‌فصل [في الإعسار بمؤن الزوجة]

- ‌بابُ نفقة الأقارب

- ‌باب الحضانة

- ‌تنبيه [موانع الحضانة]

- ‌باب نفقة الرقيق والبهائم

الفصل: ‌فصل [في سكنى المعتدة]

4322 -

قول " التنبيه "[ص 201]: (ولا تختضب) قيده " المنهاج " فقال [ص 449]: (وَخِضَابُ حِنَّاءً وَنَحْوِهِ) أي: كزعفران وورس، وظاهر كلامهما المنع منه في جميع البدن، وبه صرح ابن يونس، لكن حكى الرافعي عن الروياني: أنه إنما يحرم فيما يظهر كالوجه واليدين والرجلين، لا فيما تحت الثياب، وأقره عليه (1).

وقال شيخنا الإمام البلقيني: فيه نظر؛ فإن شعر الرأس مما تحت الثياب، وفي حديث أم سلمة في أبي داوود والنسائي:" ولا تمتشطي بالطيب ولا بالحناء؛ فإنه خضاب" قلت: بأي شيء أمتشط يا رسول الله، قال:" بالسدر تُغلِّفين به رأسك "(2)، قال: وهذا يدل على منع الحناء ولو كان تحت الثياب.

ولا يُرَدّ هذا: بأن الشعر يبدو منه شيء؛ لأنه لو اعتبر ذلك .. لاقتصر المنع على ما يبدو، لا يقال: لسد الذريعة؛ لأن إطلاق التعليل بأنه خضاب ينافي ذلك.

4323 -

قول " المنهاج "[ص 449]: (وَيَحِلُّ تجميلُ فِراشٍ وأثاثٍ، وتنظيفٌ بِغَسْلِ رَأْسٍ، وَقَلْمٍ، وإزالَةِ وَسَخٍ) علله الرافعي: بأنها ليست من الزينة (3)، لكن جعلها في (الجمعة) من الزينة (4)، فكأنها ليست من الزينة المحرمة هنا، ومن الزينة المطلوبة هناك.

4324 -

قول " التنبيه "[ص 201]: (ولا ترجل الشعر) أي: لا تمشطه بالدهن، فلو قال كـ " الحاوي " [ص 530]:(ودهن الشعر) .. لكان أولى، وفي " المنهاج " [ص 450]:(ويحل امتشاط) أي: بلا دهن، فإطلاق " التنبيه " المنع محمول على فعله بدهن، و" المنهاج " الحل محمول على انتفائه.

4325 -

قول " المنهاج "[ص 450]: (وحمام إن لم يكن فيه خروج مُحرَّمٌ) تقييد حسن، لكنه ليس فيه " الروضة "(5).

‌فصلٌ [في سكنى المعتدة]

4326 -

قول " المنهاج "[ص 450]: (تجب سُكنَى لِمُعتَّدةِ طَلَاقٍ ولو بائنٍ إلا نَاشِزَةً) أي: بأن نشزت ثم طلقها، كذا قاله القاضي حسين والمتولي، وزاد: أنها لو نشزت في العدة .. فلا سكنى

(1) انظر " فتح العزيز "(9/ 496).

(2)

سنن أبي داوود (2305)، سنن النسائي (3537).

(3)

انظر " فتح العزيز "(9/ 496).

(4)

انظر " فتح العزيز "(2/ 314).

(5)

الروضة (8/ 408).

ص: 839

أيضًا، فلو عادت إلى الطاعة .. عاد استحقاقها، وقال الإمام: إذا طلقها في مسكن النكاح .. فعليها ملازمته، فإن أطاعت .. استحقت السكنى، وعبر بعضهم عنه: بأنها إن نشزت على الزوج في بيته .. فلها السكنى في العدة، وإن خرجت من بيته واستعْصت عليه .. فلا سكنى، حكى ذلك كله في " أصل الروضة "(1).

وقال شيخنا ابن النقيب: ينبغي أن تستثنى الصغيرة التي لا تحتمل الجماع أيضًا، فلا سكنى لها إن قلنا: لا نفقة كما هو الأصح (2)، وكذلك الأمة حيث لا نفقة.

قلت: هما مصرح بهما في " الروضة " وأصلها كذلك (3)، فلا معنى لذكرهما بحثًا.

4327 -

قول " التنبيه " في النفقات [ص 209]: (وإن توفي عنها .. لم تجب لها النفقة في العدة، وفي السكنى قولان) الأظهر: وجوبها، وعليه مشى " المنهاج " هنا (4) و" الحاوي " في النفقات فقال [ص 543]:(إلى آخر العدة).

4328 -

قول " المنهاج "[ص 450]: (وَفَسْخٍ على المَذهَبِ) هو داخل في قول " الحاوي " في (النفقات)[ص 543]: (إلى آخر العدة)، وحكاه في " الروضة " وأصلها عن " التتمة "(5)، لكن صححا في (باب الخيار) في النكاح: عدم الوجوب، قالا هناك: هاذا لم نوجب السكنى فأراد أن يسكنها حفظًا لمائه .. فله ذلك وعليها الموافقة، قاله أبو الفرج السرخسي (6).

4329 -

قول " التنبيه "[ص 209]: (وإن وطئ امرأة بشبهة .. لم نجب لها السكنى، وفي النفقة قولان) أظهرهما: أنها لا تجب، ولا يخفى أن محلهما: إذا حملت، وإلا .. فلا وجوب قطعًا، وهما مبنيان على أن النفقة لها أو للحمل.

4330 -

قول " المنهاج "[ص 450]: (وتسكُنُ في مسكني كانت فيهِ عند الفُرْقَةِ)، وقول " الحاوي " [ص 534]:(وتلازم مسكن الفراق) أوضح في المقصود من قول " التنبيه "[ص 201]: (وتجب العدة في المنزل الذي وجبت فيه) لأنه اعترض عليه: بأنه لا يزيد على قولك: وتجب العدة حيث وجبت، وهو لا يكاد يفيد، والمراد: يجب الاعتداد في المكان الذي لاقاها فيه أصل وجوبه، وذلك حيث لم يمنع مانع من هدم وغيره، كما سَيُذكر، ثم ظاهر كلامهم تناول الرجعية،

(1) الروضة (8/ 410)، وانظر " نهاية المطلب "(15/ 217).

(2)

انظر " السراج على نكت المنهاج "(7/ 72).

(3)

فتح العزيز (9/ 499)، الروضة (8/ 409).

(4)

المنهاج (ص 450).

(5)

فتح العزيز (9/ 498)، الروضة (8/ 409).

(6)

فتح العزيز (8/ 143)، الروضة (7/ 183).

ص: 840

وبه صرح في " النهاية "(1)، لكن في " المهذب " و" الحاوي " وغيرهما من كتب العراقيين: أن للزوج أن يُسكِنها حيث شاء؛ لأنها في حكم الزوجات، حكاه في " الكفاية "، وجزم به النووي في " نكت التنبيه ".

4331 -

قول " الحاوي "[ص 534]: (لا لحاجة الطعام) فيه أمور:

أحدها: أن جواز خروجها لا يختص بحاجه الطعام؛ ولذلك قال " المنهاج "[ص 450]: (لِشِرَاءِ طَعَامٍ وَغَزْلٍ وَنَحوِهِ) و" التنبيه "[ص 201]: (لقضاء حاجة، كشراء القطن وبيع الغزل) وقال شيخنا الإمام البلقيني: تخرج للاستفتاء وللتصدق، فقد خرجت الفارعة واستفتت ولم ينكر عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخرجت خالة جابر وهي مطلقة ثلاثًا، وقال لها رسول الله صلى الله عليه سلم:" خذي نخلك وتصدقي "(2).

ثانيها: أن محل جواز الخروج لذلك: في النهار دون الليل، كما صرح به " التنبيه " و"المنهاج"(3).

نعم، لو لم يمكنها ذلك نهارًا .. لم تمنع منه ليلًا، للضرورة، وفي " شرح التنبيه " للعامري: أن المنع ظاهر عند نوم الناس، وأما في أول الليل: فيتجه إلحاقه بالنهار، وفيما قاله نظر؛ لأنه مظنة الفساد أيضًا.

ثالثها: محله: في المتوفى عنها والمطلقة البائن، كما صرح به " التنبيه " و" المنهاج "(4)، أما الرجعية: فيلزم الزوج القيام بكفايتها، فلا تخرج إلا بإذنه.

رابعها: يجوز الخروج ليلًا أيضًا إلى دار جارة لغزل وحديث ونحوهما بشرط أن ترجع وتبيت في بيتها، ذكره " المنهاج "(5)، وهو وارد على " التنبيه " أيضًا.

خامسها: يرد على الثلاثة: الحامل البائن إذا قلنا: تعجل نفقتها يومًا بيوم، وهو الأصح، فهي مكفية، فلا تخرج إلا بإذنه أو لضرورة كالرجعية، قاله المتولي، وأقره عليه الرافعي والنووي (6).

وقال السبكي: إنه مفروض فيما إذا حصل لها النفقة، فلا تخرج بعد لأجل النفقة، ولكن لها الخروج لبقية حوائجها من شراء القطن وبيع الغزل، لاحتياجها إليه في غير النفقة، قال: وكذلك

(1) نهاية المطلب (15/ 217).

(2)

أخرجه مسلم (1483).

(3)

التنبيه (ص 201)، المنهاج (ص 450).

(4)

التنبيه (ص 201)، المنهاج (ص 450).

(5)

المنهاج (ص 450).

(6)

انظر " فتح العزيز "(9/ 511)، و " الروضة "(8/ 416).

ص: 841

إذا أعطيت النفقة دراهم واحتاجت إلى الخروج لشراء الأدم بها، قال: والضابط: منع الخروج قطعأ عند عدم الحاجة، وجوازه قطعًا عند الضرورة، ومحل الخلاف: عند الحاجة، قال: ولم أر من جوَّز الخروج بلا حاجة إلا ابن المنذر. انتهى، حكاه عنه ابنه في " التوشيح ".

سادسها: يرد عليهم أيضًا: أن محل الجواز: فيمن ليس لها من يقضي حاجتها، فإن كان .. لم يجز الخروج إلا لضرورة، قاله الإمام وغيره فيما حكاه في " الكفاية "(1)، وعبارة " الروضة " وأصلها تدل على ذلك؛ حيث قيدا الخروج بالحاجة، ولا حاجة مع وجود من يقوم بها.

4332 -

قول " التنبيه "[ص 201]: (ولا يجوز نقلها من المسكن الذي وجبت فيه العدة إلا لضرورة) أعم من قول " المنهاج "[ص 450]: (وتنتقلُ من المسكنِ لِخوفٍ من هدمٍ أو غرق) لعدم الانحصار في ذلك؛ فإنها تنتقل أيضًا إذا خافت اللصوص أو الحريق أو نحو ذلك.

4333 -

قول " المنهاج "[ص 450]: (أو على نفسها) يخرج المال ونفس غيرها؛ كولدها الصغير مثلًا؛ ولذلك قال " الحاوي "[ص 534، 535]: (وخوف النفس والمال) وهو متناول لمال غيرها أيضًا، ويدخل فيه أيضًا: الهدم والغرق والحرق واللصوص، فهي عبارة شاملة.

4334 -

قول " المنهاج "[ص 450]: (أو تَأَذَّتْ بالجيرانِ، أو هُمْ بها أَذَىً شديدًا) أعم من قول " التنبيه "[ص 201]: (أو بذاءة على أحمائها) فإن البذاءة: الفحش، والأحماء: أقارب الزوج، أما لو بذئ أحماؤها عليها .. نُقِلوا دونها، ثم قال البغوي في بذائها على أحمائها: تسقط سكناها وعليها العدة في بيت أهلها (2)، والذي ذكره العراقيون والجمهور: أن الزوج ينقلها إلى مكان آخر، ومحل نقلها بالبذاءة على أحمائها: ما إذا كانت في دار تَسَع جميعهم، فلو كانت تسعها فقط .. نقل الأحماء، وكذا لو كانت في دار أبويها فبذئت على أحمائها .. نقلوا أيضًا دونها؛ لأنها أحق بدار أبويها، وكذا لو بذئت على الأبوين أو بذأ الأبوان عليها .. لا ينقل أحد منهم؛ لأن الشر والوحشة لا تطول بينهم، ولم يقيد ابن يونس في " مختصره " البذاءة بكونها على أحمائها؛ ليتناول البذاءة على الزوج وغيره.

4335 -

قول " الحاوي "[ص 534]: (والهجرة) استثنى منه المتولي: ما إذا كانت في موضع لا تخاف على نفسها ولا دينها .. فلا تخرج حتى تعتدّ، حكاه عنه في " أصل الروضة "، وأقره (3).

4336 -

قوله: (وإقامة الحد)(4) محله: في البرزة، أما المخدرة: فيبعث الحاكم إليها

(1) انظر " نهاية المطلب "(15/ 254).

(2)

انظر " التهذيب "(6/ 256).

(3)

الروضة (8/ 416).

(4)

انظر " الحاوي "(ص 534).

ص: 842

نائبًا، أو يحضر إليها بنفسه، جزم به في " أصل الروضة " (1) ولهذا قال " التنبيه " [ص 201]:(وإن وجب عليها حق يختص بها وهي برزة .. خرجت).

4337 -

قوله: (وإن أمرها بالانتقال إلى موضع آخر فانتقلت ثم طلقها قبل أن تصير إلى الثاني .. فقد قيل: تمضي، وقيل: هي بالخيار بين المضي وبين العود)(2) الأصح: الأول، وعليه مشى " الحاوي " فقال [ص 534]:(والمأذون إن كانت في الطريق) و" المنهاج " فقال [ص 450]: (اعتدت فيه على النص) ولو قال " الحاوي ": (وإن كانت في الطريق) .. لكان أولى؛ لأن ذلك هو موضع الخلاف ولأجله قيد به حاكي الخلاف، وأما هو: فليس حاكيًا للخلاف، فلا معنى لتقييده، والاعتبار ببدنها لا بالأمتعة والخدم، فلو عادت إلى الأول لنقل متاع فطلقها فيه .. اعتدت في الثاني، قال الإمام: هذا إذا دخلت الثاني دخول استقرار، فإن كانت تتردد بينهما لنقل الأمتعة وطلقت في الأول .. ففيه احتمالان (3).

4338 -

قول " المنهاج "[ص 450]: (أو بغير إذنٍ .. ففي الأوَّلِ) أي: وإن وصلت إلى الثاني، ويستثنى منه: ما إذا أذن لها بعد الوصول إليه أن تقيم به .. فإنه كالنقلة بإذنه.

4339 -

قول " التنبيه "[ص 201]: (وإن أذن لها في السفر فخرجت ووجبت العدة قبل أن تفارق البلد .. فقد قيل: عليها أن تعود، وقيل: لها أن تمضي في السفر ولها أن تعود) الأصح عند الجمهور: الأول، والثاني ظاهر النص كما قال الرافعي، وقال شيخنا الإمام البلقيني: إنه صريح النص، وفي وجه ثالث: إن كان سفر حج .. لم يلزمها، أو غيره .. لزمها، واستغربه الرافعي (4)، واقتصر عليه الشافعي رضي الله عنه في " الأم "(5) كما نقله في " المطلب "، وقيده في " الذخائر " بحجة الفرض، أما لو وجبت في الطريق .. فلها الرجوع والمضي، جزم به " المنهاج "(6).

قال الشيخ أبو حامد: والرجوع أفضل، وقيل: محل التخيير بعد سفر يوم وليلة وقبلها يجب العود، وليس بشيء، ومحل الخلاف: في سفر غير النقلة؛ ففي النقلة يجب العود جزمًا؛ ولهذا قال " المنهاج "[ص 450]: (وكذا لو أَذِنَ - أي: في النقلة - ثم وجبت قبل الخروج)، ثم قال [ص 450]:(ولو أذن في انتقال إلى بلدٍ .. فَكَمَسْكَنٍ) أي: فإن طلق بعد الوصول إلى الثاني .. فالعدة

(1) الروضة (8/ 417).

(2)

انظر " التنبيه "(ص 201).

(3)

انظر " نهاية المطلب "(15/ 231، 232).

(4)

انظر " فتح العزيز "(9/ 502).

(5)

الأم (5/ 228).

(6)

المنهاج (ص 450).

ص: 843

فيه، أو قبل مفارقة عمران الأول .. ففيه، أو بينهما .. فعلى الخلاف، وفي " النهاية " عن النص: أنها لو خرجت مسافرة مع الزوج فطلقها، أو مات عنها في أثناء الطريق .. لزمها الرجوع، فتعتد في مسكن النكاح (1).

قال شيخنا الإمام البلقيني: وليس هذا في " المختصر " ولا " الأم "، وإن كان الحكم فيه ما ذكره الإمام.

4340 -

قولهم - والعبارة لـ " التنبيه " -: (فإن كان السفر لقضاء حاجة .. لم تقم بعد قضائها)(2) هو الأصح عند الرافعي والنووي، لكن ظاهر ترجيح " الشرح الكبير " أن لها أن تقيم بعدها إلى تمام مدة المسافرين؛ فإنه حكاه عن " التهذيب " و" الوسيط " وغيرهما، قال: ونقله الروياني عن بعضهم، وغلَّط قائله (3)، وعبارة " الشرح الصغير ": في " التهذيب " وغيره لها إقامة هذه المدة، ومنهم من نازع فيه، وقال: نهاية سفرها قضاء الحاجة لا غير.

وقال شيخنا الإمام البلقيني: إن الذي في " التهذيب " و" الوسيط " ظاهر نص " الأم "(4).

4341 -

قول " التنبيه "[ص 201]: (وإن قُدِّر لها مقام مدة .. ففيه قولان، أحدهما: لا تقيم أكثر من ثلاثة أيام، والثاني: تقيم المدة التي أذن لها فيها) الأصح: الثاني، وعليه مشى " الحاوي "(5).

4342 -

قول "التنبيه" فيما إذا بقي من العدة ما يُعلم أنه ينقضي قبل أن تعود إلى المنزل [ص 201]: (فقد قيل: لا يلزمها العود، وقيل: يلزمها) الأصح: الثاني.

وقد يفهم قول " المنهاج "[ص 450]: (ثم يجب الرجوع لتعتدَّ البقيَّةَ في المسكَنِ) مقابله، ومحل وجوب الرجوع: إذا أمكنها ذلك ولم يكن الطريق مخوفًا.

4343 -

قوله: (ولو قالت: " نَقَلْتنِي " فقال: " بل أَذِنْتُ لِحاجةٍ " .. صُدِّقَ على المذهب)(6) قد يفهم تصديق وارثه أيضًا؛ لأنه خليفته، والمنقول تصديقها؛ لأنها أعرف بذلك من الوارث، وقد ذكره " التنبيه " و" الحاوي "(7)، أما إذا اختلفا في أصل الإذن .. فالمصدق الزوج ووارثه.

4344 -

قول " المنهاج "[ص 451]: (ومنزلُ بَدَويَّةٍ وبيتُها من شعرٍ كَمَنْزِلِ حَضَرِيَّةٍ) فيه أمران:

(1) نهاية المطلب (15/ 239).

(2)

انظر " التنبيه "(ص 201)، و" الحاوي "(ص 535)، و " المنهاج "(ص 450).

(3)

فتح العزيز (9/ 502، 503)، الروضة (8/ 411)، وانظر " التهذيب "(6/ 259)، و" الوسيط "(6/ 160).

(4)

الأم (5/ 228).

(5)

الحاوي (ص 535).

(6)

انظر " المنهاج "(ص 451).

(7)

التنبيه (ص 202)، الحاوي (ص 535).

ص: 844

أحدهما: لا يخفى أن الشعر مثال؛ فالوبر والصوف ونحوهما كذلك.

ثانيهما: محل ذلك: ما إذا كان أهلها على ماء لا يظعنون عنه إلا لحاجة، فلو كانوا يرتحلون عنه شتاءً أو صيفًا كلهم .. ارتحلت معهم، فإن ارتحل بعضهم؛ فإن كان الباقون أهلها وفيهم قوة .. أقامت، وإن ارتحل أهلها وفي الباقين قوة .. فالأصح: أنها تتخير؛ ولذلك قال " الحاوي " فيما تُخَيَّر فيه [ص 535]: (أو رحل قوم البدوية، أو تقيم في قريةٍ) أي: إذا رحلت البدوية حيث يجوز لها ذلك، فلها الإقامة في قرية، بخلاف البلدية المأذون لها في السفر ليس لها الإقامة بقرية في الطريق.

واعلم: أن عبارة " أصل الروضة ": (قوة وعدة)(1)، ومقتضاها: أنه لا عبرة بالقوة وحدها، وقال شيخنا الإمام البلقيني: هذا بعيد، وإنما يحال ذلك على الأمن، فإذا غلب على ظنها ما يخالفه .. جاز الانتقال، قال: ومحل التخيير: في الوفاة والطلاق البائن، أما الرجعية: إذا كان مطلقها من المقيمين واختار إقامتها .. فله ذلك، وهو ظاهر نص " الأم "(2)، وفيه توقف؛ لتقصيره بترك الرجعية.

4345 -

قول " التنبيه "[ص 202]: (وإن أحرمت بإذنه ثم طلقها؛ فإن كان الوقت مضيقًا .. مضت في حجها، وإن كان الوقت واسعًا .. أتمت العدة) الأصح فيما إذا كان واسعًا: أنها مخيرة بين إتمام العدة والمضي في حجها، وعليه مشى " الحاوي "، لكنه أطلقه (3)، ومحله: مع الاتساع، فأما مع الضيق .. فتمضي في حجها كما تقدم، وتحسب العدة مع ذلك.

4346 -

قول " المنهاج "[ص 451]: (ولا يصحُّ بيعُهُ إلا في عدَّةِ ذات أشهرٍ .. فكمستأجرٍ) أي: ففيه القولان، والأصح: الصحة؛ ولذلك قال " الحاوي "[ص 536]: (ويبيع إن اعتدت بالأشهر) وإذا قلنا به فحاضت في أثنائها وانتقلت إلى الأقراء .. خُرِّج ذلك على اختلاط الثمار المبيعة بالحادثة حيث لا يغلب التلاحق، والأصح: أنه لا ينفسخ، بل يُخير المشتري.

وقال شيخنا الإمام البلقيني: هذا التخريج غير مسلّم؛ لأن الشركة الطارئة لا تقتضي تجهيل أصل المبيع عند التلاحق، وهنا طريان الأقراء أو الحمل يؤدي إلى جهالة المنافع المستثناة، ومقتضاه: بطلان البيع هنا، وهو أرجح.

4347 -

قول " الحاوي "[ص 534]: (وتلازم مسكن الفراق ولو للوارث إن رضي) قد يقتضي أن

(1) الروضة (8/ 413).

(2)

الأم (5/ 229).

(3)

الحاوي (ص 535).

ص: 845

السلطان لو عين لها مسكنًا .. لم يلزمها ملازمته، وكذا ذكره الغزالي (1)، قال الرافعي: وهو خلاف المنصوص المشهور، فلو أسكنها أجنبي متبرعًا ولم يكن ذا ريبة .. فعن الروياني: أنه كالوارث، قال النووي: وفيه نظر (2).

4348 -

قوله: (وإن أفلس .. ضاربت بأجر الأقراء، والأقل إن لم تستقر)(3) محله: ما إذا سبق إفلاسه الفراق، فإن كان بعده .. قدمت بحق السكنى، واستثنى منه شيخنا الإِمام البلقيني: ما إذا طلق رجعيًا ثم حجر عليه بالإفلاس ثم مات .. فإنها تنتقل لعدة الوفاة، ولا تقدم على الغرماء، بل تضارب كسبق الإفلاس.

4349 -

قول "المنهاج"[ص 451]: (فإن رجَعَ المُعيرُ ولم يرضَ بأجُرَةٍ .. نُقِلَتْ) كذا لو طلب أكثر من أجرة المثل، والمراد: نقلها إلى أقرب ما يوجد.

4350 -

قول "التنبيه"[ص 201]: (فإن وجبت وهي في مسكن لها .. وجب لها الأجرة) فيه أمران:

أحدهما: أن مقتضاه: وجوب ملازمة مسكنها، وهو صريح قول "المنهاج" [ص 451]:(استمرت) وكذا هو "المهذب" و "التهذيب"(4)، وقال في "الشامل" و "التتمة": يجوز ولا يجب، فلو طلبت أن يسكنها في غيره .. أجيبت، وهذا هو الأصح.

ثانيهما: أن مقتضاه: تقرّر الأجرة في ذمته وإن لم تطلبها، وليس كذلك، بل الأصح في السكنى مطلقًا: سقوطها بمضي الزمان؛ ولذلك قال "المنهاج"[ص 451]: (وطلبت الأجرة)، وهو الذي يفهمه قول "الحاوي" [ص 536]:(واستقرض القاضي على الغائب، ثم هي، وترجع إن أشهدت).

4351 -

قول "المنهاج"[ص 451]: (فإن كان مسكنُ النكاح نَفِيسًا .. فله النقل إلى لائقٍ بها، أو خسيسًا .. فلها الامتناع) المراد: النقل إلى أقرب المواضع الممكنة؛ ولذلك قال "الحاوي"[ص 535]: (وإن لم يَلِقْ بها .. فما قرب).

4352 -

قول "التنبيه"[ص 201]: (وإن وجبت وهي في مسكن للزوج .. لم يجز أن يسكن معها إلا أن يكون في الدار ذو رحم محرم لها، أو له، ولها موضع تنفرد به) فيه أمور:

أحدهما: أنه لا يشترط كونه ذا رحم - أي: قرابة - بل يكفي محرم الرضاع أو المصاهرة؛

(1) انظر "الوسيط"(6/ 158).

(2)

انظر "فتح العزيز"(9/ 521)، و "الروضة"(8/ 424).

(3)

انظر "الحاوي"(ص 536).

(4)

المهذب (2/ 147)، التهذيب (6/ 256).

ص: 846

ولذلك اقتصر "المنهاج" و "الحاوي" على اعتبار المحرمية (1).

ثانيها: يعتبر في محرمها كونه ذكرًا، وفي محرمه كونه أنثى، وقد صرح بذلك "المنهاج"(2)، لكن في الأول نظر؛ لجواز خلوة رجل بامرأتين، ومقتضاه: ألا يتقيد محرمها بكونه ذكرًا.

ثالثها: اعتبر "المنهاج" في المحرم كونه مميزًا (3)، واشترط الشافعي رضي الله عنه البلوغ، قال القاضي أبو الطيب؛ لأن من لم يبلغ .. لا تكليف عليه، فلا ينكر الفاحشة، وقال الشيخ أبو حامد: يكفي عندي المراهق، وهذا والذي قبله يردان على "الحاوي" أيضًا.

رابعها: يكفي أن يكون هناك زوجة أخرى له أو أمة، ذكره "المنهاج" (4) و "الحاوي" وزاد:(ومن يحتشمها)(5) والمراد: أنه لو كان هناك امرأة ليست زوجة لا أمة ممن يحتشم جانبها؛ أي: لحياء منها أو خوف .. جاز له الدخول أيضًا، وعبارة "أصل الروضة": والنسوة الثقات كالمحرم على الصحيح، ويكفي حضور المرأة الواحدة الثقة على الأصح، وبه قطع صاحب "الشامل" وغيره. انتهى (6).

ومن هذا الكلام يُعلم الاكتفاء بمحرمها من النساء إذا كانت ثقة؛ فإنها أولى من الأجنبية، وذلك يرد على اعتبار "المنهاج" في محرمها كونه ذكرًا، وجوز بعضهم في قول "الحاوي":(يحتشمها) عود الضمير لجميع من تقدم؛ فيدل على اعتبار التمييز في المحرم أو البلوغ، وهو بعيد.

خامسها: أنه اعتبر مع وجود المحرم أن يكون لكل منهما موضع ينفرد به، وهذا شامل لما إذا استقل كل من الموضعين بالمرافق، ومع هذا فلا يحتاج لمحرم ولا غيره، وقد صرح بذلك "المنهاج" فقال [ص 451]:(ولو كان في الدار حُجرةٌ فسَكَنَها أحدُهُما والآخرُ الأُخرى؛ فإن اتحدت المرافقُ كمطبخٍ ومُستراحٍ .. اشتُرِط مَحْرَمٌ، وإلا .. فلا) و "الحاوي" فقال بعد ما تقدم [ص 535، 536]: (أو انفردت بمفردة المرافق) وحكى في "الكفاية" عن القاضي حسين والروياني في اتحاد المرافق: عدم الجواز وإن كان محرم.

سادسها: قد يفهم من إطلاقهم الجواز بهذه الشروط استواء الطرفين، وليس كذلك، بل هو مكروه.

(1) الحاوي (ص 535)، المنهاج (ص 451).

(2)

المنهاج (ص 451).

(3)

المنهاج (ص 451).

(4)

المنهاج (ص 451).

(5)

الحاوي (ص 535).

(6)

الروضة (8/ 418).

ص: 847

4353 -

قول "المنهاج"[ص 451]: (وينبغي أن يُغلَقَ ما بينهما من بابٍ، وألا يكون مَمَرُّ إحداهما على الأُخرى) تبع فيه "المحرر"(1)، وظاهره الاستحباب؛ ولذلك لم يتعرض له "الحاوي"، لكن عبر في "الشرح الصغير" بالاشتراط، وكذا في "الروضة" وأصلها نقلًا عن البغوي والمتولي وغيرهما، قالا: وهذا حسن، ويؤيده ما ذكره الأئمة أنه لو كانت الدار واسعة ولم يكن فيها إلا بيت والباقي صفة .. لم يجز أن يساكنها وإن كان معها محرم، فإن بني حائلًا وكان الباقي لها سكن مثلها .. فله ذلك، ثم إن كان بابه خارجًا .. لم يحتج لمحرم، وإلا .. اشترط (2).

4354 -

قول "الحاوي"[ص 536]: (ويخلو رجلٌ بنسوةٍ ثقاتٍ) فيه أمور:

أحدها: أنه قد يفهم منعه بامرأتين ثقتين، وليس كذلك، فقد حكى الرافعي عن الأصحاب جوازه (3)، وقد يفهم ذلك من قول "الحاوي" بعده [ص 536]:(لا بواحدة).

ثانيها: أن في "الروضة" وأصلها في (صلاة الجماعة): أنه لا يجوز أن يخلو بالنساء غير ذي محرم (4)، والمعتمد هو المذكور هنا، أو يحمل المذكور هناك على غير الثقات جمعًا بين الكلامين.

ثالثها: أنه يفهم تحريم خلوة رجال أو رجلين بامرأة، وهو كذلك، ولو بَعُد مواطأتهم على الفاحشة، كما صرح بترجيحه مع ذلك في "شرح المهذب"(5)، لكنه في "شرح مسلم" أوّل قوله عليه الصلاة والسلام:"لا يدخلن رجل بعد يومي هذا على مُغِيْبَةٍ إلا ومعه رجل أو رجلان"(6) على جماعة تبعد مواطأتهم على الفاحشة؛ لصلاح أو مروءة أو غيرهما (7).

* * *

(1) المحرر (ص 367).

(2)

فتح العزيز (9/ 514)، الروضة (8/ 419)، وانظر "التهذيب"(6/ 257).

(3)

انظر "فتح العزيز"(9/ 514).

(4)

فتح العزيز (2/ 143)، الروضة (1/ 340).

(5)

المجموع (4/ 241).

(6)

أخرجه مسلم (2173).

(7)

شرح مسلم (14/ 155).

ص: 848

بابُ (1) الاسْتِبْراء

4355 -

قول "المنهاج"[ص 452]: (يجبُ بسببين: أحدُهُما: مِلكُ أمةٍ بِشِرَاءٍ أو إِرثٍ أو هِبَةٍ أو سَبيٍ أو ردٍّ بعيبٍ أو تحالفٍ أو إقالةٍ) فيه أمران:

أحدهما: أن هذه أمثلة، ولا انحصار له فيها؛ فقد يملكها بوصية أو برد بخيار الرؤية أو برجوع في الهبة؛ ولهذا أطلق "التنبيه" و "الحاوي" الملك (2)، وقال شيخنا الإِمام البلقيني: لم أر من تعرض لجارية القراض إذا انفسخ واستقل بها المالك، وكذا في زكاة التجارة إذا أخرج الزكاة، وقلنا: المستحق شريك بالواجب بقدر قيمته في غير الجنس. قال: وينبغي أن يجب الاستبراء فيهما؛ لتجدد الملك والحل.

ثانيهما: أن محل ذلك: ألَاّ تكون الأمة زوجًا له، فلو اشترى زوجته .. جاز وطؤها من غير استبراء؛ ولهذا قال "الحاوي" [ص 537]:(ملك غير الزوجة)، وقد ذكرها "التنبيه" و "المنهاج" بعد ذلك (3)، ومحله: في الحر، أما المكاتب: فإذا اشترى زوجته .. انفسخ نكاحها كما حكاه الماوردي، وليس له الوطء دون إذن سيده، فإن أذن .. ففيه قولان، فإن قلنا: يجوز .. اتجه وجوب الاستبراء، وأيضًا: فلو اشترى الحر زوجته بشرط الخيار .. فالمنصوص: أنه لا يجوز وطؤها في زمن الخيار، وفيه وجه.

4356 -

قول "التنبيه"[ص 203]: (وإن كاتب أمته ثم رجعت إليه بالفسخ .. لم يطأها حتى يستبرئها) و "الحاوي"[ص 537]: (ورفع الكتابة الصحيحة)، أعم من قول "المنهاج" [ص 452]:(ويجبُ في مَكَاتَبَةٍ عُجِّزَتْ) لأنه لا يتناول ما إذا فسخت هي بلا عجز.

قال شيخنا الإِمام البلقيني: وكذا جارية المكاتب العائدة إلى السيد بفسخ الكتابة يحتاج السيد إلى استبرائها.

4357 -

قول "المنهاج"[ص 452]: (وكذا مرتدةٌ في الأصح) أي: إذا عادت للإسلام، وكذا إذا ارتد السيد ثم أسلم، وقد ذكر الصورتين "التنبيه" (4) وجمعهما "الحاوي" بقوله [ص 537]:(وزوال الردة).

قال شيخنا الإِمام البلقيني: وكذا لو أسلمت جارية الكافر، ثم أسلم هو .. فيحتاج إلى

(1) في (أ): (كتاب).

(2)

التنبيه (ص 202)، الحاوي (ص 537).

(3)

التنبيه (ص 202)، المنهاج (ص 452).

(4)

التنبيه (ص 203).

ص: 849

الاستبراء في الأصح؛ لحدوث الحل، ولم أر من تعرض له.

4358 -

قول "التنبيه"[ص 203]: (وإن كانت مزوجة أو معتدة .. لم يصح استبراؤها حتى يزول النكاح وتنقضي العدة) و "الحاوي"[ص 537]: (بعد عدة المعتدة وطلاق المزوجة) أحسن من قول "المنهاج"[ص 452]: "ولو ملك مُزَوَّجَة أو مُعْتدَّةً .. لم يجب) لإفهامه ببادئ الرأي عدم الوجوب مطلقًا، وإن كان قد قال بعده:(فإن زالا .. وجب في الأظهر)(1)، لكن العبارة المتقدمة أرشق وأدل على المراد.

ويستثنى من عبارتهم جميعًا: ما لو كانت معتدة منه .. فإنه يجب استبراؤها قطعًا.

4359 -

قول "التنبيه" فيما لو زوج أمته [ص 203]: (وإن طلقت بعد الدخول فاعتدت من الزوج .. فقد قيل: يدخل الاستبراء في العدة، وقيل: لا يدخل، بل يلزمه أن يستبرئها) الأصح: الثاني، وهو" خل في قول "الحاوي" [ص 537]:(وزوال الزوجية).

4360 -

قول "التنبيه"[ص 203]: (وأما تزويجها؛ فإن كان قد وطئها المالك أو من ملكها من جهته .. لم يحل تزويجها قبل الاستبراء) أحسن من قول "المنهاج"[ص 452]: (ويحرم تزويجُ أمةٍ موطوءة) لأنه قد يفهم اختصاص ذلك بأن يكون هو الذي وطئها.

ويستثنى منه: تزويجها ممن يجب الاستبراء بسبب وطئه كما إذا زوجها المشتري من البائع الواطئ قبل أن يستبرئها، كما جزم به في "أصل الروضة"(2)، وقال في "التوشيح": فيه نظر؛ فإن الولد كان ينعقد بماء البائع قبل البيع حرًا؛ لأنه ولد أم ولد، وبعد البيع والزواج رقيقًا؛ لأنه يتبع أمه في الرق، وإذا جرى لنا قول فيمن اشترى زوجته أنه يجب عليه الاستبراء مع أن ولده منها بعد أن كان ينعقد رقيقًا صار ينعقد حرًا .. فلأن يجري في هذه الصورة مع أن الأمر بالعكس أولى، بل الذي يظهر: ترجيح وجوب الاستبراء.

قال شيخنا الإِمام البلقيني: فلو أتت بولد، قال المشتري: هو من النكاح، وقال البائع: من ملك اليمين؛ فإن لم يكن البائع استبرأها قبل البيع .. فالقول قوله بيمينه إن علم المشتري بأنه وطئها، وقول المشتري إن لم يُعلمه بذلك، وإن استبرأها قبل البيع وأتت به لأقل من ستة أشهر من حين الاستبراء ولأكثر من ستة أشهر من حين العقد .. صدق المشتري.

4361 -

قول "التنبيه"[ص 203]: (وإن أعتق أم ولده في حياته أو مات عنها .. لزمها الاستبراء) يستثنى منه: ما إذا تزوجها هو .. فيجوز بلا استبراء في الأصح، وقد ذكره "المنهاج"(3)، وجمع

(1) المنهاج (ص 452).

(2)

الروضة (8/ 434).

(3)

المنهاج (ص 452).

ص: 850

"الحاوي" بين هذه الصورة والتي قبلها بقوله [ص 537]: (يحرم تزويج الموطوءة، وزائلة الفراش من غيرٍ)، وقول "التنبيه" [ص 203]:(في حياته) تأكيد لا فائدة له؛ إذ لا يمكن أن يكون ذلك إلا في حياته.

4362 -

قول "المنهاج"[ص 452]: (ولو أعتقها أو مات عنها وهي مُزَوَّجَةٌ .. فلا استبراءَ) كذا إذا كانت معتدة، وقد صرّح به "التنبيه"(1)، ودل على ذلك قول "الحاوي" [ص 537]:(وزائلة الفراش) لأنها إذا كانت مزوجة أو معتدة .. ليست فراشًا للسيد، فلم يزل فراشها بموته أو عتقه.

ويستثنى من عبارة "التنبيه": ما لو أعتقها أو مات عنها وهي في عدة وطء شبهة .. فالأصح: الوجوب، ولا يرد ذلك على "الحاوي" لأنها ليست فراشًا لواطئ الشبهة.

4363 -

قول "التنبيه"[ص 203]: (فإن مات السيد والزوج أحدهما قبل الآخر ولم يعلم السابق منهما؛ فإن كان بين [مدتهما (2)] شهران وخمس ليالٍ فما دون ذلك .. لم يلزمها الاستبراء) قال النووي: صوابه: خمسة أيام بلياليها (3)، قال في "الكفاية": ولا مؤاخذة في الحكم؛ لأن دون عدة الأمة كقدرها، والظاهر: أن مراده قدرها كما في "المهذب"(4).

قلت: وقد عبر في عدة الأمة بذلك، وسبق تأويله بأن المراد: بأيامها، وفي "المهمات": إن الفتوى على أن حكم الشهرين وخمس ليالٍ بأيامها كحكم أكثر منها في لزوم الاستبراء مع عدة الوفاة بحيضة؛ إما بعدها أو فيها؛ فقد نص عليه في "المختصر"(5)، فإن صح ذلك .. فعبارة "التنبيه" صحيحة بلا تأويل.

4364 -

قوله: (وإن كانت حائلًا .. استبرأها بحيضة في أصح القولين)(6) قد يفهم منه الاكتفاء ببعضها كالعدة، وليس كذلك؛ ولهذا قيدها "المنهاج" و "الحاوي" بالكمال (7).

4365 -

قول "الحاوي"[ص 537]: (وإن وطئ وانقطع بالحمل) صورته: أن يكون ذلك بعد مضي مدة أقل الحيض، صرح به في "النهاية"(8)، ولم يتعرض الرافعي لذلك إلا أنه نقل عن "الوسيط" ما يدل عليه، وهو تعليله بتمام الحيضة (9)، وجزم القفَّال في "فتاويه" بأن الوطء

(1) التنبيه (ص 203).

(2)

في (أ): (موتهما)، والمثبت من باقي النسخ.

(3)

انظر "تحرير ألفاظ التنبيه"(ص 287).

(4)

المهذب (2/ 154).

(5)

مختصر المزني (ص 225).

(6)

انظر "التنبيه"(ص 203).

(7)

الحاوي (ص 537)، المنهاج (ص 452).

(8)

نهاية المطلب (15/ 338).

(9)

الوسيط (6/ 166)، وانظر "فتح العزيز"(9/ 530).

ص: 851

والاستمتاع يقطعان الاستبراء ويستمر التحريم إلى أن ينعزل عنها ويستبرئها.

4366 -

قول "التنبيه"[ص 203]: (وإن كانت ممن لا تحيض لصغر أو إياس .. استبرأها بثلاثة أشهر في أصح القولين، وبشهر في القول الآخر) الأصح عند الجمهور: الثاني، وعليه مشى "المنهاج" و "الحاوي"(1)، أما إذا لم تحض لعارض وهي ممن تحيض .. فكنظيرها في العدة.

4367 -

قول "التنبيه"[ص 202]: (فإن كانت حاملًا .. استبرأها بوضع الحمل) أي: ولو من زنا في الأصح، كما صرح به "المنهاج" و "الحاوي"(2)، ومحل استبرائها بالوضع: ما إذا كانت مَسْبيَّة أو زال عنها فراشُ سيدٍ، فإن مُلِكت بشراء وهي حامل من زوج أو وطء شبهة .. فقد سبق أن لا استبراء في الحال؛ لكونها مُزوَّجة أو معتدة، فإذا وضعت وزال النكاح .. وجبت في الأظهر، ذكره "المنهاج"(3).

4368 -

قول "التنبيه"[ص 203]: (وإن ملكها بمعاوضة .. لم يصح استبراؤها حتى يقبضها) صحح في "المنهاج": حسبانه قبل القبض (4)، ويرد عليه: أنه يفهم صحته قبل لزوم الملك؛ بأن يوجد في زمن الخيار مع التفريع على أن الملك للمشتري أو موقوف، وليس كذلك؛ ولهذا اعتبره "الحاوي" فقال [ص 537]:(بعد لزوم الملك) ودخل في عبارته أيضًا: ما لو اشترى العبد المأذون جارية وعليه دين ومضى زمن الاستبراء قبل وفاء الدين .. فإنه لا يُعتد به في الأصح، فيحتاج السيد في وطئها إلى استبراء بعد وفاء الدين، ومفهوم "التنبيه" حصوله قبل القبض فيما ملك بغير معاوضة، وهو كذلك في الإرث، وكذا في الوصية بعد الموت والقبول، ولا ترد الهبة؛ لأنها لا تملك إلا بالقبض.

وقول "المنهاج"[ص 453]: (إن ملَكَ بإرثٍ، وكذا شراءٌ في الأصح، لا هبةٌ) يقتضي من جهة اللفظ: حصول الملك في الهبة قبل القبض، وعبارة "الروضة" صريحة فيه (5)، وليس كذلك؛ ولعله أشار بذلك إلى خروجه أولًا بقوله:(بعد الملك) لا استثناءه مما حصل فيه الملك، وهذا هو اللائق به، والله أعلم.

واعلم: أن ما ذكرناه هنا من امتناع الاستبراء قبل لزوم الملك يخالف إطلاقهم في البيع أنه إذا شرط الخيار للمشتري وحده .. فالملك له، ويحل له الوطء؛ فإنه يلزم من الحل الاكتفاء بالاستبراء في زمن الخيار، وجمع في "المطلب" بينهما: بأن المراد بالحل هناك: ارتفاع التحريم المستند

(1) الحاوي (ص 537)، المنهاج (ص 453).

(2)

الحاوي (ص 537)، المنهاج (ص 453).

(3)

المنهاج (ص 453).

(4)

المنهاج (ص 453).

(5)

الروضة (8/ 427).

ص: 852

إلى ضعف الملك وانقطاع سلطنة البائع فيما يتعلق بحقه، وأن نفي التحريم لمعنى آخر، وهو الاستبراء.

4369 -

قولهم - والعبارة لـ "المنهاج" -: (ويحرم الاستمتاعُ بالمستبرَأَةِ إلا مَسْبِيَّةٌ؛ فيحلُّ غيرُ وطءٍ)(1) نص الشافعي على خلافه، فقال: وإذا اشترى جارية من المغنم أو وقعت في سهمه أو في سوق المسلمين .. لم يُقبِّلها ولم يباشرها ولم يتلذذ بشيء منها حتى يستبرئها، حكاه في "المهمات"(2).

واعلم: أن الماوردي ألحق بالمسبية: من لا يمكن أن تحبل، والحامل من الزنا، والمشتراة وهي مزوجة وطلقها زوجها قبل الدخول، والمزوجة إذا طلقها زوجها بعد الدخول وأوجبنا الاستبراء بعد انقضاء العدة (3).

وقال شيخنا الإِمام البلقيني بعد نقله عنه صورة الحامل من الزنا: ويلزم عليه أنه لو اشترى صبيّة أو من صبي أو امرأة بحيث يستحيل ظهورها مستولدة لأحد .. أن لا يحرم الاستمتاع بغير الوطء مع أن المسبية قد يظهر أنها أم ولد لمسلم، فيظهر أن لا ملك للسابي عليها؛ وكأنهم لم يلتفتوا لذلك لندوره. انتهى.

وفي "الاستقصاء" وجه: أن المشتراة من حربي كذلك؛ إذ لا حرمة لمائه، ولا يُفهم من تحريم الاستمتاع تحريم الخلوة بها، وإن كان قد حُكي عن السبكي توقف فيها؛ وكأنه ورع؛ فإن المنقول الجواز، صرح به الجرجاني في "الشافي"، وعليه يدل قول الرافعي: إنه لا يحال بينه وبينها (4).

4370 -

قول "المنهاج"[ص 453]: (وإذا قالت: "حِضتُ" .. صُدِّقَت: ولو مَنَعَتِ السَّيِّدَ فقال: "أَخْبَرتْنِي بتمام الاستبراءِ" .. صُدِّقَ) قد يفهم استواءهما مع أنها تصدق بلا يمين، ولها في الصورة الثانية تحليفه في الأصح.

4371 -

قولهم - والعبارة لـ "المنهاج" -: (ولا تصيرُ أَمَةٌ فِرَاشًا إلا بِوطءٍ)(5) قد يفهم أنه لو كان السيد مجبوب الذكر باقي الأنثيين .. لم يلحقه الولد؛ لعدم إمكان الوطء منه، وهو خلاف إطلاقهم لحاق الولد به، فإن صح ذلك .. حمل على ما إذا كان من زوجة.

(1) انظر "التنبيه"(ص 203)، و "الحاوي"(ص 537)، و "المنهاج"(ص 453).

(2)

انظر "الأم"(4/ 273).

(3)

انظر "الحاوي الكبير"(11/ 350).

(4)

انظر "فتح العزيز"(9/ 542).

(5)

انظر "التنبيه"(ص 191)، و "الحاوي"(ص 538)، و "المنهاج"(ص 453).

ص: 853

وقال شيخنا الإِمام البلقيني: لم أقف على تصريح بذلك، والأقرب عندي: أنه يلحقه إلا أن ينفيه باليمين.

4372 -

قول "التنبيه" في لحاق النسب [ص 191]: (وإن وطئها .. لحقه، ولا ينتفي عنه، إلا أن يدير الاستبراء ويحلف عليه) صحح في "المنهاج": أنه يحلف أن الولد ليس منه (1)، وعليه مشى "الحاوي"، وعبارته [ص 538]:(ولو ادعت أمية الولد .. حلف أنه ليس منه) وكلامه تبعًا للغزالي يشعر باشتراط دعواها الاستيلاد (2)، قال الرافعي: والأكثرون لم يتعرضوا له. انتهى (3).

وقيل: يجمع بينهما في اليمين، ومحل كلامهم: ما إذا أتت به لستة أشهر فأكثر من الاستبراء إلى أربع سنين، فلو ولدته لدون ستة أشهر من الاستبراء .. لحقه، وليس له نفيه باللعان.

* * *

(1) المنهاج (ص 453).

(2)

انظر "الوجيز"(2/ 109).

(3)

انظر "فتح العزيز"(9/ 548).

ص: 854