الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَائِدَتَان [تتعلقان بخلع الأجنبي]
إحداهما: جعل الماوردي رغبة الأجنبي في نكاح تلك المرأة غرضاً صحيحاً في مخالعته (1)، قال السبكي: وقد يُستنكر ذلك، وقد يجاب: بأن سعد بن الربيع قال لعبد الرحمن بن عوف: (انظر أي زوجتي شئت أنزل لك عنها)(2)، فإذا فُرض مثل هذا بقصد صالح .. فلا بأس، قال السبكي: فأخذت من هذا جواز بذل المال لمن بيده وظيفة ليستنزله عنها له أو لغيره، أو لمجرد استنقاذها منه وكان لا يمكن نزعها منه إلا بذلك، فإن كان غير أهل .. حرم عليه الأخذ، لوجوب الترك عليه، وإلا .. جاز، قال: وما برحت أفكر فيه؛ لعموم البلوى به، والذي استقر رأيي عليه هذا، لكن بالنسبة إلى الحل بين الباذل والآخذ لإسقاط حقه منها، وأما تعلق حق المنزول له بها .. فلا، بل الأمر فيه إلى الناظر يفعل المصلحة من امتناع وإمضاء، فلو شرط الباذل على النازل حصولها له .. لم يجز، فلو رضي النازل والمنزول له والناظر بذلك العوض من غير شرط .. جاز، قلته استنباطاً من مسألة الخلع، وقواه عندي كلام الماوردي السابق. انتهى (3).
ثانيهما: سئل شيخنا الإمام البلقيني عما لو قال أجنبي لزوج امرأتين: طلق إحداهما على ألف في ذمتي، فأجاب: بأن هذا السؤال لا يصح؛ لأن الأجنبي في الخلع فرع الزوجة.
ولو قال لزوجتيه: (إحداكما طالق بألف) فقبلتا .. لم يصح كما قاله البغوي (4)، قال: فإذا أجابه الزوج .. فمقتضى كلام البغوي: أنه لا يقع شيء، والأرجح عندنا: وقوعه رجعياً إذا علم فساد هذا " كما لو خالع مع أجنبي فقال له: طلقها على هذا المغصوب أو الحر .. فإن الأرجح: أنه يقع رجعياً.
3933 -
قول " المنهاج "[ص 411]: (وهو كاختلاعها لفظاً وحكماً) استثني منه على وجه:
ما لو قال: (طلقها ولك ألف) ولم يقل: (عليّ) فإن لم يلزم في الزوجة .. فأولى، وإن لزمها .. فوجهان.
(1) انظر " الحاوي الكبير "(10/ 80).
(2)
أخرجه البخاري (1943) من حديث عبد العزيز بن عبد الله حدثنا إبراهيم بن سعدٍ عن أبيه عن جده قال: قال عبد الرحمن بن عوفٍ رضي الله عنه: (لما قدمنا المدينة .. آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بيني وبين سعد بن الربيع، فقال سعد بن الربيع: إني أكثر الأنصار مالاً فأقسم لك نصف مالي وانظر أي زوجتي هويت نزلت لك عنها، فإذا حلت .. تزوجتها، قال: فقال عبد الرحمن: لا حاجة لي في ذلك
…
الحديث).
(3)
انظر " السراج على نكت المنهاج "(6/ 285، 286).
(4)
انظر " التهذيب "(5/ 566).
3934 -
قوله: (ولوكيلها أن يختلع له)(1) أي: بالتصريح أو النية، فإن صرح بوكالتها أو نواها .. فلها، وإن لم يصرح بشيء ولا نواه .. قال الغزالي: وقع للوكالة، وفي كلام الشافعي والأصحاب ما يدل له، وقال الرافعي: القياس الظاهر: وقوعه له (2).
3935 -
قول " التنبيه "[ص 171]: (وليس للأب والجد ولا لغيرهما من الأولياء أن يخلع الطفلة بشيء من مالها) فيه أمور:
أحدها: لو اقتصر على ذكر الأب .. لفهم غيره من طريق الأولى.
ثانيها: المجنونة والسفيهة كالطفلة.
ثالثها: مقتضاه: أنه لا أثر لذلك، ومحله: ما إذا صرح بأنه بالولاية، فإن صرح بالاستقلال .. فهو خلع بمغصوب، فيقع بائناً بمهر المثل على الأصح، وقد سلم " المنهاج " من جميع ذلك، فقال [ص 411]:(وأبوها كأجنبي فيختلع بماله، فإن اختلع بمالها وصرح بوكالةٍ أو ولاية .. لم تطلق، أو استقلالٍ .. فخلعٌ بمغصوبٍ).
وبقي: ما إذا لم يصرح بشيء؛ فإن لم يذكر أنه من مالها .. فهو خلع بمغصوب، وإن ذكر أنه منه .. وقع الطلاق رجعياً، وقد ذكره " الحاوي " فقال [ص 493]:(ومن الأب مطلقاً بما ذكر أنه من مالها .. رجعي) ومحل ذلك أيضاً: إذا لم يختلع الأب بصداقها، فإن اختلع بصداقها .. فالمنصوص وقوعه رجعياً، ولا يبرأ من صداقها، ولا شيء على الأب، إلا أن يضمن له درك ذلك .. فيقع بائناً وعليه مهر المثل؛ كالاختلاع بمغصوب، كذا حكاه في " الروضة " وأصلها عن إطلاق الجمهور من العراقيين وغيرهم (3)، ونص عليه في " الأم "(4).
وفرق الإمام والغزالي بين أن يضمن له البراءة عن الصداق فتطلق رجعياً ولا شيء على الأب، وبين أن يصرح بالمقصود فيقول: وأنا ضامن للصداق إن طولبتَ به .. أديتُ عنك، فيقع بائناً، وعلى الأب مهر المثل (5)، وعليه مشى " الحاوي " فقال في أوائل الباب [ص 490]:(ومع الأب بشرط الضمان إن طولب بالمهر عليه) أي: على الأب، وأشار بذلك إلى الصورة الثانية، ثم قال بعد ذلك:(أو أنه ضامن براءته عليه .. رجعي)(6) وأشار بذلك إلى الصورة الأولى.
وقال شيخنا الإمام البلقيني في اختلاع الأب بصداقها: إنما يقع رجعياً إذا اختلع بالصداق
(1) انظر " المنهاج "(ص 411).
(2)
انظر " الوسيط "(5/ 351)، و" فتح العزيز "(8/ 463).
(3)
الروضة (7/ 429، 430).
(4)
الأم (5/ 199).
(5)
انظر " نهاية المطلب "(13/ 429)، و" الوجيز "(2/ 54).
(6)
الحاوي (ص 493).